قال السائل: ما هو الأفضل للمسلم أن يرقي نفسه أم أن يرقيه غيره؟
الله - جل وعلا - يقول: }وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ }[البقرة:(186)]، ويقول أيضًا - جل وعز -: }أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ}[البقرة:(62)]
الأصل أن المرء هو يرقي نفسه هذا الأصل وهذا الذي علم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أصحابه وحث عائشة - رضي الله تعالى عنها - على ذلك على فعله قبل النوم، في حديث المعوذات وغير ذلك هذي كلها من الرقية، وما تفعله أنت من أذكار الصباح وأذكار المساء هو ضربٌ من ضروب الرقية أيضًا، فتتحصن بهذه الأذكار من وساوس الشيطان وخطراته ونفثه وهمزه.. إلخ، بارك الله فيك، فالأصل أن المرء يرقي نفسه، سُحِرَ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كما في الحديث الصحيح عند مسلم، وما طلب أن يرقيه لا الصديق ولا الفاروق عمر ولا غيره، وإنما رقى نفسه - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا الأصل، لكن إذا كان الإنسان لا يستطيع لمانع لا يستطيع أبدًا أن يرقي نفسه لا حرج أن يرقيه آخر ممن يعرف الرقية الشرعية الصحيحة ليست هذه الدِّعائية الموجودة التي يتعاطاها كثيرٌ ممن يتصدر لهذا الأمر ويقعون في المخالفات الشرعية الكثيرة بل والعقدية.
لا أتكلم عن المخالفات السلوكية التي يقعون فيها والمخالفات من لمس النساء والكلام وغير ذلك، واستنزاف جيوب الناس وأخذ الأموال هذا بابٌ واسع يراه الكثير - إن لم يكن الكل- يبقى المخالفات التي هي، هذه المخالفات شديدة تستوجب الابتعاد عمن يفعل هذا كيف إذا ما كان الذي يقرأ حتى لو لم يأخذ مالًا لكن يقع في مخالفات عقدية هذا الواجب الفرار منه والتحذير ورفع أمره إلى ولاة الأمر لمنعه وإقامة أمر الله - عز وجل- فيه، فيقرأ عليه لا تتجاوز خل التجارب قد تكلمت في هذا الباب هذا الحقل ليس حقل تجارب وجدنا هكذا ينفع وهذا ينفع، ليس هذا باب التجربة وقد بَيَّنا هذا في هذا المسجد أيضًا وفي غيره، لما؟ لأننا عالم شهادة وأولئك عالم غيب، ففي عالم الشهادة هنا الذي نحن فيه تجد الكَرَّات والمَرَّات من التجارب التي يقوم بها مراكز علمية وتجارب طبية أو غير ذلك أدوية أو غير ذلك، يفعلون، تجد تجارب كبيرة وكثيرة وسنوات ثم يظهر بعد حين أن هذا لا ينفع الدواء، فيقطعونه من الأسواق يمنعونه يُسَبِّب ويفعل إذا كان هذا في عالم المشاهدة يقع مثل هذا، وهو كثير أكثر من أن يُحصر فما بالك بعالم الغيب؟ لا تقل جَرَّبت ووجدت لا تصح التجربة منك وهذا من استدراج الشياطين والجان للإنس، ولا يمكن لا يُمكن أبدًا.
البارحة سُئِلتُ سؤالًا من إحدى الدول كانت لي كلمة أو كُلِيمة هكذا تذكيرية لبعض الإخوة من إخوانكم أهل السنة في بعض البلاد، وجاء من ضمن السؤال الاستعانة بالجان في إخراج الجن، وقال بعضهم: هل يصح أن نقول أن يجوز إخراج الجان باستخدام الجان بناءً على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية؟ هكذا السؤال، قلت: هذا الذي يريد أن يخرج الجان بالجان كما يدعي مما هو قد فهمه هو أو من تعلق بكلام لشيخ الإسلام فيه، هل هؤلاء ساروا على طريقة شيخ الإسلام ومنهجه في إتباع الكتاب والسنة؟ وعدم الخروج عليهما والتزام كلام أئمة السنة؟ وهل هم في مقام شيخ الإسلام في الانتصار للاعتقاد الصحيح والسنة المطهرة ولأهلها والذب عنها وكتابة الكتب؟ لم يكونوا كذلك، جاءوا أهل شهوات تعلَّقوا بمقالة لينفذوا بها في أباطيلهم، نسأل الله العافية والسلامة، فتسير وتنتشر في الناس متذرعين بشيخ الإسلام، هم مغايرون لشيخ الإسلام مخالفون له مختلفون معه، كيف يحتجون بمثله هذه الأفعال أو هذه الأقوال؟
هذا أمر.
الأمر الثاني: شيخ الإسلام إمام من أئمة أهل السنة وعلم من أعلامها، وإن غصت حلوق أهل الأهواء والبدع والضلال، بل بعضهم جَرَّم شيخ الإسلام وتكلم فيه ووصل فيه أمره إلى حد رميه والعياذ بالله بالموبقات المخرجة من الملة، وهو بها أولى، فهو إمامٌ علمٌ رمزٌ من رموز أهل الحقِّ والسُّنة ويعتبر شامة في جبين الأمة الإسلامية شامة بيضاء نقية، ومع هذا فهو كغيره من أئمة السنة وعلمائها يُصيب ويُخطئ، فإن كان فهم البعض منه هذا الفهم أنه يجيز الاستعانة بإخراج الجن بالجن على اعتبار أن هذا من جنس استعانة المسلم بأخيه المسلم، ولا يُطلق القول الجواز الاستعانة بالجان، إنما الجان المسلم، هذا قولٌ غير صحيح ونرى عدم صوابه وقد بينا ذلك؛ لأن الاستعانة بالجن هذا كما تكلمت أيضًا كما قلت في هذا المسجد؛ هذا الجن المتلبس إن كان مسلمًا متلبس بالإنسي - إن كان مسلمًا- فهو بتلبسه بالمسلم صار فاسقًا مرتكبًا لكبيرة من الكبائر مؤذيًا لمؤمن، أخرج الإمام أبو داوود في سننه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – قال: ((لا يحل ترويع المؤمن)) لا يحل لك أنت مؤمن مع أخيك يحصل هذا بعضهم هذه مثل الذي يفعلون أفعال كذا من باب الترويع والإخافة، يعني كما يقولون رزحة بمزحة، هذا لا يجوز كيف إذا كان الولوج والدخول والتلبس مما قد يذهب به عقله بارك الله فيك، فإن كان إذا قلنا بأنه مسلم على فرض أن يكون مسلمًا فهو بهذا الدخول صار فاسقًا، والآية تقول: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات:(6)]
كيف يمكن لك أن تتبين من هذا الجني الفاسق بخبر قاله أو بفعل فعله تستدل به على صواب فعلك أو على خطأ أو تلبس فلان بفلان ولا في كذا كيف؟ لا يمكنك أن تستطيع أن تتثبت، ما تستطيع، لأنهم عالم غيب ونحن عالم شهادة، الإنسي تستطيع أن تتثبت من خبره بطرق التثبت التي سنّها أهل السنة صحيح؟ هذا كيف تمشي كيف تروح تسأل كيف تستطيع أن تصل؟ لا يمكن تسأل الجان الآخرين كيف تستطيع أن تثبت أن هذا الجان الذي سألته ليس الجان الذي في هذا؟ ما تستطيع} إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}[الأعراف:(27)]
نحن نقرأ القرآن وننظر بالسنة يعني كذا بمعزل؟ لا يصح هذا بارك الله فيك، فإذا ما قرأ عليه شخص يقرأ بالسنة بالثابت من سنة رسول الله وآيات القرآن الكريم كله شفاء؛ بما جاء في فضل الفاتحة، وآية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة، والمعوذات وغير ذلك، قد يقول بعضهم بعض العلماء وبعض المشايخ يقول هذي الآيات تنفع أكثر هذا ضربٌ من التجربة، وقلت لك أن هذا الباب التجربة فيه حتى حديث أبي داوود في القراءة على الماء والنفث في الماء، أما هم يقرؤون الآن، هو قارئ لا يكتفي بأن يكون قارئًا مخالفًا عنده مخالفات أخرى ما يأخذ مالًا، لكن عند الباب هناك في بياع يبيع الماء، ويبيع الزيت، ويبيع العسل، ما هو هكذا؟ فيسرقون الناس هناك، هو ما أخذ هنا أخذ هناك، ماء مقري عليه، وماء زمزم زيادة على هذا، وأحدهم يقول هذا الجالون مقروء عليه القرآن كاملًا، هذا نصف القرآن! صارت مهزلة ومصخرة -بارك الله فيك- واستهزاء واستخفاف بعقول الناس، وتجارة، يَتَأَكَّلون بالدين، فِرَ من أمثال هؤلاء فرارك من الأسد، حتى حديث أبي داود، القراءة على الماء حديثٌ معلول - بارك الله فيك- فانتبه، الأمر ليس فيه شيء من الزيادة، هل الجان جاءنا الآن أم موجود من قبل؟ موجود؟ }قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا{ لمَ لمْ يُفعل هذا في عهده عليه الصلاة والسلام وفي عهد من بعده؟ هناك قَصص وحكايات تُروى عن بعضهم، وهذا باب الخيال مفتوح فيه، وهذه القَصص وكثيرٌ منها لا خطام لها ولا زمام، بارك الله فيك، فإذا ما أراد أن يقرأ عليه -ما استطاع هو أن يقرأ على نفسه- لكن يبحث عن الصالح، الرجل الصالح المشهود له بصلاحه واستقامته وسلامة معتقده وطريقته ومنهجه، يقرأ بالآيات الذي ذكرنا، لا يخالف، ما فيه تمتمات ولا غمغمات ولا ضرب ولا خنق ولا ركل، يقرأ قراءة، ويُعَوّذه بهذه الأمور الثابتة في السنة وفي القرآن.