الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، في مُحْكَم الكتاب الكريم يقول الحقُّ- جل وعلا- : ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء:69] في هذه الآية تسليةٌ عظيمةٌ لكلِّ مسلم ومُسلمة مَنَّ الله عليه بالسُّنة، حينما يرى ويستوحِش ويُحسُّ بالغُربة؛ لكثرة مُخالفيه، وقِلَّت مُوَافقيه، وإيضاح ذلكم أنَّ هذا المستوحش لما ذُكِر من قِلَّت الرَّفيق في الطَّريق الذي مَنَّ الله عليه بسُلوكه، يتذكر أنَّ رفاقَه أربعة، هم خِيَارُ عِبَاد الله في كل زَمان ومكان. أربع أصْناف تزول بها الوحشة، وتُؤْنَسُ بتذكرهم الغُرْبة، وتَقْوَى بهم العزيمة، ويشتد بهم الأزر.
- الصنف الأول: النَّبيون- عليهم الصَّلاة والسَّلام- فما من نبي إلا وله أتباع ومخالفون، والمخالفون أكثر.
- الثاني: الصِّديقون جمع صدِّيق، وهو المُبالغ في الصِدق والتصديق، لم يُخَالط قلبه شك في أنَّه على حق.
- الثالث: الشُّهداء جمع شهيد، وهم كل من مضى في سبيل الله- سبحانه وتعالى-، جهاد حقٍّ وصدق، جهاد على الإسلام والسُّنة.
- الرابع: الصَّالحون جمع صالح، وهو كلُّ من جمع الله له في عمله بين الإخلاص لله والمتابعة لرسوله – صلى الله عليه وسلم-، وأولئكم أعني الصالحين هم النائلون قَبُولَ أعمالهم عند الله-سبحانه وتعالى-.
وأذكر من الكلمات الجميلة، والوصايا البديعة وصيتين:
- إحداهما: عن الفضيل بن عياض-رحمه الله- قال: "عليك بِطُرُقِ الهُدى ولا يضُرك قلة السَّالكين، وإيَّاك وطرق الضلاله ولا تغتر بكثرة الهالكين".
- الوصية الثانية: عن الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب-رحمه الله- استنبطها من حديث عَرْض الأُمم على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيه رَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطَ - وفي رواية الرُّهيط-، ((وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ)) استنبط الإمام-رحمه الله- من ذلكم الحديث لا سيما هذه الجمل قال: "عُمق هذا العلم، فإنَّه لا يجوز الاغترار بالكثرة، ولا الزُّهد في القله" أقول لأنَّ العبرة بإصابة الحقِّ، والسَّير عليه، فمن كان على الحقِّ فهم خاصَّةُ الله ورسله- عليهم الصَّلاة والسَّلام- وإن كان رجلًا واحدًا، وأمَّا المخالفون للحقِّ وإن كانوا بالملايين فلا عبرة بكثرتهم.
والنَّاظر في واقع حال المسلمين فإنَّهم أقلُّ النَّاس، النَّاظر في حال المسلمين اليوم النَّاظر في واقعهم يرى أنَّهم بالنِّسبة للكُفَّار هم أقلُّ النَّاس، والنَّاظر إلى أهل السُّنة في المنتسبين للإسلام يجدهم أقل المسلمين.
