جديد الموقع

8881742

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم،

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ونرحب بالجميع في هذا اللقاء وهو اللقاء الأربعون اللقاءات المفتوحة لشيخنا عبيد بن عبد الله الجابري -حفظه الله - وسيفتتح شيخنا -حفظه الله- هذا اللقاء بتفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾ نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفق شيخنا للسداد في الأقوال والأعمال وأن يطيل عمره على طاعته إنه الولي على ذلك والقادر عليه، تفضل شيخنا.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله وحده وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول الحق جلَّ ثناؤه، وتقدَّست صفاته وأسماؤه: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ المقصود الإيمان الشرعي الذي هو قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالقلب، وعملٌ بالجوارح؛ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فهؤلاء هم المؤمنون حقا وقوله: (يَلْبِسُوا) يعني يخلطوا، وقوله: (بِظُلْمٍ) الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وهو يُرادف الجَوْر، والمَيْل، والحَيْث؛ في الأحكام والمعاملات، فقوله: (بِظُلْمٍ) نكرة واقعة في سياق النفي؛﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾، هي من صيغ العموم، والأصل في العامي بقاؤه على عمومه حتى يُخصِّصه مُخصِّص فيُخرج بعض أفراده من الحكم، وهذا هو الذي فهمه أصحاب محمد - رضي الله عنهم- حين نزول هذه الآية، فشَكَوْا إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- وقال قائلهم: "أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟" فَهِمُوا العموم، وهذا هو الأصل، وفهمهم هو الفهم الصحيح.

 والسؤال هنا: هل عموم هذه الآية - أعني قوله: ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾- باقٍ على عمومه؟ فيصير جميع الظلم ليس معه أَمنٌ في الآخرة ولا هدايةٌ في الدنيا أو زُحْزِحَ عن هذا العموم، هذا يظهر فيما رواه الشيخان عن ابن مسعود – رضي الله عنه– قال: ((لمَّا نَزَل قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾ شق ذلك على أصحاب محمد, فقال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ليس ذاك, أَلَمْ تَسْمَعوا إِلَى قَوْل العبد الصالح ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾؟))، فبان بالقرآن أنَّ عموم الآية هو العام المراد به الخصوص, لا عموم الظلم؛ كما يطلقه بعض الوُعَّاظ والخُطباء وأهل الأهواء, تقنيطًا لعبادِ الله من رحمته وتأْييسًا لهم من رَوْحه, فأصبح إذًا؛ أنَّ الظلم الذي نفى الله معه الأمن والهداية هو الشرك, والشرك إذا أُطلق فهو الشرك الأكبر الذي يُنافي الإيمان بالكلية, والمزيد في تفسير هذه الآية في الجلسة القادمة – إن شاء الله -.

وليتفضَّل أخونا وابننا وصاحبنا وتلميذنا أبو زياد خالد بن محمد بن عمر باقيس بعرض ما تَيَسَّر من أسئلتكم للإجابة عليها بما يفتح الله به علينا، وهو ولِيُّ التوفيق.

 

السؤال:

جزاك الله خير شيخنا وبارك الله فيكم, هذا السؤال الأول؛

يقول السائل: تكثر مقولة؛ نحن مع العلماء الكبار عند بعض الشباب، ونجد أنهم يريدون بها غير ما يريد أهل الحق, فما هو توجيهكم - حفظكم الله-؟

الجواب:

هذه عبارةٌ مُجملة, وقد تبيَّن لي بالاستقراء لأحوال من يقولها أنهم أصناف:

·      أحدهم: من هو على رسوخٍ في العلم، واستقامة على منهج الحق, عُرِفَ نُصْحُهُ للأمة، ومحبَّته الخيرَ لهم, عُرِفَ بالدعوة إلى السُّنة، ونُصرتها، ونصرة أهلها من الكتاب والسُّنة, وعلى وَفْقِ سيرة السلف الصالح, وهم كلُّ من مضى بعد رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – على أثره, وأساس أولئكم الصحابة – رضي الله عنهم – ثُمَّ من تَبِعَهم بإحسان.

·      الثاني: طالبُ علمٍ متأهِّل بأن يشتغل بالفتوى، والدعوة، وتعليم الناس، ولم تُعرَف منه المخالفة لأهلِ السُّنة، وإن لم يكن مُجْتَهِدًا.

·      الثالث: طالبُ علم محبٌّ للسُّنة ميَّز بين الناس فاختار من يصلح له عوْنًا على التفقه في دينِ الله، والتمييز بين السُّنة وضَدِّها على مشايخ فضلاء يتنقل بينهم، ويأخذ عنهم ولم يُخالفهم، وبواسطتهم أحبَّ من قبلهم، أَخَذَ عنهم السَّمْتَ والهَدِي.

·      الرابع: عامِّي لكنه محبٌّ للسُّنة ولأهلها وهداه الله – سبحانه وتعالى – إلى أن لا يأخذ العلم إلَّا عن صاحبِ سُنَّة، سواءً كان هذا العالم مجتهدًا أو دونه، فأحبَّ العلماء في كُلِّ زمانٍ ومكان.

·      الخامس: عاميٌّ يريدُ بالعلماء صِنْفًا معيَّنًا من أهل زمانه هم على خير، لكن اختياره هذا خطأ، لأنه هضم من دونهم من أقرانهم وإخوانهم وأبنائهم مِمَّن يمكنه أن يَسْتَفْتِيَهم، وهم يصلحون للفتوى والتعليم، فهذا مُخْطِئ، مُخالفٌ هدْيَ السلف الصالح، والدَّليل على خَطَئِه ما مشى عليه أهل السُّنة من التابعين ومن بعدهم، فالتَّابعون كانوا يُفتون في عصر الصحابة ولم يَرُدَّ أحدٌ فتواهم، كان يُعَلِّمون ولم يهجرهم المعاصرون مع وجود الصحابة، والتابعون لهم كذلك؛ يفتون ويُعَلِّمون ولم يهجرهم التابعون ولا أقرانهم.

·      السادس: صاحب الهوى المفتون المبتدع الضَّال؛ فإنه لا يريد بهذه المقولة إلَّا من هواهم هواه، والمَسْرَبُ واحد، فهم العلماء عنده ولا يريد غيرهم.

هذه أصناف هؤلاء القائلين؛ فأربعةٌ منهم على خير، والخامس مخطئ فيُناصح ويُنَبَّه على هذا الخطأ، والسادس هذا هو الشرير المارد الضَّال المُضِل.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثاني من الجزائر؛

يقول السائل: أنا شابٌّ أودُّ خطبة فتاةٍ تعملُ في إحدى البنوك؛ علمًا بأنها غير مقتنعة بهذا العمل، وتسعى لتغييره؛ فبماذا تنصحونني - جزاكم الله خيرًا-؟

الجواب:

أنصحك؛ أولًا: أن تأتي البيت من بابه، وهو وليُّها, فإن كانت أعجبتك لِمَا بَدَا لكَ من حُسْنِ تَدَيُّنها وخُلِقها فهذا لا يُسوِّغُ لكَ أن تُفاتحها في الموضوع, وتجلس إليها، فاحذر هذا أنتَ وهيَ، فإنه مدخلٌ من مداخل الشيطان، يجُرُّك إلى استمالتها إلى الخضوع بالقول، وربما كانت خلوة أو شبه خلوة وهيَّ استرفاقك لها في السيارة، فاقلع أنتَ وهيَ عن هذا العمل, فإذا أردت خطبتها فاذهب إلى وليِّها واخطبها منه، واشترط عليها ما تشترط من ذلك ترك العمل في هذا البنك الربوي هذا أسلمُ، بل هو الأصل أن تأتِيَ وليَّها وتخطبها منه بعد الاستخارة منك ومنها.

 

السؤال:

جزاك الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثالث؛

يقول السائل من الجزائر:كنت في مكة وأحرمتُ منها للحج, وسؤالي هو أنِّي يوم التَّرويةِ قدَّمتُ السعيَّ على المناسك كُلِّها؛ فهل عليَّ من شيء؟

الجواب:

الذي أعرفه من سُنَّة النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّ أعمال يوم النَّحر التي هيَ الحلق، والرميَّ، والطَّواف، والسعيَّ تكون في يوم النَّحر، وترتيبها أفضل، لكنه - صلَّى الله عليه وسلَّم- عن تقديم بعض هذه الأمور, فقال رجلٌ: ((يَا رسول الله؛ حَلقت قبل أن أرمي، قال: ارمِ ولا حَرَجْ، قال آخر: يا رسول الله نحرتُ قَبْل أن أحلِقْ، قال: افعل ولا حرج)) قَالَ عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما-:((فَمَا رَأَيْتُهُ سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ)).

ولم أعلم أن أحدًا سعى يوم التروية كما صنعت، لأن يوم التروية من الأعمال المذكورة في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ هي يوم النَّحر، وأيام مِنَى الثلاث، لكن أرجو أنه لا شيءَ عليك لأنك فعلت هذا عن جهل.

 

السؤال:

أحسن الله إليكم شيخنا، وهذا السؤال الرابع؛

يقول السائل من ليبيا: هل يجوز للمرأة أن تُسافر مع زوج أختها برفقة أختها؟

الجواب:

قال - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((لَا يَحِلُّ لامرأةٍ تؤمِنُ باللهِ واليَوْمِ الآخِرْ أن تُسافر مع غير ذِي حُرْمَة))وفي رواية ((مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ))، ((فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتْ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ: اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ))، وتلك المرأة صحابية، أو من خيار التابعيات، وأمَّا الرجل فهو صحابي لأنه مُكتَتِبٌ في الغزو مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم-, ولعلها غزوةُ تبوك في السنة التاسعة من الهجرة، فإذا تقرَّر هذا فليعلم كلُّ مسلمٍ ومسلمة؛ أنَّ الأصل تحريم سفرِ المسلمة مع غيرِ مَحْرَمِها، وإن كان زوجَ أُختها أو عمتها، أو ابن عمها، ووجه الاستدلال في أمرين:

أولًا: ((لا يَحِل))، وهذه صيغةُ نهيٍ شرعية، والأصل في النهي التحريم ما لم يصرفه صارف.

الثاني: إعفاؤه - صلَّى الله عليه وسلَّم- ذلكم الصحابي - رضي الله عنه- من الغزو، وأَمرُهُ أن يحُجَّ مع زوجه.

فلا تغرَنَّكم الأقوال المختلفة، وهذا هو الصواب الذي يجب المصيرُ إليه، وزوجُ أُختِ تلكَ المرأة ليس محرمًا لها، فهي مخطِئة وآثمة، ويجب عليها التوبة، وعدم التكرار، نعم تسافر المرأة مع غير محرمها في أحوال؛ منها:

-     عدم وجود المحرم، فتسافر مع خِيار؛ رجال ونساء، وذلك للضرورة.

ومنها:

-     أن تكون مريضة ومحتاجة إلى الطبيب، مراجعة طبيب في غير بلدها، ومُحْرَمها لا يرضى أن يُسافر معها، وهي ليست لها زوج، أو زوج كذلك لا يرضى، فإن تركت السفر تضرَرَّت، ساغَ لها أن تسافر مع غير محرم، وهناك صور أخرى مبسوطة في المُطَوَّلات في كتب الفقه والحديث، فليراجعها من شاء.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الخامس:

يقول السائل - وهو سوري مقيم بألمانيا للدراسة- يقول: درجت العادةُ عندنا أن يتم الاتفاقُ على مهرٍ مُقَدَّم، يُدفع عند عقد الزواج، ومهر مؤجَّل أو مؤخَّر يدفع عند الطلاق، أريد السؤال عن صحة هذا الأمر؟ فأفتوني، مع توضيح الدليل، بارك الله فيكم.

الجواب:

هذا له حالتان، استقرأناهما من أعمال الناس التي نسمعها، وتمر بنا؛

الحالُ الأولى: أن يُقصد به التيسير على الزوج، فهذا جائز، ويُترك الأمر فيه، ويقال: إلى ميسرة، ولا يصلح تعليقهُ على الطلاق.

الحالُ الثانية: أن يُقصد به التعجيز، فيكون القِسط المُعَجَّل قليلًا؛ يسيرًا، والمُؤخَّر أكثرُ منه أضعافًا، ومُرادهم في ذلك؛ أن لا يُطَلِّقها، فقد تضطره تلك المرأة، لسوءِ خُلقها، أو تَدَيُّنِها، وتَسُلِّطها عليه، فهو بين أمرين أحلاهما مُر:

·      إمَّا أن يصبر على عجلها، وبُجلها؛ لعجزه.

·      أو يُطَلِّقها ولو كَلَّفهُ ذلك استدانةُ هذا المهر المؤجَّل، وأنا حقيقة أقول المُعجز أو المعجَّز به هذا خطأ، ويخالف مقاصد الشريعة في الحضِّ على تيسير النكاح، ومن ذلك تخفيف المهور.

‏‫

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السادس؛

يقول السائل من تونس: هناك شابٌّ أصيبَ بسحرٍ لمدة سنة، ويقول بأنه كان أحيانًا يسبُّ الله بغير قصد، ولأن السحر أثَّر فيه مِمَّا جعله يترك الصلاة طوال مدة إصابته بالسِّحر، والآن بعد أن منَّ الله عليه بالشفاء؛ يسألكم هل عليه أن يقضي ما فرط فيه من الصلاة؟ أم تكفيه التوبة والاستغفار والتكثير من النوافل؟

الجواب:

يستكثر من النوافل قدر استطاعته، ويكثر من التوبة والاستغفار، وتزوَّد من الأعمال الصالحة ومنها الإكثار من ذكر الله - عزَّ وجل-، وخاصة القرآن الكريم، والحمد لله الذي منَّ عليه بالشفاء، ولا قضاء عليه.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السابع؛

تقول السائلة من فرنسا: أحسن الله إليكم شيخنا، زوجي مُزيِّن يحلق الشعر واللحية للرجال في عمله، وتقول: هل يجوز هذا؟ وهل مالنا من الحرام؟

الجواب:

يا بنتي بَلِّغي زوجك منِّي السَّلام، وأن لا يحلق اللحية، لأن تربيتها واجبة وحلقها معصية، إعفاءها واجب وحلقها معصية.

وأمَّا دخله فالذي يظهر لي أنه خليط من حلالٍ وحرام، فإذا تابَ عن حلق اللِّحى فنبَشِّره بقوله تعالى:﴿فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثامن؛

يقول السائل من الجزائر: هل المراد من حديث ((مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا))؛ هل هذا الحديث خاصٌّ بمن أكل منه كثيرًا أو عام حتى لو أكل منه يسيرًا؟

الجواب:

الذي يظهر لي أنَّ المقصود ما أَنْتَنَ الفم بسببه؛ سواءً كان قليلًا أو كثيرًا، فمن ابتُلِيَ به فلا يُصلِّي في المسجد، لصريح النهي؛ قال النبي – صلى الله عليه وسلم-: ((فَلْيَعْتَزِلْ))، وفي رواية قال: ((فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا))، وصحَّ أنهم كانوا يخرجون من أكل ثومًا أو بصلًا أو كُرَّاثًا إلى البقيع، بعيد عن المسجد النبوي، فمن أراد أن يأكله فليطبخه، وإذا ابتُلِيَ بأكله نيئًا فليُتبعه بما يزيل الرائحة قدر الإمكان مثل الهيل، القرنفل، ويمضغ النعناع؛ فهذه جُرِّبت أنها تطمس الرائحة، فإذا طمست الرائحة صَلَّى مع المسلمين، وإذا لم تطمسه فلا يصلِّ معهم حتى تذهب الرائحة النتنة من فمه. نعم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال التاسع؛

يقول السائل من ليبيا: سمعت أنَّ نذر الطاعة له كفارة إذا قال الناذر حين نذر إن شاء الله، ولم ينوِ الإطلاق في النذر بالشيء؛ ما صحة هذا القول؟

الجواب:

هذا النذر معلَّقٌ على المشيئة؛ فلا كفَّارة فيه إذا لم يُوَفِّه.

وإنَّما الذي فيه الكفارة هو النذر الخالي من التعليق على المشيئة؛ مثل: إن شفا الله مريضهم ولم يقل إن شاء الله، إن يَسَّر الله له الحج، فهذا مطلق، فهذا الذي يجب عليه الوفاء به، إذا تركه مع القدرة عليه، أمَّا إذا عَجَزَ؛ ما تيسَّر له الحج، أو مثلًا شفا الله المريض ولم يقدر في الحال؛ فهو دَيْنٌ في ذمته، إذا لم يتيسر له المنذور فيه أو المنذور من أجله فلا شيء عليه، لكن إذا تَيَسَّر فهو دينٌ في ذمَّته، يجِبُ عليه الوفاءُ به وإلَّا تحلَّل عن يمينه، ولا يُقال هذا عاجز، عبارة عَجَزَ مني خطأ.

إنَّما قال العلماء في نذر المعصية؛ نذر المعصية هذا اتفقوا على أنه مُحَرَّم، ولا يجب الوفاء به، وإنَّما اختلفوا هل فيه كفارة أو لا، فبعضهم قال: فيه كفارة يمين، وبعضهم قال: لم يكن فيه كفارة، ونذر المعصية مثل قوله: إن شفا الله مريضه يذبح لروحِ الولي فلان، أو يسقي أو يتصدق بخمر، أو غير ذلك مِمَّا هو مُحَرَّم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال العاشر من المغرب؛

يقول السائل: ما حكم ركوب المرأة للدراجة النارية ما زوجها؟ وجزاكم الله خيرا.

الجواب:

هذا إذا كان يجعل المرأة تتكَشَّف وينظر إليها الناس هذا خطأ ولا يجوز، تمشي.

أمَّا إذا كانت لا تَتَكَشَّف وهي محتاجة إلى أن تركب خلف زوجها فلا بأس بذلك، لأنه لم يظهر لي فرقٌ بينه وبين الدابة من بعيرٍ أو حصان أو بغلٍ أو حمار. نعم.

 

السؤال:

بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال الحادي عشر؛

تقول السائلة من تونس: طَلَّقني زوجي قبل الدخول، لكن صارت خلوةٌ شرعية بيننا في منزل والدي، والآن مرَّ شهرٌ على هذا الحال، وتقدَّم أحدهم لخطبتي لكني سمعت فتاوى تقول: بأنَّ المطلقة الغير مدخولٍ بها يُستوجب عليها أيضًا العدة، لأنه قد اختلى بها، فهل هذا صحيح؟ علمًا بأنِّي أخاف من نظرة الناس لي كوني خلوت خلوةً شرعية مع خطيبي السابق.

الجواب:

أولًا: يا بنتي هو ليس خطيبًا مادامَ عقَدَ عليكِ، فهو زوج فلا تقولي خطيبي، هذا خطأ، كلمة خطيب خطأ، الخطيب: هو الذي يطلب المرأة من وَلَيِّها، هذا خطيب؛ فإذا تَمَّ العقد كان زوجًا.

أقول في هذا؛ أولًا: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا..﴾ الآية، لكن قال أهل العلم: إذا خلى بها مُطَاوِعة لم يُكرِها، وأُرخِيَت الستور، وغُلِّقت الأبواب وجبت عليها العدة، فأنتِ معتدة بناءً على هذا القول، ثلاثة قرون.

ثانيًا: ما خَشِيتِهِ من نظر الناس إليك فهذا فلا تكترثي به، الحقُّ أحقُ أن يُتَّبع.
هذا الذي أعرفه من مسألتك حتى الساعة، وإن جَدَّ لي شيء أعلنته في هذه الإذاعة. نعم.

 

السؤال:

جزاكم الله خيرا شيخنا، وهذا السؤال الثاني عشر؛

يقول السائل من ليبيا: نعلم بأنَّ الملح من الأصناف الربوية الستة المذكورة في الحديث؛ فهل يجوز أن اشتري الملح بمبلغٍ من المال ولكن بالدَّيْن؟

الجواب:

فَهِمت من سؤالك يا بُنَي من ليبيا، أنك تريد النقد لأنه هو الذي يغلب عليه عُرف الناس أو لا يعرف الناس غيره، إذا قالوا مال يريدون النقد، فإن كنت تريد النقد، فليس هذا من الرِّبا، ما دام أحد العِوَضَيْنِ عن الآخر نقدًا؛ تمر بنقد، شعير بنقد، بُر بنقد، ملح بنقد؛ هذا لا بأس به، هذا من البيع والناس يتبايعون يا ولدي، الناس مُجْمِعون على هذا، لكن كثير من الناس لا يملِكُ شيئًا فتكون بينهم مداينة، الناس يشترون الخبز، والبُر، والشعير، والتمر، يشترونها إلى الشهر أو أكثر، ولا نكير في ذلك من أيِّ عالمٍ من أهل العلم.

لكن لو اشتريت ملح بملح، أو ملح بِبُر، أو ملح بشعير؛ فهذا لا يجوز، لو اشتريت ملح بجنسه - ملح آخر- وَجَبَ عليك أمران:

أحدهما: القبض في المجلس.

والثاني: التساوي – المساواة-.

وأمَّا إذا اختلف الجنس ملح بتمر، ملح ببر، ملح بشعير؛ فهُنا يلزمكما فقط القبض في المجلس، ويجوز التفاضل لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم- لما ذكر الربويات الست قال: ((فإِذَا اختلفت الأجناس فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يدًا بِيَدْ)).

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثالث عشر؛

يقول السائل من تونس: أبي لا يريد قراءة القرآن لأنه يخطئ كثيرًا في القراءة، ولا يحب أن يلحن في القراءة؛ فأرجو أن توجهوا له نصيحةً، وجزاكم الله خيرا.

الجواب:

نقول للسائل: لأبيك حالتان:

إحداهما: أن لا يحب أن يقرأ القرآن على الناس ولا يقرِئهم إياه لأنه يلحن؛ فهذا حسن، لكن يجتهد في تقويم لسانه، يقرأه على رجال فضلاء يسدِّدونه، فإذا عجز فلا يكلف الله نفسًا إلَّا وسعها.

الحالة الثانية: النفي المطلق أو الامتناع المطلق عن قراءة القرآن، فنقول: ما كلَّفك الله بهذا، اقرأ ما استطعت، وما دُمْتَ عجزت فلا يكلف الله نفسًا إلَّا وسعها، ولا شيء عليه غير ذلك، بل أخشى عليه إذا ترك قراءة القرآن أن ينسى ما حَفِظ، حتى في الصلاة لا يتذكرها، تناصحوه أن يقرأ ويجتهد. نعم.

 

السؤال:

جراكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الرابع عشر؛

يقول السائل من الجزائر: كيف يتشهد من يده اليمني مقطوعة؟ وهل يصح التشهد باليسرى؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

أرجو أن يكون ذلك صحيحًا، يشيرُ بالسَّبابة اليسرى. نعم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير، وهذا السؤال الخامس عشر والأخير؛

تقول السائلة من ليبيا: هل تمني المرض كالحُمَّى لتخفيف الذنوب جائز؟

الجواب:

لا يجوز للمرء أن يتمنى الضرر على نفسه، لا في نفسه، ولا ماله؛ لأنه قد يُبتلى بما لا يطيقه، ولكن يسأل الله العافية، ويدعو بجوامع الدعاء في الأوقات الفاضلة بين الأذان والإقامة مثلًا، في جوف الليل، في التشهد الأخير من الصلاة. نعم.

 

بارك الله فيكم، وبهذا تُختم الجلسة، وأسأل الله لي ولكم جميعًا السداد في الأقوالِ والأعمال.

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري