جديد الموقع

8881233

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعد:

فهذا هو اللقاء السابع والأربعون مع فضيلة شيخنا ووالدنا الشيخ عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري – حفظه الله وأطال عمره على طاعته وبارك في علمه وعمره وعمله وذريته - عبر موقع ميراث الأنبياء، ويُكْمِل فضيلته ما وَقَفَ عليه من شرحه لحديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- والذي نَصّه هو قول عبد الله بن عمر: أَقْبَلَ علينا رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: ((يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؛ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ))أخرجه ابن ماجه وصَحَّحه الألباني.

 

الشيخ:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بعد:

فما أظنكم أيها السامعون من المسلمين والمسلمات إلَّا أدركتم أنَّ هذا الحديث تحذيرٌ من خمسٍ من أعظم الكبائر وأَشَد المعاصي، وهي ذنوبٌ عظيمة، هذه الذنوب رَتَّبَ الشارع عليها خمس عقوبات؛ وهي عقوباتٌ دنيوية، تَحلُّ بالمسلم في دنياه قبل أُخْرَاه، والكبائر – ومنها هذه – لا يغفرها الله – سبحانه وتعالى– إلَّا بالتوبة النَّصوح، وهي التي يتواطأ عليها القلب واللسان، ومن حقيقة هذه التَّوبة وشروطها:

-                 الأول: الإسلام؛ فلا توبةَ لكافر.

-                 الثَّاني: الإخلاص لله – سبحانه وتعالى–.

-                 الثَّالث: الإقلاع عن الذَّنب بالكُلِّية؛ وهذا يستلزم هجر ما يُؤَدِّي إلى الذَّنب من الوسائل والأسباب والطُّرق، وقد استوفَينا – ولله الحمد– شروط التَّوبة في محاضرةٍ لنا نُشرتْ ضمن اللقاءات القَطَرية وبُثَّتْ من موقع سحاب، وعنوان تلكم المحاضرة "تبشير أهل الحَوْبَة بثمار التَّوبة"، فَلْيُراجعها من شاء.

فإذا تقرَّر هذا؛ فالواجب على كلِّ مسلمٍ ومسلمة اُبتُليَ بجريمةٍ من هذه الجرائم وكبيرةٍ من هذه الكبائر أن يُبَادرَ إلى التَّوبة النَّصوح قبل أن يحُلَّ به العذاب، والواقع يشهد أنَّ من العقوبات ما يقضي على المرء، فلا يَتَمَكَّن من توبة، فَيَلْقَى الله وهو غير تائب، وحينئذٍ نقول – بناءً على ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة وإجماع الأئمة – هذه الذُّنوب والآثام العظائم من عَمِلها مُسْتَحِلًّا لها وهو يعتقد تحريمها إلى آخر ما ذَكَرَهُ أهل العلم من الشُّروط، الأمور التي تجعل المسلم يَكْفُر باستحلال هذه وأمثالها: يعني إذا عَمِلَها عالِمًا عامِدًا طائعًا مُختارًا عالمًا بما توجبه جريمته من عقوبة ومع هذا يَسْتَحِلها؛ فإنَّه كافر يُخَلَّد في النَّار أبد الآباد، ومن فَعَلَها مُعْتقدًا تحريمها لكنَّه سَوَّلت له نفسه وصَدَّق عليه الشَّيطان وضَلَّه، وغلبت عليه الشِّقوة حتى يعملها فهو فاسقٌ من الفُسَّاق؛ فإن تابَ غُفِرَت له ذنوبه، فتوبة المسلم تَجُبُّ ما قبلها من الذنوب؛ الشرك فما دونه، وإن لَقِي الله على غير توبة فهو تحت مشيئة الله؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ، وجاءَت بذلكم السُّنة المتواترة عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – ومنها قوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ))، وأجمع أئمة أهل السُّنة على أنَّ من لَقِيَ الله تائِبًا من ذنوبهكُفِّرت خطاياه، ومن لَقِيَ الله دون توبة فهو تحت مشيئة الله، كما نَصَّت هذه الآية والأحاديث المتواترة.

هذا هو الوجه المُجْمَل في شرح ما تَيَسَّر من هذه الخِصَال التي حَذَّر النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – منها، واستعاذ أن يُدركها تلكم الصفوة من أصحابه – رضي الله عنهم- وهم خيرُ الأمَّة؛ خير أمة محمد – صلَّى الله عليه وسلَّم – يستعيذ نبيه – صلَّى الله عليه وسلَّم – أن يدركوها، ونحن معاشر المسلمين أدركنا ما أدركنا من هذه الذنوب والكبائر التي تسود كثيرًا من أقطار المسلمين إمَّا كُلُّها أو بعضها، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون.

الخصلة الأخرى: وهذا شروع - إن شاء الله- في الجواب المفصل، في الوجه المفصل من الجواب .

§                  الخصلة الأولى: ظهور الفواحش مُعْلَنَة، يعني بغير حياءٍ من الله ولا من صالحي عباده؛ كأنها شُرْبُ ماء عند هؤلاء المُتَهَوِّرين المستهترين الذين صَدَّق عليهم إبليس ظَنَّه حتى سلبهم الحياء من الله ومن صالحي عباده، ومن ذلكم أن تُجعل بيوتٌ للدعارة يحميها قانون من تؤويها من الحكومات المسلمة؛ فما عقوبة هذه الكبيرة؟ عقوبتها أنَّ هؤلاء المُعلنين من فواحش أنَّه تظهر فيهم أوجاعٌ، أمراضٌ لم تكن معروفة فيمن مَضَى من أسلافهم، وشاهد الحال خيرُ واعظ، فإن لم تكونوا كُلُّكم، فالكثير منكم يسمع بالإيدز والهِرْبِس الجنسي، والسَّيَلان، والزُّهري، وأمراض كثيرة انتشرت في كثيرٍ من أقطار المسلمين، وبعضها لم يوجد له علاج، ونسمع كثيرًا بين الفَيْنَةِ والفَيْنَة أمراضٌ يصعب نطقها إلَّا باللغات الأجنبية، ومِمَّا انتشر في الآونة الأخيرة، أنفلونزا الخنازير، وأنفلونزا الطيور، والكورونا؛ وغيرها من الأمراض، فهل هناك من توبة منكم أيها المسلمون حتى تُرفع عنكم هذه العقوبة؟ قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً﴾ فإذا وَقَعَ الذَّنب فإنه يعمُّ الصالح والطالح إلَّا من رحم الله، ويعم المستقيم والمُعْوَج إلَّا من رحم الله، ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾؛ هذا وعدٌ لكم مِنَ الله ولن يخلف الله وعده، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ أي :كَيْ تفلحوا وتسعدوا في دنياكم وآخرتكم.

§                  الثانية: نقص المكيال والميزان، وهذا هو التطفيف المذكور في قولهِ تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ﴿١﴾ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴿٢﴾ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾، يكتال من الناس بكيلٍ وافٍ، وإذا كان للناس نَقَص، فهذا غش، وغدر، وخيانة للأمانة.

§                  الثالثة: منع الزكاة، الزكاةُ من فرائض الله، التي من جَحَدَ وجوبها عالِمًا عامدًا، طائعًا مختارًا غير مُكْرَه مُتَذَكِّرًا كَفَر، ومن منع وجوبها تهاونًا وكسلًا مع إقرارهِ بوجوبها، فهذا فاسقٌ من الفُسَّاق، وقد صَحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم-، في حديثٍ طويل أخرجه مسلم وغيرهُ، عن أبو هريرة - رضي الله عنه-، قال: ((مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ))، ولو أنَّ أغنياء المسلمين اتقوا الله فيما يجب عليهم من حقِّ ما آتاهم من أموال وجُمَعت هذه الزكوات؛ لَنَالَ حَظَّه من أهل الإسلام كلُّ محتاج بقدر ما يتيسَّر.

§                  العقوبة الرابعة: وهي نقض عهد الله وعهد رسوله، والعقوبة تسليط الله – سبحانه وتعالى- على هؤلاء الناقضين عهد الله وعهد رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم- أعداءً من الكُفَّار، فيأخذوا ما في أيديهم وهم في غاية الذِّلة والهوان والصَّغار، الجزاء من جنس العمل، عَهِدَ الله – سبحانه وتعالى- وعَهِدَ رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى المسلمين بإخلاص الدِّين لله وحده، وإذا الكثير منهم يُشركون بالله - سبحانه وتعالى- فيستغيثون بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلَّا الله، ويُقرِّبون القَرَابين والنذور للمشاهِدِ والأضرحة ويسألونهم ما لا يُسأله إلَّا الله – سبحانه وتعالى-، يسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات إلى غير ذلك مِمَّا لا يُسأله إلَّا الله – سبحانه وتعالى- ومع هذا يُزيَّن لهم شياطين الجن والإنس فيتَّبعونهم وينساقون وراءهم ويقولون هذا من محبة هؤلاء الأولياء ومن إكرامهم، غَفَلوا عن كتاب ربهم وعن سُنَّة نبيهم – صلَّى الله عليه وسلَّم- فأبوْا إلَّا الشرك.

ومن نَقْضِ عهد الله وعهد رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم- البِدَع والمُحْدَثات، وما عَلِمَ هؤلاء أنَّ الله – سبحانه وتعالى- شَرَطَ على عباده شرطين حتى تُقبل منهم أعمالهم:

أحدهما: تجريد الإخلاص لله وحده.

ثانيهما: تجريد المتابعة لرسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم- فإِذَا أراد المسلمون أن يتحقَّق لهم ما وعدهم الله بالنَّصر والعِزَّة والكرامة والتمكين؛ فَلْيَعُودوا إلى عهد الله وسنة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم- ولْيُحَكِّموا شرعه، طِيِّبة به نفوسهم، كما قال - جلَّ وعلا-: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، ويُجانبوا الهوى والمُلَبِّسة من شياطين الإنس من مستشارين ودعاة سوء وغيرهم، فإن هؤلاء كلهم يدعوا إلى النار، والله - سبحانه وتعالى- يدعو إلى الجنة، هذه أربعٌ بأربع، أربعة آثام بأربع عقوبات، ونُتَمِّم بقية الحديث في الجلسة القادمة - إن شاء الله تعالى-، ونزيد ما شاء الله ما تَيَسَّر من الزيادة والبيان والتفصيل، والآن إلى الأسئلة.

 

السؤال:

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم، السؤال الأول -حفظكم الله- من فرنسا؛ تقول السائلة: فضيلة الشيخ اشترينا بيتًا بالرِّبا ونسكن في هذا البيت، والآن تَمَّت التوبة والاستغفار؛ فماذا يصنعون بهذا البيت لأنهم لا يزالون يدفعون الربا للمصرف؟ وهل لهم بيع هذا البيت؟

الجواب:

أقول وبالله التوفيق:

أولًا: أُبَشِّركم يا أهل ذاك الدار؛ بقوله تعالى: ﴿فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾، فَتَقَبَّل الله منكم توبتكم، ومَنَّ علينا جميعًا بالاستقامة على محابِّه ومرضاته.

وثانيًا: لابُدَّ لكم من تسديد أقساط القرض الربوي التي تَسَلَّمتموها من البنك، فلا مناص لكم؛ لأن هذا حقٌّ له.

الأمر الثالث: فيما يتعلق ببيع الدار، فهذا فيه تفصيل، أرجو أن تَتَفَّطنوا إليه جيدًا؛ وهو كذلك:

·                  أولًا: هل أنتم في غِنَى ويَسَار وسعة عيش فلا يضركم بيع هذا البيت، ولا تلجئون بسببه إلى أن تكونوا عالة على الناس أو تدفعون أجرة باهظة؟

·                  الحالة الثانية: أن تكونوا لَسْتُم في غِنَى، ولكن يتوفَّر عندكم من قيمة الدَّار إذا بيعت ما يُمَكِّنكم من شراء بيت ولو كان أقلَّ منه.

