الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلىآله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد:
فقد وقف الحديث بنا عند قوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَفَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: من الآية 185 ]، والمعنـي الإجمالي: أنَّ الله -سبحانهوتعالى- أمر من أدركه الصَّوم في بلده، من أدركه رمضان فيبلده أن يصومه وهذا ما عناه بقوله- تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُالشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، وأمَّا من كان ليس حاضرًا حينما يدخل شهررمضان على أهل بلده فهذا هو الذي عناه بقوله- تعالى: ﴿وَمَنكَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ هذا هو المعنىالإجمالي لهاتين الجملتين من هذه الآية: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيأُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾.
وأمَّا تفصيل ذلك فكما يأتي: في قوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُالشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، هذا تنبيهٌ إلى أنَّ ما كان صوم رمضان عليهأول الأمر من التَّخيير، فأول ما فُرِض الصيام كان النَّاسُمخيرين فمن شاء صام ومن شاء أفطر وأَطعَم، وهذا بقوله تعالى﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾[ البقرة: من الآية 184].
فهذه الآية وهي محل بحثنا هذه اللَّيلة، ناسخة لما كان عليهالمسلمون من التخيير في صيام رمضان، فالنَّاسخ هو قوله- تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، على ما قدَّمنا منالمعنى، وهذا هو حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وهو فيصحيح البخاري.
ويُشكل على هذا قول ابن عباس -رضي الله عنهما- في الآيةقبلها ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ قال: جُعِل رخصةللشيخ الكبير، يعني إذا لم يطق الصيام.
والجمع بين هذين الخبرين أنَّ الآية الأولى منسوخة من حيثإفادتها التخيير بين الصوم والفطر بالآية الأخيرة، كما في حديثابن عمر، ويبقى حكمها بالنِّسبة للشيخ الكبير والعجوز الكبيرةالذين لا يطيقون الصِّيام، يشقُّ عليهما الصِّيام لكبر سنهما، فإنَّهمايُرخَّصُ لهما في الفطر والإطعام، وهذا الذي تضمنته الآية هو أحد شروط وجوب صومِ رمضان أداءاً، فالمسلمون ثلاثة: أحدهم من يجب عليه صيام رمضان أداءاً كما سيأتي إن شاء الله تعالى، والثاني من يجب عليه صوم رمضان قضاءاً، والثالث من يُرخَّص له في الصَّوم والإطعام وهذا صنفان وهما الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة حين يعجزان عن الصِّيام لأنَّه يشق عليهما مع كِبر السن فهما يخيَّران إنْ صاما، إن شاءا صاما وإن شاءا أطعما، نعم.
وهناك تفصيلات أخرى تأتي في المسألة الثانية إن شاء الله تعالى ،فالمسألة الأولى وهي في هذه الآية قُلت لكم أنَّ معناها يتضمن شرطًا من شروط وجوب صوم رمضان على كل مسلم ومسلمة أداءاً، والشُّروط مكتملة ومجتمعة هي كما يأتي:
- الشرط الأول: التَّكليف ويشمل البُلوغ والعقل.
- الشرط الثاني: دخول الشَّهر وهذا يكون بواحد من طريقين:
الأول: وهو الأصل الرؤية، قال - صلى الله عليه وسلم ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِه))، فالمسلمون مُخاطبون بأن يتراءوا هلال شهر رمضان حين تكون ليلة الثَّلاثين من شعبان، وهذه الرُّؤية تثبت بطريق المُسلم العَدْل وإن كان واحداً، فإذا رآه مُسلم عدل في قُطر متَّحد كما تقول السُّعودية مصر ليبيا الجزائر وهكذا، حكومَته واحدة، وجَب تُعلنه الجهة المختصة.
الثاني: حين يحول دون رؤية الهِلال غيم أو قَتَر فلا تُمكن رؤيته، فإنَّهم يُكملون شعبان ثلاثين ليلة وهذا بيَّنه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ)) وفي بعض الأحاديث ((فَاقْدُرُوا لَهُ)) يعني ضيِّقوا عليه، وهاهُنا نُنبِّه إلى أمرين؛
الأمر الأول: أرجح الأقوال أن لكلِّ بلد رؤيته فمثلاً السُّعودية لها رؤيتها، وكل قُطر من الأقطار الأخرى له رؤيته لأنَّه مستقل عن البلد الآخر، وأنْتم تلحظون أنَّ اليمن بناءاً على رؤيتهم صاموا يوم السَّبت والمملكة بناءاً على رؤيتها صامَ أهلها يوم الأحد فلا شيء في هذا ولا تثريب أبدًا ولا حَرَج.
الأَمر الثاني: أنَّه لا يجوز الاعتماد على الفَلَك، فالاعتماد على الفَلَك بدعة، وخَطأٌ فاحِش، نَعم، ولهذا إذا أَعلنت الجِهة المسؤولة في بلَد يعْتمد الفَلك دُخول الشَّهر فالمُسلم أنْ يُخالفها ولو سرًّا، لأنَّ هذا ليس من دين الله في شيء.
الشرط الثالث: من شروط وجوب صوم رمضان أداءًا، نعم، الإقامة، كما في الآية
﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: من الآية 185]، وقد بيَّنا ذلك.
الشرط الرابع: القدرة عليه، بأن يكون سليمًا معافى، مطيقًا للصَّوم، القدرة عليه.
الشرط الخامس: أنْ يكون معافى من الأَمراض التي يشقُّ معها الصِّيام، أو لو صام تأثَّر، وذلكم بناء على فتوى الطَّبيب المأمون المسلم.
وتَزيد المرأة المسلمة شرطًا خاصًا بها، وهو سلامتها من الحيض و النِّفاس.
هذه الشروط التي إذا توفرت في المسلم وجب عليهِ صوم رمضان أداءًا، وقد ذكرنا من قبل من عجز عن الصَّوم لكبر سنِّهِ، هذه المسألة الأولى.
المسألة الثانية: من يسوغُ لهم الفِطر في رَمضان حتى يصوموه قضاءًا.
ذكر العلماء بعد استقراء السُّنة الصحيحة عن النبي -صلى الله علية وسلم، وآثار السلف الصالح والصحابةِ-رضي الله عنهم، أنَّ الذين يسوغ لهم الفِطر أربعة.
الأول: المريض والمسافر: فهذان يُفطران ويطعمان وإن قدِرا على الصِّيام أجزأهما، والفِطر أفضل لقولهِ-صلى الله عليه وسلم-:((عليكم برُخصة الله التي رخص لكم))
وكان الصَّحابة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في أسفاره منهم الصائم ومنهم المفطر، فلم يُعب الصَّائم على المُفطر ولا المُفطر على الصَّائم، وبهذا يَبطلُ ما ذهب إليه أهلُ الظَّاهر من وجوب الفطرِ في السَّفر، نعم.
أمر يتفرَّع عن هذا وهو الثاني: الشَّيخ والشيخة الكبيران وقد قدَّمنا حالهما أنَّهما يفطران ويُطعمان، ومثلهما المَريض الذي لا يرجى بُرئه، لا يُرجى شفاء مرضه، فإذا أفتى طبيب مأمون مُسلم رجلًا أو امرأة بالفِطر لأنَّ المرض لا يُرجى شفائه، أفطر المسلم رجل كان أو امرأة، وهنا يُستثنى شيئان، الأول من يُرجى شفائه وأفتاه الطَّبيب المأمون بأنَّه لا يصوم، بأنَّ الصَّوم يضرُّهُ، فإنَّه يفطر ولا يعرض نفسه للهلاك فإذا صحَّ صام ولو سنين، صام كما يقدر إن شاء إن قدر متتابعًا أو متفرقًا ليس في ذلك بأس.
الشيء الثاني: المُستثنى من خَرِف فقدَ عقْله حتى لو كان صغيرًا، يصوم ثم بعد ذلك يطلب الطَّعام والشَّراب ويصيح ويخاصِم من حوله، فهذا ليس عليه صيام؛ لأنَّه سقط عنه التكليف إمَّا لخرفه مع كبر سنه أو لخللٍ في عقله فيصبح لا يلتزم شيئًا، فقد يصوم ساعة ثم يصيح بمنْ حوله ويطلب الطَّعام والشَّراب إلى غير ذلك، نعم.
حول قوله -تعالى:﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة :من الآية 185]، يجب التنبيه إلى مقولة هي معتمِدة على حديثٍ صحيح وأنَّه ليس من البِر الصيام في السفر، وهذا حديث صحيح قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ))، فبعض النَّاس من العوام والذين لم يحذقوا في العلم، لم يبلغوا درجة الحذق والنُّضج والأهلية التَّامة يُفطرون ويواجهون النَّاس بهذا الحديث وهذا خطأ وسوء فهم، وإيضاح ذلكم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم- قاله في حادثة معينة وهي أنه رأى - صلى الله عليه وسلم- رجلًا يضلل عليه، فقال: ما شأنه ، قالوا: صائم يا رسول الله، قال: ((لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ)). فكل من كان حاله مثل حال ذلكم الإنسان أُرهق وعجَز ويُغشى عليه مثلًا، أو يتلوى من شدة العَطش فإنَّه حينما يُصرُّ على الصِّيام يقال له هذا الحديث، قال - صلى الله عليه وسلم-: ((لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ)).
الثالث من الذين يسوغ لهم الفِطر: الحائض والنُفساء فهذان يجب عليهما الفطر ويحرم عليهم الصيام، والتي تتحرَّج منهما أو منهن هي الحائض أمَّا النُّفساء فالكل يعلم حالها، ونساءها يزرنها، وأقاربها يسألون عنها من الرِّجال، كيف فلانة ماذا أنجبت، مبارك، يبرِّكون لها، والنِّساء يأتينها بما تعارف عليه أهلُ قُطْرهنَّ من طعام من شراب، إلى غير ذلك، وإنَّما المشكلة تواجهها الحائض فهنَّ يتحرجنَّ، الحائض تتحرَّج وتختفي عن الأنظار ويخفى حالها إلا على زوجها لمكانته منها، فتُمسك وتتسحَّر مع أهلها وتُفطر معهم ولا تطعم شيئًا، فنقول لهذه يا أمة الله لا تُعرِّضي نفْسك للهلكة، اختفي وكُلي واشربي، لكن إذا أمسكت يعني صومًا بنيَّة الصيَّام فهذه يقال لها أنتي آثمة، الصيَّام حرامٌ عليكِ أما التحرُّج فإنَّها توصى إذا كانت تمسك تحرُّجًا، توصى بأن تفطر وزوجها يشدِّدُ عليها فهي تختفي عن أنظار الأطفال، إن كان عندهما أطفال وتُفطر، وهاهُنا يجب التَّنبيه إلى أنَّ الحائض لها أحوال أربع:
- الأولى: أن تراه قبل الفجر.
- الثانية: أن تراه أثناء النهار، أن تراه أثناء النَّهار.
- الحالة الثالثة: أن ترى الطُّهر أثناء النَّهار، ينقطع عنها فترى الطُّهر أثناء النَّهار.
- فهذه في هذه الأحوال الثلاث مُفطرة، ثم إن قدم عليها زوجها مفطرًا ودعاها إلى حاجته أجابته في الحالة الثالثة؛ لأنَّها طهُرت أثناء النَّهار وتغتسل، أمَّا إن كان زوجها غائبًا عنها أو مشغولًا بالعمل ولا يأتي إلا في اللَّيل فلها أن تُمسك تطوعًا، تصوم تطوعًا لا فريضة لأنَّها طهرت بعد الإمساك فلها أن تصوم تطوعًا؛ لأنَّ صوم التطوع لا يشترط له تبييت النيَّة من الليل.
- الحالة الرابعة: أن ترى الطُّهر قبل الفجر فما تقولون في هذه، رأت الطُّهر قبل الفجر، قد تتمكن من الغُسل وقد لا تتمكن إلا بعد الفَجر لكن السؤال ما تقولون فيها؟ يعني هي صائمة يعني مع الصائمين.
الرابع مِن من يسوغ له الفطر: الحاملُ والمرضع.
وقبل أن أذكر الحكم فيهما بناءًا على ما ترجح لديَّ خلال البحث، كثيرٌ من نساءنا أصلحهُنَّ الله وأخذ بنواصيهنَّ إلى الخير تفطر لمجرد الحمل والرضاع، أو يُلزمها زوجها لأنَّها حامل أو مرضع بالفطر، هكذا مُطلقًا فهذا خطأ ولا يحلُّ لمسلمة أن تُفطر لـمُجرِّد الحمل أو الرَّضاع، إذن متى تُفطر؟
أقول يسوِّغُ الفِطر لها سواءً كانت حاملاً أو مُرضعًا أمور:
أحدُها: أن يصحب الحمْل أو الرَّضاعة هُزال أو غثيان شديد أو دوار في الرأس، أو صُداع من أجل الحمل، أو يحصل عندها نزيف فيُقعدُها على الفِراش، تُفطر نعم في هذه الحال تُفطر وتقضي.
وتزيد المرضع بأن مثلاً أن يقلَّ لبنُها أو يجف، وولدُها لا يقبلُ إلَّا لبنها لم يطعم شيئًا غير لبنها كذلك تُفطر.
فيتلخَّصُ أنَّ الحامل والـمُرضع يُسوغُ لهما الفطر والقضاء بعد، إذا كان خوفٌ مُحقق على نفسها أو على ولدها، فالخوفُ على الولد ذكرناه هذا في المرضع، لكن في الحامل إذا كان الحمل يُسببُ ضعفًا للجنين لقلة التَّغذية، لأنَّ بعض النَّساء إذا حملت تقلُّ تغذيتُها يُصيبُها حِرمان كذا بالعامَّة يُقولون: (حريمة) يعني تنسد نفسُها إلا عن القليل، فهُنا الخوف على الولد، وقد ذكرنا الخوف على نفسها، ما على هذا الصِّنف من النِّساء وهما الحامل والمرضع؟ عليهما الفِطر.
هل هو واجب؟ ليس بواجب، لكن إذا خشيت الهلكة قد يجب، ولهذا يقول أهل العِلم يُستحبُّ لهما يعني الحامل والمرضع الفِطر لما ذكرنا من الأعذار، نعم، ثُمَّ القضاء بعد وليس عليهما شيء غير ذلك، وما ذكره بعض أهل العِلم من التَّفريق بين ما إذا كانت خائفة على نفسها أو على ولدها تفاصيل كثيرة لكن هذا الذي تلخَّص لديَّ وأنا عليه، وأُفتي به وأدين الله بهذا، ومن خالفنا فله سلف فهو لا يُثرِّبُ علينا ولا نُثرِّبُ عليه، وبهذا نكتفي ونُكمل الحديث في بقيَّة الآية مساء الخميس القادم إن شاء الله تعالى .
بارك الله فيكم شيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين وأطال عمركم على طاعةٍ وعافية، تأذنون لنا في عرض بعض الأسئلة .
السؤال الأول:
يقول السائل: زوجتي حامل وهذا حملُها الأوَّل وهذه الأيام تنزل منها مادة وليست دَم فهل يؤثِّر هذا على صومها وصلاتها؟
الجواب:
قُلت تنزل منها مادَّة وليست بدم، فأنت قد أفتيت، صلاتُها صحيحة وصيامُها صحيح، ولكن تتوضَّأ مع دخول الوَقت وتغسل ما يُصيب من هذه المادة من جسمها وثيابها، أو تتحفَّظ والنِّساء يعرفن هذا الأمر، وإذا شقَّ عليها الوضوء بأن يجهدها الجلوس على مقعد قضاء الحاجة، دورة المياه كما يقولون، إن شقَّ عليها أصبح يرهقها، فلها الجمع وذلك بأن تؤخر الظهر إلى أول وقت العصر ثم تجمع بينهما جمع تقديم تصلي الظهر ثم العصر، وتؤخر المغرب إلى أول وقت العشاء وتجمع بينهما كذلك جمع تأخير فتصلي المغرب ثم العشاء، والله أعلم.
السؤال الثاني:
يقول: زوجتي في حالة نفاس، هل تطعم عن كل يوم مسكين أم تصوم بعد شهر رمضان؟
الجواب:
تصوم إذا قدرت ولا تطعم، إذا قدرت على الصِّيام وأمنت على طفلها صامت، فإن قدرت متتابعًا أو متفرقًا الأمر فيه سعة، ولكن نحن نوصى من أفطر من رمضان سواء كان رجلًا أو امرأة، أن يسارع ويبادر إلى القضاء، لأنَّ هذا دَيْن.
السؤال الثالث:
يقول: والدتي توفيت نتيجة مرضها بمرض السرطان عافاني الله وإياكم، وقبل وفاتها كانت في شهر رمضان تتناول الدَّواء وبعد شهر رمضان توفيت، فماذا عليَّ أن أفعل؟ يقول كانت في شهر رمضان تتناول الدواء، وبعد شهر رمضان توفيت، فماذا عليه؟
يعني لم يوضح السائل نرجو إعادة الصيغة، هل هي صامت أو لا؟ نرجو إعادة الصيغة.
شيخ يظهر أنَّها كانت تستعمل الدَّواء في نهار رمضان يقول.
الجواب:
إذا كانت مفطرة هنا يسهل الجواب إن شاء الله، نقول أولا: هل يرجى شفاء والدتك أو لا؟ فإن كان لا يرجى شفاؤها فأطعموا عن كلِّ يوم مسكينًا كما قدَّمنا، وإن قال الأطباء أنه يرجى شفاؤها نقول أمامكم حالتان:
- الحال الأولى: أن تشفى وتتمكن من القضاء لكنها أخَّرت فعليكم القضاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)).
- الحال الثانية: أنها لم تشفى، استمر بها المرض حتى ماتت ففي هذه الحالة ليس عليكم شيء، نعم.
السؤال الرابع:
يقول: إذا اجتمعت النِّساء في بيت للإفطار وأدركهنَّ وقت العشاء هل يجوز لهنَّ صلاة التراويح جماعة؟
الجواب:
لا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى، وإنما الذي ننها عنه أن بعض النساء يخرجن من بيوتهن ليصلين التراويح وراء فلانة تكون هي الإمامة، فهذا لم يكن معهودًا فيما وقفنا عليه من أخبار السَّلف، فمن كانت في بيتها صلَّت التراويح في بيتها أو صلَّت في أقرب مسجد من مساجد المسلمين.
السؤال الخامس:
يقول السائل: متى يلحق الرَّجل بأهل البدع؟
الجواب:
إذا وقع في بدعة عالمًا عامدًا مختارًا، اجتمعت فيه الشُّروط وانتفت عنه الموانع يُقال مبتدع ولا كرامة، وهذا قد أوضحناه في مجالس متعددة فليس كُلُّ من وقع في بدعة هو مبتدع، قد يقع خطأً أو غير مكلف أو مثلًا أفتاه عالم فيظنُّه على الصَّواب، او اجتهد فأخطأ فالأمر ليس من السهولة بمكان يجب أن يفرق بين شيئين أولًا البدعة، فالبدعة هو كل محدثٍ في دين الله سواءٌ في العبادات العملية أو العلمية، الثاني التفريق بين الواقع في البدعة والمبتدع، فالمبتدع قدَّمنا لكم فيه الجواب عنه، وأما الواقع في البدعة هو من لم تجتمع فيه الشروط ولم تنتفي عنه الموانع، ذكرنا لكم أشرنا، يفتيه عالم فيعمل يظنُّه سنة أو عالم اجتهد فأخطأ، إلى غير ذلك من الأسباب.
السؤال السادس:
يقول السَّائل: عندنا بعض الأئمة في بلادنا يصلون القيام إحدى عشرة ركعة غالبًا، وبعضهم أحيانًا يصلي خمس ركعات وأحيانًا سبع ركعات وأحيانًا تسع فما الحُكم؟
الجواب:
صلاتهم صحيحة لكن الأولى أن يداوموا على وردٍ معين لقوله -صل الله عليه وسلم-: ((إِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ)).
السؤال السابع:
نفس السائل: يقول هناك شخص يعمل في بيع وشراء العقارات أراضي وغيرها، يسأل عن الزَّكاة كيف تكون إذا باع العقار قبل الحول واشترى عقارًا آخر وجزاكم الله خيرًا؟
الجواب:
الظاهر أنَّ هذا يمتهن بيع العقار أو نقول له حالتان: إحداهما أن تكون مهنته بيع العقار من أراضي ودور ودكاكين وغير ذلك، فهذا ماله عُروض، إذا حال الحول زكَّى جمع مالديه سَعَّر ما لديه بسعر البيع في يومه، وضمَّه إلى ما توفر لديه من نقود فزكَّاه.
الثاني: من ليست مهنتة العقار لكن اشترى أرضًا أو اشترى دارًا أو دكانًا ثم بعد ذلك بدى له أن يبيعه فلا شيء عليه، ليس هذا مالًا زكويًا.
السؤال الثامن:
يقول: شيخنا الكريم حفظكم الله وبارك لكم ولنا في عِلمك، يقول: أنا مصري وأعمل بل بالمملكة، فكيف أخرج زكاة فطري هنا أو في بلدي مع العلم أني متزوج ولي ابنة وما نصاب الزَّكاة أو مقدارها مال أم حبوب؟
الجواب:
ها هنا حالتان يا بُنيَّ المصري؛
إحداهما: أن يكون أهلك عندك، مقيمين عندك في بلدك من السُّعودية في محل إقامتك من السعودية فزكاتك حيث تقيم، فتؤدون عن كل فرد منكم صاع، والصَّاع كما أخبرني بعض الباعة بعض التُّجار أنه ثلاث كيلوات، نعم، وأفضل القوت عندنا هو الأرز ويليه البُر.
الحالُ الثانية: أن يكونَ أهلُكَ أعني زوجك وإبنتك في مصر، فالأمر فيهِ سعة ، أنتَ مُخيَّر إن شئتَ أمرتَهُم بإخراجَ الزكاة عن أنفُسِهم في مصر وعنكَ كذلك؛ لمعرفتهم المُحتاجين من أقارِبِكُم، وإن شئتَ جعلتَ زكاة إبنتك وزوجِك في مصر، وزكاتِكَ في السعودية، وإن شئتَ أخرجتها كُلها هُنا، الأمر فيهِ سعة إن شاء اللهُ تعالى، نعم.
السؤال التاسع:
يقول: رجل أراد أن يجعل مركز للعلاج بالرُّقية الشرعية فما حُكُم ذلك؟ بارك الله فيكم، وما نصيحتكم له؟
الجواب:
أولًا نحنُ لا ننصح بمركز وإنَّما يرقي الرَّجل حسب ما لديهِ من الفراغ، كذلك إذا كانت عندهُ قُدرة وتجربة أن يرقي في بيته دون مركز، هذا الذي ننصحُ بهِ، ولسنا مَانعين مَنعًا باتًا ولَسنا مُثرِّبين على من أنشأَ مركزًا للرُقية لَكِن يجبُ أَن يَكونَ هَذا تَحتَ سُلطة الدَولة، تَحت نَظر الدَولة، عن طريق الجِهة المُختصة، لأَنَّهم هُم سَيفحصونه ويتحققون مِن صَلاحيته هَل هُو صَاحِب سُنَّة أو بِدع، هل هو مستقيم، هل هو معروف بالفِسق أو هو صاحب عدالة وأمانة وتُقى، فَإِذا صَدرت له الرُّخصة فلا مَانع إِن شاء الله تعالى.
أَحْسَن الله إِليكَ شَيخنا، وَهَذِه بعضُ الأسئلة وردت إليكم عن طريق موقع ميراث الأنبياء نعرضُ منها ما تَيَسر.
السؤال العاشر:
يقول: أنا سوري أعيشُ في تُركيا وأُريد أن أُخرِج زكاة الفِطِر إلى السوريين، فقراء أو دعم سلاح أو دعم طبي، لكن قد لا يتوفر لدي من ينقُل المال إلى سوريا، فهل أستطيع أن أُخبر أخي الموجود في سوريا بأن يدفع الزكاة عني ثُمَّ أنا أُعطيهِ المبلغ بعد رمضان عندما ألتقي به؟
الجواب:
لا بأس بذلك إن شاء الله، لكن صدقة الفِطر تُنفق على الفقراء والمساكين ولا يُشترى بها سلاح، نعم، كما جاء في الأثر أنَّها طُعمة، أنَّها طُهرةٌ للصائِم وطُعمة للمساكين.
السؤال الحادي عشر:
يقول السائِل: إذا اختلف العلماء في مسائِل اجتهادية هل يصحُّ العمل بأكثر من قول في المسألة الواحِدة؟ فمثلًا هل يجوز أن أقبض يدي بعد الرفع من الركوع في صلاةٍ تارة وأُرسلُها تارةً أُخرى؟ أفيدونا أثابكم الله؟
الجواب:
هذا يختلف فإن كنتَ ذا أهلية تستطيع الوصول إلى القول الراجِح فيجب عليك أن تسعى بالبحث عن القول الراجِح فتعمل به، أمَّا إن كُنتَ لستَ ذا أهلية فقلِّد في هذا من تثقُ به، نعم.
السؤال الثاني عشر:
وهو السؤال الأَخير في هذا اللقاء، يقول السائِل -ولم يُحدد القُطر-، يقول: هل يصحُّ عقد النِّكاح بحضور ولي المرأة عبر الهاتف فقط لتعذر إتيانهِ لمجلس العقد؟
الجواب:
مَا أَظنهُ هذا يَتَعذَّر، ثُمَّ الهاتِف يعني قد يُقلِّد بعضُ النَّاس الولي أو يُدبر خطة مع المرأة، فلابُدَّ من حضور الولي بنفسِ شهودهِ أو وكيله، نعم، وهذا سدًّا لذريعة الاحتيال لأنَّ بحكم اتصال النَّاسِ بِنا سِنين عَددًا عبر َالهاتف تبيَّن أنَّ كثيرًا من الرِّجال يُريدُ أن يتزوج امرأة لأنها تتعلل بأنَّ أباها يمنعُها وأنهُ يُريدُ أن يُزوجها آخرين وهذه من الحيل، فنحنُ لا ننصحُ بهذا ونراهُ أنَّهُ من الذَّرائع الخطيرة المُفضيَّة إلى تَمرُّد المرأة على أهلها، نعم.
أقول اكتفينا بهذا لأنَّ لدي الآن وُفود بعضُهُم من الجزائِر وبعضهم من العراق فاختصرنا الوقت ونحاول إن شاء الله الإجابة على ما احتجزناهُ الآن واختصرناه مساء الخميس القادِم إن شاء الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين