الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهُدى ودين الحق ليُظهره على الدِّين كلِّه، وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً مزيداً.
أمَّا بعد:
فالحديث هذه الليلة يتضمَّن أولاً إكمال آخر آيات الصِّيام، وهي قوله تعالى:﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ الآية [البقرة:185من الآية]، وقف بنا الحديث عند هذه الجُملة ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ هذه أربع جمل وكلُّها تعليل لما قبلها من أمره –سبحانه وتعالى- بالصِّيام من أدركه شهر رمضان وهو مُقيم، وإِذنه وترخيصه للمُسافر والمريض بالفِطر والقَضاء فيما بعد، ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾، والتقدير : ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فأفْطر فعليه القَضاء في أيامٍ أُخر، وهذا مُطلق، سواءً كانت هذه الأيام الأُخر متفرقة أو متتابعة أو بعد الفَراغ من شهر رمضان مُباشرة أو بعد أشهر، والأصل فيما أطلقه الشَّارع من نصوصه بقاءُه على إِطلاقه حتى يأتي تقييده من الشَّرع نفسه، فإن أتى تقييدٌ من نصٍّ أو إجماع فهو هوَ ولا يعدل إلى غيره، فيقال هذا مقيدٌ بكذا، وإنْ لم يكن تقييدٌ منْ نصٍّ أو إِجماعٍ فيبقى النَّص المُطلق على إطلاقه، وهذا هو الأصل، وسواءً تأخَّر القَضاء أشْهراً أو سَنوات لكنْ يُنصَحُ منْ أفطر من رمضان أياماً أنْ يُسارع إلى القضاء ويبادر عليه لأسباب:
- أحدِها: أنَّه الأَحوط.
- والثَّاني: أنَّه استجابة لقوله تعالى: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [آل عمران:133]، سابقوا إلى مغفرةٍ من ربكم
- الثالث: أنَّه أدعى إلى التذكُّر فمن بادر إلى القَضاء لا ينسى
- الرَّابع: أنه أخف، فقضاء سنة قضاء أيام من رمضان لسنة أخف من جمعه سنوات.
فمثلا يفطر سبعة أيام أو عشرة أيام أو عشرين يوم يقضيها أخفُّ ممن جمعها و راكمها حتى تصير الأَيام أشْهرًا و هذا إنْ لم ينسى ما أفطره فإنَّه يثقل عليه القضاء فيجده ثقيلًا لهذه الأسباب يُدعى كل من أفطر أيامًا من رمضان إلى المبادرة بالقضاء الجُملة الأولى التعليلية قوله تعالى ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ﴾ يعني فيما شرعه لكم منْ صيام رمضان وهو شهر واحد في السَّنة ثُمَّ أتبع ذلك بالإذن لذوي الأعذار كالمسافر و المريض والحائض والنُفساء بالفِطر، وقد قدَّمنا في اللِّقاء الماضي أنَّ الحائض والنفساء يحرم عليهم الصَّوم، نعم، وهذا يدفع عن الصائم المشقة ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ﴾ بل في تشريعاته -سبحانه و تعالى -كلها يُسر، وهاكم بعض الأمثلة:
-المثال الأول : من عجز عن القيام في الصلاة، عجز أن يصلي قائمًا أُمِر أن يصلي قاعدًا، فإن عجز عن القُعود، أُمر أن يصلي على جَنْب وهذا في الحديث الصحيح قال -صلى الله عليه و سلم- عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قد كانت به بواسير قال:«صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».
-المثال الثاني : من عجز عن الوضوء تيمَّم يكفيه.
-المثال الثالث: و كذلك من عجز عن الغسل يكفيه.
-المثال الرابع : الحجُّ و العمرة فريضتان فيسَّر الله سبُحانه ذلك بأن تكون من المستطيع، و ثانيًا أنهما في العُمر مرة واحدة ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾.
فله الحمد والمنة فشهر رمضان هو شهر واحدٌ في السَّنة، و هو الشهر الواجب صومه وجوبًا عينيًا على كل مسلم و مسلمة، و بقية الأشهر فِطر إلا أن يتطوع.
في المال في السَّائبة و الحبوب و الثِّمار الزكاة في النِّصاب في الأموال الزكوية ما بين واحد في المائة إلى اثنين و نص في المائة و الباقي يتموله المُسلم من ماله إلا أن يتطوَّع وهكذا و من نظر في قوله -تعالى :﴿لَا يُكَلِّف ُاللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: من الآية286]، وقولهِ تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابُن:16]، مع قولهِ -صلى الله عليه وسلم-: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، ظهر له كذلك ،التيسير العظيم في الشرائط، وينضاف إلى هذا قوله –تعالى- ويخاطب المؤمنين والمؤمنات بما يجب عليهم، من حشمة والوقار، وسلوك طريق العفاف: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾[النور:30]، فالبَصر لا يمكن غضُّهُ بالكُليَّة، ولهذا قال: ﴿مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ ، ولكن الفرج يمكن حفظه فقال: ﴿وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾، وقال للمؤمنات: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾[النور.31]، نفس الأمر، لا يمكنها أن تغضَّ بصرها وهي ماشية في الشَّارع أو في السُّوق غضًّا كاملاً فلا ترى رجلاً أبدا هذا فيه عنت وفيه حرج ومشقة، ولهذا قال : ﴿مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ ، لكن الفَرج أُمرت بحفظه، وفي الحديث الصحيح: «إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا ، وحصَّنت فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ»، هذا منقبة لها أن تحفظه، إلَّا عمَّا كان حلالًا له، كما قال- تعالى-:﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾[المؤمنون:5،6].
﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ﴾ هذه هي الإرادة الشرعية الدينية، وضابطها الذي تحصَّل عندنا بالاستقراء أنَّها الإرادة المتضمنة، أمر الله ونهيه، فما أمرَ الله به العِباد أحبَّ منهم فعله، وما نهاهم عنه أحب منهم، ماذا؟ أكملوا؟
تركه، أواجتنابه، جميل جدًا، وفي الحديث الصحيح: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ» هذه هي الإرادة الشرعية الدِّينية، وأمَّا الإرادة الكونية القدرية فقد بُسطت بسطًا أرجو أنَّه يروي الغليل ويشفي العليل في مواضع كثيرة، فليراجعها من شاء، وبعضها قريب.
التعليل الثاني: ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ﴾ وهذا تنبيهٌ إلى أن رفع الحرج وذلكم بالإذن لذوي الأعذار أن يفطروا ويقضوا بعد، هذا يُعينهم على إِكمال ما أمر الله به من صوم رمضان، وإيضاح ذلكم أنه لولم يؤذن لهؤلاء أن يفطروا مع ما يجدونه من المشقة التي يتوقع معها الإعياء والتَّعب، قد لا يُكملوا العدة، فمثلًا مريض يشق عليه مع مرضه الصيام لو أمر بالصيام أمر إلزام وإيجاب قد تحصل عنده مضاعفات من الإعياء وتأخر الشِّفاء وغير ذلك، مما لا يستطيع معه إكمال العدة، وقد يؤدي إلى هلاكه، نعم، فلله الحمد والمنة. ﴿وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ ، تعظمُوه وتوقِّروه وتقِروا له بأنَّه -سبحانه وتعالى- أهلٌ للمن والعَطاء، وفسرها بعضهم﴿وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ يعني التَّكبير ليلة العيد ولكن العُموم عندي أولى، وهو تعظيم الله -عز وجل- وتوقيره والثناءُ عليه، والاعتراف له بالكرم العظيم، والجُود الذي لا يُحصى.
﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ ، ولعلَّ هذه ليست للترجِّي كما هو في النَّحو بل هذه تعليلية؛ لأنَّ الله لا يرجوا أحدًا- سبحانهُ وتعالى، والمعنى: شرع لكم هذه لتشكروه على ما أتاكم، وهاهُنا سؤال كيف يستجمعُ العبد شكرهُ -لله عز وجل؟
والجواب: لا يستجمع العبد شكر الله على ما أتاهُ من النِّعم العظيمة، إلا بثلاثةِ أمور:
أحدِها: الإقرار بالنِّعمةِ باطنًا، يُقر أنَّ ما أتاهُ الله -سُبحانهُ وتعالى من نعمةٍ، في بدنهِ، في دينهِ أولاً، وفي بدنه وماله وفي أهلهِ أنَّهُ كُلهُ من عند الله، فإنْ شاء زاده، وإن شاء أبقى تلك النِّعم على حالها، وإن شاء سلبها هذه من الله- سبحانه وتعالى- كلُّها، يقر بها باطنًا.
الثاني: التحدث بالنِّعمةِ ظاهرًا، وهذا عند الحاجة، كأن يقول : ولله الحمد حفظت القرآن هذه السَّنة بكذا قراءة، ولله الحمد رزقني الله بكذا ذكُورًا وإناثًا صالحين يحفظون كتاب الله، وهكذا كلَّما عرض تحدَّث بهذه النعمة، وليس المقصود أنَّه يشيع بهذا على لسانهِ فهذا مظنةُ الرِّياء، لأنَّه إن لم تكن هناك حاجة لذكر هذه النعمة، مُسندًا إيها لله -سبحانه وتعالى- فإنَّه يكون من الثرثرة، وهو مجلبة للرياء والسمعة.
الثالث: صرف هذه النِّعم في مرضاة موليها ومُسديها، وهو الله -سبحانه وتعالى-.
وفي الحديث الصحيح: «إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَهُ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا قال :فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَفعلْتُ مِثلَ فُلَانٍ» -يعني من تقوى الله، وصلة الرحم وإعطاء أهل الحقوقِ حقوقهم-، قال: «فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَتخْبِطُ فِي مَالِهِ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا»، قال: «فَذلكَ بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَفعلْتُ مثلَ فُلان» -يُريدُ أن يتخبطَ مثل صاحبه-، فهذا الحديث من تأمَّلهُ تأمُّل مُستبصِر يُريدُ فهمَ معناه والعمل بما أرشدَ إليه يظهر لهُ أنَّ النَّاسَ صِنفان:
الصنف الأول: صنف بلغَ أفضلَ المنازل بعمله، وآخر بلغ أفضل المنازل بِنيَتهِ الصادقة، فالأولُ غنيٌّ شاكِر والثَّاني فقيرٌ صابرٌ صادِقُ النِّية.
الصَّنفُ الثاني: من بلغَ أخْبثَ المنازل بسوء عملهِ وسوءِ أدبهِ مع اللهِ- عزَّ وجلّ- بَخِلَ بما أتاهُ الله، فلم يعرف فيه حقًا لله ولا لِعباد الله فَتَردَّى. والثَّاني أرداهُ سوءُ نيته عَلِمَ اللهُ منهُ أنَّهُ لو أُوتي المال لخبطَ وبَخِل فالأولُ غنيٌّ بطر أشر، والثَّاني فقيرٌ جزِع بطرٌ بنيته السيئة إلى غيرِ ذلكم من الأَحاديث التي تدلُّ على أنَّ صادق النيَّة حينَ يعجَز عن مُساواةِ الأَغنياء في البَذلِ والسَّخاء والعَطاء والتوسعة وأداءِ الحقوق، فاللهُ يبلغهُ بهذه النية الصَّادقة مَبلغ العامل وهذه بُسِطَ الكلام فيها في مواضع ومجالس أخرى،﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
وبهذا الحديث نكتفي ونُتيح لما يتيسر عرضهُ من الأَسئلة.
بارك الله فيكم شيخنا وأطال عمركم في عافيةٍ وطاعة.
آمين وإياكم والسَّامعين في الدِّين والدُّنيا والآخرة.
آمين، شيخنا أحسن الله إليكم وبارك فيكم جاءت أسئلة عديدة عن الاعتكاف وهذه خُلاصتُها:
السؤل الأول:
متى يُسنُّ للإنسان أن يدخل مُعتكفه ويبدأ الاعتكاف؟
الجواب:
هذا حسب ما يُريد المعتكف، فمن أراد أن يعكتف باللَّيل دخل مُعتكفه بعد صلاة المغرب، ومنْ أَراد الاعتكاف بالنَّهار دخل معتكفه بعد صلاة الصُّبح، ومَن أراد أن يعتكف العَشْر الأواخر فالأفضل أن يتأسى بالنبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فيدخُل معتكفه صبيحة اللَّيلة الحادية والعِشرين يعني بالنِّسبة لنا بعد صلاة صباح السبت.
السؤال الثاني:
ما هيَّ أقل مُدة يمكن للمرء أن يعتكفها؟
الجواب:
التحقيق أنَّ الاعتكاف غير مُحدد فلا حدَّ لأكثره ولا لأقلِّه، فيمكن أن يعتكف المرء العشر الأواخر، وقد يعتكفُ بعض النَّاس يجعله اعتكاف ومُجاورة حتى في غير رمضان في أحد المسجدين أكثر من شهر لا مانع، وله أن يعتكف ساعة، لأنَّ الاعتكاف في الاصطلاح الشَّرعي: هو الإقامة في المسجد لطاعة الله -سبحانه وتعالى .
السؤال الثالث:
يقول :من كان معتكفًا في المسجد الحرام هل له أن يتنقَّل داخل المسجد ومن طابقٍ لآخر لكي يحضر الدُّروس؟ أو من كان في المسجد النبوي هل له أن يصعد إلى مكتبة المسجد النبوي ؟ نعم داخل المسجد.
الجواب:
الأولى أن يلزم مُعتكفه لكن إذا كان الانتقالُ قليلاً قريبًا مسافة قريبة فلا مانع إن شاء الله تعالى.
السؤال الرابع:
يقول: هل يجوز للمعتكف أن يذهب لبيته للاغتسال وتغيير ملابسه ويرجع مباشرة؟
الجواب:
لا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى لكن يحذر مسَّ المرأة مس مُتعة، والحديث في غير ما جاء إِليه وله أنْ يسألهم عن حوائِجهم حتى يُعطيهم النُّقود ما يؤمِّنون به ما يحتاجونه.
السؤال الخامس:
في الاعتكاف يقول : هل التَّعاقُد داخل المسجد مع من يخدم المعتكفين لإحضار ما يحتاجون إليه من الطَّعام وغيره يدخل في النَّهي عن البيع والشراء في المسجد وهل هي من الأمور التي تُخل بالاعتكاف؟
الجواب:
أرى أن ينتدبوا شخصًا يجري العَقد خارج المسجد، لأنَّ هذا كما ذُكر في السُّؤال هو من البيع والشراء، لكن إذا كانت أشياء معروفة معلومة أسعارُها محددة متعارف عليها فلهم أنْ يطلبوا من شخص وإنْ كان الحديث معه داخل المسجد بأن يُحضر لهم مثلاً في اليوم عشر وجبات أو خمسة عشر وجبة ونحو ذلك.
بارك اللهُ فيكم شيخنا وهذه أسئلة وردت إليكم عن طريق موقع ميراث الأنبياء، لكن جميعًا لم يتضحّ موقع القُطُر.
السؤال السادس:
يقول: قاعة النِّساء في الطابق السُفلي من المسجد عندنا وبالتالي لا يتنبهنَّ لسجود التلاوة فيقع لهن خلط في الرُّكوع والسُّجود فكيف يكون الأمر جزاكم اللهُ خيرا؟
الجواب:
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [ البقرة: من الآية 286]، فمن ركعت في موضع السُّجود وتظنهُ ركوعًا وتظنهُ ركوعًا فلا شيء عليها، ترفع وسيتبيَّن لها ولا يُطلبُ منها أن تعود إلى الأرضِ ساجِدة، لأنَّ هذا سُنَّة، أعني سجود، سجود التلاوة سُنة، نعم.
السؤال السابع:
يقول: هل يجوز أن نُصلي راتبة العشاء بعد فراغِنا من التراويح ومن صلاة الوتر لأنهُ لا يُترك لنا وقت بعد العشاء سوى وقت الأذكار، وبارك الله فيكم؟
الجواب:
الأمر فيهِ سعة، فلو تُركت الأذكار وجُعِلَ الوقت للسُّنة الرَّاتبة لكانَ أولى، لأنَّ السنة الراتبة آكد من الأذكار، وأنا أدعو الأئمة إلى أن يُعطوا المُصلين دقائق يتمكنون فيها مما تيسر من الأذكار ومن السُنة الرَّاتبة، أما أن تكونَ السنة الرَّاتبة بعد الوتر، فهذا لا أراه، نعم.
السؤال الثامِن:
يقول: والِدي عِنده إبلْ، وهي الآن في المَرعى، وتَرعى أكثَر الحَول، لَكن لِقِلة سُقوط الأمطار، يَنقُل لها العَلَف والماء الى المَرعى، فَهل فيها زَكاة؟
الجواب:
ما أظن، يَعني كيف هذا؟ السَّائل يقول قِلة الأمطار ، يَنقُل لَها العَلَف، أقول إنْ كانَ الاعتِمادُ على العَلَف والمَرعى قَليل لا يَكفيها، فَليسَ عَليها زَكاة، لأنَّه هُنا مَعلوفة، وإنْ كانَ الاعتِمادُ على العَلَف، اعتِمادُها على المرعى، والعَلَف مِثل الفاكِهة، قليل، فَهذهِ سائمة.
إذًا ماشِيةُ أبيك لَها حالَتان:
الحالة الأولى: إن يكونَ الاعتِمادُ على المَرعى، والعَلَف الذي يأتي بهِ مثل الفاكهة إنْ حضرَ انتفعت به وإن غاب لم تتضرر، فهذه سائمة وفيها الزكاة.
الحالُ الثانية: أن يكون اعتمادُها الكُلي على العلف الذي يأتي به إليها فلو غاب العلف تضررت لأنَّ المرعى قليل لا يكفيها فهذه معلوفة وليس فيه الزَّكاة إلا على سبيل التطوُّع، إن زكَّى تطوعًا نالَ الأجر إن شاء الله، وإن لم يُزكي فلا شيءَ عليه، نعم.
السؤال التاسِع:
يقول السائِل فيه: لدي سحرٌ في بطني مُتجدد فكلما أبطلتهُ يتجدد والمشكلة إنني كلما جاء وقت الصلاة وتوضأت، ينقض وضوئي بسرعة بسبب الرِّيح فأتوضأُ مرة أخرى واضطرُ لحبسهِ حتى أستطيع الصلاة مما يُسبب لي انتفاخًا في بطني وغازاتٍ كثيرة وأيضًا عدم التَّركيز في الصَّلاة فما الحل أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب:
لقد كنت يا بني في غُنية عن صنيعك هذا، وفرضك أن تتوضأ لكل صلاة في وقتها ثُمَّ بعد ذلك لا يضرُّكَ ما خرجَ منك، نعم.
السؤال العاشر:
تقول السائلة: أنا طبيبة أسنان من تونس، وسؤالي هل أستطيع أن أداوي مع النِّساء الرجال في عيادتي الخاصة، مختلطة، حتى أسدد ديوني وتكاليف العيادة، علمًا أنني ألتزم بلباسي الشرعي، أثناء العمل مع لبس الكمامات الطبيةِ، عوضًا عن النِّقاب، كما أنَّه يتم مداواة الرِّجال بحضور الكاتبة، بحيث لا أكون في خلوة مع المريض، وجزاكم الله خيرٍا؟
الجواب:
يا بنتي، بناءًا على سؤالك أقول: هل هذه العيادة حكومية أو خاصة بك، فإنْ كانت حكومية فلا تستطيعين أن تفصلي الرجال عن النِّساء، أما إن كانت العيادةُ لكِ وهذا الذي يتبادر إلى ذهني فاجتهدي في فصلهم عن بعضهم، وإن لم يمكن فأجعلي مثلًا النساء في أول النهار والرجال في أخره، أو العكس حتى لا يختلط الرِّجال بالنساء، بقي كونك تداوين هؤلاء وهؤلاء، لا مانع إن شاء الله لكن لا تسترسلي في الحديث مع الرِّجال، ولا تخضعي معهم بالقول، وإنَّما حديثك مع الرُّجل بقدر ما يحتاجه العَمل، نعم.
يا شيخ قولها في السؤال تقول: ألبس الكمامات عن النقاب، يعني هناك فرق بين الكمامات والنِّقاب يظهر شيء من الوجه مع الكمامات، إن كان هناك فرق.
إذًا البسي النقاب يا بنتي.
السؤال الحادي عشر:
ما هي الشروط الواجب توفرها في مصلى العيد، وهل من الشروط إذن الولي، وأن يكون لهُ جدران؟ يقصد مصلى العيد هل يجب أن يكون له جدران؟ هل من الشروط إذن الولي؟
الجواب:
الظَّاهر أن السائلة من المسلمات، أٌقول: لا أعلمُ أن لمصلى العيد شروطًا معينة إلَّا أنَّه مكان فضاء، نعم، ولا يجب أن يكون له جدران، نعم إنْ أمكن يوضع لهُ منبر فلا بأس، هذا بالنسبة للعموم، أما النِّساء فلها أن يحضرن ولا يحقُّ لوليها أن يمنعها أو زوجها، لقولهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ الله»، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين والمسلمات جميعًا بحضور صلاة العيد حتى أُمرت الحيَّض، أن يحضرن ويعتزلن المصلى ليشاركن، في بركة ذلك اليوم والدُّعاء، نعم إذا خاف ولي المرأة زوجها من الفتنة فإنَّه لهُ أن يمنعها، أو كانت هناك مصلحة تضيعُ لو ذهبت الزوجة أو المولية لصلاة العيد أو غيره، حتى لا تضيع تلك المصلحة، المرتبطة بوجودها في البيت.
بارك الله فيكم شيخنا، هل من الممكن أن يكون يقصد السَّائل هل من الشروط إذن الوالي؟
هو قال الوَلي ولكن إذا كان يريد الوالي، نعم لابد استئذان والي الأمر في هذا، هو الذي يحدد للقطر أو يحدد للقرية، مكان الصلاة، مكان صلاة العيد، وينوب عن الإمام المسلم الحاكم وزارة الشؤون الدينية، نعم.
السؤال الثاني عشر:
يقول السائل: نحن في رمضان نصلي إحدى عشرة ركعة وفي العشر الأواخر نصلي نتهجد بثمانية ركعات بعد الوتر من فضلكم نريد أن نعلم صحة هذا العمل؟
الجواب:
قال -صل الله عليه وسلم-: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا»، وأنتم لم تجعلوا الوتر هو آخر صلاتكم، فحبَّذا لو تركتم التراويح وجعلتم بدلها التَّهجد إحدى عشرة ركعة. صَحَّ عن عمر -رضي الله عنه- لما جمع النَّاس على قاريءٍ واحد وكانوا يصلون أوزاعًا متفرقين، بعد ليالٍ صلَّاها النبي -صل الله عليه وسلم - بِالناس ثم ترك لِعلَّة، قال -صل الله عليه وسلم- «وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ».
فصار النَّاس يصلون في آخر عهده -صلى الله عليه وسلم- وفي خلافة أبي بكر وفي صدرًا من خلافة عمر أوزاعًا متفرقين، فلما استشار الصحابة وجمع الناس على إمامٍ واحد، خرج فأعجبه صنيعهم، فقال -رضي الله عنه- : «نعمةِ البدعةُ هذهِ، والتي ينامون عنها أفضل»، لم يكن معروفًا في عهده -صل الله عليه وسلم- ولا في عهد الخلفاء صلاتان في الليله، صلاة تراويح وصلاة تهجُّد، وإنَّما هي صلاة واحدة فتأخيرها أفضل ولا أُحلُّ لأحدٍ أنْ يفهم من تقريري هذا وتفصيلي هذا أنَّه لا يصحُّ صلاتان، لا، لا نُنكر على من يصلون الصَّلاتين صلاة التراويح وصلاة التهجُّد، ولكن نقول الأولى والأفضل.
السؤال الثالث عشر:
يقول السائل هناك مسألة أشكلة على البعض، وهي تخصيص الليالي العشر بالصدقة بشكل يومي هل هذا الفعل من البدع؟
الجواب:
لم يكن النبي -صل الله عليه وسلم- يختص في ما أعلم العشر بالصدقة، بل كان -صلى الله عليه وسلم- يأتيه جبريل -صلى الله عليه وسلم- فيعارضه القرآن ويدارسه القرآن، قال ابن عباس: «فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ»، فالصدقة مشروعة في رمضان وفي غيره، لكن في رمضان أفضل. نعم، إذا كان أراد أن يجتهد ويستكثر من في الصدقة في العشر الآواخر فلا أرى عليه بأسًا إن شاء الله تعالى.
السؤال الرابع عشر:
يقول السَّائل: كيف أتخلص من الكسل والغَفلة التي فسدت بها حياتي خصوصًا في هذا الشهر المبارك وجزاكم الله خيرًا؟
الجواب:
هوِّن على نفسك يا بُنيَّ، وإياك أن يخطر في بالك هذا الذي تلفظت به، إيَّاك أن يجري على لسانك وإياك أن يخطر ببالك، استعن بالله واجتهد وسدِّد وقارب، قال -صلى الله عليه وسلم-: «لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ »، قال -صل الله عليه وسلم- «عَلَيْكُمْ مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ»، فأنت بخير ما دمت تشعر بتقصير فأنت بخير، واعلم أنَّ النفس لها إقبال و إدبارا، فأحيانًا وأحيانًا، قال -صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً -يعني نشاط- وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ -يعني انقطاع- فَمَنْ كَانَ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ اهْتَدَى»، فإذا مثلاً كسلتَ عن عبادة انتقل إلى عبادة أخرى مثلًا رأيت أنَّك يحصل لك جُهد من صلاة عشرين ركعة، فاجعلها مثلًا عشر، وهكذا لكل عمل شِرَهْ، ولكل شرةٍ فتره، سدِّد وقارب.
السؤال الخامس عشر:
يقول السائل: هل إخبار المرء عن ما يصيبه من عطش و تعب يؤثر على الثواب، أو ينقص الأجر؟
الجواب:
إذا كان لعارض ولا نستحب كثرة الكلام، أنا عطشان أنا مجهد، على سبيل قطع المجلس والتجزع وغير ذلك، إنَّما لو قال: في هذا اليوم العَطش شديد، الحقيقة أنا عطشنا هذا اليوم أسال الله أن يعين، لا بأس يعني لعارض أما أن يكون بشكل دائم وكثير، فهذا في الحقيقة نراه من المكروهات.
السؤال السادس عشر:
يقول السَّائل متى تبدأ العشر الأواخر، وهل هذه الليله ليلة العشرين تعد منهم وبارك الله فيكم؟
الجواب:
بنسبة للمملكة وما جاورها تبدأ العشر من الليلة القادمة -إن شاء الله تعالى-.
أقول: أنا قلت المملكة وما جاورها، كذلك من صام مع المملكة، تقليدًا لها، أنا لا أدري عن مصر، والشام ولبنان مثلًا لا أدري متى صاموا، لكن المملكة وما جاورها ومن صام مع المملكة من الدول العربية أو غيرها، تبدأ العشر من الليلة القادمة -إن شاء الله تعالى.
السؤال السابع عشر:
يقول كيف نستغل العشر الأواخر من رمضان؟
الجواب:
تأسى بنبيك -صلى الله عليه وسلم- كما روته عنه الصدِّيقة -رضي الله عنها وعن أبيها- قالت كان رسول الله -صل الله عليه وسلم-: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ»، استكثر من قراءة القرآن واستكثر من الصلاة في الليل و النَّهار، واهجر المواطن التي تكثر فيها الثرثرة التي قد تجر إلى الغيبة والنَّميمة، وإن لم يكن بك حاجة إلى العمل لوجود ما يُغنيك ويُأمِّن حاجاتك وحاجات أهلك، فلو تركت العَمل كنْت مُصيبًا -إن شاء الله تعالى- فلا نوصيك أن تترك العمل وأنْت محتاج، وأهلك محتاجون، إنَّما نوصيك بالتَّسديد والمقاربة، كما ذكرنا.
السؤال الثامن عشر:
يقول السَّائل: أمي مريضة بضغط الدَّم وهي في عمر 55 سنة، هل يجب عليها الصيام؟
الجواب:
هذا نردُّه إلى الطبيب، فإذا أفتاها الطبيب المأمون المُسلم الحاذق، بالفطر أفطرت، نعم، فلا نستطيع أن نفتي في هذه المسائل شيئًا، مردها إلى الطبيب ،أسألوا الطبيب، فإن أفتاها بأن الصوم يضرها، فلتفطر، ثم إن كان يُرجى برؤها فعليها القضاء، وإن لم يرجى شفاؤها فلتطعم عن كل يوم مسكينًا، بقدر ما يصوم النَّاس، والله أعلم.
السؤال التاسع عشر:
يقول السَّائل هل يجوز استعمال مزيلات للعرق والعطور بعد غسل الإحرام، وقبل التلفظ بالعمرة؟
الجواب:
لا مانع من ذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتطيب لإحرامه ولحله، قبل أن يطوف بالبيت، نعم .
السؤال العشرون:
تقول السائلة: هل الأفضل للمرأة أن تغتسل في مكان الميقات أم في الفندق؟
الجواب:
أولًا الغسل للإحرام سنة وليس بواجب، وثانيًا نحن نوصي كل معتمر وكل حاج أن يتهيأ من سكنه، بالغُسل والتطيب في حق الرِّجال، والغسل في حق الجميع، والتطيب في حق الرجل، وإزالة الشعر، إزالة شعر العانة والإبط، نعم، واللبس بالنسبة للرجل يلبس إزارًا ورداًء، والمرأة تحرم في أي ثوبٍ شاءت، إلا أنَّه يجب عليها أن تجتنب مشابهة الرجال في الثياب، فبعض النِّساء عندها أنَّها لابد أن تحرم في ثوب أبيض، وهذا خطأ، هذا من التشبه بالرجال، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أنه لعن المتشبهين من الرجال بالنِّساء والمتشبهات من النساء بالرجال، فإذا حاذى الميقات أو دخله لبَّى بعُمرتهِ إن كان معتمرًا، أو بحجهِ إن كان حاجًا، ثم يسير على بركة الله، نعم.
السؤال الحادي والعشرون:
يقول: أنا من خارج السعودية وأريد أن أعتمر لوالدي علمًا بانني سأبدأ عمرتي غدا فهل جائز أن أعتمر لوالدي في هذه الأيام، بعدما أعتمر لنفسي وإن جاز ذلك فمن أين أحرم لوالدي؟
الجواب:
أولًا ميقاتك ميقات البلد الذي تمر به، فإن كنت في المدينة فأنت مدنيُّ الميقات، فإن كنت في نجد فأنت نجدي الميقات، وهكذا، فتُحرم لنفسك من ميقات أهلك يعني من محل إقامتك، ولعل السائل في المدينة الآن يعني قدم من خارج السعودية، فإذا فرغت من عُمرتك، لك أن تحرم لوالدك ولكن من الحِل، والحِلُّ هو خارج الحرم، و الجهة المختصة، وأظنُّها وزارة الحج أو شؤون البلدية وضعت معالم ولافتات تبين الحرم وخارج الحرم، فمثلًا لو ذهبت إلى خارج التَّنعيم أو إلى عرفات فكنت في الحِل، فأحرم بعمرةِ والدك.
السؤال الثاني والعشرون:
يقول: أنَّه يشتغل في الدِّفاع المدني في بلدِه وهذه الأَيام حصل حريق شديد في قريته وهو صائم، يسْأل هل له أن يفطر إذا حدث مثل ذلك؟
الجواب:
لِيسر على بركة الله مع زملائه رجال الإطفاء، فإذا حدث ما يلجؤه إلى الفطر أفطر وعليه قضاء، نعم.
شيخ بعضهم ممكن يسأل يعني مثلًا يكون في الدفاع في الحريق أو في غرق ينقذ غريق أو كذا يعني يقصد أنه يتقوى من أجل ذلك.
لا نوصيه بذلك، يستعين بالله وهيئة الإطفاء عندهم ما يستعينون به على الغرق وعلى إنقاذ الغريق، نعم. يعني عندهم ما يستعينون به على دفع الغرق عن أنفسهم وعلى إنقاذ الغريق، لأن إنقاذ الغريق يتشبث بأي شيء فإذا أمسك بمن يريد أن ينقذه يُغرقه معه إذا لم يكن عنده احتياطات، نعم.
السؤال الثالث والعشرون:
يقول: هل يجب على المدين إذا بلغ ماله نصابًا أن يخرج الزكاة؟
الجواب:
هذا سؤال مجمل، والجواب لابد فيه من التفصيل فنقول: الدَّيْن له حالتان، دينك له حالتان:
- إحداهما: أن يستغرق المال كله أو يبقى دون النِّصاب فلا زكاة فيه، في المتبقي هذا
- الثاني: أن يكون ديْنك لا يستغرق النِّصاب فإذا أخرجته بقي نِصاب فأكثر فأنت تزكِّي هذا الباقي.
السؤال الرابع والعشرون:
يقول: ما حكم الاستعانة بمدرسين عوام بتدريس المواد العِلمية في مدرسة خاصة، القائمون عليها شباب سلفي، والعِلة في ذلك عدم وجود شباب سلفي يستطيع تدريس تلك المواد لعدم وجود المُؤهل العلمي التربوي المطلوب من قبل وزارة التعليم؟
الجواب:
هذا كثير في كل أظن لعله في جميع الدول الإسلامية، المدارس مختلِطة سلفي وغير سلفي، ولكن على هذه المدرسة الخاصَّة أنْ تُحسن الاختيار لأنَّ بعض المدرسين وإن كان غير سلفي لا يجاوز المنْهج، فيدرس المنْهج الذي سُلِّم له فلا يزيد منه ولا ينقص، يعني غير داعي إلى بِدعته، وبعضهم يدْخل من المنْهج إلى ما يريد من البدعة، فالأول لا مانع منه إن شاء الله تعالى لأنَّه غير داعي إلى بدعته، والثَّاني يجب الحذر منه وبعده، نعم، أو إبعاده، نعم.
السؤال الخامس والعشرون:
يقول: ما حكم صبغ اللِّحية بالكتم الأسود؟
الجواب:
يجب أن يُخلط بالحنَّاء حتى يكون أسود غير خالص، حتى يكون غير خالص السواد يعني خليطًا، أما أن يكون صبغ اللِّحية بالسواد الخالص فهذا خلاف سُنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله في أبي حقافة -رضي الله عنه- لما حُمل إليه وكانت لحيته كالثغامة، سبحان الله في الجاهلية يربون اللِّحى ويرخونها وكثير من المسلمين من يودعها القُمامة، قال -صلى الله عليه وسلم: «غيروا شعر الشيخ وجنبوه السواد»، نعم.
السؤال السادس والعشرون:
يقول السائل: ما رأيكم في هذه المقولة؟ أنَّ العلماء عطَّلوا الجهاد في هذه الأزمان وموقفهم سلبي تجاه ما يحصل للمسلمين.
الجواب:
أولًا: هذا كذِب، فعلماء هذه الملة المباركة يُعلِّمون النَّاس أحكام الجهاد سواءًا كان جهاد طلب أو جهاد دفع، وهو موجود في الكُتب التي يدرِّسها العلماء في المساجد.
وثانيًا : وهذه المقولة مقولة أهل الهوى الذين ابتلوا بالتحزب وبدعة الخروج إما قعدي أو حربي، وهذا يكون من الإخوان المسلمين ومن لفَّ لفَّهم من أهل البدع فإنَّهم لا يرون عليهم ولاية، فهم يدعون إلى الجِهاد دعوة مطلقة، ولا يبيِّنون أحكامه كما بيَّنها أهل السنة فيما دونوه، وأخذه عنهم من ورِث علمهم وعلَّموه النَّاس وبينوا أحكامه سواءً في ذلك جهاد الدفع أو جهاد الطلب.
فيجب الحذر من صاحب هذه المقولة، فهو إما جاهل من الهمج الرِّعاع أتباع كل ناعق، وإمَّا صاحب هوى مبتدع ضال، وما أكثر ما يُطلقه أهل الهوى من عبارات التَّحقير، والهمز والغمز، والتشريع الصَّريح للتقليل من مكانة أهل العِلم، ووجود الفَجوة بينهم وبين خواصِّ النَّاس وعوامِّهم، وقد ذكرنا في شهر شعبان وما قبله ونحن نشرح في هذا المسْجد العامر بالسُّنة ولله الحمد نشرح كتاب "فضل الإسلام"، وبينا فيه وقبله وسنبيِّن بعده إن شاء الله أن من علامات أهل البدع الوقيعة في عُلماء السُّنة، في علماء الأثر، في علماء الحديث، وفيمن يتتلمذ عليهم ويأخذ عنهم، عوامُّ المسلمين الذين نشأوا على الفطرة يحبون أهل العِلم ويوقِّرونهم ويجالسونهم ويأخذون عنهم، وهؤلاء أدعياء العِلم أهل التحزب وأهل التفلُّت من السُّنة ديدنهم تزهيدُ النَّاس في فئتين جعلهم الله –سبحانه وتعالى- حصنًا منيعًا للأُمة ودِرعًا متينًا وأعني بالطائفتين العُلماء والحُكَّام فليحذر المسلمون هؤلاء أهل الوقيعة في هاتين الطائفتين.
وبهذا انتهى الحديث، وأظن اللِّقاءات انتهت حتى يستعد المسلمون للعشر الأواخر التي بدايتها من الغد، ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يبلغنا وإيَّاكم ويتمَّ لنا ويتقبل منا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.