جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثامن؛
يقول السائل من الصين: أَمرُّ بمشاكل مالية ويدفعني الشيطان للانتحار، فبدأت صومًا دَخَلَ شهره الثالث؛ هل يجوز هذا شرعًا مع العلم أَنِّي بصِحَّةٍ جيدة ولله الحمد؟
أقول أولًا: أسأل الله الكريم أن يُفَرِّج هَمَّك، ويَكْشِفَ غُمَّتك، ويُوَسِّع رِزْقَك.
وثانيًا: أنصحك أن تَثِق بوعد الله – عزَّ وجل-، في مثل قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾، ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾، فعليك يا بُنَي أن تلجأ إلى الله بالدُّعاء،وتستكثر من نوافل العبادة، وأن تُصَلِّي كُلَّ صلاةٍ في وقتها؛ فهذا من التقوى، فالمحافظة على الفرائض، والاستكثار من النوافل؛ هذا من أسباب محبة الله لعبده، ومن أسباب تيسير أموره وعونه على كُلِّ شِدَّة وكُربة، وأوصيك بهذا الدعاء؛ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ))، وبدعاء يونس حين كان في الظُّلمات حين التقمه الحوت، والقصة طويلة، ماذا قال - صلَّى الله عليه وسلَّم-؟ قال: ﴿لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، واستكثارك من الدعاء في الأوقات الفاضلة؛ في السجود، بين التشهد والسَّلام، حالَ نزول المطر، وإذا قُمت من الليل وصَلَّيْتَ ما تَيَسَّر فادعو الله في سجودك حتى تُنْهِيَ الوتر، وبين الآذان والإقامة، كما أوصيك أيضًا بالاستكثار من قراءة القرآن الكريم، ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، والقرآن هو أعظم ذكر الله، وأوصيك كذلك بالاستكثار من مصاحبة الصالحين في بلدك، في المساجد، زُرْهُم في البيوت، استزرهم، ولا تُكثر من الصيام بهذه الطريقة، وإن كانت صحتك جيدة، أخشى أن يحملك هذا على صيام الدهر، وصيام الدهر - يعني سنة كاملة- هذا نَهَى عنه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- وقال: ((لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ))، وهو مُحَرَّم، وإنما أوصيك بدلًا من هذا؛ أن تصوم الاثنين والخميس، وكذلك صيام الثلاث الأيام من كل شهر، من أولهِ أو من آخرهِ أو من أوسطهِ، وصيام ست من شوال، وصيام يوم عرفة، وصوم العاشر من مُحَرَّم من كُلِّ عام، ولا بأس أن تَضُمَّ إليه صوم التاسع، ولا تَصُم معه الحادي عشر.
هَيَّأ الله لكَ الرُّشد من أمرك، ويسر لكَ الهدى، ويَسَّر الهُدى لك.
الطالب: جزاكم الله خير شيخنا، ويقول في سؤاله الثاني:
عندما أقرأ سورة (يس) أنام حتى وإن كنت واقفًا.
الشيخ: أنا لا أعرفُ سَبَبَ هذا، لكني أعلم أنَّ الشيطان مِمَّا يَتَسَلَّطُ به على العبد؛ أنه قد يُلقي إليه، يعني يجعله يكسل، ويَمَل، وقد يَتَسَرَّبُ إليه النوم؛ هذا أمر.
ثانيًا: لعلك أنتَ السبب فيه، وهو أخشى أنَّك تطيل القيام في الصلاة إطالةً كثيرة تُمِلّك وتُجْهِدك، يا بُنَيَّ اجعل أمرك وسطًا حَسْبَ قُدرتك، واقرأ غير يس، اقرأ من سورة البقرة، من آل عمران، وغيرهما من السور.
وأقول: اقرأ غيرها؛ ليس معناه التزهيد في قراءة سورة يس، وإِنَّما هذا من باب الترويح عن النفس، وأستحسن أن يقرأ مع يس سورةٍ أخرى، ولو كانت قصيرة مثل سورة الإخلاص.