بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نُرَحِّب بجميع الأخوة والأخوات في هذا اللقاء الأسبوعي المتجدد مع فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري - حفظه الله تعالى-.
وهذا هو اللقاء الرابع والأربعون ويُنقل لكم مباشرةً عبر موقع ميراث الأنبياء.
حياكم الله شيخنا.
السؤال:
شيخنا هذا السؤال الأول:
تقول السائلة وهي من فرنسا: والدي يمنعني من ارتداء النقاب، ويُهَدِّدني بطردي من المنزل، وحَلَفَ يمينًا ألَّا يسامحني ولا يُكَلِّمني إن ارتديته، ويقول – هكذا بهذا اللفظ-: تحرم عليكِ داري حيًّا أو ميتًا إن ارتديتِ هذا النقاب، تحدَّثنا معه كثيرًا لكن لازال على موقفه.
والسؤال: هل إن ارتديته بدون علمه عليه كفارة يمين؟ وإن كان عليه كفارة هل يمكن أن أؤديها مكانه دون علمه؟ لأن لو أخبرته ستتوتر العلاقة بيني وبينه وهذا ما لا أريده ولا أقدر عليه؛ فماذا تنصحونني؟ بارك الله فيكم.
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله، وصَلَّى الله وسَلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
أعانكِ الله يا بنتي، ونسأل الله ربَّ العرش الكريم أن يهيئ لكِ المخرج، وأن يجعل لكِ من أمرك كُلِّه يُسرى في الدِّين والدُّنيا والآخرة.
وأقول لكِ أولًا: بَلِّغي أباكِ مِنِّي السلام، وأنَّ الحجاب هو من فرائض الله على كُلِّ مسلمة، والأدلة على هذا كثيرة جِدًّا.
وأقول لكِ ثانيًا: إذا كنتِ يائسة، وأنه لا يقبل من أحدٍ أمرًا ولا نَهْيًا؛فأوصيكِ أولًا: بالصبر عليه، والدُّعاء له بأن يَرَدَّه الله إلى الحقِّ ردًّا جميلًا.
وأقول لكِ أخيرًا: لا مانع أن تُخَافيه، وتلبسين النِّقاب إذا خرجتِ، وما عليكِ منه، إن لم يقبل ويهتدِ فجُرمُه عليه، هذا لا يُكفَّر عنه، هذا يمينٌ على مَغَاضِب الله - عزَّ وجل-. نعم.
السؤال:
جزاك الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثّاني:
يقول السَّائل من أمريكا: نريد فتح مسجدٍ على السُّنَّة، لكن لعدم أهليّة الموجودين فليس لدينا إمام؛ فهل يمكن لنا فتح هذا المسجد؛ وماذا تنصحوننا بارك الله فيكم؟
الجواب:
هذا السؤال يا بُنيّ يُنظر له من نواحي، فتفَطَّن أنتَ ومن معك.
· النَّاحية الأولى: ماذا تريد بالأهليَّة؟ هل تريد طُلّاب علم مؤهلين أو تريد علماء؟ فإن كان موجود عندكم طلاب علم أخيار فُضلاء يُحسنون تعليمكم التَّوحيد والعبادات العمليَّة؛ فلا مانع - إن شاء الله-، وسنزيدك تفصيلًا.
· النّاحية الثّانية: هل أنتم قريبون من مسجد تُصَلَّى فيه الجمعة والجماعة؟
- هذا السؤال الأَوَّل في النَّاحية الثّانية.
- السؤال الثّاني: هل هؤلاء الذين يؤمُّون النَّاس في ذلك المسجد القريب منكم – مثلًا – هل هم مُبتدعة أو من عوام المسلمين؟ ثُمَّ إن كانوا مُبتدعة؛ هل بدعهم مُكَفِّرة؟ مثل وحدة الوجود والطواف بالقبور أو فيهم جهمية أو رافضة؟ يعني هؤلاء الذين يَأُمُّون النَّاس، فإذا كان المسجد القريب منكم إمامه من عوام المسلمين ولم تظهر عليه بدعة، فَصَلُّوا خلفه.
أمَّا إذا كان من ذوي البدعة المُكَفِّرة - كما أسلفنا- فلا تصلوا خلفه، صَلُّوا في بيوتكم.
ثُمَّ الناحية الأخيرة، على سبيل الافتراض أنَّ هؤلاء الأئمة بِدَعهم مُكَفِّرة وأنتم عندكم عوام يقرؤون ما تَيَسَّر من القرآن، وهم على السُّنة، فلا مانع أن تقيموا مسجدًا أو تُنْشِئوا مسجدًا يُصَلِّي بكم إخوانكم هؤلاء، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثالث من الجزائر؛
يقول السائل: أود أن أعرف رأي الشرع في حكم العمل في المجال الصحفي، وبالتحديد أعمل مراسلًا من إحدى الولايات الداخلية لصالح إحدى الجرائد اليومية، وموضوع المراسلات يكون حول اهتمامات المواطنين، وكل الحوادث اليومية في الشارع المحلي.
الجواب:
أرى أن تَجِدَّ في البحث عن عملٍ ليس فيه شبهة مثل هذا العمل، فإن العمل الصحفي خصوصًا في الصحف المتفَلِّتة ومنها ما يدعو إلى الديمقراطية والحرية والمساواة إلى آخر الشنشنة التي عليها الغربيون وأفراخهم مثل يوسف القرضاوي وغيره من الإخوان المسلمين، فهذا العمل لا يجوز، فهذا المجال الصحفي لا يجوز لأحدٍ أن يعمل به. كذلك إذا كانت الصحيفة تنشر ما فيه تحريضٌ على وليِّ الأمر المسلم والنيل منه؛ لا يجوز العمل فيها.
بَقِيَ أمر وهو إذا استطعت أنت أن تحدث ما ليس فيه خلل في المنهج السلفي وليس فيه تحريض على ولي الأمر، ليس فيه مثلًا دعوة إلى دعاوى الجاهلية مثل الديمقراطية، وإنما كل ما فيه اقتراح، اقتراح بإنشاء مساجد، اقتراح بتحسين طُرق في مُدن مُعَيَّنة إلى ولي الأمر فلا مانع من هذا - إن شاء الله تعالى-، وإن كنت أُأَكِّد ما أوصيتك به أول الحديث معك، بأن تبحث عن عمل خير من هذا، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله شيخنا، وهذا السؤال الرابع من الجزائر؛
يقول السائل: أسكن في بيتٍ ليس فيه حمامٌ للاغتسال، وكنت أغتسل في المطبخ فأقوم بتسخين الماء وأغتسل من الجنابة، لكن بعدها مَرِضت من ظهري بسبب البرد، والسؤال: هل يجوز لي أن أَتَيَمَّم بدلًا من الاغتسال للصلاة في فصل الشتاء فقط؟ علمًا بأنه يوجد حمام عمومي يبعد عني حوالي ألف متر؟
الجواب:
أقول يا بُنَي في الجواب على هذا السؤال: لا يخلو حالُكَ من حالَيْن:
الحالُ الأولى: أن يكون عندك المرحاض الذي تقضي فيه حاجتك، وهو مستور، أو يمكن وضع سُترة عليه، فاغتسل فيه ولا شيءَ عليك، اغتسل، ولا يجوز لك التيمم ..، فأخشى أنك تعني بالحمام المكان الخاص بالمُغتسل، هذا ليس شرطًا، الشرط أن يكون مكان مستور تقضي فيه حاجتك وتَتَمَكَّن من الاغتسال، بأن يكون له باب أو سُترة، أو تضع أنتَ عليه سُترة، لا مانع من هذا.
الحالُ الثانية: أن يكون هذا معدومًا في دارك، وإنَّما تقضي حاجتك في مكانٍ خالٍ؛ ففي هذه الحال إذا كان البرد شديدًا لا تطيقُ معه الاغتسال فتَيَمَّم، فإذا دَفِئت فاغتسل في مكانٍ خارجي تستر فيه نفسك عن النظر إليك، أو في ذاك الحَمَّام الذي ذَكَرت، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الخامس؛
يقول السائل من طاجيكستان: عندنا في بلادنا يُصَلُّون العصر إذا صار ظل كل شيء مِثْلَيْه، وبعض الأخوة ينكرونَ علينا بأن لا نُصَلِّي معهم، لأنهم يُصَلُّونها في آخر الوقت؛ فهل عملنا هذا صحيح؟ وهل نُصَلِّي معهم؟
الجواب:
أولًا: صلاتهم العصر حين يصير ظِلُّ الشيء مِثْلَيه هذا ليس آخر الوقت، هذا وسط الوقت، وأول وقت العصر حين يصير ظل الشيء مثله.
