جديد الموقع

8881098

الجواب: 

الحمدُ لله الذي أرسل رسولهُ بالهدى ودين الحقِّ ليُظهرهُ على الدِّينِ كُلهِ وكفى بالله شهيدًا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدهُ لا شريكَ له إقرارًا بهِ وتوحيدًا، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله -صلى الله عليهِ وعلى آلهِ وأصحابهِ وسلَّمَ- تسليمًا مزيدًا.

 

أمَّا بعد:

 

فأُذكِّرِ الحاضرينَ والمُستمعينَ بأنَّ الحديثَ وقفَ بنا عند قولهِ تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: 185] فالحديثُ هذه اللَّيلة سيكونُ الكثيرُ منه على قولهِ تعالى: ﴿وَالْفُرْقَانِ﴾ والمعنى أنَّ الله -سُبحانهُ وتعالى- أَنزلَ القُرآن لِثلاثةِ أُمور حِيالها تكونُ النِّذارةُ والبِشارة:

الأَمر الأول: ﴿هُدًى للنَّاسِ﴾ وهذا من حيثُ بُلوغ الحُجَّة، فكُلُّ من بَلغتهُ الحُجة وبلغهُ القُرآن، وفَهِمَ القُرآن قامت عَليهِ الحُجَّة، وأَصبحَ يَجِبُ عليه الانقيادُ حتمًا لما جاء به هذه القرآن، وجاءَ به النَّبي -صلى الله عليه وسلم-.

قالَ عليهِ الصلاةُ والسلام- «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَع بِي رَجُل مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ ثُمَّ يَموت وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي جِئتُ بِهِ، إِلَّا أَدخلهُ اللهُ النَّارِ»، وهذه هِدايةُ الدِّلالة والإرشاد، وقد تكلَّمنا عنها وعن الهِداية الأُخرى التي هي هداية المُنتفعين المُستجيبين المُنقادين، وفَصَّلنا القول في أقسام هؤلاءِ الذين استجابوا للقُرآن، وللرسولِ- صلى الله عليه وسلم.

الأمر الثاني: ﴿بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى﴾ والمعنى أنَّ كُلَ ما جاءَ في القُرآن هو مما جاءَت به الرُّسُل والنَبيُّونَ قبلَ ذلك، ومن ذلكم أنَّ أصلَ دين الإسلام وقاعدتهُ أمران:

- الأمر الأول: الدَّعوة إلى عبادة الله وحده، والمُوالاةُ في ذلك، والتحريضُ عليهِ وتكفيرُ من تركه.

- والثَّاني: الإنذار والتَّخويف من الشِّركِ في عبادة الله، والمُعاداةُ فيه، يعني في الشِّرك، نعم، وتكفيرُ من فعله، وهذا شَواهِدهُ من القُرآن أكثر من أَن تُحصى وأشهرُ من أنْ تُذكر، وحسبُنا آيتانِ من التنزيل الكريم، وما أظنُهما خافيتين على أبناءنا وبناتنا في الصفوف الابتدائية، فضلًا عن المتوسط والثانوي والجامعة، بل ويعرفُهما عوَّامُ المُسلمين ذوو الفِطرةِ الطَّيبة والمحبةِ للسُّنةِ وأهلِها، المُكثرونَ من مُجالَسةِ أهلِ العلم؛ تقربًا إلى اللهِ- عزَّ وجلّ- وتفقهًا في دينه.

الآيةُ الأُولى قولهُ تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25]

والثانية قولهُ – تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل36] وفيما تضمنته هاتان الآيتانِ، من صحيح السُّنة المُتواتِرة أو مُستفيضة، ما أخرجهُ أحمد ومُسلِم من حديثِ عبدالرحمن بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ عن عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ- رضيَّ اللهُ عنهما-عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي قَط إِلَّا كَانَ حَقًّا عليه أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وأنَّ َيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لهُم»، الحديث ولهُ قصة.

فأعظمُ ما دلَّ عليهِ النَّبيونَ والمُرسلون من لدُنِّ نوحٍ أولِهِم إلى محمدٍ خاتَمهم -صَلَّى اللهِ وَسَلَّمَ عليهم أجمعين- فرائِض الله، وأعظَمُ فرائِض الله بل أساسُها بل قاعدتها التَّوحيد، عبادة الله الخالِصة من الشِّركِ أكبرهِ وأصغرِهِ، ثمَّ من بعدُ سائِرُ الطَّاعات من فرائِض ومندوبات، وأعظمُ ما نهى عنهُ هؤلاء النَّبيون والمُرسلون صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهم- أجمعين الشِّرك، ثُمَّ من بعدُ سائِر المعاصي صغارها وكبارها، وضِمنَ ذلك البِدعة: وهي كُلُ إحداثٍ في دينِ الله في العبادةِ أو العَمَل، وما يُكمَّلُ الاعتقاد من الحضِّ على مكارِمِ الأخلاق والنَّهي عن سفسافِها، فمن كانَ من الدُّعاةِ إلى الله من أهلِ العلمِ والبصيرة على هذا المسلك فأنعم به وأكرِم، وهو طُلبتُنا وطُلبةُ أهل السُّنة المُعاصرين لنا والمُتقدمينَ علينا، هو محلُ مُناصرتنا ومؤازَرَتنا، فنحنُ ردءٌ لهم وهم ردءٌ لنا واشهدوا، ومن لم يكُن على ذلك فهو إمَّا صاحِبُ هوى عاقدٍ العَزَمَ على أنْ يحرِفَ النَّاس عن دينِ الله وعن سُنةِ محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأُشهِدُ اللهَ ربي على بُغضه، وأشهد ملائكته ممن حضر من ملائكته الكرام على ذلك، وأشهدكم معاشر الحاضرين والسَّامعين أنه بريء منَّا وأنِّنا بُرآء منه، هو من نهبة الشيطان.

والثالث الجاهل الذي يتخبط بغير حقٍّ، ما كان على هدى ولا كان على دعوة ثم ناله شيء من الهدى قد يكون طبيبًا أو فيزيائيًا أو كيميائيًا أو غير ذلك من التخصصات، فأصبح يقول في دين الله بلا علم، ليست عنده أهلية لكن رفعته جماعة الإخوان المسلمين حتى أصبح تُضفى عليه الهالة ويُضفى عليه المَديح ويُشار إليه بالبنان: الداعية إلى الله، مسكين هذا أضلَّه الله جاهل أضلَّه الله، فنصيحتنا لهؤلاء الصِّنف الثالث أن يتركوا هذه الهالات وأن يطأوها بأقدامهم، وأن يتنازلوا عن هذا المديح وهذا الثناء الفضفاض الغالي إلى أن يجلسوا إلى أهل العلم، وسوف يتزودون بما أخفته عنه هذه الجماعة الضالة المضلة، ويصبح إن شاء الله إذا دعا يدعو بعلم، وإذا كفَّ كفَّ عن علم، ونجا من التخبُّط في الظلمات.

الأمر الثالث: ﴿وَالْفُرْقَانِ﴾، والمعنى أنَّ هذا الكتاب فارقٌ بين الضَّلالة والهدى، والحق والباطل، والسُّنة والبدعة، والكفر والإيمان، فمن جعل القُرآن هاديًا له اهتدى، ومن حَكم به هُدي إلى صراط مستقيم، ومن عمل به أُجِر، ومن تمسَّك به عُصِم من مضلَّات الفتن، ولعلَّكم أو أكثركم أدرك من خلال ما أقوله فيكم أنَّه لابُدَّ أن يضمَّ العبدُ الذي يطلب الحقَّ والهدى السنةَ إلى القرآن، وأعيدُه الآن شاهد ذلكم من الكتاب الكريم قولُه – تعالى:﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى

إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم : 3و4]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر:7]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران :31]، وقوله – تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾[الأحزاب:21] الآية.

وفي الحديث الصحيح:«أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَه»، فيا معاشر الحاضرين والمستمعين من المسلمين والمسلمات، من تأمل هذه الآيات وما في معناها وهو كثير مع هذا الحديث وما في معناه ظهر له جليًّا أنَّ الله قد سدَّ كل طريق يزعُم النَّاس أنَّها توصل إليه وإلى مرضاته ومحابِّه سوى طرق واحدة وهي طريق محمدٍ – صلى الله عليه وسلم، فتمسكوا بها يا معاشر المؤمنين من الرِّجال والنِّساء، ولا تبغوا غيرهما أعني الكتاب والسُّنة، فما أراد الله من العباد أمرًا أو نهيًا إلا وقد ضمَّنه كتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم –، وبهذا صدق القول أنَّه ليس في الشِّرع نصٌّ مجمل لم يأت له من الله بيان، وأنبِّهُ بنيَّ وبناتي إلى أنَّه إن شاء الله سيكون لنا معكم لقاءان آخران، فسامحوني ولو أثقلت عليكم، اللِّقاء الأول -هو غير مُعتاد- مساء السبت القادم في مثل هذا الوقت، واللِّقاء الآخر -وهو معتادٌ لديكم- مساء الاثنين القادم لأنَّ الاثنين القادم يوافق السادس عشر من هذا الشهر الذي نحمد الله أن بلَّغنا وإياكم إياه، ونسأله أن يتقبل منا ما مضى منه، ويعيننا على ما بقي ويتمَّ لنا ويرزقنا فيه القَبول، ونسأله -جلَّ وعلا- أن يضاعف لنا ما كان لنا فيه من حسنات، ويتجاوز عنا وإياكم في السيئات، ويبدلها لنا حسنات -سبحانه وتعالى، وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين وإلى الأسئلة، إن شاء الله تعالى.

 

بارك الله فيكم شيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

 

السؤال الأول:

يقول السائل: شيخنا الفاضل أحسن الله إليكم، ما حُكم استعمال معجون الأسنان أثناء الصيام؟

الجواب:

لا بأس به فيما يظهر لي ولكن يحرص المُسلم أنْ لا يتحدَّر مع الرِّيق لأنَّه مادَّة والظَّاهر أنَّ النَّاس يحرصون على هذا في الصِّيام وغيره، فإذا دلك أسنانه بالمعجون والفرشة، فليتبعها بعد ذلك بالماء حتى يزيل ما بقي من الأثر، والله أعلم.

 

السُّؤال الثاني:

يقول السَّائل: إنِّي أُحبُّكم في الله، ثُمَّ قال إذا كان طعامُ السُّحور بين يديَّ وأذَّن مُؤذن الفَجر الثَّاني، فماذا علي أن أفعل؟

الجواب:

أحبَّك الذي أحببتنا من أجلهِ، أقولُ أولاً: نصيحتي لكل مسلمٍ ومُسلمة، أنْ يُنهي طعامهُ وشرابهُ قبل الفَجر بدقائق، ولو بدقيقتين ثَلاث، والأذان الآن أذانُ المسجد النبوي بالنِّسبةِ لمحيط المدينة يُنقل في قناة السنة التلفازية، وينقل في إذاعة جدة، التي كانت تسمى البرنامج الثاني، ولا أدري إذا كانت تسمى البرنامج الثاني إلى الآن لا أدري، فالأمر واضح.

وأقول ثانياً الإمساك الشَّرعي هو من طُلوع الفجر الثَّاني، فمن كان في المُدن فكما قدمنا من نصيحة، ونحن نتبع مؤذن مسجد رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ومن عرفنا من مؤذنين أنَّهُ يتابعه، لأنَّ كثيرًا من المؤذنين عنده راديو صغير يتابعون فيه أذان المسجد النَّبوي، ومن كان خارج المدينة ويرى الفجر تمامًا، لم يحل بينه وبين الفجر الثَّاني، وهو الفجر الصَّادق شيء لا غيم لا قتِر فهذا لهُ رؤيته، إذا أقبل الفجر أمسك.

الأمر الثالث وهو محل السؤال هذا، نقول أنت يا هذا لا تخلو من حالين وأقول أولًا بالنِّسبة للطعام ما أظن أن هناك جوعًا يحمل الإنسان على أن يأكل، لأنَّ النَّاس يأكلون مع الإفطار وبعد العشاء وبعد التراويح، كثير من الناس يتعشون، وإنَّما الذي يمكن أن يرهق ويخشى منه العطش، فكثير من النَّاس حتى لو تسحَّر يُسوِّف يُسوِّف وما يفجأهُ إلا الأذان، فهذا لهو حالتان:

-                الحالة الاولى: أن تكون به شهوة للماء، مجرد شهوة ولكن لم تصل إلى العطش الشَّديد، فهذا ندعوه الى أن يمسك ولا يشرب.

-الحالة الثانية: أن يكون به عطش يخشى به على نفسهِ، ألَّا يتحمله وأنَّه سيفطر، فهذا كما في الحديث الذي حسَّنه الألباني -رحمهُ الله- بشواهده «من سَمِعَ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ نهمتهُ » واللهُ أعلم، نعم.

 

السؤال الثالث:

يقول: شخص دخل المسجد فوجد النَّاس يصلون الوتر، فهل يصلي معهم؟

الجواب:

هذا يحتمل أنَّه مفترِض ويحتمل أنَّه متنفِّل، والناس يطلقون الوتر على الثَّلاث ركعات الأخيرة، فإن كان مُفترضًا صلَّى الركعتين الأوليين، ثم يجلس حيث جلس الإمام للتشهد، ثم يسلم مع إمامه، ويكمل بعد، وله إن شاء الله أن يدخل معه في الركعةِ الموتَر بها، ويجلس معه للتشهد فإذا سلَّم إمامه قام وقضى الرَّكعة الرَّابعة من صلاة العشاء والله أعلم.

أمَّا إن كان متنفِّل، فلا إشكال يصلي معه الوتر، ثم إن أراد أن يوتر يكتفي بالشَّفع، حتى يصلِّي في بيته ما قُدِّر له ويختم بركعة، نعم.

 

السؤال الرابع:

يقول: هل يصحُّ للرجل أن يعتكف من الظُّهر إلى العصر؟

الجواب:

لا مانع من ذلك، فالاعتكاف هو مطلق الإقامة في المسجد بنيَّة، وقد يكثر وقد يقلُّ، فإن نوى اعتكاف اليوم كاملًا دخل معتكفه أو جلس في المكان الذي يعتكف فيه بعد صلاة الصُّبح، وإن نوى الاعتكاف من اللَّيل دخل بعد صلاة المغرب.

 

السؤال الخامس:

يقول السائل: في بعض البلدان تكون أكثر ساعات اليوم في اللَّيل، فكيف يكون صيامهم وكيف يكون الضَّابط للصيام في هذه البلدان؟

الجواب:

أكثر ساعات بلده في اللَّيل، هكذا فهمت والقليل في النِّهار، ما شاء الله حظ الصائمين هذا- لو يقربون منَّا (شوية)- على كل حال يجتهد، فالغروب واضح لديهم، غروب شمسهم بعد ذلك يحسب بعد غروب الشمس ساعتين تقريبًا، أو ساعة ونصف، ثم يصلي العشاء، نعم ويقوم وهذا الأمر ليس فيه إشكال، ويتسحرون قبل طلوع فجرهم بساعتين أو ساعة ونصف أو ساعة، ثم يمسكون مع طلوع فجرهم، إنْ كان الفجر يتضح عندهم، أو أقرب بلد منهم يُعنى بالفجر، يكون فيه مركز إسلامي موثوق أهلهُ على السُّنة أُمناء على هذا الجانب حتى ولو كانت عندهم بدع ولكنهم أُمناء على هذا الجانب، نعم والله أعلم.

 

أحسن الله إليكم، وهذه مجموعة أسئلة وردت إليكم عن طريق موقع ميراث الأنبياء تتكرمون بالإجابة عليها.

 

السؤال السادس:

سؤال من أمريكا، يقول السائل: رجلٌ مسلم لا يتقن قراءة القرآن والتجويد، ويخطئ وزوجتهُ تقرأ القرآن بالتَّجويد وتتقنه، السؤال هنا هل واجب أن يكون هو الإمام إن صلى مع زوجتهِ جماعة؟ أو يصلي بمفرده وزوجتهُ بمفردها علمًا أنَّ زوجته حاولت معهُ أن تعلمهُ القراءة ولكنه رفض؟

الجواب:

هذا ينظر إليهِ من وجهين، الوجهُ الأول من حيث الفريضة فلا يأتم بها في الفريضة، لا يمكن أن تكون إمامًة له، هذا من خصائص الرِّجال، الإمامة في الصَّلاة، والوزارة، والإدارة العامة أو الأمارة ومحافظة المناطق، هاذي من خصائص الرجال ولا تحلُّ للنساء، وأية امرأة مسلمة وليت منصبًا وزاريًا أو محافظ، صارت محافظة منطقة أو مديرة شرطة أو رئيسة بلدية، أو رئيسة محكمة أو قاضية، فمرتَّبها حرام، ويحرم كذلك إعانتها، على فوزها في الانتخابات، فتفطَّنوا أيَّها المسلمون.

الوجهُ الثاني من حيث النَّافلة، يصلِّي كل واحدٍ منهم لنفسه، وننصح أخانا هذا المسلم، أن يجلس إلى رجلٍ مسلم يتعلم منه القرآن قدر مُكْنته، نعم.

بقي أمر كِدتُ أنساه، أقول قدَّمنا أنَّه لا يجوز أن يأتمَّ بها في الفريضة لكن هل تأتمُّ به إن كان لحنُه يحيل المعنى، مثل كأن يقول: (إياك نعبَدُ) هذا إيش معناها، أو (قير المقضوب) خطأ، قير يعني: زفت يعني من ألفاظ الزِّفت: القار، لكن بعض النَّاس قد ينطقها قي، (المقضوب) لا معنى لها خطأ، أو يقول (أَهدنا الصراط المستقيم)، أهدنا يعني أعطنا، فلا تصلي فلا تأتم به كذلك يصلي وحده.

أمَّا إن كان لا يحيل المعنى مثل (مالِكْ يوم الدين)، (مالِكْ)، لكن لو قال (مالَك) هذا خطأ استفهام، نعم. (اهدنا الصراطُ) هذا خطأ لكن لا يحيل المعنى، نعم، فلا مانع، وإن كانت لا تطمئن نفسها تتركه وتصلي وحدها وهو وحده كما في النَّافلة، نعم.

 

السؤال السابع:

وهو كذلك من أمريكا، يقول: عندنا رجل خبيث يقوم بتزويج رجال برجال ونساء بنساء ويقول إنْ القرآن لا يمنع أن نُحب من نحب ولو يكون من نفس الجنس، فنرجو منكم كلمة في خُبث هذا الشُّذوذ الجنسي وأثره السلبي على المجتمع، ردًا على هذا الشخص وتحذيرًا للمسلمين من التَّهاون في هذا الأمر الخطير.

الجواب:

حذِّروا منه باطني باطني باطني خبيث، وأظنُّه كان كافر، مادام قال القرآن لا يمنع وهو يعلم أنَّ القرآن يمنع والسُّنة تمنع فهو كافر، لا تعدُّه مسلمًا لكن على كل حال حذِّروا منه الآن مادام، إذا كان أمره مشهورًا وخشيتم أن ينْخدع به أُناس فحذِّروا منه. نعم.

 

السؤال الثامن:

من السعودية، يقول السائل: أشكلت علي شُبهة ألقاها أحد الجُهَّال بأن قوله تعالى: ﴿يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس: 52]، يدلُّ على أن القبر هو حال رقود واستقرار وسكينة، وهذا ينفي وجود عذاب القبر، فأرجو أن تزوِّدوني بالردِّ على هذه الشبهة لخوفي أن تتغلب علي وتقودني إلى ما يخالف اعتقاد أهل السنة والجماعة.

الجواب:

هذا جاهل، الذي ألقى هذه الشُّبهة جاهل وأخشى أن يكون مُبتدعًا، ضالًّا فهذا القول قول الكُفَّار يقولون: ﴿يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ﴾ والظاهر أنَّ هذا من كلام الرب –جل وعلا- ﴿وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾، أو من كلامهم هُم استدركوا على أنفسهم، وقد ثبت نعيمُ القبر وعذابُه كتابًا وسنةً وإجماعًا، فالعذاب المستمر الذي يلحقه العَذاب الأبدي السَّرمدي هذا في حق الكفَّار وذوي النِّفاق الاعتقادي، ولا يمتنع أنَّ الكفار نسوا ما حل بهم من عذاب القبر، لأنَّهم عَرفوا أنَّ ما هو مُتقدم بين يديهم أشدُّ فهم يتمنَّون أن لو بقوا في القَبر فهو أخفُّ مِن ما ينالهم يوم القيامة من التَّبكيت والتَّقريع وإشهارهم فضحًا لهم أمام الخلائق ثم سحبهم من الموقف إلى النَّار على ووجوههم بالسلاسل، نعم، والله أعلم.

 

السؤال التاسع:

من الإمارات، يقول: وصلني مال بطريقة أغلب الظن أنَّها غير شرعية ولا أتمكن من إرجاع هذا المال لما سيترتب على إرجاعه من مضرة تلحق بآخرين غيري، فهل يجوز أن أتخلَّص منه بأن أضعه في الهلال الأحمر.

الجواب:

أوصيك أولًا إن كنت تعرف صاحب هذا المال أن تذهب به وتقول يا فلان هذا المال لك أنا أخذته منك منذ سنين فأنا تذكَّرته وأنت لعلك لم تذكره، أنت صادق استعملت التَّعريض ثم دعه عنده وأقسم له أنَّه له، لكن حالت بيني وبينك أمور وأنا ما نسيته وهذا هو لك بارك الله لك وجزاك خير ومن هذا الكلام الطَّيب يعني.

إذا خشيت، وهذا الثَّاني، إذا خشيت أنَّه يوقعك في حرج، خشيت أن يُشهِّر بك وينال من عِرضك فضعه في ماله على ماله خُفية ودَعه.

إذا لم تمكن هذه والتي قبلها، فتصدَّق به على نيَّته، نعم، تصدق به على الفقراء والمساكين، نعم، أو ضعه في مرفق خيري مرفق الأوقاف، أو تضعه في بناء مسجد، أو حفر بئر يفيد منها المسلمون أو تُسدِّد به يعني مستندات مياه وكهرباء عن ناس فقراء، هذا ما عندي حتى هذه السَّاعة جوابًا على سؤالك والله أعلم.

 

انتهت الأسئلة من موقع ميراث الأنبياء، وهذه أسئلة أخرى.

 

السؤال العاشر:

يقول السائل: هل يجوز إعطاء الزكاة لرجل يريد الزَّواج وينقصه بعض المال؟

الجواب:

فهمت من سؤالك أنه سيستدين، فبانَ لي أنه غارم فأعطه ما يقدرك الله عليه. نعم.

 

السؤال الحادي عشر:

يقول السائل: شخص أعطاني مال للزكاة وأنا علي دين، فهل يجوز أن أسدده من الزَّكاة أم لا يجوز؟ وإذا كان يجوز فهل يجب أن أخبره؟

الجواب:

أولًا: الأولى أن تستعفف ولا تأخذ منه شيئًا، قال -صلى الله عليه وسلم-: «من يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله ومن يتصبر يصبره الله».

ثانيًا: إذا كنت تستطيع سداد ما عليك عن طريق الاقتراض فاقترض ولا تقترب هذا المال.

ثالثًا: إذا كُنت محرجًا وليس أمامك سبيل إلى الاقتراض فلا مانع أن تأخذ منه شيئًا، نعم، إلَّا إذا كان حدَّد لك المصارف قال فلان وفلان وفلان، حدَّد لك أناسًا فلا تأخذ حتى تعطيَهم ما أوصاك به لهم، أحيانًا تكون الوصية مُقيدة، كأنْ يقول لك أعط فلان خمس آلاف فلان عشر آلاف فلان عشرين فلان ألفين وهكذا، ثُمَّ إذا قضيت حوائج هؤلاء على وفق ما أوصاك به، وبقي شيء استأذن ولو بالتَّعريض وتقول يا فلان هناك غارم هل تأذن بإعطائه؟ فإن قال لك هاته أنا أتصرَّف فيه، فادفعه إليه، وإن أَذِنَ لك فخُذه.

 

السؤال الثاني عشر:

يقول السائل فيه: ما حكم البناء على المقابر القديمة، فبعض النَّاس يشتري أرض وهي في الأصل مقبرة للمسلمين، ولكن منذ فترة لم يدفن فيها أحد لامتلائها، فما حكم شراء الأرض والبناء عليها؟

الجواب:

مادامت مقبرة فلا يجوز شراؤها أصلًا، إذا كانت الأرض كلها مقبرة فلا يجوز شراؤها، ولا يحلُّ أيضًا إذا كان المشتري يعلم، ولا يحلُّ للشخص بيعها لا يملكها، هذا تملكها الجِهة المسؤولة عن الموتى. لكن قد تكون بعض المُمتلكات من الأراضي كمزارع وعقارات وبيوت كذا بعضها مقبرة واضحة، فهذه يُعمل عليها سور فاصل ثم تُسلَّم إلى الجهة المُختصة، وما فَضَلَ عن حيِّز المقابر فهو لمن اشتراه والله أعلم، إلَّا إذا طلبت الجهة هذه الأرض لتوسعة مقابر القرية أو الحيِّ أو المنطقة فيبيعها عليها، وإذا أراد الحاكم أن يأخذها فليسلِّمها له، والحاكم سوف يعوضه عن ماله، نعم.

 

السؤال الثالث عشر:

يقول: ما حكم وضع اليد على المصحف والحلف بالله تغليظًا لهذا اليمين، وهل هذا من باب تغليظ اليمين في الزَّمان والمكان الذي كان يستعمله السَّلف؟

الجواب:

أنا لا أعلم فيه حتى السَّاعة السُّنة، ولا أرى أن هذا لازم بل يحلف المسلم يُقْسِم إنْ كان صادقًا، فيقسم بالله أو باسم من أسمائه مثل: والله، أو باسم من أسمائه كالرحمن، الرحيم، العزيز، القدوس، أو صِفة من صفاته كأن يقول: وعزة الله، وقدرة الله التي لا يعجزها شيء وهكذا. وكان -صلى الله عليه وسلم يقول كثيرًا: «والذي نَفْسُ محمدٍ بيده»، نعم، هذا الذي أعلمه.

 

السؤال الرابع عشر:

يقول: فضيلة الشيخ ما حُكم المسابقات القرآنية التي تُقَام لتشجيع الشَّباب على الحِفظ؟

الجواب:

الجهة لها ذلك، تُشجِّع فتجعل جوائز لدرجات الطُّلاب فالأول له كذا مبلغ والثَّاني والثالث أو هدايا، هذا لا مانع منه إن شاء الله، وقد يتبرَّع بها بعض المُحسنين والمحبين كذلك لا مانع منه. وإنَّما الذي لحظناه هذه الأيام وهو من نَفَس الإخوان المسلمين ومَسْلكهم أن الإمام بعد الفراغ من صلاة التراويح يسأل سؤالًا ويطلب الجواب من القراءة، يعني مما قرأَ في صلاة التَّراويح، هذا لم يكن معهودًا عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- ولا عن الخلفاء ولا عن الصَّحابة قاطبة ولا عن أئمة التَّابعين ولا عن أئمة أهل السُّنة والجماعة، فهو من مسلك الإخوان المسلمين أو يُقال على الأقل مُحدث، بدعة.

 

السؤال الخامس عشر:

يقول السائل: بعض النَّاس يوثِّق كل من أظهر السنة فما حكم ذلك؟ ومتى يكون الشَّخص ثقة ولا يُردُّ خبره؟

الجواب:

يجب الفرق بين كون الرجل ثقةً وكونه صاحب سُنَّة، كم من رجل هو صاحب سُنَّة لكن لا يضبط الأخبار، سيِّء الحفظ، أو متسرع لا يتثبت، يجب التَّفريق بين هذا وهذا، المبتدع ليس له معنا شأن، فنقول الناس في هذا قسمان:

-                 صاحب سُنَّة ثقة، هذا هو المطلب.

-                 الثاني صاحب سنة لكنه ضعيف، شديد الغَفلة، كثير النِّسيان، سيِّء الحفظ، هو صاحب سُنَّة، وهذا لا يُقبل خبره إلَّا بالشواهد والمتابعات، نعم.

 

السؤال السادس عشر:

يقول السائل: هل يجوز أن نصلي صلاة الجنازة بدون وضوء؟

الجواب:

لا بُدَّ لصلاة الجنازة من الطهارة؛ لأنَّها عبادة، هذه الصَّلاة تعبدية، وفيها تسليم وفيها دُعاء وقراءة الفاتحة وسورة في بعض الرِّوايات الفاتحة مع سورة، فالمسلم في فسحة -إن شاء الله- إن شاء الإمام قراء الفاتحة واكتفى بها وإن شاء قراء الفاتحة وسورة، فلا أعلم أحدًا قال بجواز صلاة الجنازة دون طهارة حتى السَّاعة، وإن علمت ذلك، ووقفت على قوة مأخذِهِ رجعت عن قولي هذا.

 

السؤال السابع عشر:

يقول: ما معنى قول الأشاعرة في القرآن كلام الله القائم بنفسه، ما مرادهم بذلك؟

الجواب:

هُم عندهم أن الكلام قسمان، قسم هو الألفاظ وحروف، والقسم الثَّاني ما يقوم في النَّفس من معنى، يعني الذي أردته أنت المتكلم؛ وبناءً على هذا يتفرع أصل وهو أنَّ القرآن قسمان: حروف ومعاني، فالمعاني غير مخلوقة عندهم هو كلام الله، والحروف مخلوقه.

وأهل السُّنة عقيدتهم أنَّ القرآن كله كلام الله حروفه ومعانيه، فليس كلامُ الله هو الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف.

ويُردُّ على هذا القول يعني قول الأشاعرة الذي حكاه السائل، ويرادفه قول الكُلابية يقولون القرآن حكاية عن كلام الله، والأشاعرة يقولون عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله، وكِلتا المقولتين ضالة مُضلة، وكلتا الطائفتين ضالةٌ مضلَّة، وقد حكيت لكم آنفًا قول أهل السُّنة عقيدتهم في القرآن.

ويُردُّ على المقولَتين بقوله- صلى الله عليه وسلم: «إنّ اللَّهَ تَجاوَزَ عن أُمَّتِي ما حَدَّثتْ بِهِ أنْفُسُها مَا لم تَتَكَلَّمْ أَو تَفعَل»، السؤالُ لكم ما الذي ترتبَّ عليه المؤاخذة وما الذي لم يكن فيه إثم؟ الكلام أو الفعل، أحسنت.

وما الذي رُفعت عنه المؤاخذة؟ حديث النَّفس، حديث النَّفس ليس فيه مؤاخذة.

مثالٌ آخر: لو أنَّ عبداً من عباد الله حدَّث نفسه بعد الصُّبح أن يسرق أو يزني أو يسكُر حدَّث نفسه كذا حديث نفس، خَطرات هواجس لم تتحرك بذلكم الشَّفَتان ولا اللِّسان ولم يفعل، هل عليه مؤاخذة؟ الجوابُ لا، الجواب لا ليس عليه مؤاخذة.

مثلاً إنسان رجل فكَّر في زوجته وصحِب ذلك كلام إنَّه سيفعل معها ومعها، ويفعل إذا جاء عاد من السَّفر يفعل كذا وكذا وكذا إلى غير ذلك مما تعرفون ولا يحتاج إلى ذكر هذا يعرفه الرِّجال والنِّساء، ثم أَنزَل، هذا عليه قضاء ذلك اليوم، لماذا؟ لأنَّه صحِب تفكيره ماذا؟ الكلام، حديث صحب الكلام أفعل كذا وأفعل كذا وأفعل كذا تحرَّك اللِّسان والشَّفتان.

وآخر مُجرد تفكير فقط، فقط تفكير لم يتحرَّك لسانه وشفتاه بشيء، ولكنْ مع التَّفكير أنزل، فليس عليه شيء على الصَّحيح لأنَّه لم يقُل ولم يفعل، لعلَّه بهذا وضح الحال.

وللعُلماء قاعدة يقولون: بالمثال يتضح الحال، هذا في النِّحو وغيره.

 

السؤال السابع عشر:

هذه سائلة من المغرب، تسأل وتقول: إنَّ زوجي لا يُصلي بالكُليَّة وقد نصحته مراراً وتكراراً لكن دون جدوى وهو الآن يضربني ويرفض أن أُنجب منه الولد علما أني متزوجة به لمدة ثمان سنوات ولي منه إبن واحد فقط، ويقول: يكفيني هذا الولد مع العلم أنه متزوج بأخرى وله منها أبناء فكيف التعامل مع هذا الزَّوج وهل لي الحق في طلب الطَّلاق ؟

الجواب:

هذا فاسق ولكِ الحق، ولكن لا أدري عن قُضاتكم، أنت لك الحق في طلب الطَّلاق منه إذا أثبتي بالبينة دعواك عليه.

 

السؤال الثامن عشر:

يقول السَّائل: عن حكم استخدام ماء زمزم في غُسلٍ أو وضوء أو غير الشُّرب مثل غَسل التَّمر في الحرم وغيره، واستخدام الكاسات البلاستيكية المخصصة لماء زمزم في الشَّاي والقهوة ؟

الجواب:

لا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى، ولم يحضرني في النَّهي عن استعمال ماء زمزم في غير الغُسل والوضوء، هو «طَعَامُ طٌعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمِ»، وهو شرابٌ وطهور، فلا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى.

 

السؤال التاسع عشر:

يقول السائل رجلٌ تزوج على زوجته وبعد زواجه بالثانية صار يستهزئ ويظلم الزوجة الأولى، فما نصيحتكم لهذا الزوج وكيف يكون العدل بين الزوجين؟

الجواب:

أولًا العدل بينهما في المبيت والسُكنى والنَّفقة كيفًا لا كمًّا، لأنَّ الزوجات يختلفن من حيثُ وجود الأولاد، فالتي بينه وبينها عشرة من البنين والبنات نفقتُها أكثر والسُّكنى كذلك أوسع، خلافًا لمن بينه وبينها أربعة فنفقتُها أقل وسُكناها كذلك أقل، فالعدل في هذه الحال في الكيف لا يجوز أن يُأكِّل هذه ما لذَّ وطاب من اللَّحم والفاكهة وذيك الثانية خليها مش حالك رز وصلصة ومرقة ماجي وها وبندورة وشوية، لا هذا حرام، أو هذه يبيت عندها ثلاث ليال أربع هذه وحدة ليلة، وإلا مرَّ مرور الكرام لا هذا حرام لا يجوز هذا حيف وجور، إلا إذا أعفته من بعض الأشياء، أعفته إحداهما من بعض الأمور أو من بعض الواجبات لها قلنا جزاك الله خيراً.

 

السؤال العشرون:

يقول: رجلٌ يشتغل في المصرف ويأتيه صديقٌ له لكي يُسهِّل عليه سحب الراتب للازدحام الموجود في المصرف، فيُعطي هذا الذي سحب المال بعض المال للذي يشتغل في المصرف مُساعدةً له لأنَّه يظهر له أنَّه مُحتاج؟

الجواب:

لا بأس إذا لم يكن هناك شيء مُتَّفق عليه وإنما حسب ما يجود به أرى أنَّه ما نعم من ذلك -إن شاء الله تعالى- إلا إذا تسبب في أذية الآخرين أمَّا إذا كان الأمر فيه سعة، ولم يتضرر الآخرون المنتظرون فلا بأس بذلك -إن شاء الله تعالى، وقد يوصي صديقًا له يقول: يا فلان يصعب عليَّ أن أذهب إلى المصرف لشدة الزِّحام ولكن إئتني براتبي جزاك الله خيراً مُرَّ عليَّ يواعده فيأتيه بالرَّاتب وهو يُعطيه ما تيسَّر.

 

السؤال الحادي عشر:

يقول: يا شيخ عبيد أُشهد الله فوق عرشه أني أحبكم في الله، وسؤالي: في بلادنا منحت الدولة قرضًا لكل شاب غير أن هذا القرض يُرد بزيادة فائدة واحد بالمائة وهذه الزيادة لا يدفعها المقترض بل تدفعها الدَّولة للبنك من الخزينة فما حكم الشرع في هذا؟

الجواب:

أحبك الذي أحببتنا من أجله، هذا لا عليك منه لا يضرُّك، أنت ترد المبلغ مُقسطًا دون فائدة هذه عُمولة جعلتها الدَّولة للمصرف هذا شيء بينهم وبين الله، أنت لا تتضرر من هذا لا في دينك ولا في دُنياك إن شاء الله تعالى.

 

السؤال الثاني والعشرون:

يقول: في بلدي (يُحينا) في كل سنة موسم حول ضريح، وذلك لمدة ثلاثة أيام، فيُقبل الناس من كل مكان ليشهدوا هذا التجمع كُلٌ حسب نيَّته فمنهم من يأتي للسياحة ومنهم من يأتي طلبًا للبركة وآخر يأتي مُعتقدًا أنَّ هذا الولي ينفع ويضر، والإخوة السلفيون عندنا يُغادرون البلاد حتى لا يتحرَّجوا مع من يقدم من معارفهم، فهل هذا هو الواجب في مثل هذا الحال وما الواجب على من عنده محل للتجارة، مثلاً أنا صاحب صيدلية هل يجبُ عليَّ إغلاق هذه الصيدلية في هذه الأيام أفتوني بارك الله فيكم؟

الجواب:

أولاً: هذا العمل خليط ما بين شِرك وبِدعة وهو حرام إحياءُه هذا الموسم مُحرَّم، ومن كان هو السبب في إحياء هذا الموسم فقد أحدَث في دين الله وهو تحت هذا الوعيد «لعن الله من آوى مُحدثًا» هذا من إيواء المحدثات.

ثانيًا: لا أنصح السلفيين بمغادرة البلد بل يبقون في بيوتهم، وينشرون السنة من بيوتهم مع معارفهم وفي المساجد قدر مُكنتهم.

الأمر الثالث: صاحب الصَّيدلية وغيرهم من أصحاب المتاجر وغيرهم من المحلات يبقون، لكن لا يسهمون بشيء، مثلًا يسهمون بخفيض من أجل هذا الموسم، وإنَّما يبيعون على الطبيعة كما كانوا يبيعون، وليسوا مكلفين بالتنقيب، يا هذا أنت جيت للموسم ولغيره؟ لا.

خُذ ما رزقك الله، ما ساقه الله إليك من الرزق خذه، إنسان يأتي إلى متجرك أو إلى مخبزك أو إلى صيدليتك أو يستأجر سيارتك في البلد يعني في أحياء أخرى من البَلد لا بأس، لكن إذا طُلب منك توصيله إلى الضريح فلا تقبل لا.

 

السؤال الثالث والعشرون:

يقول: هناك من يستدل بإنكار أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- على أمير المدينة مروان بن الحكم حينما قدَّم خطبة العيد على الصلاة على جواز الإنكار علنًا على الحاكم في الخُطب و المحاضرات والخطابات المفتوحة العلنية هل يصح هذا الاستدلال؟

الجواب:

الجواب أولًا أن الحديث صحيح، فهو في الصحيحين كليهما و أحديهما، لكن غفل هؤلاء المتحذلقون والمتلوثون بالخروج القَعدي عن أمور أو أغفلوها، والظَّاهر الثاني أنَّهم أغفلوها، فالأمر الأول هو قول أبي سعيد -رضي الله عنه-: «فمشيت مخاصرًا مروان» والمعنى أن كل واحدٍ من ذينك الرجلين وهما أبو سعيد -رضي الله عنه- وأمير المدينة لمعاوية -رضي الله عن معاوية وعن أمه وأبيه- وعفا الله عنا وعن مروان، كلُّ من الرجلين واضعٌ يده في خصر الأخر وهذا الصنيع من متحدثين يريدان أن لا يسمع النَّاس حدثهما مع بعضهما، هذا الأول.

الثاني: أن أبا سعيد -رضي الله عنه- لما عصاه مروان عفا الله عنا وعنه تركه وصلى خلفه واستمع خطبته وصلى خلفه، ولم يتخذ من هذا مجالًا للتشهير بأمير المدينة ذلك الوقت وهو مروان عفا الله عنا وعنه.

الأمر الثالث: هذا الحديث رواه عن أبي سعيد عامر بن سعد أظنه ولده، قال عن أبي سعيد تأملوا عامر بن سعد قال: عن أبي سعيد وذكر القصة، فعامرٌ هذا لم يسمع من حديث الرجلين شيئًا ولم يدري منه ولا عن كلمة واحدة، فلولا أنَّ الصحابي حدَّثه لم يعلم شيء، فأصبح هذا الحديث موافق لما رواه ابن أبي عاصم في السُّنة وأحمد وغيرهما وهو صحيحٌ بمجموع طرقه عن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: «من أراد أن ينصح بذي سلطان فلا يبده علنًا» – يعني لا يبدِ النُّصح-«وليَخْلُ به، وليأخذ بيده، فإن قبِلها قبِلها، وإن ردَّها كان قد أدى ما عليه» فهذا الحديث فيه من الفوائد ما يأتي:

الفائدة الأولى: السرية التامة في مناصحة وليِّ الامر حتى عن أقرب النَّاس إليه إن أمكن.

الثانيه: براءة ذمة النَّاصح على هذا الوجه الذي أفاده الحديث و أنَّه ليس عليه أن يقبل الحاكم نصيحته، برئت ذمته بهذه النصيحة السرية.

الفائدة الثالثة: أقول موافقة هذا الحديث حديث أبي سعيد الخدري لحديث أبي العاصم هذا على أنَّ النصيحة سرية، وأمر أخير أنه ليس ثمة وجهٌ يسلكه النَّاصح في تنبيه الحاكم سوى هذا الوجه، ولو كان وجهٌ آخر لبيَّنه -صل الله عليه وسلم- ومن القواعد المقررة في عِلم الأصول أنَّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة و العمل، والحاجة قاضية، فإذ لم يبين النبي -صل الله عليه وسلم- وجهًا أخر غير هذا عُلم أنَّ كل طريقٍ مسدودة إلا ما كان سرًّا.

وهناك شُبه أخرى أذكر واحدة منها وأحيل من أراد أن يستزيد على كتابنا "تنبيه العقول السليمة" طبعة الفرقان الطبعة الثانية، لقد ذكرنا هُناك شبهات أخرى كثيرة ورددنا عليها، منها: استدلالهم بقوله -صل الله عليه وسلم- «سيِّد الشهداء حمزة»، و«أفضلُ الجهاد كلمة حقٍ عند سلطان جائر»، أنا لا أبحث الآن عن صحة الحديث وضعفه فالغالب على ظني أنَّه صحيح، ولكن أنا بعيد العهد به بيني وبينه أكثر من عشر سنوات وشُغِلت عن العود إليه، ولكن أقول تأمَّلوا قال: «عند» «عند سلطانٍ جائر» يعني ظالم، فما العِنديه؟ هي التشهير في وسائل الإعلام؟ مسموعة أو مقروءة أو مرئية؟

أو هي في المحافل الدينة من ندوات ومحاضرات وخطب على المنابر؟ أم هي في مقابل الحاكم وجهًا لوجه؟ العقلاء متفقون على أن العندية هي معناها مُقابلة الحاكم، عنده يعني: مقابل له، يقول هذا خطأ، هذا حق، وأذكر موقف جيِّدًا لبعض التابعين -رحمه الله- نسيته الآن، لمَّا قُتل ابن الزبير -رضي الله عنهما- واستتبَّ الأمر لعبدالملك بن مروان طاف بالكعبة لا أدري في حج أو في غيره، وكان قد أمر الحجاج بنقض بناية ابن الزبير -رضي الله عنهما- الحجاج عاملة، وأن يبقي طولها كما ترون الآن، أو كما رآه بعضكم الآن، فلما كان يطوف عبد الملك بن مروان –خليفة-قال: قاتل الله ابن الزبير كيف يكذِب على أم المؤمنين؛ لأنَّ ابن الزبير -رضي الله عنه- فيما سلكه نحو الكعبة استشهد بحديث سأل أمه أسماء -رضي الله عنها- أسما بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- فذكرت له عن عائشة –رضي الله عنها- قول النَّبي – صلى الله عليه وسلم-: «لولا أنَّ قومك حدثاء عهد بجاهلية لنقضت الكعبة ولجعلتها على قواعد إبراهيم» الحديث، فعبد الملك -عفا الله عنا وعنه- كذَّب ذلكم الصَّحابي –رضي الله عنه وعن أبيه- فقال رجل معه يطوف كيف يكذب على أم المؤمنين، قاتل الله ابن الزبير كيف يكذب على أم المؤمنين؟ فقال ذلكم الرجل- هو يسمعه- قال: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، أنا سمِعته منها، فقال عبد الملك – عفا الله عنا وعنه- قال: لو علمت لم أنقضه، يعني لو علمت أنَّ هذا الحديث أيضًا قالته عائشة من طريقٍ آخر، لو علِمه من طريق هذا الرَّجل وغيره ما نقضت الكعبة تركتها، فَبطَل بهذا إذاً استدلال القَوم، فلا يستدلُ به على علنية الإنكار على الحكَّام ومن تفرَّع عنهم إلا رجلان، جاهل لا يعلم هذه السُّنة أو صاحب هوى.

 

السؤال الرابع والعشرون:

يقول: هل يصح الاستدلال بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِر» على المشاركة مع الحزبيين في دوراتهم وندواتهم وما شابه ذلك؟

الجواب:

أقول هُناكَ أمر تركهُ هؤلاء الذينَ يلجون كُلِ باب مُعوِّلينَ على الاستقلالية عن فهمِ السلف الصالِح فبُلوا بالتخذيل والتَّمييع والمزج والخلط، فنسأل الله العافية، فالحديث صحيح في الصَّحيحين: «وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِر» لكن ماذا فَهِم السَّلف الصَّالح؟ ويجب على كل من ينَصِبُ نفسه داعيةً إلى السُّنة وتربية المُسلمين عوامهم وخواصِّهم عليها وعلى الأقل أهل بيته أن يعوِّل على فهم السَّلف وجوبًا حتمًا لازمًا وإلا ضاع وأضاع، فما الذي يجلِّي فهم السلف لهذا الحديث؟ قال مصعب بن سعد الزُّهري -رحمه الله- وهو ابن سعد بن وقاص الصحابي –رضي الله عنه-: "لا تجالس مفتوناً، فإنه لن يُخطِئك منه إحدى اثنتين، إما أن يفتنك فتتابعه، وإمَّا أن يؤذيك قبل أن تفارقه". وقال المفضَّل بن مهلهل –رحمه الله-: "لو كان صاحب البدعة يحدِّثك في أول أمرهِ ببدعته لحذرته ونفرت منه، ولكنه يحدثك في بُدو مجلسه بالسُّنة ثم يُدخل عليك من بدعته، فلعلها تلزم قلبك، فمتى تفارق قلبك". وراجعوا بارك الله فيكم الإبانة الكبرى لابن بطة العكبري، وشرح أصول اعتقاد أهل السُّنة للالكائي وغيرهما من دواوين أهل السُّنة يظهر لكم الكثير، والخُلاصة أنَّ هؤلاء ما بُلوا بالاستدلال بالحديث على غير وجهه، وخالطوا المبتدعة وركنوا إليهم، ومالوا إليهم حتى كثَّروا سوادهم وشدَّوا أزرهم، وقوي بهم جانبهم، إلَّا لأنهم استقلوا بفهمهم للنُّصوص عن فهم السلف الصالح، فبُلُوا بالعجائب الغرائب، فانفتح عليهم باب الشَّواذ والغرائب والمفاريد، وانفتح عليهم أنَّهم انفصلوا عن إخوانهم أشياخ أهل السُّنة، فصاروا وجوه هؤلاء القَوم ونصيحتهم إلى المبتدعة من إخوانية وتبليغية، وغيرها من الجماعات الضالَّة المضلة، أمَّا السَّلفيون فهم في معزِلٍ عنهم، بل وانعكس هذا على طُلَّابِهم، فطلَّابُهم إذا قابلوا صاحب سنة هشَّوا وبشَّوا وشيخنا، ما شاء الله قلت هذا يأكل الشيخنا، هذا أظن يأكله كله ما يبقى منه شيء، لكن إذا ذهب عنه لا يدري مع ذلك البارد الميِّت ضائع المنهج، فنسأل الله لنا ولكم العافية في الدِّين والدُّنيا والآخرة وأن يثبتنا وإيَّاكم بالقول الثابت في الحياة الدُّنيا وفي الآخرة على الإسلام والسنة حتى نلقاه.

 

إلى هنا نكتفي وموعدنا اللِّقاء الأول مساء السبت إن شاء الله تعالى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري