أحسن الله إليكم، وهذا سائلٌ يقول: لو أنكم تُفَصِّلون لنا أحوال كفار قريش مع توحيد الربوبية، وهل هم سواء أم متفاوتون؟ مع بيان علاقة البعثِ بتوحيد الربوبية، وهل من أنكرهُ يعتبر مشركًا في الربوبية؟ نرجو التفصيل، جزاكم الله خيرًا.
هذا السؤال يستدعي جوابه بيان أمور:
الأمر الأول: لم ينكر توحيد الربوبية إلَّا الفلاسفة، سواءً كانوا في العصور المتقدمة، ويُلحق بهم الدَّهريون من شيعيون وغيرهم في هذا العصر، هم الذين ينكرون الربوبية.
الثاني: جميع ما وقفت عليه من الأدلة، صريحٌ في أنَّ مُشْرِكَة قريش ومن دان دينها مؤمنون بتوحيد الربوبية، وهو أنَّ الخلق والرِّزق وتدبير الأمر والمُلك كله لله - سبحانه وتعالى-، وبهذا يُخطئ خطأً فاحشًا بل يَضل ويُضل؛ من فَسَّر لا إله إلا الله بأنه لا خالق إلَّا الله، ولا رازق إلا الله، ولا يدبر الأمر إلا الله، إلى آخر الدندنة والشنشنة كما هو نهجُ جماعة كبيرة من الجماعات الدعوية الحديثة التي كلها على ضلال، هذا تفسير لا إله إلا الله بتوحيد الربوبية؛ وهو تفسيرٌ باطل.
الأمر الثالث: يجب الإيمان أنَّ التوحيد كُلَّه توحيد لا يُفَرَّقُ بين أقسامه، يعني من حيث الإيمان، فتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، كله يجب الإيمان به وأنه حق على حقيقته.
الأمر الرابع: الذي أنكره المشركون توحيد العبادة، نازعت فيه مُشركة قريش، كما نازع المشركون أنبياءهم من قبل، وهذا يُوضّحه من الآيات قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾، فالطاغوت هنا هو الشرك في العبادة. نعم.