الحمد للهِ ربِ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا مُحمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
لقد رَفَعَ اللهُ -سُبحانهُ وتعالى- ذِكرَ هذا الشَّهر القادِم، شهْرُ رمضان، وذكرَ اللهُ في كتابِهِ ما يحضُّ المسلِم ويُهيِّجُهُ على صيامهِ طلبًا للقُربى عند الله -عزَّ وجلّ- فقال سبحانهُ وتعالى﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة : من الآية 185]، وَصَفَ -سبحانه- هذا الشهر بأنهُ شهرهُ الذي أُنزِلَ فيه القُرآن، يعني على محمدٍ -صلى اللهُ عليهِ وسلم- فإنزالُ القُرآنِ في هذا الشَّهر فيهِ منقَبتان، المنقبة الأولى تشريفُ هذ الشَّهر وتفضيله؛ وذلكم بإنزال اللهِ فيه خير كتاب على خيرِ نبي وهو محمد –صلى الله عليه وسلم- ، المنقَبة الثانيَة التنبيه إلى أنَّهُ ممَّا ينبغي المحافظة عليه والمداومة عليه، وقضاءُ الوقت فيه قراءَةُ القرآن في هذا الشهر، ﴿أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾فهذه الجُملة تَشريفٌ للشَّهرِ من ناحية، وحضٌّ على تعاهُدِ القُرآن والمُداومة على تلاوتهِ من وجهٍ آخر، وكانَ رسولُ الله- صلى الله عليهِ وسلم- أجودَ النَّاس، وكانَ أَجوَدَ ما يكون حينَ يلقاهُ جِبريل في رمضان فيُدارِسهُ القُرآن، فهو -صلى الله عليهِ وسلم- أجود بالخيرِ من الرِّيحِ المُرسَلَة، والقُرآنُ ينبغي أو يجبُ فيهِ ثلاثةُ أُمور وهي مقاصِدُه، يجبُ على المُسلِم أن يستجمعها:
الأول: التَعَبُّد لله -سُبحانهُ وتعالى- بتلاوةِ هذا القُرآن، بأن يُخلِصَ للهِ هذه التِّلاوة، ويحتسبها عنده، قال -صلى اللهُ عليهِ وسَلَم-: ((من قرأَ حَرفًا من القُرآن، فلهُ بهِ حَسَنَة، والحَسَنة بعشرِ أَمثالِها لَا أَقُولُ ألم حَرْف، ولكن وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ))، هذه يا أيُها المُسلِمون ثلاثونَ حَسَنة، فكُلما قرأ المُسلِم إذًا من آي هذا الكتاب وَسُوَرهِ فالحروفُ مُحتَسبة لهُ عند الله، مادامَ إنهُ مُحتَسِبٌ مُخلِصٌ للهِ -سبحانهُ وتعالى- تِلاوته.
الثاني: ما يُوصِلُ إلى العَمَل بهذا القُرآن على الوجه الصَّحيح السَّليم، فِعلًا للأوامِر وتركًا للنَّواهي، وتصديقًا للأخبار وهذا هو التَدَبُر، تَدَبُّر القرآن، فإنَّ المُسلِم حينَّ يَتَدَّبر القُرآن فيقِفُ عند وعدهِ ووعيدهِ، وأمرِهِ ونهيهِ وخَبَرِهِ فإنَّهُ يطمئِنُ قلبهُ وينشرحُ صدره فيزدادُ تلاوة ويزدادُ فهمًا كلَّما زادت تلاوَتهُ بقراءة القُرآنِ مع التَدَّبُر، قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾[محمد: 24] ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ هذا سؤال استنكار، كيفَ يُمِرونَّ ما أُنزل في الكتابِ الكريم مُرورًا دونَ النَظَر؟ واستعمالِ البصيرة؟ ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ فإنَّ التَدبُر هو الذي يُوصِل إلى العمل ويحمِلُ على الاحتِساب، والإخلاص ومتابَعةِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الأقوالِ والأعمال، وأثنى اللهُ- سبحانهُ وتعالى- على أهل الإيمان بقولهِ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾[الأنفال:من الآية 2]، أي خافَت، حينما تقف على الوعيد الشديد﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ [الأنفال: من الآية 2] لأنَّهم يَتَدبرونها، ليفهموا ما تَضمَّنتهُ الآيات.
المقصِدُ الثالِث: العمل، العمل بالقُرآن، وإلى هذا الإشارة بقوله -صلى الله عليهِ وسلم: ((وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ))، فمنَ كانَ القُرآنُ هاديه إلى التي هي أقوَّم وأسلَم وأحكَم، كانَ حُجَّتهُ يومُ القيامة القُرآن، ومن قرأَ القُرآن وهو مُعرِض، غيرَ مُصغٍ، لاهٍ قَلبهُ لا يُبالي بأمرٍ ولا نهي ولا بوعدٍ ولا بوعيد ولا بخبر فالقُرآن حُجَّةٌ عليهِ يوم القيامة، وفي صحيح مُسلِم عن النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ -رضي اللهُ عنه- عن النبي صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ)) -يعني في الدنيا- ((تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ، تُحاجَّانِ عَن صاحِبِهما))، فيتَحَصلُ بضميمةِ الحديثين أنَّ قُراءَ القُرآن قِسمان:
- قِسمٌ مُنتَفِعٌ بالقُرآن، مُقبِلٌ عليه، مُحتًسِبًا تلاوتهُ عندَ ربِّهِ، طالِبًا القُربَى، عامِل فهذا هو الذي حُجتهُ وشفيعهُ يوم القيامة القُرآن.
- القِسم الثاني: من هو لاه ساهٍ ، وإنَّما يُردِّد كلمات بغير تَدبر ولا عمل، فهذا غير مُنتفع في الدُّنيا، والقرآن حُجةٌ عليه غيرُ شافعٍ لهُ يوم القيامة، والحديث له بقية نتابعهُ -إن شاء الله- في اللِّقاءات القادمة التي ينظمها أخونا وتلميذنا وصاحبنا إمام المسجد الشيخ عبدالواحد، ومن معه من الإخوة الذين يعاونونه، وبهذا القدر نكتفي -وصلى الله وسلم- على نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
السؤال الأول:
يقول السائل: شخصٌ لم يصم رمضان في بعض السَّنوات التي مضت، وما ذاك إلا بسبب نقص وضعفِ إيمانه ثم تحسَّن حاله ُ واستقام والآن يسأل ماذا عليهِ في السنوات التي أفطر فيها؟
الجواب:
أولًا الحمدُ للهِ الذي هداهُ إلى الاستقامةِ، وثانيًا نبشِّرهُ بحُسن العاقبة إن شاء الله تعالى قال جَلَّ وعَلا ﴿فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَه مَا سَلَف وَأَمْرُه إِلَى اللّهِ﴾ [سورة البقرة: من الآية 275]، فهذه التوبة محى الله بها ما كان من أمره، من تفريطٍ في صيام شهر رمضان.
بقي أمر هل يقضي لا يقضي ؟ أقول: الأحوط إن كان ما فرَّط في صيامهِ أيام أو أشهر، سنة أو سنتين أو ثلاث أن يقضيها أفضل و أحوط، وإن كان لا يحصي ذلك فأرجو أنَّ الله بتوبتهِ محى عنهُ تفريطه، والله أعلم.
السؤال الثاني:
يقول السائل: أنا من الغارمين وأخذتُ الزَّكاة، لكن أنا أحتاج من هذهِ الزكاة كذلك للطعام والملابس وغيرها، هل يشترط علي تسديد ديوني فقط او اشتري ما أحتاج كذلك في معاشي؟
الجواب:
الذي يظهر لي أنَّك بين حالتين إحداهما أن يكون الدَّين فوريًّا، فبادر إلى قضائه، فنفس المرءِ معلقةٌ بدينه، وهذا حقُّ الخَلق وحقوق الخلْق مبنيةٌ على الضَّمان والمقاصَّة. الأمر الثاني أن يكون الدَّين فيه فُسحة يمكن لو أخَّرته شيئًا، وذلك لمكانك عند الدائِنين لك، فلا مانع إن شاء اللهُ تعالى أن تسدد بعضًا وتشتري بما بقي من نقود عندك حوائجك والله أعلم.
السؤال الثالث:
يقول السائل: هل يجوز الشُّرب عندما يخطب الإمام ؟ وقت الخطبة؟
الجواب:
لا بأس بذلك -إن شاء الله تعالى- سواء الإمام أو المأموم، الخطبة ليست بصلاة، ولكن أُحب أن لا يتخذ هذا عادة، وإنَّما إذا احتاج كأن يكون شَرِق، أوجفَّ حلقه وأصبح الرِّيق الذي يبتلعهُ قليلًا جداً فلا يُفتِّر الجفاف لا يُليِّن الحلق، فليشرب، فليشرب ولا بأس بذلك إن شاء الله تعالى.
السؤال الرابع:
يقول: أخت تزوجت برجل في المغرب وهذا الرجل تزوج عدة مرات وهو لا ينجب أطفال ولم يخبر هذه الأخت، فهل يجوز لها الخلع لأنَّها ترغب في الأطفال؟
الجواب:
نوصيها إن كان هذا الزَّوج من ذوي الدِّين والخُلق الكريم، من ذوي الدِّين المستقيم والخُلق الكريم أن تصبر وتحتسب الأجر عند الله –سبحانه وتعالى- وتجتهد هي وهو في الدُّعاء بأن يهب الله لهما ذريةً طيبة، فكم من امرأة تندم على الزَّواج من رجل معيِّن لسبب معيِّن ثم تقعد في البيت لا يخطبها أحد، فمكوث هذه المرأة مع ذلكم الرَّجل خيرٌ لها من أن تترمل وتبقى عند أهلها، يعفها ويصونها وكل منهما يعين الآخر على أمره لدينه ودنياه، نعم.
السؤال الخامس:
يقول: أنا طالب من المدينة ذهبت لحضور دورة علمية في جدة وفي آخر الدَّورة بدى لي أن اعتمر فهل يجوز لي أن أحرم من جدة في آخر هذه الدَّورة العلمية علمًا أني كنت أنوي سابقًا العمرة من المدينة بعد حضور الدَّورة العلمية؟
الجواب:
أنت قلت بدى لك وهذا يدل على أنَّك لم تُنشيء العمرة وإنَّما أنشأتها من جدة، فأحرم من مكانك الذي أنشأت عمرتك منه، نعم.
السؤال السادس:
يقول: أحد إخواننا من الجامعة الإسلامية الآن في بلاد يدرِّس في المسجد الحمد لله، وسأله إمام هذا المسجد أن يصلي صلاة التراويح إمامًا لأنَّه أعلم بالقرآن ولكي يعرفه النَّاس ويستفيد منه لكن العادة في هذا المسجد أنهم يصلون الوتر بعد التراويح بصفة صلاة المغرب فهل يجوز له أن يصلي بهذه الصفة علمًا أنَّ الصَّلاة بهم بصفة أخرى قد يسبب فتنة؟
الجواب:
السُّنة في صلاة الوتر الفصل، فيصلي ركعتين ويسلِّم ثم يصلي واحدة ويسلِّم، ولا يُصلَّى الوتر كصلاة المغرب لصحيح النَّهي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- ، إنَّما يعلم النَّاس فإذا رأى الإمام أنَّهم لا يقبلون قوله يصلي بهم ما تيسر ثم ينصرف ويصلي في بيته، أمَّا أن يترك سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من أجل يعني اتباع قول شاذ أو قول الرَّاجح خلافُه هذا خطأ، صحَّ عن ابن مسعود وغيره فيما أعلم أنَّهم كانوا يصلون الوتر كصلاة المغرب لكن هؤلاء يُعتذر لهم أنَّ النَّهي عن هذه الصَّلاة، صلاة الوتر كصلاة المغرب لم يبلغهم عن النبي –صلى الله عليه وسلم- وأمور كثيرة تُنسخ ولا يعلم بعض الصَّحابة نسخها وهكذا، نعم.
السؤال السادس:
يقول: كيف يخفض طالب العلم الداعي إلى الله جناحيه لمن دونه؟
الجواب:
التَّواضع، من ذلك لين الخِطاب، ووضوح الكلام، وتقريب كبار السِّن منه، والتَّلطف حين يدعوهم بما يحبُّون مثل يا أبا فلان ويا عم فلان من هذا الكلام، ويرغِّبهم ويرهِّبهم، يرغِّبهم في ما عند الله من الثَّواب على الأعمال الصَّالحة، ويرهبهم من ركوب المناهي ويستدل لذلك، ويظهر لحاضريه وسامعيه أنَّه يحب لهم الخير كما يحبُّ لنفسه.
السؤال السابع:
يقول: امرأة عجوز مريضة مرضًا لا يُرجى بُرؤه، وهي تطعم عن كل يوم تفطره مسكين، فهل لها أن تعطي هذا الطَّعام لابنتها المحتاجة حيث أنَّ زوجها لم يعطوه المرتب منذ أربعة اشهر؟
الجواب:
هو المقصود إطعام مساكين مطلقًا، وسواء كان الـمُطْعَم قريبًا أو بعيدًا، وما دام ابنتها كما وصفت في السؤال ذات حاجة فلا مانع أن تعطيها إطعام يوم، وإن كان عندها أولاد مثلًا نقول البنت وزوجها وأولادها ثمانية يكون المجموع عشرة فتعطيهم إطعام عشرة مساكين وهكذا.
السؤال الثامن:
يقول: رجل يبيع في كروت شحن الجوالات بسعر السُّوق، فإذا قلّت ونقصت كروت الشَّحن في السوق يزيد في السِّعر، فهل عمله جائز؟
الجواب:
الأصل في البيع والشراء الإباحة إلا ما نُهيَ عنه كالغِش والغرر، المُخادعة، الربا، وهذا الصَّنيع لا يظهر لي فيه شيء إلَّا إن كان من قبيل الاحتكار، يعلم أنَّ البطاقات غير موجودة فيحتكرها يشتريها من الجهة المختصة ويحتكرها حتى يشتريها النَّاس من عنده بسعر غالي من هُنا يكون حرام، نعم.
السؤال التاسع:
يقول: بعض الشباب تاركين للصلاة وهم يصومون، فهل صيامهم مقبول؟
الجواب:
عفَا الله عنا وعنهم وردَّهم إليه ردًا جميلًا، هؤلاء خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا، والصَّلاة أعظُم درجة من الصَّوم، فالصَّلاة هي عمود الإسلام، وهي ثاني أركانه بعد الشَّهادتين، والصَّيام صيام رمضان الرُّكن الرَّابع، فهم بتركهم الصلاة فسقوا كانوا فُساقًا فيجب عليهم التَّوبة إلى الله –سبحانه وتعالى-، وبفعلهم الصِّيام لعلهم إن شاء الله أنَّهم يُثابون عليه، لكن ليسوا في الثَّواب مثل الذي يحافظ على الصَّيام والصَّلاة معًا، ويُخشى عليهم أن يُسَوِّلَ لهم الشَّيطان فيتركوا الصيام ويتلاعب به، لأنَّ الشيطان يأتي الإنسان تدرجًا يتدرج به في المعاصي، نعم، وأخشى أن يكونوا يصومون عادةً أو تقليدًا، فهؤلاء عليهم أن يتَّقوا الله في أنفسهم، وأن يتوبوا إليه من ترك الصَّلاة، وأن يحافظوا على الصَّلاة، الصَّلوات الخمس في أوقاتها وفي جماعة، ويتعاهدوا الجُمعة مع المسلمين، نعم.
السؤال العاشر:
يقول: هل يجوز للمرأة العجوز أن تسافر للحج بدون محرمها؟
الجواب:
في الحديث الصحيح: ((لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مع غير ذي محرم)) وفي رواية ((مع غير ذي حرمة))، فسفر المرأة يجب عليها فيه أن تصطحب فيه المحرم أو الزَّوج وإن فعلت خلاف ذلك فهي آثمة، فجُملة ((لا يحلُّ)) هذه صيغة نهي، والأصل في النَّهي التَّحريم ويدل على أنَّه يجب على المرأة أن تسترفق في سفرها زوجها أو محرمها أنَّه حينما سمع رجل قول النبي –صلى الله عليه وسلم- : ((لا يحل لمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مع غير ذي محرم)). قام رجل فقال: يا رسول الله إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا ، قال بعضهم غزوة تبوك، فقال صلى الله عليه وسلم:((انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ)).
انظروا أعفاه من الغَزو وهذا ردٌّ على المتساهلين في تسفير أزواجهم ومحارمهم في وسائل النَّقل الجماعي أو الطَّائرة أو غير ذلك بحجَّة أنَّهم مع رِفقة مأمونة هذا خطأ فاحش.
بقي أمر هذه العجوز لا تخلو من حالات إحداها أن لا يكون لها محرم ولا زوج، الثَّانية أن يكون لديها محرم أو زوج ولكن لا يهتم بأمرها ولا يرضى أن يسافر معها، نعم ، الحالة الثالثة أن يصل بها التقدم في السِّن ولم تحجَّ حجَّة الفريضة، وتخشى أن تداهمها المنيَّة وهي لم تحج حجة الفريضة، فإذا كانت هذه الثَّلاث نعم فأرجو أنَّها لا شيء عليها تحج لأنَّ هذا ضرورة في حقها مع أن لا نقول بوجوب الحجِّ عليها، الحجُّ له شروط ومنها في حق المرأة أنَّ الحج لا يجب عليها إلَّا مع المحرم أو الزَّوج،والله أعلم.
السؤال الحادي عشر:
يقول السائل: أنا رجل مذَّاء فكيف توجَّهني فيما يتعلق بالطَّهارة لكل صلاة، وفي صلاة التَّراويح لأنه لطولها قد يخرج شيء وأنا لا أشعر ثم إنَّني بعد غسل الثِّياب ودلكها جيداً قد أجد أثره؟
الجواب:
يتوضَّأ لكل صلاة وينضح فرجه نضحًا جيدًا وينضح ما يُصيبُ من ثوبه وجسده بالماء، ولا شيء عليه غير ذلك إن شاء الله ويتوضأ لكل صلاة يعني في وقتها، ولا يستسلم للوساوس، إذا تيقَّن أنه فعل هذا فلا يستسلم للوساوس وهذا هو فرضه.
السؤال الثاني عشر:
يقول :في بلدنا شركة الاتصالات تُعطي لنا بعدد المكالمات نقاط وهذه النِّقاط لك أن تحولها رصيد في جوالك أو تأخذ في مقابلها أي النِّقاط هاتف جوال هل هذا جائز؟
الجواب:
هذا لا بأس به إن شاء الله تعالى لأن شركة الاتصالات كاسبة في هذا وهي باذله هذا من حقها فهيَّ تنازلت عنه نعم وتريد أيضًا من ناحيةٍ أخرى حث المشتركين فيها على كثرة الاتصالات، فالذي يظهر أنه لا بأس بذلك والله أعلم.
السؤال الثالث عشر:
يقول: بم تنصحون طالب العلم في هذا الشهر المبارك تجاه أهله وأقاربه؟
الجواب:
الصِّلة، صلة الرحم والسؤال عن حالهم وتفقد أحوالهم، وزيارتهم في رمضان وفي غيره، والإنفاق، الصدقة عليهم على المحتاج منهم وحضِّهم على فعل الخيرات وترك المنكرات.
السؤال الثالث عشر:
يقول السائل: شركة أعمال منازل تقوم بتقدير تكلفة المنزل من جميع النَّواحي من تخطيط البناء إلى الاستلام هذا الرقم الأول، يقول الرقم اثنين: يقوم المواطن بإبرام عقد مع هذه الشركة ويتحول العقد إلى المصرف فيتم تسليم المال إلى شركة الإعمار بواسطة هذا المصرف بطريقة الأقساط، رقم ثلاثة :ومسألة الأقساط لا يزيد على أسعار السُّوق –يعني- لأجلها، ثم قال في الأخير ما حكم هذه العملية إذا كان للمصرف نصيب وإن لم يكن له نصيب ؟
الجواب:
أنت يا صاحب الدَّار تعاقدت مع هذه الشركة لإعمار منزلك بناءه، ولست مسؤولًا عن ما سوى ذلك فيجب عليك تسديد المبلغ الذي تستدينه من الشَّركة أو المبلغ الذي يُكلِّف الشركة حسب العقد، تُسدده في أي جهةٍ تطلب منك تسديد مالها عن طريقها، سواء مصرف كان له نصيب أو ليس له نصيب هذا لا يعنيك ولست مُكلفًا به، نعم.
السؤال الرابع عشر:
يقول السائل: ما هي ضوابط التحزب ؟
الجواب:
كثيرٌ من النَّاس من يحمل وينتقد النَّاس على أي شيء حتى على وجود مقسم يحوِّل الهاتف بين شقق المنزل أو بين منزل ومرافق أخرى يُسميها حزبية، وإذا رأى أُناسًا اجتمعوا فاعتمروا سويًا وصف هذا بالحزبيَّة، فهم ينقدون الحزبيَّة ولم يعرفوا قاعدتها وضابطها، وضابط الحزبية هو ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- بما معناه أنه: "من نَصَبَ للناس رجلًا يوالي ويعادي فيه فهو من الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شِيعًا". هذا هو التَّحزُّب الاجتماع على غير ما أمر الله به ورسوله، نعم، فيوالي ويُعادي مثلاً فلانًا من النَّاس أو في جماعة غير جماعة أهل السُّنَّة ،جماعةُ أهل السُّنة نعم يوالى ويُعادى فيهم لله -عزَّ وجل- يعني يوالى من أحبَّهم ومن كان معهم ومن أثنى عليهم خيراً ويُعادى من مَقَت هذه السُّنة من مقت هذه الجماعة، هذه الجماعة جماعةُ أهل السُّنة هيَّ خاصةُ محمدٍ- صلى الله عليه وسلم- وهم خاصةُ حزب الله.
فمثلاً التبليغيون يكون العداء والولاء عندهم لجماعة التبليغ التي أنشأها محمد إلياس الكندَهلوي، وجماعة الإخوان المسلمين توالي وتُعادي، توالي من كان معهم على قواعدهم وجُلُّ قاعدتهم أو أُسُّها قاعدةُ المعذرة والتعاون، نتعاونُ فيما اتَّفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، وهكذا كل الجماعات الدَّعوية الحديثة هيَّ ضالةٌ مُضلَّة زائغةٌ منْحرفة وأكبر هذه الجماعات فيما عرفنا جماعةُ التبليغ وجماعة الإخوان المسلمين.
وأمَّا الجماعة التي يجبُ الانضواء تحت لوائها، ومحبَّةُ أهلها والذَّبُ عنهم هيَّ جماعة أهل السُّنَّة، أهل السُّنَّة والجماعة هم أهل الأثر وهم السَّلفيون وهم أهل الحديث وهم الفرقة الناجية، فالفرق الإسلامية ثلاثٌ وسبعون فرقة، الفرقةُ الناجية هيَّ فرقةٌ واحدة الجماعة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه :" الجماعةُ ما وافق الحق ".
وبقيَّةُ الفِرق وهيَّ اثنتان وسبعون فرقة كُلُّها فرقٌ ضالةٌ مُضلة مهما تكن مُسمياتًها، وعند النَّظر تجد أنَّ كل جماعة لم تؤسس على تقوى من الله، لم تؤسس على كتابٍ ولا سُنَّة بل هي مؤسسةٌ على قواعد وأصول وضعها المؤسسون لها، أمَّا الجماعةُ السَّلفية جماعةُ أهل السُّنة فلم يؤسسها أحدٌ من البشر بل هيَّ من الله -سبحانه وتعالى- أنزلها في كُتُبه على رُسله عليهم الصلاة والسلام، وانتهى الأمر إلى محمد -عليه الصلاة والسلام- هو خاتمهم فهي تدعو إلى عبادة الله الخالصة، التديُّن الخالص لله- سبحانه وتعالى- ،تدعو إلى التدين الصَّافي إخلاصًا لله واتِّباعًا لسُّنة رسوله- صلى الله عليه وسلم ،أما الجماعاتُ الأخرى فليست كما قدَّمنا ليست من الله بل هي من تأسيس البشر وآراء البشر وقواعد البشر.
السؤال الخامس عشر:
يقول: شيخنا حفظك الله؛ عندنا في مدينتي في فرنسا توقيت صلاة العشاء قبل دخول الوقت وذلك في جميع مساجد مدينتي فكيف نفعل والحالةُ هذه خصوصًا الآن مع رمضان مع صلاة التراويح مع العلم أنَّ الكثير من الشباب السَّلفيين تحققوا من هذا الأمر فوجدوه صحيح ؟
الجواب:
ناصحوا بارك الله فيكم المركز أو المسجد وبيَّنوا لهم، فإن قبلوا وصلَّوا مع الوقت المعتمد وهو غياب الشفق الأحمر فصلوا معهم، وإن كانوا صلَّوا في قبل الوقت كما ذكرت فلا تصلُّوا معهم صلوا في بيوتكم، نعم.
السؤال السادس عشر:
يذكر هذا السائل عدَّة حالات في سهو الإمام في صلاة التراويح قال، الحالة الأولى ذكرها قال :إذا قام الإمام في صلاة التراويح إلى الركعة الثالثة ؟ يعني إذا قام الإمام في صلاة التراويح إلى الركعة الثالثة، ثم قال :نبَّهه المصلون فماذا عليه أو تذكر ؟ يعني يُتابع يا شيخنا، إذا قام للثالثة.
الجواب:
يعني هذا قام للثالثة من أي صلاة؟ نوى أن تكون الصلاة مثنى؟ فإذن يجبُ عليه الجلوس للعودة ويسجد قبل السَّلام سجدتين للسَّهو، ويجب على المأموم أن يذكروه، فإذا تذكر في أثنائها رجع دون ركوع.
بقيَّ يا شيخ ،يقول: أو سلَّم عن ركعة أو جلس في التشهد عن ركعة ثم تذكر أو نبَّهه المصلون ؟
هو قال: إذا سلَّم عن ركعة هذا تسليم عن نقص عليه أن يُكمل ما نقص من صلاته، ثُمَّ يُسلِّم ثم يسجد سجدتين بعد السَّلام ويُسلم، أمَّا إذا جلس في حال القيام للثانية وذكَّره المصلون فهو يقوم ويُكمل يُتِمَّ الركعة النَّاقصة التي لم يقم لها إلا بعد التَّذكير ثم يسجد سجدتين قبل السَّلام.
جزاكم الله خيراً شيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
صلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.