جديد الموقع

8881466

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نُرَحِّب بجميع الأخوة والأخوات في هذا اللقاء مع فضيلة شيخنا عبيد بن عبد الله الجابري - حفظه الله تعالى-، وهذا هو اللقاء الخامس والأربعون من اللقاءات الأسبوعية التي تُعقد عبر موقع ميراث الأنبياء، ويبتدئ هذا اللقاء بشرح فضيلته لحديث: ((خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ))، تفضل شيخنا.

 

الشيخ:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المَلِكُ الحقُّ المبين، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، سيد ولد آدم أجمعين - صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين-.

أمَّا بعد ..

فهذا الحديث الذي سوف أتلوه عليكم - إن شاء الله- رواه أحمد وابن ماجة، وهو حديثٌ حسن، ويُصَحِّحه بعض أهل العلم، وقد جاء في بعض طرقه هكذا، وهو من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- وقد جاء في بعض طُرِقه؛ ((يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؛ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ)).

هذا الحديث - كما سمعتم- يَتَضَمَّن خمسَ خصالٍ شنيعة، مقيتة، خَطْبُها جسيم، وذِكْرُها تقشعر له فريسة كلُّ مؤمن بالله واليوم الآخر، وترتعش لها فرائسهم خوفًا من الله - سبحانه وتعالى- أن يُعَجِّلَ لهم هذه العقوبات مجتمعة، أو يُعَجِّلَ لهم بعضها، وإن كان الذي يناله شيءٌ من العقوبة برئٌ منها، لكن مضت سُنَّة الله، وله الحُجَّة الدامغة، والحكمة البالغة؛ أن يَعُمَّ بِشؤم المصيبة، وعقوبتها الصالحَ والطالح؛ إذا عَلِم منهم أنهم لم ينكروها بقلوبهم مع القدرة على ذلك، أو ينكروها بألسنتهم وقلوبهم مع القدرة على ذلك، قال تعالى :﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً..﴾ الآية.

وتلحظون أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- خاطَبَ بها المهاجرين من أصحابه، وفي بعض الروايات؛ قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- : "كنت عاشِرَ عشَرة عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم-" والمقصود أن معشر تَعُم الجمع قليلًا أو كثيرًا.

وهاهنا سؤال :

أليس العبرة بعموم اللفظ كما هو مقرَّرٌ في علم الأصول والأدلة عليه كذلك،

ولا يخرج من هذا العموم إلَّا ما خَصَّه دليلٌ من نَصٍّ أو إجماع؟

قلنا له: بلى، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا الحديث خطابٌ لجميع الأمة، ولكن خُصَّ هذا الرَّهط من المهاجرين - رضي الله عنهم وعن إخوانهم الأنصار- لأنهم هم الجالسون إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- حالَ هذا القول، وحال تحديثه إياهم بهذا الحديث، فبَانَ بهذا أنَّ الخِطابَ عام، وليس هو من الخصوص في شيء، والله أعلم. 

وتحضرنا كذلك أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- قال :((وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ))؛ وهذا فيه فائدتان وهما من أعلام نبوته - صلَّى الله عليه وسلَّم -، وأهل السُّنة يؤمنون بهذا وبغيره؛ من أعلام نُبَوته - صلَّى الله عليه وسلَّم -، وأنه حقٌّ على حقيقته، يجب أن يُصان عن الظنون الكاذبة والخيالات الباطلة؛ سواءً عرفوا معناه أو لم يعرفوا معناه، ولكن المعنى معروف في اللغة العربية، وأمَّا الكيفية فَعِلْمُها عند الله - عزَّ وجل-.

·                  فالفائدة الأولى: الذي أُدركه أنَّ المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم- سَلِموا من هذه الخمس، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- استعاذَ بالله أن يدركها أولئكم الرهط من المهاجرين والأنصار، وإن كانت وقعت أشياء؛ لكنها من أفراد وليس لمن يجعل هذا أصلًا في الصحابة كأن يقول: الصحابة ظهر فيهم الزنا، الصحابة كانت فيهم السرقة، فهذا تأصيلٌ خاطئ، وتقعيدٌ فاسد يخالف نصَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم-؛ ((إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا))، وهو حديثٌ صحيح، وأساءَ اﻷدب مع صفوة أمة محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم- وهم الذين تَلَقَّوا الدِّين من فَمِ نبيهم - صلَّى الله عليه وسلَّم- غَضًّا طَرِيًّا لمشاهدتهم التنزيل، فجميع اﻷمة بعدهم بما في ذلكم أئمة التابعين؛ مثل: القاسم بن محمد بن أبي بكر - رضي الله عن أبيه ورحمه- وعروة بن الزبير - رضي الله عن الزبير ورحم عروة-، وسعيد بن المسيب - رحمه الله- وسائر الأئمة بعدهم؛ فإنهم مُجْمِعون على اﻹمساك عن أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم-، وإنما يذكرون ما حَصَلَ منهم من نوادر، وهي في أفراد قليلة منهم، حين تكون مناسَبة، حينما مثلًا يُذكر حد الزنا المحصن وهو الرجم، بقضية ماعز، وقضية الغامدية، وفي رواية الجوهنية، وقصة العسيف، يستدلون بها على أنَّ حد الزاني المُحْصَن هو الرجم بالحجارة حتى يموت، وإن أنكره القرضاوي، فالقرضاوي ضالٌّ مُضِل مبتدع، إن لم يكن هو مُنظِّر اﻹخوان المسلمين الضَّالين المُفلسين فهو من كبار نُظَّارهم، وعنده مقوﻻتٌ كُفرية إن طال العمر بنا - إن شاء الله- وتَمَكَّنا من ذلك نشرناها، ونشرنا الردّ عليها، ودليل بطلانها من الكتاب والسنة وإجماع اﻷمة، فمن قال اﻹمام القرضاوي قاصدًا أنه من أئمة الهدى فهو مثله ضالٌّ مُضِل، إلَّا إن كان جاهلًا فيُعَلَّم ويُبَيَّن له ذلك، ﻻ حياء في الدين، نصدع بالحق يا أبنائي وبناتي من المستمعين، وﻻ نخافُ في الله لومةُ ﻻئم، وهذا ما عَهِدَ به رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى أصحابه في بيعة العقبة، وهو حديث في الصحيحين خَرَّجه اﻷئمة العبادة بن الصامت - رضي الله عنه-. نعم.

·                  الفائدة الثانية: دليل شناعتها وفظاعتها، وهذا ما يوجب على كُلِّ مؤمنٍ ومؤمنة أن ينأى بنفسه عن هذه الأمور، ومن أُبْتُلِيَ بشيءٍ منها فعليه التوبة النصوح إلى الله - سبحانه وتعالى-، ولَعَلَّه يأتي مجالٌ لشرح التوبة مختصرًا، وأظنه اﻵن موجود لدى دار الميراث النبوي في الجزائر، دار الميراث النبوي تنشره باللغة العربية ضمن الرسائل، وموقع ميراث الأنبياء ينشرونه – إن شاء الله- مُترجمًا، وموقع ميراث الأنبياء ينشرونه باللغات الانجليزية والفرنسية وغيرها- إن شاء الله تعالى-، لهم الإذن المُطلق.

وبهذا القدر نكتفي ونتابع - إن شاء الله- في اللقاءات القادمة.

 

ونتيح لتلميذنا وصاحبنا وأخينا أبي زياد خالد بن محمد بن عمر باقيس، فتفضل بارك الله فيك.

جزاكم الله خير وبارك فيكم شيخنا.

 

السؤال:

نبدأ بهذا السؤال من سوريا، تقول السائلة: رجلٌ شَتَمَ والده لأن الوالد دَعَا ظُلمًا على اﻷم أن يُهْتَكَ عرضها، وقَذَفَ ناسًا في أعراضهم بِلا دليل، فَغَضِبَ الولد حَمِيةً ﻷمه ولدين الله، فَسَبَّ والده ولم يجد في نفسه نَدَمًا ﻷنه أَحَسَّ أنَّ والده كان على خطأ، فهل له من توبة إذا لم يندم؟ علمًا أنه من قبل هذا كان شديد البِرِّ بوالدِيْه.

الجواب:

أولًا: من شروط التوبة الندم على ما فَرَّط المسلم في جنب الله، وهذا الأمر تفريطٌ عظيم بل هو كبيرةٌ من الكبائر.

ثانيًا: ما كان له أن يَسُبَّه، ولكن يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، إنا لله وإنا إليه راجعون، اتقِّ الله يا أبي فقد ظلمت؛ فهذا لا مانع منه، موعظة وتذكير.

الأمر الثالث: من شروط التوبة أن لا يعود إلى هذا السب لأبيه، لأن سَبَّ الوالدين بواسطة من أكبر الكبائر، فكيف بسَبِّهما مباشرة؟! قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الذَّنْبِ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالُوا: وَكَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، قَالَ: يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ))، ولهذا قال العلماء: لكَ أيُّها المسلم أن تُبادل المعتدي عليك بالسَّب فإذا قال: لعنكَ الله، قل له: أنت، وإذا قال: أنتَ سفيه، قل: السفيه أنت، لا مانع، وإن صبرت فهو أفضل، إلَّا الوالدين، فإذا لُعن أبو رجل أو أبو امرأة، فيقول: حسبك الله، أنتَ أَوْلَى بهذا، ولا يَحِلُّ له أن يَسُبَّ أبا السَّاب أو أمه.

الأمر الرابع: بَلِّغيه مِنِّي السَّلام وأن يعتذر إلى والده، ويُقَبِّل رأسه ويديه، ويتوب إلى الله بين يَدَيْه، ويقول: سامحني يا أبي، أنا أَخْطَأت عليك، أخذني الغضب، وأنا تائبٌ إلى الله - عزَّ وجل- والله أعلم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثاني؛

يقول السائل من الجزائر: أعيش مع والدي في بيتِ العائلة، وكُلُّ إخواني لهم بيوتهم الخاصة، وقد أعدت بناءَ هذا البيت من الأساس من طابقين من مالي الخاص؛ هل لأبي أن يكتب البيت لي؟ لأني أخشى أن يطالبوا ببيت أبيهم، وقد دفعت كُلَّ ما عندي، فانصحوني بارك الله فيكم.

الجواب:

يا بُني من الجزائر، الدارُ مشتركة بينك وبين أبيك، ولهذا نقول:

أولًا: لا يَحِلُّ لأبيك أن يكتب الدار بإسمك، لأنه يضيِّع حَقَّك - كما ذكرت- في البناء، الذي كما قلت استنفذ كُلَّ ما عندك، وليس له حقٌّ كذلك أن يتركه هكذا سُدَى، فهذا يؤول بجميع الورثة إلى النزاع والشقاق، وهو ذريعةٌ للقطيعة.

ثانيًا: وهو الحل الأمثل، أقول: أبوك بين أمرين: إما أن يكتب وصية يُحَدِّد فيها بأنَّ الأرض لعموم الورثة، وبناء الدار كاملًا هو من ولدي فلان، وتُصَدَّق هذه من المحكمة الشرعية لديكم، أو مثلًا يبيع لكَ الأرض وتشتريها أنت، وتكون الدار كُلّها خالصةً لك، لا شِركةَ لأحدٍ فيها، والله أعلم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثالث؛

تقول السائلة من الإمارات: أعاني من كثرة النسيان مع العلم أنَّ عمري لم يتجاوز الخامس والعشرين، ومع ذلك فكثيرًا ما أنسى؛ فما هو علاج كثرة النسيان؟ وما هو الطريق لتثبيت الحفظ؟

الجواب:

أولًا: النسيان طبيعة في كثير من البشر إن لم يكن في الأكثرين، وعلاجه أن تغتنمي فرصة راحتك، وفرصة هدوء بالك، وليس له علاج فيما أعلم، أمَّا الطبُّ النفسي فأنا لا أنصح بارتيادهم في هذا المجال، لأنهم قد يُعطونك مُهَدِّئات تَضرُّ في العاقبة جسمك ضررًا لا تتحمَّلينه، فاستعيني بالله واصبري.

وثانيًا: تثبيت الحفظ؛ اغتنمي الأسحار، إذا بَقِيَ على الفجر تقريبًا ساعة أو ساعة ونص، استيقظي فإن كنتِ على طهارة فصَلِّي، اجعلي وِترَك، ثُمَّ ادعي لله - عزًّ وجل- أن يحفظ عليكِ دينك وعرضك ونفسك وعقلك، واجتهدي في الدُّعاء بما تحبين من خيري الدنيا والآخرة، واقرئي ما تَيَسَّر من القرآن، فإذا أَذَّن الفجر فادعي الله - عزَّ وجل- سليه العافية، تابعي المؤذِّن فإذا فرغ المؤذّن صلِّي على نبيك - صلَّى الله عليه وسلَّم-، مثل: ((اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،ٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ))، وعلى سبيل المثال من الكتب التي استوفت هذا وهو مختصر؛ صفة الصلاة على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم- للإمام مُحَدِّث العصر شيخ محمد ناصر الدِّين الألباني - رحمه الله-، هناك صيغ أخرى، احفظي ما استطعتِ، فإذا صَلَّيْتِ على نبيك - صلَّى الله عليه وسلَّم- فقولي: ((اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ))، ثُمَّ ادعي الله بما تُحِبِّين من خيري الدنيا والآخرة، مثلًا تدعي الله لكِ بزوجٍ صالح إن كنتِ غير متزوجة، وإن كنتِ متزوجة وليس عندكم ذرية فسَلِي الله أن يَهَبَ لكما ذريةً صالحة، وإذا كان عندك ذريّة صالحين فسَلِي الله أن يزيدهم هُدى، وإن كانوا فيهم وفيهم ادعي للكل بأنَّ الله يردَّ العاصي، ادعي للكلّ وخُصِّي العاصي بسؤال رَبِّك أن يردّه إليه ردًّا جميلا، اجتهدي في الدعاء، ومِمَّا تقولينه؛ ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ))، هذا من تثبيت الحفظ، وهذا جواب على سؤالك، والله أعلم يا بنتي.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، والسؤال الثاني للسائلة من الإمارات؛

تقول: إحدى الأخوات تقول أنَّ القراءة للجنين مفيدة، فهو يدرك ما تقرأهُ الأم؛ فهل هذا صحيح؟

الجواب:

ليس بصحيح، هذا فيه خلط بين سُنَّةٍ وبدعة، لا أعلم لها أصلًا في كتابٍ ولا سنة، ولا قول إمام من أئمة العلم والإيمان والدِّين، أبدًا.

ثم القراءة إن كان أُرِيدَ بها الرُّقية؛ هذه الرقية إذا كانت المرأة تَجِدُ آلامًا لا تتحمّلها ويُخشى عليها من التَّعَسُّر؛ لا مانع أنْ يُرْقى بطنها لا الجنين، وتقول الراقية – مثلًا – تقرأ آية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، والإخلاص، والمعوذَتين، ويمسَحُ الراقي أو الراقية بيده على البطن؛ يقول: أعوذ بكلمات الله التّامّات من شرِّ ما خلق، أو يقول: بسم الله ثلاث مرّات، ويقول بعد ذلك سبعًا: "أُعيذُها بالله وقدرته من شر ما تجِدُ وأُحاذِر" سبعًا، هذا الصحيح المأثور عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -، فلا تغترِّي أنتِ ولا أيِّ مسلم ومسلمة بمثلِ هذا. نعم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الرابع؛

تقول السائلة من الجزائر: أنا أختٌ مكثتُ في البيت بعد تخرُّجي؛ لأنَّ معظم الأعمال في الجزائر مختلَطَة، علمًا أنِّي محتاجةٌ للوظيفة؛ لأنه عندي ديونًا كثيرة، لكن الآن وجدت وظيفةً في المسجد، لكن المشكلة أنَّ المسئول يشترِطُ رؤية وجهي حتى يمضي لي بموافقة العمل؛ فما قولكم وإرشادكم لي؟

الجواب:

أرى أنَّه لا مانع؛ لأنَّ هذا ضرورة كما ذكرتِ وفهمتُ من سؤالك، والله أعلم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الخامس؛

يقول السائل من قطر: ما حكم أكلِ الذهب والفِضَّة – كما يفعله بعض المُترَفين – حيث يرشونهما ...

الجواب:

هذا السؤال يُرْجَع.

 

السؤال:

السؤال الخامس: السائلة من الإمارات، تسأل عن كيفية تنظيم برنامجٍ ديني لأبنائها ليستفيدوا منه، وكيفية تنظيم وقتِهم واستغلال نشاطِهم فيما ينفعهم؛ حتى لا يذهَب يومهم سُدًى ودون فائدة أمام التلفاز، وتشتكي من العصبية وضيق الصدر، ولا وجود لديها لطولة البال، ولا قوة التَّحمّل، وتشعر بتأنيب الضمير لذلك؛ وتسأل عن الحل لتُغيِّر معاملتها لهم للأفضل؟

الجواب:

أنا سأعطيكِ ما فَتَحَ الله به عليّ من الحل يا بنتي الإماراتية، لكن احذري هذه العصبية فإنها من الغضب، ((أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي قَالَ لَا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ لَا تَغْضَبْ))، فما دُمتِ تغضبين – يا بنتي – هذه مشكلة المشاكل، من حيث لا تشعرين ولا تريدين تهدمين ما بَنَيْتِهِ – هذا أولًا – فاستعيني بالله واصبري، واستعيذي بالله، وتوضَّئِي إذا غضبتي وغَيِّري حالتكِ؛ إن كنتِ قاعدة فاضطجعي، وإن كنتِ واقفة فاجلسي، وإن كان وجهك إلى من غضبتِ عليه فاحرفي وجهكِ عنه، أعطهِ ظهرك، أو جانبك، اعكسي.

أمّا تنظيم الوقت فأنتِ انظري في الوقت المناسب مثل: بعد الفجر، قراءة قرآن، سماع أشرطة من العلماء المحققين الراسخين في العلم، المعروفين بالاستقامة على السُّنة، قراءة ما تَيَسَّر من الأربعين النووية، كتاب فقهي إذا كنتِ أنتِ قادرة على شرحه، أو تأتين بشرح كتاب فقهي لبعض أهل العلم شرح مُيسَّر، تقرئين على أولادك وبناتك شيئًا، وكذلك لا مانع أن يلعبوا لعبًا ليس فيه أَذِيَّة لأحد؛ في صالة، أو في حوش البيت إن كان عندكم حوش، والفِنَا، يلعبون، يتسابقون مثلًا، يحملون أثقال مثلًا، وهكذا.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السادس من الجزائر؛

تقول السائلة: قريبٌ لنا من أهل البدع يأتي إلى بيتنا لزيارة خالته التي هي جدتي؛ فهل في استقبالنا له وإكرامه موالاةٌ له؟

الجواب:

أولًا: أنتِ ذكرتِ أنَّ خالته جدتك، وعلى هذا فهو ابن خالة أمك، فليس مَحرمًا لكن يا معشر البنات.

الأمر الثاني: إن كان في عدم استقباله والهشاشة والبشاشة له يُهَيِّج عليكُنَّ الجدة، ويُحَرِّضها عليكن بسبٍّ أو شتمٍ أو هجر؛ فأكرِمْنَه، وإن كانت لا تتأثر لذلك فلا وألف لا، لا تكرموه، إلَّا إذا كنتم وجدتم منه لينًا نحو السُّنة، فليجلس معه الرجال ويُبَيِّنون له، يُبَيِّنون له تأَلُّفًا وإن لم تَجِدوا منه لينًا فَدَعوه، فإن الله لا يُبالي به في أيِّ وادٍ هلك، والله كريم قد يَمُنُّ عليه بلطفه، ويُهَيِّئ له من رحمته ونعمته ما يتداركه، ويَرَدَّه للحقِّ ردًّا جميلًا. نعم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السابع؛

يقول السائل من مدينة غزة: يسأل عن دَيْنِ الذهب بذهب، وهل يجوز تبديل الذهب بالذهب؟ وإذا كان الذهب في الوزن بنفس الوزن لكن في القيمة يختلف؛ هل يجوز تبديله؟

الجواب:

يا بُنَيَّ من غزة سؤالك هذا يتضمن مسألتين:

المسألة الأولى: في بيع الذهب بالذهب؛ فهذا رِبَا، لا يجوز، مُحَرَّم،((لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ))، والربويات الست هي: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والتمر بالتمر، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، وهذه الرِّبويات الست إن كانت من جنسٍ واحد؛ فيجبُ شرطان:

·                  الأول: المساواة فمائة جرام ذهب بمائة جرام، وهكذا.

·                  الثاني: القبض في المجلس، وإن كان الجنسين مختلفين، كأن يكون ذهب بفضة؛ فلا مانع من المفاضلة؛ كأن تبيع مثلًا أو تشتري ألف جرام فضة بمائة جرام ذهب، لا مانع من ذلك، لكن يشترط القبض في المجلس؛ هذا أولًا.

الأمر الثاني: أنك سألت عن إذا كان الذهب بالذهب متساويين في الوزن؛ هنا يُنظر إلى حالين:

-                 الحالُ الأولى: إن كان السعر واحدًا؛ لا إشكال، تُبَدِّل المرأة مصاغها من الذهب بوزنه به من عند الصائغ أو البائع، وزنًا بوزن.

-                 الحالُ الثانية: إذا كان حُلِيُّها من القديم، وتريد أن تُبَدِّله بِحُلِيٍّ جديد، فلابد أن يأخذ البائع أو الصانع الفرق، ويُسَمُّونه النقشة المصنعية، والله أعلم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثامن؛

يقول السائل من تونس: ما حكم التيمم على الحجر الأملس؟

الجواب:

لا بأس بذلك إن شاء الله، وهو أرجح الأقوال. نعم.

 

 السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال التاسع؛ 

تقول السائلة من الكويت: أخي تارك للصلاة واشتكى لي قائلًا: نصحني الكثير بسبب تركي للصلاة، لكني أشعر بالضيق والاختناق عندما أُصَلِّي لذلك تركتها؛ فما نصيحتكم له؟ وادعُ له شيخنا جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرد أخاك يا بنتي الكويتية إليه ردًّا جميلًا، وأن يُفَرِّجَ كربته، وأن يَشْفِيَه مِمَّا أصابه، ولا أظن أنَّ أخاكِ إلَّا وَقَعَ فريسة لإحدى الأمور؛

الأول: فيما أظن لعله سُحِر، والثاني: لَعَلَّه أصابته عين، والثالث: مرض نفسي، وعلى كلٍّ؛ أولًا: أوصيكم نحوه بالرُّقية فإنها أَشْفَى الأدوية - بإذن الله تعالى-، الرقية، تُقرأ سورة البقرة، ويُخَصُّ منها كذلك آية الكرسي، وخواتيمها ﴿آمَنَ الرَّسُولُ..﴾ إلى آخره، وآياتُ السِّحر في الأعراف، ويونس، وطه، ومن سورة البقرة يُرَكِّز كذلك إلى جانب هذه ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ..﴾ إلى آخرها، وأضم إلى ذلك خاصة آية الكرسي - كما قدمنا-، وخواتيم سورة البقرة، مع الإخلاص، والمعوذتين، وجِدُّوا في ذلك واصبروا وصابروا، مع الدعاء له بالشفاء، ثُمَّ إذا رأيتُم أن تعرضوه على طبيب نفسي، أستاذ أو استشاري؛ فلا بأس بذلك مع هذه الأسباب، والله أعلم. 

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال العاشر؛

يقول السائل من اليمن: وفقني الله لأداء العمرة إلى البيت الحرام، ولكني كنت مستعجلًا فلم أتمكن من الحلق أو التقصير، وأنا الآن في بلدي وَلِي من أداء العمرة قرابة العشر سنوات؛ فما الواجب عليَّ فعله؟ 

الجواب:

فهمت من سؤالك يا بُنَي من اليمن؛ أنَّك تعلم وجوب الحلق أو التقصير في العمرة، ولست جاهلًا بذلك لأنك قلت: "كنت مستعجلًا"، ولكن لابُدَّ أن أقول وأُفَصِّل؛ فأقول: قولك هذا "مستعجل" يُحتمل أنك لجهلك؛ تظنُّ سقوط ذلك عنك، ويُحتمل أنك أيضًا - كما قدمنا- تعلم الواجب.

-                 فإن كنت جاهلًا، ولا تعلم أنَّ فعلك هذا ترك واجب من واجبات الحج؛ فلا شيء عليك - إن شاء الله تعالى-.

-                 وإن كنت تعلم الحكم وأنك تركتَ واجبًا فيجب عليكَ بَعْثُ فدية إلى من يقيم بمكة ليذبحها في الحرم - يعني في مكة - ويُقَسِّمها بين الفقراء والمساكين، والله أعلم .

 

يا أبا زياد؛ أرى أني أستأذن منك ومن المستمعين.

وصَلَّى الله وسَلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري