بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد ..
فهنا -بارك الله فيكم- كليمة تذكيرية بين يدي الإجابة نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها.
لا يخفى عليكم - بارك الله فيكم- الأزمات التي تمر بها بعض البلدان، وبعض المناطق، وتسلط بعض أهل الكفر، والزندقة والإلحاد، وأهل البدع على بعض الدول، وعلى بعض النواحي شَرَّقت أو غَرَّبت، من الشمال أو الجنوب، أو الشرق أو الغرب، نسأل الله اللطف والسلامة، والكلُّ يسمع - لعله في الأخبار وغير ذلك- من قتلٍ وتشريدٍ، وتهجيرٍ وغير ذلك، وهذا من علامات قرب الساعة، التي أخبر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، كما في الصحيح عند البخاري ومسلم؛ أنه يتقارب الزمان ويكثر الهرج - أي: القتل، هكذا الدماء يستبحها هؤلاء الغوغاء، والخارجون عن السنة، المارقون عن هدي رسول الله -صلى الله عليه آله وسلم- مِمَّن كان منهم ينتسب إلى الإسلام، فضلًا عن غير أهل الإسلام، نسأل الله أن يلطف بالمسلمين جميعًا في كل مكان، فهذا - بارك الله فيكم- أمرٌ حتمٌ أعني أن يقع ما أخبر النبي -صلى عليه وآله وسلم-، به في آخر الزمان، والواجب على المسلم المؤمن المُوَحِّد، أن يتنحى ويتجنب الفتن، كما أخبر النبي - صلى الله عليه آله وسلم-، لذلك عند مسلم في الصحيح؛ ((فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ))، فلا يستشرف الفتن ولا يَتَطَّلع لها، لأن من يستشرف الفتن ويتطلع لها، هو من أوائل من يتلظَّى بنارها، ولهذا كان من هدي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- وكما لا يخفى على أحدٍ منكم من الدعوات المندوبات قبل سلام المرء أن يستعيذ بالله من أربعٍ، وهي من الفتن، نسأل أن يعصمنا وإياكم منها، فالشاهد -بارك الله فيكم-؛ أَمَا وأنَّ الحال كما ذكرنا وهذا الأمر ليس بغريب،ٍ فالكلُّ يسمع، وما صارت الآن وسائل الانترنت هذه ووسائل التواصل كما يقولون، الخبر يحصل في المشرق، ثوانٍ وإذا به ينتشر في المغرب، أَضِف إلى هذا -بارك الله فيك- الله أعلم بصحة هذه الأخبار، إذ الأصل في الخبر أن يحتمل الصدق ويحتمل الكذب، وثمة طرائق لأهل السنة قرَّروها - رحمهم الله- للتثبت من الخبر وإثباتهِ، ثم إذا ما ثبت فليس كلُّ ما يعلم يُقال، وهذا من الفقه الذي لم يفطن إليه كثيرون، حتى ممن تزبَّب قبل أن يتحصرم، وتصدَّر للدعوة أو للتدريس أو للتوجيه، وغالبًا أمثال هؤلاء يفسدون ولا يصلحون والله لا يحبُّ عمل المفسدين، فإن من القواعد المقررة عند العلماء - رحمهم الله- أن الأمر إذا ما ثبت فليس كل ما يُعلم يقال، ولكلِّ مقامٍ مقال ولكلِّ مَيْدانٍ رجال فليس كل رجل يصح أن يكون رجلًا في هذا الموطن أو في ذاك لأنه ليس من أهله، وليس كل من يتظاهر بالصلاح هو أهل للفتيا أو أهل للتوجيه وهكذا كما قال مالك رحمه الله وغيره لما سئل عن بعض الصالحين هو زاهد وصحيح في نفسه وصالح لكن قال أمَّا في الحديث فللحديث رجال، إذًا لكل ميدان رجال فإذا ما علمت هذا الفقه وقارنت ما يحدث من التسرع الذي يصدره بعض الناس أو الكلام الذي يخرجه بعض الناس هنا وهناك وخاصة إذا ما وقعت مثل هذه الفتن العظام التي يحتاج أن يُجمع لها أهل بدر للنظر فيها والتأمل عَرَفْت أن هؤلاء قد فاتهم هذا الفقه الذي عمل به السلف قديمًا وحديثًا، أعني بالسلف من تقدم من الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – وأئمة الدين، ومن السلف حديثًا أعني من يتبعهم ويسير على طريقتهم من العلماء وأهل العلم، فكم يفسد هؤلاء عندما يتكلمون بكلِّ ما يسمعون! أنا قلت بعد أن يثبت ليس كل ما يعلم يُقال كيف وإذا بهم يشيعون كلَّ ما يسمعون قبل التمحيص والتدقيق في الثبوت من عدمه وفي الصحيح عند مسلم في المقدمة ((كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)) وكأن الناس صارَ فيها من الشَّرَه وحب الظهور والاستشراف للفتن أن يتكلم بكل ما يسمع حتى يكون له السَّبْق وأنه قد تكلم أو أظهر أو قال أو فعل، وهذا - بارك الله فيكم- إذا ما انتشر في الناس وفي الدهماء له آثار سلبية كثيرة؛ من آثاره أن يدخل في أوساط هؤلاء -ولو كان في ظاهرهم الصلاح- أن يدخل في أوساط هؤلاء المندسين والمنتفعين والمدسوسين والمخربين والعملاء وكما يقولون الجواسيس وغيرهم؛ لأنهم وجدوا بيئة حاضنة كما يقولون لنشر الفوضى وإشاعة الإشاعات الجائرة، فهؤلاء يسمعون كلَّ شيء وينقلون كلَّ شيء فلماذا لا ندخل بينهم فنقول كل شيء وننقل كل شيء، فيصير الناس في حيص بيص، وتموج بهم الفتن والأقوال المخالفة والأفعال المناهضة للحق فيتفرقون شذر مذر والعياذ بالله، ونحن الذين فتحنا عليهم الباب فلما وقعت الفتنه قيل لهم سمُّوا لنا رجالكم؛ فمن كان من أهل السنة أخذنا عنه ومن كان من أهل البدعة تركناه، أين هذه القوانين وهذه النظم -كما يقال إن صح القول-؟ هذه فقط في الكتب ما في تطبيق؟! فإذا جِئْتَ تُمَحِّص في خبرٍ جاءك؛ والله سمعت فلانًا، ما أدري، أين قال؟ لا ندري، كيف قال؟ كل هذا لا يدري ولا يدري كيف درى! فكيف نثبت الخبر؟! هذا نحن في مرحلة أولى وهو التثبت من هذا الخبر، إذًا يا إخوة ليس كل ما يعلم يقال قد يقول قائل متحذلق طيب إذًا يا شيخ نكتم الحق نقول لك من قال لك اكتم الحق؟ لكن إذا أردت أن تبلغ الحق يجب أن يكون تبليغ الحق وبيانه على طريقة أهل الحق ما هو على طريقتك ولا على سبيلك ولا تخترع طرائق وتدخل المسلمين في محن وإحن هم في غِنى عنها، ولهذا لا يُؤتى الناس قط من قِبَلِ علمائهم وإنَّما يُؤتى من هؤلاء الجُهَّال المتصدِّرين المُتزببين قبل أن يتحصْرَموا، وغالبًا يورِثون الناس ويوردونهم الموارد – والعياذ بالله-، أيضًا أنا أُذكِّر بهذا؛ لأن الأمر في مثل هذه الأوقات يكثُر القيل والقال أليس كذلك؟ والنَّقل والكلُّ يتكلَّم من يعرف ومن لا يعرف، الكلٌّ يهذي بما لا يدري، وصارت الناس كل يوم تسمع مقال وتقرأ مقال ما عرفنا كيف ندرك، وماذا ندرك؟ هذا يتكلَّم، وهذا يُفتي، وذاك يُوجِّه، وهذا يكتب، وهذا يزيد، وهذا ينقص، وهذا وهذا، المهم أن ينتصر لِقوله ولو بالباطل، ولو بالكذب، ولو بالإشاعة، التي لا أساس لها من الصِّحة، فليس كل ما يُعلَم يُقال، ولِكلِّ مقامٍ مقال، حتى لو علمت وثَبَتَ وصحَّ، فليس هذا في كل مكانٍ تقوله، وليس لكلِّ أحدٍ تقوله، خاطِبوا النَّاس بما يفهمون، أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله؟! انظروا الفقه هذا من هذا الصَّحابيُّ الجَليل، عليٌّ -رضي الله تعالى عنه- "حَدِّثوا النَّاس بِما يَفْهمون" لأن عاقبة تحديث الناس بما لا تفهم، ما هيَ؟ أن يُكَذَّب الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم-، إذًا حدِّثوهم: المرادُ به أي بيان الحق والقول لهم بالكتاب والسُّنة، لكن تكلَّموا معهم بما يفهمون؛ بمعنى يجب أن تُراعي حال المُخاطَب، ولهذا كان العُلماء قديمًا وحديثًا يُراعون التَّدرج في الطلب، أليس كذلك؟ ويُعطونه على قدر حاجته؛ لأن الصَّغير الطفل إذا ما بدأ يأكل ما يأكل ابتِداءً؛ أولًا في الحليب، ثم هكذا، ثمَّ يُطعم الطعام، ويُعطاه مهروسًا حتى يستطيع بلعه حتى لا يقف في حلقه؛ لأنه لو أكل لُقمةً كبيرةً ربما غَصَّ بها فمات، هذا في الأمر الحِسِّي وهو كذلك في الأمر المعنوي؛ فإذا ما أخذ جُرعةً زائدة أو مقالة أكبر من حجمها غَصَّ بها فما استطاع بلعها ولا هضمها ولابُد وأن يَزيغ – والعياذ بالله-، ولهذا لمَّا تكلَّم الإمام أبو داوود –رحمه الله- في رِسالته إلى أهل مكة، وممَّا ذكر –رحمه الله- أنَّ عِلم عِلل الحديث؛ عِلم العِلل لا ينبغي نشره في العامة، لا ينبغي نشر علم العِلل وهو من علم الحديث وأصول الحديث، لا ينبغي نشره في العوام؛ والسبب في هذا كما أبانه الإمام ابن رجبٍ –رحمه الله- في شرحه على العِلل؛ حتى لا تُسيء العامة الظَّنَّ بِالسُّنة؛ لأنَّ هذا العلم؛ أعني علم عِلل الحديث ميدانُه ومحلُّ بحثِهِ هو في أحاديث الثِّقات، والمعنى أنَّ الأصل في حديث الثِّقة القبول إذا سلِم من المآخِذ، لكن إذا ما ظهر أنَّ الحديث هذا الذي يرويه هذا الثِّقةُ الإمام كمالِك والثَّوري والأوزاعي وابن عُيينة، وغيرهم من العلماء والزُّهري نفسه مثلًا؛ فإذا ما ظهرت في هذه الأحاديث أو في بعض الأحاديث عِلة أساءت الظَّن الناس بِهؤلاء العُلماء، صحيح؟ نحن نقول في مالك أنه إمامٌ عالم، ونقول في الزُّهري إمامٌ مجمعٌ على جَلالته، ونقول في ابن المبارك كذلك، وإذا قُلنا هذا حديثٌ أخطأ فيه، وهذا حرفٌ غَلِط فيه، قالت العامة والدَّهماء: إذا هؤلاء العُلماء الثِّقات يغلَطون، إذًا كيف الثِّقة بأحاديثهم، فتُسيء الظَّن بِالسُّنة، ولهذا لا ينبغي نشره كما قال –رحمه الله- في العامة ليس المراد بالعامة ابتداءً عامة الناس هذا مشمول، لكن المراد بهم أيضًا هم عامة طلاب العلم؛ هل تعلم أن في طلاب العلم عوام؟ أولَا تعلمون هذا؟ ولو انتسب إلى طلب العلم؛ فليس كل من انتسب إلى طلب العلم هو من أهله، ولذلك هم درجات متفاوتون، ولا ترتفع عنك العامية بكونك لك سنة ولا سنتين ولا عشرة ولا عشرين في الطلب أبدًا لا ترتفع بهذا، إنما ترتفع العامية عنك بسلوكك سبيل العلماء في الأخذ والتلقي والعمل والاستدلال والسير على هذا السَّنن وأن تعرف قدر نفسك؛ بهذا نقول ترتفع عنك العامية شيئًا فشيئًا، وما تواضع عبدٌ لله إلا رفعه الله، وكلما ازداد المرء علمًا ازداد لله تواضعًا، فإذا ما رأيت العكس عَلِمت أنك لازلت في الأسفل ما ارتفعت بعد، نسأل الله السلامة والعافية.
إذًا لا يُنشر هذا لعامة الناس أو لدهماء الناس لأنهم يسيئون الظن بالسُّنة، "حدّثوا الناس بما يفهمون أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله؟!" فقد يكون سبب صدّ الناس وتكذبيهم لكلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام السبب في هذا أنت؛ لأنك حدّثتهم بما لم يفهموا، وقد تكون أنتَ تفهم وقد تكون لا تفهم، ويقول أيضًا ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه-: "ما أنت مُحَدِّث قوم بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان على بعضهم فتنة" إذًا ليس كل ما يُعلم يُقال، ما أكثر المشاكل! وأنتم تعيشونها الآن، يمكن لو نفضت أحدكم لخرجت منه جملة من المشاكل من القيل والقال الذي يتناقله الناس، أنفضه نفضة كذا يخرج لي عدد من الجيوب ومن غيرها؛ مشاكل -بارك الله فيك- هذه الأسئلة ما أقول كلها لكن كثير منها تحمل في طياتها إشكالات ومشاكل صحيح؟ أليس كذلك؟ لماذا؟ عندنا أُناس يقولون، بعض الطلبة يقولون وبعضهم كيف الجواب عمّن يقول أليس كذلك؟ يعني لماذا يكون المرء منها خُرجًا فقط يُعبّأ فيه القلاقل والقيل والقال والمشاكل والتناقلات والأقوال والمقولات، فممَّا يدلُّ على أن هذا الأمر غير سوي -بارك الله فيكم- أن بعض هؤلاء الأخوة أصلحهم الله محبٌّ للخير لكن كم من مريدٍ للخير لم يُصبه؛ أن اختلطت عليه الأمور وتداخلت فصار لا يُميِّز من هم أهل العلم الذين يُرجع إليهم ومن هم العامة أو طلاب العلم الذي هم في معرفة أقدارهم؛ يجب أن يكونوا في أماكن غير هذه الأماكن ليتصدروا لها، ومن هو طالب العلم الذي هو عامّي ومن ليس كذلك؛ ما صارَ يُميّز فصار يستفتي ويسأل ويتوجه ويستمع إلى من ليس أهلًا لا للسؤال ولا للفتيا ولا للجواب فضلًا عن الاستماع والإنصات والتوجه إليه، وكل يوم نحن في مشاكل وأنتم تسمعون بهذا -بارك الله فيكم-.
إذًا ليس كلُّ ما يُعلم يُقال، وهذا من يدري به ومن يُقدّره؟ أهل العلم الذين يعرفون العلم؛ هذا يصلح لك ولا ما يصلح، ما هو على أنه يصلح أو لا يصلح أنه يراك وجهك هكذا يقول يصلح ولا ما يصلح، ما هي تخرُّصًا لكن تعرف هذا السائل يصلح له هذا الكلام أو لا من سؤاله ومنطقه، استفتيته ورضيته في دينك أوَ تَظنَّه من الغباء والحُمق وقلة الذكاء أن تنطلي عليه مثل هذه الأشياء؟! فإذا قال لك افعل ستفعل، إذا قال لك لا تفعل لن تفعل صحيح؟ تستفتيه في مسائل الطلاق والنكاح والحج وغير ذلك؛ والحج والعمرة الآن؛ ويقول لك: افعل ولا تفعل؛ تظنه أنه من الغباء والحُمق وعدم الفطنة أنَّه ما يتفطن للذي أمامه؟ ولهذا - بارك الله فيكم- يا أخوة بعض الطلبة بعض الأشياخ يجيبون وبعضهم..؛ نعم لا يجيبك لأنه لا يراك أهلًا لسماع هذا الجواب أصلًا، ويحتفظ به لأنه إنما يقول لك ما يفيدك فقط أنت، لو زاد زيادة كانت هذه الزيادة كبيرة على تحملك لا تستطيعها، وأنتم تَرَوْن وتسمعون المشاكل والقلاقل والفتن في هذه التسجيلات صحيح؟ أليس همُّ كثيرين؛ يَتَّصل فيسأل فيُسَجِّل خفيةَ وخِلْسَةً، أو لو سَجَّل وأُذِنَ له تجده من غير استئذان ينشر؛ فهذا الجواب يخصك ما يخصُّ كلَّ أحد، وليس هذا لكلِّ أحد ولو أراد الشيخ النشر لقال لك انشر مثلًا، أو أو غير ذلك هذا موجود أليس كذلك؟ وتبدأ المشاكل وكيف التوجيه؟ وبماذا نقول؟ وكيف نقول؟ إذًا ليس كل ما يعلم يقال ولكل ميدان رجال، والله – جلَّ في عُلاه- يقول: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، إذًا يجب الرجوع إلى أهل العلم وإلى أهل الفضل وأن يعرف لأهل العلم أقدارهم بارك الله فيك ما ضَلَّت الناس إلا بعد أن تخلت عن هذا السبيل والطريق فهلكوا وأهلكوا غيرهم والعياذ بالله، فسألت الناس كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين في حديث؛ ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا - كيف يتخذونهم؟ هم يُصَدِّرونهم ويدفعونهم للتصدير، هذا أمر، والأمر الثاني قد يكون في هذا المُصَدَّر رغبة التصدر ويتقلد مناصب العلماء فيُفتي في المشاكل والنوازل وطلاق وظهار وإيلاء ولِعان وبيوع وصلاة وحج في كُلِّ باب يضرب بالسهم، ما يقول لا أدري لا يعرف لا يدري- فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا))، وهذا الذي يحصل نسأل الله السلامة والعافية.
فانتبهوا بارك الله فيكم من مثل هذا، والزموا كما قلنا مرارًا وتكرارًا؛ كلما اشتدت الفتن ها وكثرت عَلِمت أنه لا سبيل لك بالنجاة منها إلا بلزوم السنة، والسنة قد جاءتك مُبَيِّنة قوليًا وعمليًا وفعلها هذا الصحابة – رضي الله تعالى عنهم- أنَّ المرء يأخذ العلم من أفواه أهله، وأنَّ السلامة من الفتن بلزوم السُّنة ولزوم غرز العلماء الراسخين في العلم، ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا﴾ هذا سبيل النجاة - بارك الله فيك- إذا ما أردت الخروج من هذه المآزق وما أكثرها، أقول: وما أكثرها، وأنتم ترون في بعض البلدان حصلت دماء تسيل، أقول: دماء تسيل في النواحي بسبب تصدّر هؤلاء الجُهَّال، المهم أن يتكلم في الفتنة، المهم أن يضرب فيها بخنجر ما أقول بسهم؛ بخنجر ليذبح ويقتل لا حول ولا قوة إلا بالله، فتوَلَّد من دخول هؤلاء الغوغاء والدهماء والجهلاء المفتاتين على الله وعلى رسوله – صلى الله عليه وسلم- فتن ومشاكل ودماء سالت في بعض البلدان، حتى أني قلت لأحدهم قلت: أتظن أن الأمة ستضل وأنَّ الحق سينعدم إذا لم تتكلم أنت؟! يعني تظن أن الأمة هذه كلها ستضل إذا ما تكلمت أنت؟ لا يظهر الحق؟ ما استطاع أن يجيب ما قال: نعم، حتى ما قال لا نعم ولا لا، ساكت، قلت: ألَا يَسَعُكَ أن تقول إذا ما سُئلت ارجعوا إلى العلماء واسألوا غيري؟ يسع الإنسان ولا ما يسع؟ يوجد أهل العلم ولا ما يوجد؟ هنا البلاء والمرء يرى في نفسه أنه من أهل العلم وليس هو كذلك نسأل الله السلامة والعافية، على كُلِّ حال يتحمل أمثال هؤلاء تَبِعَات تسَرّعهم وإفتاءاتهم وجهالاتهم وخروجهم عن سنن العلماء نسأل الله السلامة والعافية.
وفق الله الجميع لِما فيه رضاه، وصلَّى الله على رسول الله وآله وصحبه وسلَّم.