ثانيًا: هل هذه جماعة راتبة مُعَيَّنة من قِبَل الدولة أو أشخاص أفراد؟ ففي هذه الحال نقول: لكَ أن تُصَلِّي معهم ما داموا أنهم يُصَلُّون في هذا الوقت الذي ذكرت، طلبًا للفضيلة، لكن لو أَخَّروها إلى قبل غروب الشمس بربع ساعة مثلًا فَصَلِّ في بيتك، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السادس؛
يقول السائل من الجزائر: عنده مبلغ من المال وهو من الفوائد الربوية، فهل يجوز له أن يُسَدِّده في دفع الضرائب؟ علمًا أنه إذا لم يسدد الضرائب عند الدولة سوف يتعرض لعقوبات من طرف الجهات المختصة ولا يستطيع دفع ذلك المال من كسب عمله لأن كسب عمله لأن دخله المالي محدود.
الجواب:
أولًا: نوصيك بالتوبة إلى الله، وذلك عما اقترفته من الكسب الربوي .
وثانيًا: من شروط هذه التوبة ألَّا تعود إليه فيما بعد، ثم نوصيك أيضًا أن تتخلص منه، ومادام أنَّ الأمر كما ذكرت مُلزَمًا بدفع الضريبة وإلَّا تَعَرَّضت لعقوبة؛ فسَدِّد به الضرائب .
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السابع؛
يقول السائل من تونس: هل يجوز الدعاء بصفةٍ جماعية عقب عقد الزواج؟ وهل يجوز للحاضرين التأمين ورفع الأيدي؟
الجواب:
الدعاء بالبركة للزوجين هذا أمر مشروع، وحالَ العقد لو قال المأذون الشرعي العاقد في نهاية الأمر "بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما بخير"، وقال السامعون أو بعضهم: آمين، لا بأس بذلك، أما الدعاء بصفةٍ جماعية؛ فهذا لم أَقِفْ على مشروعيته حتى هذه الساعة، فأنا لا أوصي به ولا أنصح به .
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثامن؛
يقول السائل من الصين: أَمرُّ بمشاكل مالية ويدفعني الشيطان للانتحار، فبدأت صومًا دَخَلَ شهره الثالث؛ هل يجوز هذا شرعًا مع العلم أَنِّي بصِحَّةٍ جيدة ولله الحمد؟
الجواب:
أقول أولًا: أسأل الله الكريم أن يُفَرِّج هَمَّك، ويَكْشِفَ غُمَّتك، ويُوَسِّع رِزْقَك .
وثانيًا: أنصحك أن تَثِق بوعد الله – عزَّ وجل-، في مثل قوله تعالى:﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾،﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾، فعليك يا بُنَي أن تلجأ إلى الله بالدُّعاء، وتستكثر من نوافل العبادة، وأن تُصَلِّي كُلَّ صلاةٍ في وقتها؛ فهذا من التقوى، فالمحافظة على الفرائض، والاستكثار من النوافل؛ هذا من أسباب محبة الله لعبده، ومن أسباب تيسير أموره وعونه على كُلِّ شِدَّة وكُربة، وأوصيك بهذا الدعاء؛ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ))، وبدعاء يونس حين كان في الظُّلمات حين التقمه الحوت، والقصة طويلة، ماذا قال - صلَّى الله عليه وسلَّم-؟ قال: ﴿لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، واستكثارك من الدعاء في الأوقات الفاضلة؛ في السجود، بين التشهد والسَّلام، حالَ نزول المطر، وإذا قُمت من الليل وصَلَّيْتَ ما تَيَسَّر فادعو الله في سجودك حتى تُنْهِيَ الوتر، وبين الآذان والإقامة، كما أوصيك أيضًا بالاستكثار من قراءة القرآن الكريم، ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، والقرآن هو أعظم ذكر الله، وأوصيك كذلك بالاستكثار من مصاحبة الصالحين في بلدك، في المساجد، زُرْهُم في البيوت، استزرهم، ولا تُكثر من الصيام بهذه الطريقة، وإن كانت صحتك جيدة، أخشى أن يحملك هذا على صيام الدهر، وصيام الدهر - يعني سنة كاملة- هذا نَهَى عنه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- وقال:((لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ))، وهو مُحَرَّم، وإنما أوصيك بدلًا من هذا؛ أن تصوم الاثنين والخميس، وكذلك صيام الثلاث الأيام من كل شهر، من أولهِ أو من آخرهِ أو من أوسطهِ، وصيام ست من شوال، وصيام يوم عرفة، وصوم العاشر من مُحَرَّم من كُلِّ عام، ولا بأس أن تَضُمَّ إليه صوم التاسع، ولا تَصُم معه الحادي عشر.
هَيَّأ الله لكَ الرُّشد من أمرك، ويسر لكَ الهدى، ويَسَّر الهُدى لك. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، ويقول في سؤاله الثاني:
عندما أقرأ سورة (يس) أنام حتى وإن كنت واقفًا.
الجواب:
أنا لا أعرفُ سَبَبَ هذا، لكني أعلم أنَّ الشيطان مِمَّا يَتَسَلَّطُ به على العبد؛ أنه قد يُلقي إليه، يعني يجعله يكسل، ويَمَل، وقد يَتَسَرَّبُ إليه النوم؛ هذا أمر.
ثانيًا: لعلك أنتَ السبب فيه، وهو أخشى أنَّك تطيل القيام في الصلاة إطالةً كثيرة تُمِلّك وتُجْهِدك، يا بُنَيَّ اجعل أمرك وسطًا حَسْبَ قُدرتك، واقرأ غير يس، اقرأ من سورة البقرة، من آل عمران، وغيرهما من السور.
وأقول: اقرأ غيرها؛ ليس معناه التزهيد في قراءة سورة يس، وإِنَّما هذا من باب الترويح عن النفس، وأستحسن أن يقرأ مع يس سورةٍ أخرى، ولو كانت قصيرة مثل سورة الإخلاص.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال التاسع؛
يقول السائل من ليبيا: رجلٌ أخصائي أشعة يشتغل في المستشفى العام، وفي فترات المساء تكون المريضة امرأة، وهو حريصٌ على أن يدخل معها محرمها وأن تكون مُتَسَتِّرةً عند الدخول للتصوير بواسطة الجهاز، ولكن في بعض الأحيان تأتي المرأة وحدها بدون محرمٍ للتصوير بالأشعة، وهو لوحده حتى إنه لا يوجد أحد في غرفة الأشعة غيرها، ويقوم بتصويرها؛ فما حكم عملهِ هذا؟
الجواب:
يا بُنَي؛ اعلم أنتَ وكل مسلمٍ ومسلمة أنه لا يَحِلُّ للرجل أن يَخْلُوَ بالمرأة، وفي هذه الحال اطلب إحدى المُمَرِّضات، فإذا لم تَتَيَسَّر؛ فاجعل بينك وبينها ساتِرًا حتى يلتقط الجهاز الصورة، هذا في حال إذا كانت لابسةً ثيابها.
أمَّا إذا كانت مُتَعَرِّية فلا تقربها، ولا تخلو بها، فالخلوة لا يُزيلها إلَّا المحرم، أو امرأة أخرى - كما تقدم- ممرضة، إحدى المُمَرِّضات، أو الخادمات، نعم اطلبها.
السؤال:
جزاكم الله خيرا شيخنا، وهذا السؤال العاشر من السنغال؛
يقول السائل: امرأةٌ ذهبَ بها زوجها إلى مدينةٍ بعيدةٍ جدًّا عن العاصمة، ثم ضَيَّق عليها غايةَ التضييق، وطلبت من زوجها الطلاق فأَبَى، وواصل في التضييق عليها، يَضْرِبها، ومَكَثَ معها أشهرًا لم ينم معها، والآن هي تريد أن ترجع من هناك وبدون محرم؛ هل يجوز لها ذلك؟
الجواب:
أولًا: هل يوجد في هذه القرية البعيدة عن العاصمة من تأوي إليه؟ لاسيما المحكمة الشرعية - يعني المحكمة التي بها حكم مدني- أو لا؟ فإن كان موجودًا فلا تذهب تُخاطر بنفسها إلى العاصمة، تَتَصِّل بأهلها، وتلجأ إلى هذا المكان - المؤسسة الحكومية-، تلجأ إليها، وتشكو إليها أمر زوجها.
الأمر الثاني: إذا كان هذا معدومًا، وتخشى من اللجوء إلى المؤسسة الحكومية؛ فَلْتَتَصِّل بأهلها إذا أمكن، وأهلها يأتونَ إليها وينظرون في وضعها، ولعلَّ الله يردع بهم ذاكَ الزوج الذي هو وحش إن صَدَقَتْ الرواية، فكم من إنسان يَتَسَلَّطُ على زوجه فإذا جاءَ أهلها ردعوه وأخافوه فيُحسن معاملتها.
الأمر الآخر: إذا لم يُمكنها الاتصال بأهلها، ودعوتها إلى حُضورهم؛ فتذهب في وسائل النقل المأمونة إلى حيث يكون أهلها؛ مادام الأمر كما ذكرت، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الحادي عشر؛
يقول السائل من المغرب: لدينا مسجد في قريتنا، والمال الذي بُنِيَ به هذا المسجد أُخِذَ من أُناسٍ من أهل القرية يتاجرون بالخمر في أوروبا؛ فهل تجوزُ الصلاةَ في هذا المسجد؟
الجواب:
هذا يُنظر فيه من ناحيتين:
الناحية الأولى: هل كُلُّ ما بُنِيَ به هذا المسجد هو مِمَّا ذَكَرْت من تجارة الخمر؟ فإن كان الأمر كذلك فُنوصِيكَ أَلَّا تُصَلِّيَ فيه إلَّا إن لم تجد غيره، ولو صَلَّيت في بيتك فهو أَحَبُّ إلينا.
الثاني: هل هذا المال الذي بُنِيَ به المسجد فيه خليط أو لا؟ فإن كان فيه خليط فَصَلِّ فيه ولا بأس. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثاني عشر؛
يقول السائل من الجزائر: هناك أخوة يثيرون مسألة العذر بالجهل، ولا يعترفون باختلاف العلماء فيها، ويرمون الذي يرى العذر بالجهل بأنه من المرجئة ويهجرونهم؛ فهل نصفهم بالحدَّادية ونُحَذِّر منهم؟ علمًا أنهم يستصغرون العلماء ولا يحترمونهم.
الجواب:
أولًا: الخلاف في هذه القضية قديم، وليس هو وليد هذا العصر الذي كثرت فيه التوجّهات، وكَثُرَ فيه من يتصَدَّر للفتوى والحكم في القضايا وهو ليسَ أهلًا لها، وهذه المسألة فيها أقوال ثلاثة:
أحدها: عدم العذرِ بالجهلِ مطلقًا.
والثاني: العذر بالجهل مطلقًا.
والثالث: عذر المرء بالجهل فيما يخفى على أمثاله .
فالقول الأول والثاني إفراط؛ لا عذر بالجهل مطلقًا، أو العذر بالجهل مطلقًا، كلاهما على خطأ.
والحقُّ – جلَّ وعلا – بَيَّن ذلك فيه الأدلة على العذر بالجهل بما يخفى على أمثاله؛ قوله تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖوَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾؛ ووجه الاستدلال بهذه الآية أنَّ الله – سبحانه وتعالى –رَتَّب الوعيد على من شاقَّ الرسول، واتبع غير سبيل المؤمنين؛ بتَبَيُّنِ الهُدى، يعني قال: ﴿مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾؛ومفهوم ذلك: أنه لو حصل منه مُشَاقَّة للنبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -، وإتباع لغير سبيل المؤمنين عن جهل؛ أنه لا شيء عليه، معذور.
والآية الثانية: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ۙ الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ﴾؛
فالناس في هذه المسألة قسمان :
· قسمٌ تَبَيَّن لهم الهدى، فهؤلاء اتَّبعوا الشيطان؛ ﴿الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ﴾.
· وقسم لم يَتَبَيَّن له الهدى؛ فهذا لم يُسَمَّى أنه مُسَوَّلٌ له من الشيطان.
والأدلة على هذا كثيرة، وقد أشبعها سماحة العلامة الإمام الفقيه المجتهد شيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – في كتابه النفيس المبارك ]القواعد المُثلى[، ولم يأتِ بشيءٍ من عنده، بل كُلَّ ما أتى به مبنيٌّ على الأدلة من الكتاب والسُّنة، فأنصحكم بمراجعته.
ومن السُّنة قضية المُسْتحاضة؛ حمنة بنت أبي جحش قالت: يا رسول الله منعتني الصيام والصلاة، فأخبرها النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – بأنها تتحيض في علم الله؛ سِتَّة أيام، أو سبعة أيام، ثُمَّ تغتسل، فانظروا في قولها: "منعتني الصوم والصلاة"؛ فهو نصٌّ على أنها لا تصوم ولا تصلي، تظن أنَّ ما أصابها كله حيض، ومع هذا لم يأمرها النبي بقضاء ما تركته لهذا الظن.
ومن السُّنة في هذا؛ قضية المسيء صلاته؛ فإن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – أَمَرَهُ أن يعيد الصلاة ثلاثًا، مع أنه يأتي يُصَلَّي ويأتي ويُسَلِّم على النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - فيقول: ((ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ))، في المرة الرابعة قال: ((وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي))؛ فَعَلَّمه النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – الصلاة، والحديث في صحيح البخاري وغيره؛ فليراجعه من شاء.
بَقِيَ ما ذكرته من قومك بأنهم يستصغرون العلماء؛ وهذا من أمراض الحدادية، فإن الحدادية لا يكبر في أعينهم شيء إلَّا من هو على منوالهم، فهم غلاة في الحكم على الناس.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثالث عشر من اليمن؛
يقول السائل: هل من يُبرِّر أفعال الإخوان المسلمين ويعتذر لهم يُلحَقُ بهم؟
الجواب:
أقول: ولا كرامة؛ لأن الإخوان المسلمين مبتدعة ضُلَّال، فمن يُبرِّر لهم مع معرفته أحوالهم؛ فيُلحَقُ بهم ولا كرامة عين، هو إخواني. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الرابعَ عشر؛
يقول السائل من السعودية: يسأل عن حكم من تَوَضَّأ ومَسَحَ على الجوربين ثم خلعهما وصَلَّى الفريضة التالية بدونهما؛ هل فعله هذا صحيح؟
الجواب:
لم تُبَيِّن الحال كما ينبغي، ولم تُفَصِّل فيها التفصيل الذي يشفي، ولكن نحن نُعينكَ - إنْ شَاء الله- فنقول :
· أولًا: هل هذا الذي ذكرته أنه خلع الجراب وصَلَّى الصلاة الأُخرى بدونه هل هو يعني بذلك الوضوء لم يُحدث؟ فإن كان كذلك فصلاته صحيحة، وله أن يعيد الجراب بعد الفراغ من صلاته ما لم يُحدث ويَسْتَمَرُّ المسح له.
· الحالُ الثانية: هل هو توضأ؟ يعني هل انتقض حدثه ثُمَّ توضأ بعد ذلك وصَلَّى؟ هذا الذي نظنه، لكن مع هذا نَسُدُّ الطريق على ذوي الظن السيئ؛ فنقول: إن كان أحدث وتوضأ، أو توضأ وضوء استحباب مندوب وصَلَّى فصلاته صحيحة، وله أن يعيد الجراب ما لم يُحدث؛ مادام أنَّ وضوءه مندوب.
وإن كان وضوؤه عن حدث - فكما قدمنا- صلاته صحيحة، وله أن يعيد لبس ذاكَ الجراب أو غيره، ولكن المسح انتقض - المسح الأول انتقض- يبدأ المسح من حين يتوضأ للصلاة التي بعد هذه الصلاة التي صَلَّاها، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الخامس عشر والأخير؛
تقول السائلة من تونس: أقوم بحجامة بعض الأخوات، وآخذ على ذلك أجرًا نظرًا لحالتي المادية؛ فهل في ذلك شيء؟
الجواب:
أولًا: يا بنتي من تونس؛ احتجم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- وأعطى الحاجم أُجْرَته.
وثانيًا: لعلَّ أخواتك انتقدن عملكِ لأنه بَلَغُهُنَّ حديث ((كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ))، وهذا الحديث صحيح، لكن جمعًا بين هذا الحديث والذي ذكرته لكِ قبل؛ يُحمل النَّهي على الكراهة، أعني أنَّ الحديث الأول؛ وهو حديث احتجام النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- وإعطائه الحَجَّام أُجْرَته؛ هذا يُفيد الجواز، وحديث ((كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ)) يفيد النهي، فالجَمْعُ بينهما أنَّ النهي هُنا الذي هو ذمُّ الفعل؛ للكراهة وليس للتحريم.
والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خير شيخنا، وبارك الله فيكم.