·                  الحالة الثالثة: أن تكونوا مُعدَمين وذوي حاجة، فلو بعتموه لَصِرتم عالةً على الناس، أو لجأتم إلى الاستدانة مُقابل شِرَاء بيت بثمنٍ باهظ لا تقدرون عليه، أو هجرة تُكَلِّفكم ما لا تقدرون عليه.

-                 فالحالة الأولى: وهي في حال إذا كنتم أغنياء ولا يضركم، لأن عندكم من الغنى وسعة الرزق ما لا تحتاجون معه إلى أحد؛ فبيعوا هذه الدار، وسَدِّدوا أقساط البنك، تَخَلَّصوا منه.

-                 الحالة الثانية: وهي حينما تكونون لستم في غِنى، لكن يتوفر معكم من قيمة الدار التي تبيعونها ما لا تحتاجون معه إلى أحد، إمَّا شراء بيت أو استئجار ولا يضركم لأن عندكم من طرق الكسب ما يُغنيكم ونحو ذلك، بيعوا هذه.

-                 الحالة الثالثة: إذا كان هذا يُلجئكم إلى العَوَز، والحاجة؛ فيُلْجِئكم ذلك إلى الاستدانة، استدانة مال كثير يصعب عليكم سداده فاحتفظوا به وسارعوا في تسديد أقساط البنك.

هذا ما أنصحكم به، والله أعلم.

 

السؤال:

أحسن الله إليكم شيخنا، يقول السائل - وهو من قبرص التركية-:هل عليَّ إثم إن لم أوقظ زوجتي للصلاة حيث إِنَّها تُعاني من آلام الوحم ولا تستطيع النوم في الليل، وعند النهار تغفو عن صلاة المغرب أو صلاة الفجر، وأنا أوقظها للصلاة ولكن لا تقوم بسهولة، وعندما أذهب ترجع للنوم؛ فماذا عليها؟ وهل يجوز لها جمع الظهر والعصر والمغرب والعشاء؟

الجواب:

أولًا: هذا من النصيحة لزوجه، ذَكِّرها، ولا تُشَدِّد عليها، أعِنْها، لأنِّي فهمت من سؤالك أنَّها مضطرة إلى هذا النوم.

ثانيًا: إذا كان الأمر كما ذكرت، وقد فهمت من سؤالك أنَّها لا تتمكن من الصلاة في كُلِّ صلاة في وقتها؛ فلا مانع - إن شاء الله- أن تجمع بين الظهر والعصر ولو في أول وقت العصر جمع تأخير أو تجمع بينهما جمع تقديم، كذلك المغرب والعشاء، تجمع بينهما جمع تقديم أو جمع تأخير كما تَتَمَكَّن من ذلك، فهذا هي مضطرةٌ إليه، والحمد لله الذي رفع عن أمة محمد - صلَّى الله علية وسلَّم- الحرج ببركة ما أنزله على نبيه - صلَّى الله علية وسلَّم- من هذا (..).

 

السؤال:

وهذا السائل من فرنسا، يقول: ما حكم قتل الدجاج باستخدام الكهرباء؟

الجواب:

هذا من الوقذ، فالدجاجة القتيلة بهذا موقوذة، ولا يحلُّ أكلها.

 

السؤال:

أحسن الله إليكم، وهذا السائل من تونس؛ يقول: هل يجوز لي أن أعدل عن المذهب المالكي إلى الحنبلي؟ علمًا بأنَّ المذهب السائد في بلدنا تونس هو المالكي، وهل يُعَدُّ ذلك من التفرقة؟ وما هي المتون المعتمدة في الفقه المالكي؟ وما هو أفضل شرح للمُوَطَّأ؟

الجواب:

أولًا: أنا لا أدرى عنك، فأنتَ مجهول الحال والعلم عندي، والانتقال من مذهب إلى مذهب حسب ما عَلِمنا هو من العلماء المجتهدين، الذين إذا انتقلوا إلى مذهبٍ آخر انتقلوا باجتهادهم لأنَّ هذا المذهب أفضل، فإن كنت أنتَ من العلماء الكبار ... تنقَّل، أمَّا إن كنت من عوام المسلمين فتبقى على ما أنتَ عليه حتى يُهَيِّئ الله لكَ من العلم ما يُمَكِّنك من الانتقال إلى المذهب الحنبلي كما ذكرت.

ثانيًا: يحضرني من كتب المالكية الموطأ وهو أعلاها، كذلك المدونة لسحنون، والمنتقى للباجي، هناك كتب أخرى كثيرة، أمَّا المختصرات فلا أعلم إلَّا مختصر الخليل، والله أعلم، علماء المالكية أعرف بالمُطَوَّلات والمُختصرات.

وما هو أفضل شرح للموطأ؟

أنا لا أعرف ....... ولست أيضًا يكثر اطلاعي عليه، لكن يسأل عليه مذهب المالكية في .. ، علماؤهم الكبار يدلُّونه.

 

السؤال:

أحسن الله إليكم شيخنا، وهذا سائل يقول: عَمِلت عملية جراحية في الحنجرة أزالوا لي الحنجرة والحبال الصوتية وأنا أقرأ القرآن وأُصَلِّي بِعَيْنِي ولا أقدر على تحريك شَفَتَيْ؛ فما حكم ذلك حفظكم الله؟

الجواب: 

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يخلف لكَ خيرًا مِمَّا أخذه منك، وأن يَمُنَّ عليك بالصبر واليقين، ويثيبك على ما أصابك فاحتسب ذلك عند ربك، قال - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ- يعني تعب- وَلَا وَصَبٍ - أي: وجع- وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ)).

وثانيًا: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، وأنا أسألك الآن أقول: هل تستطيع أن تُؤْمِيَ برأسك تُشير إشارة؟ فإن كنت تستطيع فأشِر برأسكفي الركوع والسجود؛ واجعل سجودك أَخْفَضَ من الركوع.

بَقِيَت قراءة القرآن اقرأهُ في قلبك، وإذا كنت تقرأ من المصحف فاجعل نظرك على الآيات مع قلبك، وأسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يُلهمك الصبر ولا يحرمك من الأجر، والله أعلم .

 

السؤال:

أحسن الله إليكم شيخنا، وهذا سائل من فلسطين يقول: السلام عليكم، ما حكمُ تسمية الابن البِكر على اسم الوالد، وهل تركُ ذلك من العقوق؟

الجواب:

أولًا: لا بأس بذلك، فإذا وُلِد له ولد وسَمَّاهُ باسم أبيه فلا مانع من ذلك – إن شاء الله-، ثمَّ هنا أمر وهو جوابًا على قولك "وهل ترك ذلك من العقوق؟" هذا فيه تفصيل:

الحالة الأولى: فإن كان الوالدُ حيًّا وألحَّ بذلك فَسَمِّه باسمه، وإن كان يتأثر ولا يغضب فسَمِّه باسم آخر من أسماء المسلمين.

الحال الثانية: أن يكون الوالد غير موجود – متوفَّى-، فهذا يستوي فعله يعني تسميتك ولدك البِكر باسم أبيك وترك ذلك، ولا يُقَال إن تركه عقوق، والله أعلم.

 

السؤال:

أحسن الله إليكم شيخنا، السؤال السابع من المغرب، يقول السائل:أَشْعُر بالاحتلام بعض الأحيان وعندما أستيقظُ من النوم لا أجدُ في ثوبي أثرًا للمَنِي؛ فهل عليَّ الاغتسالُ أم لا؟

الجواب:

يجبُ أن تعلم أنت ومن يستمعُ؛

أولًا: أنَّ الاحتلام الموجِب للغُسل هو الذي يَعْقبهُ المني، وإن لم تحس بدفقه، لأنَّ النائم قد لا يشعُر بالدفق و..، ولكنه إذا قام ووجد المني وآثار المني وَجَبَ عليه الغُسْل.

وثانيًا: مفهوم هذا: أنَّه لا غُسْلَ على المحتلم إذا لم يجد آثار المني؛ والدَّليل على ذلك ما في الصَّحيحين أنَّ أم سُليم – رضيَ الله عنها – جاءت إلى رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقالت: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم-: إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ))؛ ومفهومه: أنَّ المُحتلم إذا لم يرَ المَنِي وأثره في ثيابه فلا غُسْلَ عليه.

 

السؤال:

أحسن الله إليكم شيخنا، هذه السَّائلة من ليبيا؛ تقول: لي صديقة ذهبت إلى مركز حجامة للعلاج من سحر التَّصفيح، في آخر جلسة أعطوها التَّالي: عسل بالقسط البحري، والسَّنا المَكِّي، وبخور ذو رائحةٍ غريبة، وطلبت منها الحَجَّامة أن تقرأ فيهم لوحدها سورة البقرة والفاتحة والمُعَوِّذات وسورة الكافرون، وهي تسأل عن البخور؛ فهي لم تجد من ذكره كعلاجٍ للسِّحر في الرقية الشرعية، وتسأل كذلك هل تقرأ هذه الآيات التي ذَكَرتها الحَجَّامة؟

الجواب:

يظهر لي أنَّ هذه الحَجَّامة خَلَطَت عملًا صالحًا وآخر سَيِّئًا، خلطت حقًّا بباطل؛ فأنا أُحَذِّر من هذه الحَجَّامة، أقل ما يُقال إِنَّها جاهلة، إن لم تكن مشعوذة، صاحبة شعوذة وخُرافة ودَجَل وشركيات.

ثانيًا: الرُّقية الشرعية؛ هناك رقية عامَّة، وهناك رقية خاصَّة بالسِّحر؛

-                 فالرقية العامَّة: تشتمل على فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة مع سورة الإخلاص والمعوَّذتين، إلى جانب الأدعية الصحيحة المأثورة عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – ومنها أنَّ من اشتكى شيئًا وَضَعَ يده اليُمنى على مكان الألم ويقول: بسم الله ثلاث مَرَّات، ثُمَّ يمسح ويقول: "أعوذ بالله وقدرته من شرِّ ما أُحاذر" سبعًا، وهناك أدعية مذكورة، يُمكن أن تُراجعي صحيح الكلم الطَّيِّب لشيخ الإسلام بن تيمية، والصحيح هو للشيخ ناصر – رحمه الله-؛ الكلم الطَّيِّب لشيخ الإسلام ابن تيميّة وصحيحه للألباني – رحمه الله – فإنَّه مفيد.

-                 وأمَّا الرُّقية المتعلِّقة بالسِّحر – وهي رقية خاصَّة – فإنَّه ينضمُّ إلى ما ذَكَرنا آيات السِّحر؛ قراءة آيات السِّحر في البقرة والأعراف ويونس وطه، مع التوكِّل على الله – سبحانه وتعالى –، وتفويض الأمر إليه، واللُّجوء بالدُّعاء، وليكن الرَّاقي إن استطاع المريض أن يرقي نفسه فبها ونعمت، وإذا لم يستطع فَلْيَخْتَر راقيًا، فإن كانت امرأة تُفَتِّش عن امرأةٍ صالحة تظهر عليها السُّنَّة، والرَّجل يُفَتِّش عن الرجال، فإن لم توجد امرأة فلا مانع أن يرقي المرأة رجلٌ من الصَّالحين الذين تظهر عليهم السُّنَّة بحضور محرمها أو زوجها، والله أعلم.

وبهذا القدر نستأذن الدكتور، وصلَّى الله على نَبِيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وقد قَرَأَ عليكم الأسئلة هذه الليلة - نيابةً عن تلميذنا وصاحبنا وأخينا أبي زياد خالد بن محمد بن عمر باقيس- صاحبنا وتلميذنا وأخونا الدكتور محمد بن غالب بن حسان العمري.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري