بارك اللهُ فيكم شيخنا، السؤال السابع عشر؛ يقول: ما معنى قول الأشاعرة في القرآن "كلام الله القائم بنفسه"؛ ما مرادهم بذلك؟
هُم عندهم أن الكلام قسمان:
· قسم هو الألفاظ وحروف.
· والقسم الثَّاني ما يقوم في النَّفس من معنى، يعني الذي أردته أنت المتكلم؛ وبناءً على هذا يتفرع أصل؛ وهو أنَّ القرآن قسمان: حروف ومعاني، فالمعاني غير مخلوقة عندهم هو كلام الله، والحروف مخلوقه.
وأهل السُّنة عقيدتهم أنَّ القرآن كله كلام الله حروفه ومعانيه، فليس كلامُ الله هو الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف.
ويُردُّ على هذا القول يعني قول الأشاعرة الذي حكاه السائل، ويرادفه قول الكُلابية يقولون القرآن حكاية عن كلام الله، والأشاعرة يقولون عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله، وكِلتا المقولتين ضالة مُضلة، وكلتا الطائفتين ضالةٌ مضلَّة، وقد حكيت لكم آنفًا قول أهل السُّنة عقيدتهم في القرآن.
ويُردُّ على المقولَتين بقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إنّ اللَّهَ تَجاوَزَ عن أُمَّتِي ما حَدَّثتْ بِهِ أنْفُسُها مَا لم تَتَكَلَّمْ أَو تَفعَل))، السؤالُ لكم ما لذي ترتبَّ عليه المؤاخذة وما الذي لم يكن فيه إثم؟ الكلام أو الفعل، وما الذي رُفعت عنه المؤاخذة؟ حديث النَّفس، حديث النَّفس ليس فيه مؤاخذة.
مثالٌ آخر: لو أنَّ عبدًا من عباد الله حدَّث نفسه بعد الصُّبح أن يسرق أو يزني أو يسكُر حدَّث نفسه كذا حديث نفس، خَطرات هواجس لم تتحرك بذلكم الشَّفَتان ولا اللِّسان ولم يفعل، هل عليه مؤاخذة؟ الجوابُ لا، الجواب لا ليس عليه مؤاخذة.
مثلًا إنسان رجل فكَّر في زوجته وصحِب ذلك كلام إنَّه سيفعل معها ومعها، ويفعل إذا جاء عاد من السَّفر يفعل كذا وكذا وكذا إلى غير ذلك مما تعرفون ولا يحتاج إلى ذكر هذا يعرفه الرِّجال والنِّساء، ثم أَنزَل، هذا عليه قضاء ذلك اليوم ، لماذا؟ لأنَّه صحِب تفكيره ماذا؟ الكلام، حديث صحب الكلام أفعل كذا وأفعل كذا وأفعل كذا تحرَّك اللِّسان والشَّفتان .
وآخر مُجرد تفكير فقط، فقط تفكير لم يتحرَّك لسانه وشفتاه بشيء، ولكنْ مع التَّفكير أنزل، فليس عليه شيء على الصَّحيح لأنَّه لم يقُل ولم يفعل.
لعلَّه بهذا وضح الحال، وللعُلماء قاعدة يقولون: بالمثال يتضح الحال، هذا في النِّحو وغيره.