من ليبيا
يقول السائل: ما حكم مخالفة ولي الأمر فيما لو أصدر قراراً لا يُعارض الشرع نرجو الإفادة؟
الذي عرفناه عن أئمتنا وعلماءِنا بل هو مقتضى دلالة الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح أن ما يصدر عن ولي الأمر لا يخرج عن أحوالٍ ثلاثة:
الأول : أن يكون طاعة لله واجباً أو مندوباً فتجب لهم الطاعة فيه ، طاعة لله ولرسوله وكذلك لو كان نهى ولي الأمر عن شيء محرم أو مكروه ، ترى أنت أنه مكروه ولا يصل إلى التحريم فيجب عليك السمع والطاعة فيه .
الثاني : أن يكون ما يأمر به ولي الأمر أو ينهي عنه من مسائل النزاع والخلاف فلكلٍ من الفريقين من علماء الإسلام أدلة تسوغُه ، تسوغ مذهبه ، فعزم ولي الأمر ومن حوله من أهل العلم على أحد القولين ، فكذلك تجب لهم السمع والطاعة فيه جمعً للكلمة .
مثال ذلك الطلاق البدعي هل يقع أولا يقع قولان لأهل العلم ، الجمهور على وقوعه وآخرون على عدم وقوعه ، فإذا عزم ولي الأمر على القول الأول مثلاً وجب علينا ، هكذا ، المحاكم يجب عليها أن تُمضي هذا لأن هذه مسألة اجتهادية ، وأنا كنت على غير مذهب الجمهور على أن الطلاق البدعي لا يقع ، لكن بعد نحو أربعين سنة توصلت إلى ترجيح القول الآخر وأن الطلاق البدعي يقع سواء كان في الحيض أو في طهر جامع زوجه فيه يقع ، هذا الذي ترجح عندنا أخيراً .
الثالث : أن يكون هذا الذي يصدر عن ولي الأمر هو معصية لله ، فهذا لا تجب لهم الطاعة فيه بل تحرم طاعتهم فيه لأنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) هذا باتفاق أهل العلم والإيمان ولكن ماذا نصنع ؟
في هذا مسلكان أو ثلاثة :
المسلك الأول : إنكار هذا في قلوبنا وإذا سُئِلنا قلنا هذا حرام .
الثاني : عدم اتخاذ هذا مجالاً للتشهير والتشنيع وإظهار غلط الحاكم على الملأ لما فيه من الفرقة والاختلاف ، والنهاية الخروج هذا هو مسلك الخوارج القاعدية .
المسلك الثالث : النصيحة لولي الأمر وهذه النصيحة يجب أن تكون سرا كما قال – صلى الله عليه وسلم –: ((من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبْدِه علانية وليخلو به وليأخذ بيده فإن قبلها قبِلها وإلا كان قد أدى ما عليه)) هذه المسألة ولله الحمد تكلمت فيها في كتاب تنبيه ذوي العقول السليمة ، فإذا وصلتكم الطبعة الثانية فهي أوفى ولله الحمد والمنة .