الحمدلله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قبل أن تسمعوا قراءة اليوم أُنبّهُ إلى قول الحقَّ -جلَّ وَعَلا-:
{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران:١٣٩] الآية، هذه الآية تَدُلُ صراحةً على أنه لا يخلو، بل لا تخلو حياة أهل الإيمان عامة، وأَهلِ السُنّة خاصة، في كل زمانٍ ومكانٍ من مِحن وَفِتَن، وَهذا قد قَضى اللهُ بهِ، فَلابُد من وقوعه ولا مَفرّ، وفي الآية الكريمة الحكمة من حدوث هذه المصائب والفتن، التي تَعصِفُ عواصفها بأهل الإيمان -إلا من رحم الله-، ألم تسمعوا إلى قوله -جلَّ وَعَلا- في الآية {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [ الأنفال 37] حتى يميز الخبيث من الطيّب، فهذه مُمحِصات، ومُصفيات يَظهَرُ بها صادق الدعوى في إخلاص الدينِ لله، ومتابعةِ محمدٍ- ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋَﻠﻴْﻪِ ﻭﺳَﻠَّﻢَ-، ومن هو كاذب.
ومثلها قَولَهُ -جلَّ ثَناؤه-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران:٣١]الآية، وهذا برهانٌ آخر فيه يَتَبيّن صَادِقُ الدَعوى بأنَهُ على السُنَّة المُحمدية، مِمن هو كاذب ،مع اختلاف الكذب والمقصود.
أَيُها الحَاضِرون وَالمُستَمِعون مِن أَبنائِنا وَبَناتِنا:
أَن تُعدوا أنفُسِكم باللجوء ِإلى الله بالدعاء، والتمسك بسنة محمد- ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋَﻠﻴْﻪِ ﻭﺳَﻠَّﻢَ -وإن خَالفَها مَنْ خَالفها من أهل زمانكم ومن بني جلدتكم، فإن محمداً -ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋَﻠﻴْﻪِ ﻭﺳَﻠَّﻢَ - مالحق بالرفيق الأعلى حتى بيّنَ أتَمّ البَيان عن ربهِ، وبَلغ عَنهُ أَتمّ البلاغ، وذلك إما بِذِكرِ ما أنزلهُ اللهُ عليه ِمن القرآن، {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤١]،وفي سُنته التي تلّقاها عنه أَصحابه، من فمهِ غَضةً طَريةً، وساروا على نهجِنبيهم - ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋَﻠﻴْﻪِ ﻭﺳَﻠَّﻢَ - فَبَلَغوا للناسِ ما تَلقوه، عن نبيهم - ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋَﻠﻴْﻪِ ﻭﺳَﻠَّﻢَ-هذا هو سبيلُ النجاة،يا طالب النجاة.
فالسُنّةُ أَيُها الْمُسْلِمِونَ وَالْمُسْلِمَاتِ: مَعصومة، وإن قال قائل، في السُنّةِ أحاديث كثيرة إما مَوضوعه وإما ضعيفه!
فالجواب: هيأَ اللهُ – سبحانهُ وتعالى-من هيأَ من أَئِمة المُسلمِين بَعدَ الصَحابةِ-رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ - مَن بَذَلوا وَقتَهم وَجهدهم في بيان الصحيح من الضعيف،هذا وجه، وثَمةَ وجهٌ آخر إتمامًا لما قبلهُ، وتوكيدٌ له، أن أئمة العلم والإيمان،أئمة الحديث،أئمة السُنّة، بَينّوا حال الرواة، وهذا يخبُرُه من وفق إلى سبيلين، كليهما أو أحدهما:
الأول :مُجالَسة علماء السُنة،والتلقي عنهم مشافه .
والثاني: قراءةُ كتب التراجم والرجال فإنهُ لا يخفى عليهِ ذلك، وهذا الثاني، لا يدركهُ تمام الإدراك إلا من تلّقاهُ عن أهل العلم، والآن إلى قراءة اليوم على بركة الله.
بسم الله والحمدُ لله والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آلهِ وصحبهَ ومن والاه أما بعد:
اللهم أغفر لنا ولشيخنا ووالدينا والسامعين.
قلتم -حفظكم الله- في كتابكم (تنبيه ذوي العقول السليمةالى فوائد مستنبطهمن الستة الأصولِ العظيمة) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمهُ الله تعالى-:
المسألة الثالثه: في الشُبُهاتِ التي يَعْرِضُها أَهل الشَطط، وهي كَثيرةٌ جدٍا ، لكن نقول هَكذا إذا غلب الهوى يَردُ النَاس -إِلا مَن رَحِم الله-، سُنّةً صَحيحةً صَريحه! ويَركبون البدع، ويكون الضَلال، فمن الشبهات إنكار أبي سعيد الخدري – رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُ -على أمير المدينه مروان بن الحكم حين قَدّم خطبة العيد على الصلاة، قالوا فَجَذَبهُ، وهذا إنكارٌ علني!
نقول: هذه القصة في صَحيحِ مُسلِم وغيره ولفظُ الحديث: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُ – أَنَّ رَسول الله – ِصلى اللُه عَلَيهِ وَسَلَم - كان يخرج يوم اْلأَضْحَى ويَوْمَ الْفِطْرِ فيَبْدَأُ بِالصَلاةُ ، فَإِذا صَلى صَلاتهُ وَسَلَم،قَامَ فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مُصَلَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌبِبَعْثٍ ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِغَيْرِ ذلك أمرهم بها ، وَكَانَ: يَقُولُ: «تَصَدَّقُوا تَصَدَّقُوا تَصَدَّقُوا»، وَكَانَ أَكْثَرَ مَنْ يَتَصَدَّقُ النِّسَاءُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَخَرَجْتُ مُخَاصِرًا مَرْوَانَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْمُصَلَّى فَإِذَا كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ قَدْ بَنَى مِنْبَرًا مِنْ طِينٍ وَلَبِنٍ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُنَازِعُنِي يَدَهُ كَأَنَّهُ يَجُرُّنِي نَحْوَ الْمِنْبَرِ، وَأَنَا أَجُرُّهُ نَحْوَ الصَّلاَةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهُ قُلْتُ أَيْنَ الاِبْتِدَاءُ بِالصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: لاَ يَا أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ تُرِكَ مَا تَعْلَمُ . قُلْتُ كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَأْتُونَ بِخَيْرٍ مِمَّا أَعْلَمُ . ثَلاَثَ مِرَارٍ ثُمَّ انْصَرَفَ.
قُلتَ- حَفظك الله-: لاشَكَ في صِحة الحَديث كَما ترى، كَما أنهُ لا شَكّ في ظهور إنكار أبي سعيد على أمير المدينةِ مروان صنيعهُ في تقديم الخطبةِ على صلاة العيد،ولكن غفل القومُ عن أُمورٍ في الحديث، لو عقلوها لأراحتهم من تلك الشبهةِ، وهي:
أولًا: ما معنى المخاصرة في قول أبي سعيد: فَخَرَجْتُ مُخَاصِرًا مَرْوَانَ؟
فالجواب: ما قالهُ أبن الأثير في النهايه: «(فَخَرَج مُخَاصِرًا مروان) المُخَاصَرة أن يأخذ الرجل بيد رجلٍ آخر يتماشيان ويد كُل واحدٍ منهما عند خصر صاحبه» انتهى.
ثانيًا :أن عياض أبن عبد الله بن سعد راويةُ أبي سعيد كما في إسنادِ مسلم عن أبي سعيد وهذا حكايةٌ من عياض لصنيع أبي سعيد مع مروان من باب قوله أعني، أن أبا سعيد حَدَثَه تلك القصه .
التعليق:
أقول: المقصود أن راوية أبي سعيد -وعندي الحقيقة شك فيه- يقول: (عن أبي سعيد)، والمعنى أن ابي سعيد حدّث راويته، ولم تكن خطبه من أبي سعيد-رضي الله عنه – نعم، تفضل.
المتن:
ثالثًا: إكتفى أبو سعيد بتنبيهِ مروان إلى السُنّه وإنكارهِ عليه مُخالفتها فقط ،بل وصلى معهُ ولم يتخذ من مخالفةِ مروان مجالًا للتشهير والتهيج، لعلمهِ أن ذلك مخالفةٌ لسُنةِ رسول الله –صلى الله عليهِ وسلم-أعني التشهير بنصحِ الولاة، ولأنه فهم من قول مروان ، كما جاء في بعض طرق الحديث (أن الناس لا يجلسون لنا) أنه -أي مروان-، فعل ذلك إجتهادًا منه!
ولعل ما سُقنا يظهر لك أمرين:
أَحدُهما إتفاقُ صنيع أبي سعيد في هذا الحديث مع حديث أبن أبي عاصمٍ المتقدم «مَن كَانت عِندَهُ نَصيحَةٌ لِذي سُلطَان فَلا يُبدِها عَلانيّه» الحديث.
التعليق:
تَمامهُ -بارك اللهُ فيكم- «فَإِن قَبِلَهَا قَبِلَها، وَإِن رَدَها كَانَ قَد أَدى مَا عَليه»، وَقد عَلقّنا عَلى الحَديث في موضعه يُقراء -إن شاء الله- بعد هذه الشبهات -عافانا الله وإياكم- من الشهوات والشبهات، نعم.
المتن:
وثانيهما: أنه ليس من منهج السلف الإنكار على الولاة على المنابر ولا في المحافل العامه بل مشافهةً، وفي سريةٍ تامه.
التعليق:
وبهذا تعلمون أن ما يصنعهُ كثير من الناس في عقد الندوات وما ينشرونهُ في وسائل الإعلام مسموعةً كانت أو مقروءة أو مكتوبه، هو ضلال يجب الحذر منهُ !بل هو بدعةٌ مُنكره مخالفة لنهج السلف الصالح، وإن كان الشخص ينتسبُ إلى الحديث، بل ولو كانَ إمامًا يُقتدى بهِ، وهُنا أُنبّهُ على شيء بل أُنبهُ إلى شيء، بل قاعِدة، هو أنَّ المُخالَفَة تُردّ! سواءًا كانت في أصول الدين أو فروعه، التي ثَبَتت بنصّ أو إجماع، هذا الشطرُ الأول من القاعِدة، لابُدَ من رَدِها، ثُمَّ ماذا نصنعُ مع المُخالِف؟
المُخالِفونَ قِسمان:
أحدهما صاحبُ سُنة، إمام يُأخذُ عنهُ العلم والفقهُ في الدين، لكن زلّت بهِ القدم فأخطأَ!
فلنا معهُ موقفان:
الموقفُ الأول: ردّ مُخالَفتهِ فإن كانت في مجلس! في مجلِس
وإذا اتسعت إتسعنا! وهذا لحماية الدين، لحماية التوحيد والسُنة.
الموقفُ الثاني: نصونُ كرامته، بل نحفظُ كرامته ونصونُ عِرضه ونُثني عليهِ خيرا، ونعترف بسابقتهِ في الفضلِ والإمامة علينا.
وهنا هذا يَجُرُنا إلى قاعدةٌ أُخرى فاسِدة مُجملة يُرددها صنفانِ من الناس أحدهما مُغَفَل، مسكين ، مع الناس لا يدري!
والصِنفُ الثاني أهل الهوى، وتلكُمُ القاعِدة الدعاة أو الدعوة إلى الصبرِ على المُخالِف، الدعوة إلى الصبرِ على المُخالِف! عجيب!
ووجه الإجمال أنَّ كَلِمَتهم هذه تحتملُ وجهين:
الوجه الأول: الإطلاق "نصبرُ على المُخالِف وإن كانَ ضالًا مُضلًا"
هذا واللهِ وباللهِ وتالله إنهُ باطِل!
بل مِنْ أَبطَلِ الباطِل!
فكانَ النبي-صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- يَرُدُ على المُشركين ضلالَهم مع دعوتهِ إياهُم إلى السُنّة، وكذلِكَ الصَحابة وأئمةُ العلِمِ والإيمانِ والدينِ بعدَهُم إلى اليوم.
المعنى الثاني: (الصبر على أذى المُخالِف) وهذا صحيح.
فأنظروا هذا من علامات أهل البِدَع، يدخلون إلى الناس بالمُجملات ولا يُبينونَ المعنى، حتى يَروج قَولُهُم ومَسلَكَهُم على من لا فقهَ عندهُ في الدين، أو عندهُ بعض فقه!
فالواجِب التَفَطُن إلى المُجملات، نعم، فانظروا لماذا لا نصبر على المُخالِف!
نقول إن كُنت تُريد الصبر عليه على الإطلاق! فقولكَ باطِل!
ولا مكان لهُ عِندنا!
وهذا يدلُ على إنكَ جاهِل أو ضالٌ مُضلّ!
وسواءًا كانَ ذا أو ذاك فاتقي الله ولا تتصدَر في الدعوة!
نعم، ويجبُ عليك البيان إن أردتَ المعنى الصحيح، أما الإطلاق فهذا خطأَ! نعم مِصيدة لأهل البِدع، نعم تابِع.
المتن:
الشُبهة الثانية: أن المنكرات قد تجاوزت حدها وصارت علانية، وهذه الشبهة جوابها من وجهين:-
أولهما: أَن يُقال: هَل عِندَكُم سُنّة؟
تقول: إذا ظهرت المنكرات يجب إظهار النصيحة والتشهير.
فالجواب: أنه لا توجد سنة بذلك، بل السُنة عامة بِسرية النصيحة للحاكم، وسواءًا كانت المنكرات ظاهرةً أو خفية، كما في حديث ابن عاصم المتقدم.
التعليق:
وهو الحديث الذي ذُكِرَ طَرفٌ مِنهُ وأكملته لكم، نعم.
المتن:
ثانيًا: أليس الرسول – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : - يُبَلِغُ عن ربه؟
بلى!
إذًا فلا تتجاوزوا السُنّة!
إِنْ كُنتم مُنصِفين، يَجِب أَن تَسَعَكُم السُنّة، وَإِلا كُنتم ضَالين مُضلين عَن الهُدى، مُجانبين للصواب، بركوبكم القياس العقلي ووقعتم في نهج الخوارج.
الشُبهة الثالثة:
(قَولُ بَعض النَاسِ إِنهُ لَيس في رَقَبَتهِ بَيعة، لأَنهُ لمَ يُعطِ الإِمام العهد مباشرة!)
فالجواب عن هذه الشبهة:
ننقل ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال رحمه الله: وَمَا أَمرَ اللهُ بِهِ ورسولهِ مِن طَاعةِ وُلاة الأَمر، وَمُنَاصَحَتِهِم وَاجِب عَلى الإِنسان وَإِن لم يُعَاهِدهُم عَليهِ، وإِن لَم يحَلِف لَهم الأَيمان المُؤَكَدة، كَماَ يجَبُ عَليهِ الصَلوات الخَمس، وَالزَكَاة، وَالصَيام، وَحَجّ البَيت، وَغير ذَلِك مِما أَمرَ اللهُ بِهِ وَرَسوله مِن الطَاعة، فَإذا حَلَف على ذلك كَانَ ذلك تَوكيدًا، وَتثَبيتًا لما أمر الله به وَرَسوله مِن طاَعة وُلاة الأَمور وَمُناصَحتهم.
الشبهة الرابعة: استدلالهم بحديث سَيد الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ«وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ»، فالشاهد منه: «وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ» إلى آخره، ووجه الدلالة منه عند القوم كما زعموا :في التشهير بأخطاء الحكام وإعلان مثالبهم على الملأ وذلك من الصدع بالحق عندهم.
والجواب عما تضمنه هذا الحديث الصحيح لمجموع طرقه وحمله القوم على ما زعموه من وجوه:
أحدها: ما جاء في الَحدِيثٌ الآخر عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» رواهُ أبو داود و التِّرْمِذِيِّ وقال حديث حسن. فإذا ضَمَمت الحَديثين إلى بعضهما، باَنَ لكََ أنَّ أَمرَ ذَلك الرَجل وَنَهيه ذلك السُلطان الجَائر كان مُشافهة!
ألا تراه في الحديث الثاني قال: «عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ»! وليست (العِنديَة) هي الخُطب التهيجية على المنابر! ولا كلمات التحريض في المحافل العامة! يوضحه ثاني الأوجه: وهو حديث عياض المتقدم: «مَنْ كَانَت عِندَهُ نَصِيحة لِذِي سُلْطَان، فَلا يُبدها عَلانِية». الحديث
الوجه الثالث: ما أمر الله به موسى وأخاه هارون –عليهما الصلاة والسلام- حين أرسلهما إلى فرعون :{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:44]، ألا تَراهُ أَمرَ هذين النَبييَّن بِلينِ الخِطَاب! مع عدوهِ فِرعون الذي لا يُعْلَمُ أَفجَرُ مِنهُ في البَشر!
والعلة {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}.
التعليق:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وأَعتذر عن الجَلسَة للأسئلة لأني على موعدٍ من وفدٍ مِنَ البحرين، وقد استأذنا أخانا وتلميذنا وصاحبنا وإمامنا الشيخ عبدالواحد في الغرفة، والأمر الآن إليه هو والقائمين على الدروس.
الجَلسِة القَادِمة في شَرح لابنِ القيَّم- رَحِمهُ الله- في حديث «تُعرَض الفِتَن عَلى القُلوب عَرضَ الحَصير عُودًا عودًا».
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.