جديد الموقع

8881095

السؤال: 

قال السائل: عظُمتِ الفتنةُ هذه الأيام بمسائل الإيمان؛ حتى شَكَّك أهل الشغبِ المسلمين في عقائدِهم، فلو أنَّكم تُلْقونَ الضوءَ على تقوم به الحدَّادية الجُدد؛ من اتهام أئمة السابقين من بعض العلماء الموجودين بالإرجاء.

الجواب: 

ماذا نفعل؟ هذا الذي قُلنا فيهم، شكَّكوا النَّاس؛ جعلوا أمر الإيمان من الأمور المستغلِقة؛ الذي لا يمكن فهمُها ولا استيعابُها، ضَلَّت الأمَمُ من السَّابقين إلى اللاحقين؛ ثُمَّ هَدَى الله هؤلاءِ الضُّلَّال في ظَنِّهم أَنَّهم هُدُوا وقد ضَلُّوا ضَلالًا مُبِينا، إذا كانت هذه الأمّة كُلّها؛ هذه القرون كُلها غاب عنها هذا الحقّ الذي تَدَّعونه؛ وتنسِبونه إلى أنفُسِكم، ضاع عنهم وخَفِيَ عليهم، أقول: هذا دليلٌ كافٍ وشافٍ لِأَن تُضَلِّلوا أنفسكم، ما هذا الحقّ الذي غاب عن هذه القرون الكثيرة ؟! هكذا؟! تجتمع الأمّة على ضلالة ويكتمون الحقّ وهم يعلمون؟! انظروا هذه المقالاتِ الفاسدة أين تصلُ بأصحابها! ثُمَّ يَدَّعي هذا الحازميُّ الضال ماذا يقول؟ يقول: لا تلتفت إلى كذا، أنت اقرأ وانظُر، ما شاء الله! تأتي بهذا الغِمْر، الشابُّ الحدث فيتعالى: أنا قرأ!!، عَلَى أيِّ فهمٍ؟! ليس عندهُ حُسن فهمٍ ولا حُسن قصد!، توجيهُهُ هذا التوجيهِ الضّال؛ دليلٌ على عدمِ حُسْنِ قصدٍ عنده، وفيه إشعال ورفع من عقيرةِ من ساء فهمُهم، مع سوء قصدٍ عندهُ ربَّاه عليهم، ماذا سيخرج لك؟ إلَّا أتباع الأهواء والبدعِ والضلالات - نسأل الله السلامة والعافية-، شَكَّكوا الناس، الإيمان - يا أخي- أهل السنة قالوه قديمًا: قولٌ وعملٌ واعتقادٌ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، إيش أكثر من هذا؟ ماذا تريد؟ لماذا شَغَّبتم على المسلمين وضَيَّقتم واسعًا، وأدخلتموهم في الحرج، ودخلتم في الحرج والضيق، ودخلتم في هذا الدهليز الضَّيق الأسود ولم تخرجوا منهُ، نعوذ بالله من الضلال والهوى وأهل الهوى، شَكَّكوا الناس في دينهم وجعلوا الإرجاء أمُّ العظائم وأم الموبقات، وتغافلوا عمدًا عن بيان خطر الفرق الضالةِ الأخرى، وعلى رأسها الخوارج التكفريون، الذين يضربون هنا وهناك، وما هؤلاء إلَّا أفراخٌ لأولئك، أو أولئك أصولهم مع هؤلاء، أبدًا شاءوا أم أَبَوْا، وبعضهم كَتَبَ كتابات يَتَرَّحم ويُبارك ما صَارَ وما يحصل في بلاد العراق، وظَنَّ أنَّ هذا الأمر الغِرُ أنها خلافة، كَذَبَ هؤلاء كلهم والعياذ بالله، فالمقصود - بارك الله فيكم- شَكَّكوا الناس - كما قال السائل- وشَغَّبوا عليهم، ولو سألت الواحد منهم في أحكام البيوع ما أجابك، ولو سألته في أحكام الديات ما أجابك، ويغوص ويغوص ولا يدري هذا المسكين أنهُ يغوص في الجهل لا يغوص في العلم، لأن النتيجة؛ من ثمارهم تعرفونهم - بارك الله فيكم-، العلمُ كلما ازدت علمًا ازدت لله تواضعًا، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلَّا عِزَّة، وما تواضع أحدٌ لله إلا رَفَعَهُ، فهؤلاء - بارك الله فيكم- لو أنهم فعلًا تَعَلَّموا وأخذوا العلم عن أهلهِ، ومن أفواهِ الأشياخ، هؤلاء لا عمودَ علمية عندهم، نَسَبُ العلم لا يوجد عندهم، كثيرٌ منهم جُهَّال، مُتَصَيِّدون، قَفَزُوا على هذه هؤلاء الأبواب ليُشَتِّتوا السنة والاستماع إلى علماء الحق، ما زادهم هذا الذي هم فيه إلا طعونًا جائرة وفاجرة في علماء الحق، صحيح؟ ضَلَّلوا علماء الحق المعاصرين، إن كان الفوزان ولا العباد، ولا ربيع، ولا النجمي ولا غيره، ولا غيره، وضَلَّلوا العلماء المتقدمين، وضَلَّلوا حتى الإمام عبد الوهاب وتكلموا فيه، وأبناء محمد بن عبد الوهاب وأحفادهُ، والأئمة السابقين ابن خزيمة والطبري، وابن تيمية، وابن القيم، حتى أحمد ما رأيكم؟ حتى الإمام أحمد إمام أهل السُّنة والجماعة، هؤلاء - يا جماعة يا أخوتاه يا أبنائي- المتأمل في ثمار مقالاتهم يعرف وضوحًا أنهم على ضلالة، ومفتتحون للناس باب ضلالة، فهؤلاء ليس لهم إلَّا التقريع والتنكيل، وبيان ما هم عليه من باطل، ولو كان السُّلطان سلطان سُنَّة يجب أن يُنَكِّل بهم، وأن يسومهم سوء العذاب وأن يسجنهم ولو أَدَّى ذلك إلى أن يُعَزِّرهم التعزير البليغ الشديد، ليَكْفِيَ المسلمين شرهم وفتنتهم، سكتوا عن الخوارج، وأفراخ الخوارج، والجماعات المنحرفة الضالة التي تنخر في جسد الأمة صباحًا مساء، وتُؤصِّل الأصول الفاسدة والضَّالة والمبتدعة، وصَوَّبوا سهامهم على علماء السُّنة المحضة - والعياذ بالله-، لماذا كل هذا - بارك الله فيكم،حتى لو أنهم نظروا وعَرَفُوا معنى السنة والسلف يعرفون مقام بدعة الإرجاء، لا أقول الغالية المرجئة، حتى عند علماء السنة، أنا لا أُهَوِّن من بدعة الإرجاء، فالمرجئة بدعة، بل ورددنا على من يقول مرجئة أهل السنة أليس كذلك؟ ورددنا هذه المقالة، وبَيَّنا أنها غير صحيحة وفاسدة، لكن العدل هو الواجب، والإنصاف هو المُتَعَيِّن، فإن الإرجاء حتى هذه الفرقة  - أعني المرجئة عند أهل السُّنة أو بدعة الإرجاء- هي أخف من بدعة الخوارج الغليظة، فالبدع عند أهل السنة وعلماء السنة منها المغلظة ومنها الخفيفة، ومنها من الخفيفة الإرجاء، لا أُهَوِّن فالبدع كُلّها شر، لكن الله - جلَّ في علاه- يقول: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا﴾، العدل في الرضا والغضب، ولهذا كان من دعائه - صلَّى الله عليه وسلَّم- ((وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ))، في الرضا تقولها كما قالها الإمام ابن القيم، يبقى الشأن كُل الشأن أن تقول كلمة الحق في الغضب.

أَثَّروا على المسلمين، أَجَّجوا الناس على علمائهم، شَكَّكوا الناس في علماء السنة، فوزان لا تسمعوا له، ابن عثيمين فاعل، ابن باز كذا، فلان كذا، علماء السُّنة ربيع، النجمي كذا، ضُلَّال، كذا.

طيب نمشي إلى من؟ تمشون إلى من بالله؟! إلى فَرَّاج وإلا حَدَّاد وإلا نَجَّار وإلا سَبَّاك وإلا ايش؟! نترك الحق وأهل الحق ونمشي إلى هؤلاء الشُّذَّاذ!! نسأل الله السَّلامة والعافية.

هذا - بارك الله فيكم- لا تستغربوا أن يظهر أمثال هؤلاء، لا تستغربوا فإن النبي - عليه الصلاة والسلام- أخبر وهو الصادق المصدوق بتتابع الفتن وتلاحقها، فتنٌ يُرَقِّقُ بعضها بعضًا، ولا تنتشر الفتن وتكثر إلَّا بسبب انتشار الجهل بالسُّنة المحضة، ﴿وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ أمثال هؤلاء، فوالله ما يلفظون به ويتكلمون به هو أبدًا رأيناه من قبل، أم إنما هي فقط أدوار، تبادل أدوار، لأن بعضكم يعني شباب وصغار، حُدثاء بعضهم أسنان، ما أدركوا فتنة الحدَّاد هذا، وما عايشوه أصلًا، هذا الذي تُنْسَب إليه هذه الفرقة - والعياذ بالله- وأفكاره المنحرفة، ولا عايشوا من ناصره؛ أبدًا، أنا قلت لأحدهم من الصنف الثاني أو الثالث - كما قلنا تبادل أدوار-، جاءني أحدهم في عام 1323 أو عام 1324، قلت: يا ولدي والله وبالله وتالله تسيرون على خُطَى الحَدَّاد الضال حَذْوَ القُّذة بالقذة، هو يرفع قدمًا وأنتم تضعون أقدامكم مَحَلَّها، أبدًا؛ أنتم تتبادلون الأدوار، أنا أراكم أمامي مثل قوم يأتون ويمشون، ذهب فلان جاء محله فلان، ذهب فلان جاء محله فلان، أبدًا، هي تبادل أدوار، أراكم، هي أشخاص اختلفت، أمَّا الحقائق والطريقة والقواعد التي تسيرون عليها والجهل الذي أنتم فيه أبدًا تسيرون حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّة، والله ما اختلفتم، وثَقِوا تمامًا ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾، ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿٧﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾، ثِقُوا تمامًا بالله - جَلَّ وعلا- أنَّه لا يُفلح كيد الكائدين، وكثير من هؤلاء، إمَّا - والعياذ بالله- أظهر تكفيره وارتمى في أحضان أولئك فصارَ معهم قلبًا وقالِبًا، وإمَّا - والعياذ بالله- ارتكس فانتكس، وترك الانتساب إلى التدين أصلًا - نعوذ بالله-، وإمَّا بعضهم صارَ في مصائب ومن أرباب السجون - نعوذ بالله من الغواية- ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾.

فانتبهوا - بارك الله فيكم- ولا تلتفتوا إلى هؤلاء، ثِقُوا في علمائكم، وكُلَّ من سمعتموه نالَ من أحدٍ من علماء السُّنة المَحْضَة لا تُعِرْه سمعك، انصحه وذَكِّره بالله، خَوِّفه بالله، فإن انتصح ورَجَعَ إلى الحَقِّ وتاب الحمد لله، إن استمر فليسَ مِنْكَ ولسْتَ منه، وحذِّر منه إن استطعت إلى ذلك سبيلًا.

الشيخ: 
 عبد الله بن عبد الرحيم البخاري