هذا ما فتح الله به ويسَّره لنا في هذا اللِّقاء الذي نسأل الله أن يجعله مباركًا علينا جميعًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.الأسئلة، تفضَّل، لو رقمتم الأسئلة يكون طيب:
السؤال الأول: بارك الله لكم شيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين، يقول السائل كما تعلمون فترة الإجازة تمتد ثلاثة أشهر، وفي الغالب في شهر شوال يقلُّ عدد الطلاب في الجامعة والحرم، وكذا تقل الدُّروس، فهل الأفضل أن يُبَكِّر في الرُّجوع إلى البلد، ويبكر في العودة إلى المدينة؟ وهل يُعْتَبر الطالب حال أهله مع العلم أن بيئته قد تكون شبه خالية من طلاب العلم، بل من السَّلفيين؟
ما فهمت المراد من السؤال! لكن أقول هذا ليس بغريب فالواجب على طالب العلم الذي جمع الله له بين ما تيسر من العِلم ومسَّكَهُ بالسُّنة أن يُعَلِمَ قومه ممَّا علمه الله، وأن يدعُو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأنْ يجتهد، وأنْ يحب للنَّاس الخير كما يحبه لنفسه، وأن يجتهد في بيان الحق والدعوة إلى الله ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة:286]، وليعلم أنَّ من قَبِلَ منه كان له في ذلكم الأجْر العظيم، فله أجره وأجر من قَبِلَ منه، واستمع إليه، وهداه الله على يديه، قال- صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب-رضي الله عنه- لما أَمَّرَهُ على الجيش في خيبر قال: ((لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ)).
السؤال الثاني :يقول السائل شيخنا حفظكم الله يوجد في بلدنا دُعاةُ ضلالة من دعاة الصُّوفية الذين يدعون إلى الاستغاثة بالقبور ونحو ذلك من الأمور الشركية, السؤال بعضُ الشباب يُكفِّرُهم فيقولون هؤلاء رؤوس ولا يُحتاج أن نرجع إلى أهل العلم في تكفيرهم ؟
هؤلاء لهم حالتان :إحداهما: أن تكون بلَغته الحُجَّة الرسَّالية وفعل ذلك عن علم وعمْد واختيار وقُدرة على ترك ذلك, أقول عالم عامداً مُختاراً قادراً على أن يعتزل ذلك مَنَّ الله عليه بالقُدرة التي يتخلصُ بها بأن ينأى بنفسه ينأى بدينه عن هذه الطُّرق الضَّالة فهذا كافر, كافرٌ ولا شك.
الثاني :من لم تبلُغهُ الحُجَّة نشأ في علماء سوء وعُلماء ضلالة وطُغاة فهذا تُبين له الحق ويُنَاصَحُ ويجتهد في نُصحه العلماء وطُلَّاب العلم المؤهلون الذين يُحسنون الخِطاب ورد الجواب والدَّعوة إلى الله -عزَّ وجل- بالحُجَّة النيَّرة فإن استقام واهتدى فهو منكم وانتم منه, وإنْ أبى ولجْلج فهو كسابقهِ هذا أمر .
وليعلم كُلُّ مسلمٍ ومُسلمة أنَّ أهل السُّنة يُفرِّقون بين الفِعل والفاعل وبين القول والقائل ويُفرقون بين الـمُعيَّن وبين العموم، فعلى سبيل العموم فهم يحكمون بِدِلالة الشَّرع حسب ما دلَّ الشرع فيقولون مثلاً المشْركُ كافر، تارك الصَّلاة جاحداً كافر، القاذفُ فاسق شاربُ الخمر مثلاً فاسق، لأنَّ الشرع دلَّ على ذلك وهكذا، والاحتفالُ بالمولد بدعة، التَّحلُّق والذكر الجماعي بدعة وهكذا وفق دلالة الشرع, هذا من حيث الحُكم على العُموم أما الُحكم على الـمُعيَّن فإنَّه لابد فيه من أمرٍ آخر وهو اجتماع الشروط أعني انطباق الوصْف عليه لابدَّ له من أمرٍ آخر وهو انطباقُ الوصْفُ عليه .
وكيف يكون انطباق الوصْف على الـمُعين؟ يكونُ ذلك باجتماع الشُّروط وانتفاء الموانع هذه يعرفها أهل العلم وطُلَّابه المعيَّنون وهذا له شروط بُسِطت في غير هذا الموضع فليُراجعها من شاء .
السؤال الثالث :حفظكم الله خيراً شيخنا وبارك فيكم، يقول السائل إذا اعتمر المرءُ في أشهر الحُرُم هل يكون إذا أراد الحجَّ هل يكون مُتمتعًا؟
هذا له حالتان : الحالةٌ الأولى: كما ذكر السائل اعتمر في الأشهر الحُرُم وهو ناويًا الحجَّ فالذي يترجَّحُ لدينا أنَّه مُتمتع سواءًا أقام بمكة، أو كان في أقرب المواقيت من مكة، أو رجع إلى أهله، هذا هو الرَّاجح عندنا وهذا إشارة منِّي إلى أنَّ المسألة فيها أقوال .
الحالة الثانية :أن يعتمر غير مُريدٍ للحجِّ وإنَّما طرأ الحجُّ عليه بعد, فهذا إنْ أراد الحجَّ مُتمتعًا اعتمر عُمرةً أخْرى وإن أراد مُفردًا فله ذلك، يعني يُحرم بالحجِّ .
السائل :يا شيخ لعل السائل يريد أشهر الحجَّ ما يقصد الأشهر الحُرُم لأنه يدخل فيها رجب ؟
أشهر الحجُّ نعم, هو قال الأشهر الحُرُم, وأنا بنيت على قوله الصَّحيح كما ذكرتُ بارك الله فيكم أشهر الحج شوال وذي القعدة وتسعة أيام من ذي الحجَّة .
السؤال الرابع: حفظكم الله شيخنا وبارك فيكم، يقول السائل: كُنتُ في معهدٍ لتعلم القِراءات وعلوم القرآن ثم خرجتُ منه لكون المُدرِّسين من أهل البدع ولا أعرفُ سلفيًا في المعْهد فخشيتُ على نفسي منهم لكن أبي غَضِب مني وهم يرغبون في عودتي فما نصيحتكم شيخنا بارك الله فيكم؟
وهذا على وجهين:
أحدهما :أن يكون أولئك المدرسون دُعاة إلى البدع يُقرِّرُونها ويُدخلونها في كل شيء مما يعلمونه للنَّاس، فأنت أحسنت في كونك تخرج من ذلك المعهد وبلِّغ أباك مني السَّلام وأنه لا طاعة له في أمْرك بالعودة إلى ذلك المعهد؛ لأنَّه معصية وأنت قد خشيت على نفسك ولك ذلك .
الوجه الثاني: أن لا يكونوا دُعاةً إلى بِدَعهم ,هم في أنفسهم مبتدعة لكن لا يدْعون إليها حال التَّدريس ولا يُقرِّرون شيئًا من بدعهم ولا يُدخلونها فلك أن تعود إلى المعهد, لكن لا تُخالطهم في اجتماعاتهم الخاصَّة، يعني اجعل تعاملك معهم حين الدِّراسة في المعْهد فقط، ولعل الله يُيسُّر لك مدرسة سلفيه والقائمون عليها سلفيون فتأنس بهم ويأنسون بك.
السؤال الخامس : بارك الله فيكم شيخنا هذا السؤال الخامس يقول السائل :إذا وقع الشَّخص في ناقضٍ من نواقِض الإسْلام كالاستهزاء بالدِّين فهل تحبط أعماله ونأمره بعد ذلك بإعادة الحجِّ مثلاً ؟
هذا فيه تفصيل فيُقالُ أولاً :لاشك أنَّ الـمُكفِّر مُحبطٌ للعمل مُحبطٌ لما قبله من العمل، فعليه التوبة النَّصوح ويُعلن براءته مما ينقض دينه, لابد من هذا .
ثانيًا :بعودته إلى الإسلام ينْجبُّ ما قبل ذلك .
الأمْر الثالث :لم يُبين السائل متى ارتد وإنما قال حتى الحجَّ أو نحو ذلك, نقول :إن ارتدَّ بعْد يوم عرفة، يعني وقف عرفة وهو على الإسلام ثم ارتدَّ بعد ذلك فلا شك أنَّ حجَّه حابط، وعليه بعد التَّوبة الشهادتين أن يعتمر, يؤمر بالعُمرة وإنْ ارتدَّ بعد الإحرام فيؤمر بالتوبة والشهادتين كما أسلفنا و يعود للإحْرام من جديد, يعود إلى ما أحرَّم به سواءً كان بعُمرة أو بحجٍّ وعُمرة وقِران أو بحجِّ وهو الإفراد .
السؤال السادس : يقول السائل :غفر الله لشيخنا وللجميع, يقول أخي الكبير يُصاحب المبتدعة فهل يجوز لي أن أصْل رحمة علماً بأني مُسافرٌ ليس لي إخوةٌ في المدينة غيره وجزاكم الله خيراً؟
أنت قلت يُصاحب, الصُّحبة تختلف، نعْم نحن نأمر المُسلم أن يُفاصل المبتدعة لكن قد يُبتلى يكون معهم في تجارة في أعمال أُخْرى ليس لها علاقة بالدِّين وهو على سُنَّة فهذا يُنصح بأن لا يُخالطهم زيادةً على ذلك, مُخالطة ممازجة مُضاحكة، ومخالطة لا يتمايزُ فيها عنهم يُنصح بهذا ويُخشى عليه, وأنت لم تقل بأنَّ أخاك مُبتدع، حتى لو كان مبتدع صلة الرَّحم واجبة علَّ الله عزَّ وجل أن يهديه للسُّنة .
قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ))هذا في المتَّفق عليه، وفي لفظ البُخاري قال : ((لكن لهم رحمٌ أبلُّها ببلالها)) فصِلْ رحِم أخاك وهذا كونك تبرُّ أخاك كما ذكر أخونا وتلميذُنا وحبيبُنا وخطيبُنا اليوم الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البُخاري جزاه الله خيرًا سمعتم ما قاله في خُطبتهِ ووعيتموه ولله الحمد ولا مزيد لنا على ذلك .
السؤال السابع :جزاكم الله خيراً ونفع بكم يقول السائل :ما حُكم السفر إلى بلاد الكُفر من أجل الإقامة هناك لطلب الرِّزق ؟
هذا لا بأس به إن شاء الله تعالى لكن نوصيك بأنْ تكون علاقتُك بهؤلاء الكُفَّار علاقة عَمْل هذه أول وصية.
الثانية :أظهر محاسِن الإسلام من صِدق الحديث وإنجاز الوعْد والوَفاء العَهد وحُسن الجوار إلى غير ذلك من الأعمال الطَّيبة .
وثالثاً : التمس أهل الإسلام والسُّنة وصاحبهم واسْتأنِس بهم في تلك البلاد واعْزم على العودة إلى بلدك المُسلم حينما يُوسِّع الله عليك رزقُك, حافظ على نفسك وعلى أهلك وأولادك محافظة قوية، ولا تغْفل عنهم خشيت أن يقعوا في شِراك الكُفَّار عن طريق الشَّهوات أو الشُّبُهات.
السؤال الثامن: يقول السائل :أحسن الله إليكم لي أُناس من عشريتي يعملون هنا في المملكة وقد زرتهم عِدَّة مرات فرأيتهم مُقصرون في الصلوات ويُصلُّون كذلك في محلِّ عملهم وقد نصحتُهم لكن دون جدوى, فهل يجوز لي زيارتهم والأكلُ معهم؟
لا مانع من ذلك إن شاء الله، وأنت لم تُفصِّل قد يكون الحال يفرضُ عليهم أن يُصلوا في أماكن عملهم, لا ندري عن حالهم، لكن تعهدهم بالزِّيارة وحُضَّهم على صلاة الجماعة إذا تمكنوا من ذلك، يعني يكونوا يسمعون النِّداء الـمُجرَّد دون مكبر صوت، ويُمكنهم الوصول إلى المسجد قبل فوات الصَّلاة أحسِن صُحبتهم وارفق بهم وألِن الخِطاب لهم، نعم.
السؤال التاسع: بارك الله فيكم شيخنا، يقول السَّائل بارك الله فيكم ما نصيحتكم وتوجيهكم لمعلِّمي ومحِّفظي طُلاَّب مراكز التحفيظ خلال هذه الإجازة الصيفية وجزاكم الله خيراً ؟
يجبُ أولاً على المسؤولين عن هذه المراكز أن يتحَروا في القُرَّاء من هو صاحب سُنَّة, فيجلبوه إلى مراكزهم, وأنْ يبتعدوا عن المُتلوِثَة بالحِزبية والبِدع فإنَّ هؤلاء خَطر على الناشئة, ويشتدُّ خطرهم حين ينْفردون بهم في الرِّحلات، فإنَّهم يبثون ما لديهم من الصَّوارف عن الحقِّ ويشتدُّون في الدعوة إلى البدع .
ثانيًا :على الـمُحفِّظ والـمُدرِّس للقرآن أن لا يغْفل عن تعليم الطُّلاب السُّنة فإنَّ الصَّحابة –رضي الله عنهم – أخذوا عن النبي صلى الله عليه وسلم القُرآن والسُّنة معًا ولم يكن ثمَّة تفريقٌ بينهما لأنَّ الكلَّ وحيٌّ من الله - عزَّ وجل, وكثيرٌ من الأُمور جاءت في القُرآن مُجملة فبيَّنتها سُنَّة النبي- صلى الله عليه وسلم ,من ذالكم الوضوء والصَّلاة والتيمم والحجَّ وأمورٌ أخرى, فكون المركز قد يقتصرُ على القراءة فقط دون تعليم النَّاس السُّنة هذا خطأ وخطر, بل يجب عليهم أن يضُمُّوا إلى ذالكم متون في الحديث والعقيدة والفقه، متون خفيفة ويكون الشَّرح فيها مُيسر بقدر ما يتيسر من الوقت والله أعلم .
السؤال العاشر : حفظكم الله شيخنا وبارك فيكم، يقول السائل :يا شيخ حفظكم الله ما نصيحتكم لطالب العلم الذي يُريد أن يدرس علم الفقه، هل يدرس على طريقة المتون الفقهية كالزَّاد أو الزُّبد أو الرِّسالة من أبي زيد, أم على طريقة المتون الحديثية كبلوغ المرام والمنتقى ؟
هذا هو الأصْل فيما علمناه دراسة كُتب الحديث حتى ينضم إلى قاريء القرآن السُّنة، تنضم السُّنة إليه, لكن لو درَّس متنًا فقهيًا فعليه أن يُرجِّح الرَّاجح من الأقوال بالدَّليل, بالدليل من القرآن ومن السُّنة ولا يُدرس الكتاب مُجرداً .
السؤال الحادي عشر: شيخنا يقول السائل :هل يجوز للإنسان أن يعتمر أو يحُجَّ ويجعل نيَّته عن جميع المسلمين ؟
هذا ليس له نظير فيما أعلم, يحُجُّ عن نفسه, قد تكون الحَجَّة فريضة وقد تكون نافلة فيتزوَّد هو بالحجَّ، ولم أعلم انه يجوز هذا الأمر، لم أعرف له دليلاً من كتابٍ ولا سُنَّة وإنَّما الذي عرفناه الأُضحية يجوز للمُسلم أن يُشرك والديه وأقاربه والفُقراء ممن يعرفهم ويُحبُّهم.
السؤال الثاني عشر: جزاكم الله خيراً شيخنا ونفع بكم, يقول السائل :أحسن الله إليكم بعضُ الشباب يقول تعرفوا على المشايخ واجعلوا المشايخ يتعرَّفُ على أسمائكم لكي عندما ترجعوا إلى البلاد يُزكُّونكم, فما توجيهكم بارك الله فيكم؟
هذا لا بأس به بل أراه حسنًا، يعرف مشايخه الذين يتربَّى لديْهم على العِلم على الفِقه في الدين وعلى السَّمت الحسن ويُعرِّفهم على نفسه لأنَّ كثيرًا من النَّاس لا يُعرف، وهذا في الحقيقة حسب القِلَّة والكثرة؛ أحيانًا يكثر العدد يصل المئات ويعسر على الشيخ أن يتعرف عليهم وهم قد يعسُرُ عليهم أن يُعرفوا أنفسهم على الشيخ, لكن لابد تكون واسطة من الفُضلاء من زُملائهم الفُضلاء يُعرِّفونهم على المشايخ وحتى إذا احتاج طالب العلم تزكية زكَّوه, زكَّوه في علميَّته وعقيدته ومنهجته فتكون هذه عونًا له على قومه فيأنسون به لأنَّ من زُكِّي هو لا شكَّ في أنَّه خيرٌ ممن يُزكى ولا نشترطُ ذلك, لا يُشترطُ في طالب العلم الذي يدعو إلى الله أن يكون مُزكَّى لكن هذا حسن، لو توفر وتيسر فهو حسن، نعم.
السؤال الثالث عشر : بارك الله فيكم شيخنا ،امرأة تسأل تقول :نسيت يعني قضت ما فاتها من صِيام رمضان أم لا, فماذا عليها ؟
أرى أن تتحرى الصَّواب وتجتهد وإنْ كان حوْلها من يعرف حالها تسأله فإن استبان لها اليقين فلا تقضي, وإنْ نسيت يعني لم تتيقن أرى أن تقضي، أحْوط لدينها وأبرأُ لذمتها والله أعلم.
السؤال الرابع عشر : بارك الله فيكم شيخنا, يقول السائل :هل من شرط خطيب الجمعة أن يكون مُقيمًا وما حكم صلاة المقيم خلف المُسافر إلى قصرَ الصلاة ؟
يعني المسافر يقصر؟
السائل :المسافر يقصر والمقيم يصلي خلفه ؟
لا يُشترط في الخطيب أن يكون مُقيمًا قد يحُلُّ على أُناس رجلاً عزيزاً عليهم لمكانته العِلمية أوغير ذلك فيُقدِّمونه للخُطبة, لخطبة الجمعة والصَّلاة .
والمقيم إذا صلى خلف المُسافر إن كانت صلاة جمعة هذا لا إشكال فيه هي واحدة، لكن إذا كانت فرضًا من الفُروض غير الجمعة كالظهر والعصر والعشاء فإنَّ المقيم هذا يُتم، وصلاته خلف المسافر صحيحة .
السؤال الخامس عشر : بارك الله فيكم شيخنا, يقول السَّائل :ما حكم المرأة التي تُدرس أطفالاً لم يصلوا سنَّ البلوغ؟
كبار يعني ؟
السائل :لم يصلوا سن البلوغ.
كبار، هؤلاء كبار مُراهقون، فلا تُنصحُ المُسلمة المتدينة أن تُدرس هؤلاء قد يُتساهل في كونها تُدرس صغاراً يعني دون التَّمييز لكن أيضًا هذا نحن لا ننصحُ به نحن ننصحُ أن يُدرِّس الذكور من أبناء المسلمين رجالاً يُدرسهم رجالٌ، وأن يُدرس البِنات نسوة عاقلات، لأنَّ الخلطة مؤثرة, ونحن نرى رجالاً كباراً يُخالطون النِّساء مُخالطة مُفرطة يجري على ألسنتهم كلام النِّساء, فلانة كذا وفلانة نفست، وفلانة جاءت بولد وفلانة فيكون كلامه كلام نِساء كأنَّك بين مُجتمع نساء, وهذا خطأ وخطر في الحقيقة.
ولا تفهموا أننا ندعو إلى الاختلاط لا, نحن نقول يعني هذا أمر يجب الاحْتياط فيه فلا تُنصح المسلمة بتدريس الذكور وإن كانوا دون التَّمييز أبداً لا تُنصح بهذا, ولا يُنصح أيضًا الآباء والأُمهات أن يكلوا تدريس أولادهم إلى النِّساء، نعم.
السؤال السادس عشر : حفظكم الله شيخنا يقول السائل :حفظك الله شيخنا عندنا إمام مسجد وهو أخٌ سلفي وفي صلاة التَّراويح يجتهدُ في ختم القُرآن فتكون الصلاة فيها طُول مما يجعل أهالي المنطقة يتركون المسجد ويذهبون إلى مساجد أخرى، مما جعل فراغًا في المسجد وقلَّة من يُصلون خلفه, فهل تنصحون هذا الإمام بتخفيف الصلاة أم يسْتمرُّ فيما هو عليه؟
إنْ كان حوله هُم الرَّاغبون في التَّطويل لما لديهم من نَشاط وقوة وتقبُّل أطال, ثمَّ غيرهم يُصلي ما تيسَّر لأنَّ الأصل هو التطويل, الأصل التطويل في التَّراويح, وكونه يلتزم ختم القرآن هذا ليس بلازم يعني الأمر فيه سعة يُصلي بما تيسر له, وهو خيرٌ ممن يلتزم ختم القرآن ويهُزه هَذًّا كالشعر والصلاة أشبه بالنَّقر ، نعم.
السؤال السابع عشر : بارك الله فيكم شيخنا يقول السائل :متى يُقال أشْهد أنْ لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله رضيت بالله ربًّا إلى آخره في الآذان ؟
حين يبدأُ المؤذن, حين يسمعُ النِّداء, ولو كان من التكبيرات الأوَّل أو التكبيرتين الأوليين فهو أفضل للحَديث من قال حين يسمع النِّداء أشْهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولًا.
السؤال الثامن عشر: بارك الله فيكم شيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين يقول السائل: ما هي نصيحتكم للإخوة الذين يتهاونون في حفظ القرآن؟
هذا فيه تفصيل إذا كان التَّهاون هذا يعني عن طريق أشياء لا فائدة فيها ولا منْفعة للمَرء في دينه ولا في دُنياه فهو يُحضُّ على الحِفظ والاستكثار منه, وكذلك الاستكثار من حفظ السُّنة لما قدَّمنا من أنَّ كثيراً من الأُمور مُجملة في القرآن بيَّنتها السُّنة، وإن كان التَّهاون لأمُور أخرى مشاغل دينية أو دنيوية واجبات عليه فلا بأس بذلك إن شاء الله ولا يُقال هذا مُتهاون .
السؤال التاسع عشر : بارك الله فيكم شيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين يقول :شيخنا أيهما أقدم الدِّراسة الصيفية يعني النِّظامية في الصيف أم الدورات العلمية في الصيف كذلك ؟
أقول يعني الدَّورات العلمية نحن عرفنا أنَّها نافعة جرَّبناها, والحضور من الخواص والعوام كُثُر بخلاف المراكز الصيفية هي دورات لكن أنا لا أدري عن يعني ليست لي صلة بها، فإن كانت مثل الدَّورات العلمية يُعتنى فيها بتدريس المواد العِلمية في العَقيدة والمنْهج والأمُور النَّافعة التي يحتاجُ إليها طالب العلم فحبَّذا يعني لا أستطيع أنْ أحكم على المراكز الصيفية وما فيها من المواد إنَّما معرفتي في الدَّورات العِلمية التي تُعقد في مناطق الممْلكة وفي أكثر المناطق .
السؤال العشرون: وهو السؤال الأخير :يقول السائل حفظكم الله شيخنا إني أُحبُّك في الله إني خطيب المسجد في قريتنا ولا أحفظ إلا بعض الأجزاء من القرآن الكريم فهل يجوز لي أحياناً أن أقرأ ببعض الآيات من وسط السور التي أحفظُها ؟
لا يُكلِّفُ الله نفسًا إلا وسعها، وعليك في الخُطب أن تختار ما يُفيدُ قريتَك في دينهم وأمور دنياهم في العبادة والمعاملة، ولو من خُطب أهل العلم الموثوقين المعروفين بالرُّسوخ في العلم وحُسْن التدَّين لله -عزَّ وجل- عندهم فِقه في الدين وتمسك ولله الحمد بالسُّنة عليك بخُطبهم مثل الشيخ عبد العزيز بن باز إذا كانت له خُطب مُدوَّنة، الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- رحم الله الجميع له كتابٌ نافع في الخُطب وغيرهم ولله الحمد من الأحياء والأموات، وكونك لا تحفظ إلا أجزاءًا من القرآن هذا ليس فيه غَضاضة عليك بل كثيرٌ من الصحابة -رضي الله عنهم – لا يحفظون إلا شيئًا من القرآن، كثير, أقول لا بأس عليك بذلك وإن استطعت أن تُتم القرآن فهذا حسن.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .