مباركةً علينا وعليكم، لعله في الجلسة الماضية أو قبلها حينما تكلَّمْتُ عن تأليفات العلماء المعاصرين وبيَّنت لكم ما بيَّنت هناك، بلغني أن بعضهم وَجَدَ إشكالًا؛ وهو أني شرحت القواعد المثلى للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله-، ومنظومة القواعد الفقهية لشيخه الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله-،
وأقول: ليس هذا محلُّ اعتراض، فمن تأمَّل كلامي فلا يجد هذا الاعتراض أبدًا؛ لأني أَعدُّ هذين الشيْخين العالميْن الجليليْن ضمن علماء السنة، بل أراهما في الأئمة السابقين، وأؤكِّد لو أنَّ أحد إخواني وأقراني ألَّف متْنًا لعلمٍ معيَّن مثلًا في العقيدة، في الفقه؛ على سَنَن الأئمة السابقين لم أجد صعوبة في شرحه، فيجب أن يُعلم هذا ولا يُظَل استشكالات في الأمور الواضحة، بل أنا شرحت من الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – لبعض الطالبات في الإمارات، كذلك شرحت التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة لسماحة الإمام الأثري الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله.
والآن بارك الله فيك إلى السؤال الأول من معروضاتكم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، هذا السؤال الأول؛
يقول السائل من ليبيا: والدي رجل كبير ومريض وليس فاقدًا للوعي، ولكنه لا يريد الذهاب إلى الطبيب والعلاج، ولا يريد الاستحمام، وأيضًا لا يصلي؛ فهل عليَّ إثم إن أجبرته على هذا مع كراهية والدي لذلك؟ مع العلم إن لم يفعل المرض سيزداد وصحته ستسوء.
الجواب:
ليس البلية عندي وقاصمة الظهر في كونه لا يحب أن يذهب إلى الطبيب، لأن الذهاب إلى الطبيب يمكن أن يُؤتى له بعلاجات أو يُخدع فيُؤتى له بطبيب ويصف له علاجات، لكن المشكلة في كونه لا يُصلِّي، وهذا أمرٌ خطير، ولخطورة هذا الأمر وشدَّة بلائِه أنَّ بعض أهل العلم كفَّر من ترك الصلاة متهاونًا مع إقراره بوجوبها، وأنا لا أُكَفِّره ما دام مُقِرًّا بوجوبها، فأنا مع المُفَسِّقين، فالمسألة عندي اجتهادية، لا أُثَرِّب على من كَفَّر.
لكن أقول:
أولًا: أسأل الله لكم العون والسداد على وصول الهداية إلى هذا الشيخ الكبير والدك فاجتهدوا في تحبيب الصلاة إليه، واجتهدوا في وَعظِه، ولا مانع أن تقولوا: يا والدي قال بعض أهل العلم تارك الصّلاة كافر، وتذكرون مثل حديث ((الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ))، فإذا انقاد لفعل الصّلاة – وأسأل الله أن يردَّه إليه ردًّا جميلًا ويُغلِّب عليه الهداية – فأظنُّ ما بعدها من الذّهاب إلى الطبيب والاستحمام – يعني الاغتسال – أمر سهل إن شاء الله تعالى. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خيرًا شيخنا، وهذا السؤال الثَّاني من الجزائر؛
يسأل عن حكم اجتهاد الصَّحابة، وهل يُؤخذ بهذا الاجتهاد أم لا؟ ويسأل أيضًا عن حُكُم قراءة الفاتحة في الصَّلاة خلف الإمام في الصّلاة الجهريّة.
الجواب:
هذا السؤال يتألَّفُ من شِقّيْن كما سمعتم، وكلُّ شقٍّ منه يستدعي الجواب على حدة.
· فالشقُّ الأوَّل: في اجتهاد الصَّحابة، الصَّحابة هم ورثة محمَّدٍ – صلَّى الله عليه وسلَّم – وهم خِيارُ هذه الأمَّة، هم خيارُ أمَّة محمّد – صلَّى الله عليه وسلَّم ورضيَ عن صحابته- وإن كانوا يتفاوتون في الرُّتبة، يتفاوتون في الفضل، وقد بَيَّن علماؤنا ذلك، فإذا أَجْمعوا على مسألةٍ من المسائل وَجَبَ قَبولُ هذا الإجماع، ولا يشذ عنه إلَّا جاهلٌ لا يعرِفُ مواطن الإجماع والخِلاف، أو مبتدعٌ ضالٌّ صاحبُ هوى، وهم – رضيَ الله عنهم – مُجْمِعون على أصول الدِّين وعلى كثيرٍ من الأحكام.
بقِيَ اجتهاد الأفراد منهم، أؤكِّد فأقول: هم – رضي الله عنهم- أعني صحابة محمَّد – صلَّى الله عليه وسلَّم – أسْعَدُ النَّاس حظًّا بهذا الحديث: ((لن تجتمع أمّتي على ضلال))، ((إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ))؛ روايات مختلفة، وهو حديثٌ بمجموع طُرقه صحيح، وقد يحسِّنه بعض أهل العلم، لكن حينما يجتهدون اجتهادًا فرديًّا فيُخالف المجتهد مجتهدٌ آخر، أو مجتهدون آخرون، أو يجتهد مجتهدون ويخالفهم آخرون، فالواجب هنا النَّظر، فمن كان قوله أو فعله أَسْعَد بالدَّليل وجَب قبوله، والله أعلم.
وأنبِّه؛ هم معصومون يعني من الاجتماع على ضلالة كما قدَّمت، ولا يظن أحد أنَّ كلامي هذا مُطلَق، أمَّا أفراد منهم يقع منهم خطأ، ولكن نحن مأمورون بالأدب مع أصحاب النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم- لقوله: ((إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا))، نردُّ المخالفة من الصَّحابي فمن دونه، لكن نتأدَّبُ معهم ومع من هم أئمَّةٌ في العلم والإيمان والدِّين. نعم.
الشقُّ الثَّاني: في قراءة الفاتحة خَلْفَ الإمام، وهذا فيه تفصيل من حيث الصَّلاة، فالصلوات منها ما هو سرِّي ومنها ما هو جهري، فأَعْدَلُ الأقوال وأصوَبُها أنَّه في الصلاة السريَّة تجب قراءة المأموم؛ تجب على المأموم قراءة الفاتحة لحديث: ((لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ))، وأحاديث أخرى.
وأمَّا الصلوات الجهرية, نقول القراءة الجهرية, فأعدل الأقوال في هذا؛ أنه لا يُقرأ خلف الإمام في الصلوات الجهرية, يعني حيث يجهر, وإن أمكنك أن تقرأ الفاتحة بَدَل دعاء الاستفتاح - وهو سُنَّة - فلا بأس, يعني بعد تكبيرة الإحرام, والحُجَّة لهذا القول وهو أنَّ لا تجب الفاتحة على المأموم في القراءة الجهرية.
الحجة؛ - أولًا: في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا﴾ الآية, وهذه في الصلاة.
الثاني: قوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)) فذكر الحديث وفيه: ((وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا))، والشاهد منه أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – جعل الإنصات لقراءة الإمام من الائتمام به والاقتداء به. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثالث من ليبيا؛
يقول السائل: هناك مدرسة في مدينتنا يقوم بالتدريس فيها أخوات فاضلات, نحسبهم على خير, ويقمن بتدريس العلم الشرعي وبعض العلوم الدنيوية الأخرى، وهذه المدرسة غير معتمدة من الدولة، ولكن في الآونة الأخيرة يُرِدْن الأخوات أن تكون هذه المدرسة معتمدة بحجَّة أنَّ الأخوات سيصبحن داعيات وواعظات معتمدات من الجهات المسئولة، ولكن سيترَتَّب على ذلك إرغامهن على إشراك نساء أخريات على التدريس معهن، وبعضهن مخالفات للمنهج ولن يستطعن الرفض، فما نصيحتكم لهن؟
الجواب:
إذا كان الأمر كما ذُكِر في السؤال, فنصيحتي لهؤلاء النسوة – وفقهن الله وسدَّدهن في الأقوال والأعمال وتقبَّل منَّا ومنهن – الاستمرار على ما هُنَّ فيه, ولا يلجأن إلى اعتماد هذه المدرسة من الدولة, لما ذُكِرَ في السؤال، لأنه والحالة هذه - كما ذكر في السؤال - سيُفرض على هذه المدرسة - التي خُصَّصت لتدريس العلم الشرعي - أمور أخرى غير ما ذُكر, فنصيحتي لهن أن يَبْقَيْن على ما هُنَّ عليه، وأوصي - إذا كان الأمر كما ذكرت من اهتمامهن بدراسة العلم الشرعي وعلوم أخرى - أوصي المقيمين في تلك المنطقة من ليبيا أن يَدْعَموا هذه المدرسة, ولو برسوم شهرية. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الرابع من الجزائر؛
يقول السائل: أختي عليها دَيْنٌ كبير, ولا تستطيع أن تسدِّدَه وقرَّرت أن أسدِّد عنها هذا الدين، واتفقت مع صاحب الدين على أقساط التسديد، مع ضعف إمكانياتي المادية.
وسؤالي: هل انتقل هذا الدين إليَّ، بمعنى: إن توفَّاني الله فسيكون هذا الدَّين في رقبتي يسألني عنه الله يوم القيامة؟ أم هو ما زال في ذمَّة أختي صاحبة الدَّين؟
الجواب:
بارك الله فيك ولك وزادك من فضله, وهذا الذي تحمَّلته عن أختك هو من البِر وجميل صِلة الرَّحم، فعلى بركة الله؛ امْضِي في ما تبرعت به لأختك، وليس هذا في ذمتك, فإذا عجزت في حياتك فلا يكلِّف الله نفسًا إلَّا وسعها, إذا استطاع صاحب الدَّين أن يُمهلك, يزيد في المهلة, أو يُخفِّف من الأقساط أو يُبرئك, وببرائه إيَّاك تبرأ ذمَّة أختك - إن شاء الله تعالى- لأنك أنت متبرع عنها وهو قَبِل منك هذا, فإذا مَضَيْت إلى الآخرة, فليس في ذمتك من هذا الدَّيْن شيء لأنَّك مُتبرع في الأصل, ولست ضامن، هذا الذي فهمته من سؤالك, والله أعلم.
تعقيب الشيخ حفظه الله:
بسم الله والحمد لله وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، في جلسة الاثنين الماضي صدرت فتوى مني لرجلٍ -أظنه من الجزائر- تحمَّل دينًا عن أخته لأنها لا تَقْدِرُ على الوفاء، وكان يسأل هل الدين يجب عليه أو لا؟ هذا هو معنى سؤاله. وكنت أفتيته بأنه متبرِّع يسدِّد ما قدِرَ عليه. وبعد النظر تبين لي أن المسألة فيها تفصيلًا، فأقول وبالله التوفيق:
أولًا: إن كان الرَّجل حوَّل دينه من أختك إليك بناءً على أنك ضامن - هكذا فهِم- فالسدادُ واجبٌ عليك؛ إلَّا إذا قدِرَت أختك وطلَبَت منه تحويل الدين إليها فقَبِل؛ فيتحوَّل إليها هي كما كان أوَّل الأمر.
الحالُ الثانية: إذا كان التحويلُ بناءً على أنَّك مجَّرد تسدِّد؛ ولم يكن هناك ضمان منك - بناءً على ما فَهِم هو - فأنتَ متبرِّع ولا شيءَ عليك. في الحالة الأولى التي فَهِم الرجل منك بأنك ضامن؛ التسديد -كما قلنا - يجِبُ عليكَ حالَ حياتك، وبعدَك فلا يجب على أحدٍ من الورثة. والله أعلم وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السؤال:
جزاك الله خير شيخنا, وهذا السؤال الخامس؛
يقول السائل من تونس: أريد نصيحة لي وللفتاة التي سأعقد عليها لكي لا نقع في مشاكل، خاصةً أن الفترة ما بين العقد الشَّرعي والمدني ستطول وأخاف أن يكون طول المدة سببًا في سوء التفاهم بيننا.
الجواب:
أوَّلًا: أنا لا أدري كيف تمَّ الاختيار بينك وبينها أو الاتفاق على الزواج, هل هو عن طريقها شخصيًّا؟ لأنَّ بعض المسلمات عندها فكر غربي؛ تأتي تبحث عن الخاطب وتأتي به إلى وليها وتقول هذا فُلان خطبها فأتمُّوا له أو أنجزُوا له أو وفُّوا له؛ هذا خطأ, هذا ليس من سمت المسلمات, هذا داء سرى من نسوة بعض المعسكرات الكافرة أو المتأثِّرات بمعسكرات الكافرة, أو أنَّه تمَّ منك عن طريق وليّها، خطبتها عن طريق وليِّها، ووليُّها رَغِبَ في تزويجك منها لِمَا ظهر له من حسن تدينك وخُلُقِك عملًا بقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ))الحديث, وأنت كذلك تعرَّفت من خلال نسوتك أو مجاورتك لأهلها أنَّها ذات دين, ذات ديانة, وأمانة, فلن يكون هناك مشاكل إن شاء الله تعالى-.
لكن نصيحتي ما دمتم متخوِّفين أن تبادر إلى الدخول عليها بعد أن يتم العقد الشرعي, فإنَّ هذا هو الواجب الذي يستحلُّ به الرجل المرأة فتُصبح زوجةً له, هو العقد الشرعي, وأمَّا العقد المدني فهو غير موجود عندنا, لكن أظنه يعني التسجيل في الدوائر المختصَّة, وهذا يمكن الدخول قبله ولا بأس بذلك - إن شاء الله تعالى-, بل إذا طلبت هذا يجب على وليَّها أن يجيبك إلى ذلك. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السادس من تونس؛
يقول السائل: أسكنُ في الريف، وإمام مسجدنا يكتب في الحروزات - بمعنى التمائم -، أي يكتب بعض الكتب الصغيرة فيها كلام الله وأحاديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكلامه هو - أي الإمام - ويعطيها لبعض السكان لرفع أو دفع البلاء ولدفع العين ولإخراج الكنوز من الأرض إلى آخره؛ فما نصيحتكم لهذا الإمام؟ وهل يجوز الصلاة وراءه؟ مع العلم أن بعض الأخوة نصحوه في هذا الأمر.
الجواب:
عجيب أمر إمامكم هذا، كأنه أوتي كل شيء بيده، ويسِّخره كما يشاء، فهذا الإمام مشعوذ، فلا تصلوا خلفه حتى يتوب إلى الله - عزَّ وجل -.
التمائم على ضربين:
· أحدهما: ما كان فيه شِرْك، أو كلام لا يفهم، وهذا محرَّم بالاتفاق.
· الثاني: ما كان فيه من القرآن والأدعية الصحيحة من السنة، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، لكن الراجح تحريمه؛
- أولًا: لعموم أحاديث النهي ومنها: ((إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ))، والأصل في العام بقاؤه على عمومه حتى يأتي المخصِّص، ولا مخصص لعموم أدلة النهي.
- الثاني: سدُّ الذريعة، وإيضاحه أنَّ تعليق الناس التمائم على صدورهم يفضي إلى الشرك ولو بعد حين، ويُجَرِّئ المشعوذين والجُهَّال إلى أن يدخلوا فيما كان خاليًا من الشرك أنواعًا من الشرك.
- الثالث: أنَّ تعليق التمائم هذه إذا كان من القرآن والأدعية فيه امتهان لها، وامتهان القرآن مُحَرَّم كما في السنة، والامتهان هو أن مُعلَّق التميمة، ينام عليها، يعينها، يدخل بها أماكن القاذورات، وغير ذلك. نعم .
الطالب: هنا شيخ علَّق أحد الأخوة على الدخول على الزوجة بدون عقد إداري أنَّ هذا قد يفتح باب على البعض.
الشيخ: لا مالنا شغل، قد هذه مالها مكان عندنا، أنا ذكرت ما استدللت به على نصيحتي لهذا الشخص.
كيف يفتح بابًا على البعض؟ ما دام النكاح تَمَّ بولي، برضا الزوجين، وولي الزوجة، والشهود، والإيجاب والقبول؛ فأيُّ باب؟! هذا أخشى أنه من الإرجاف، فلا يُلتفت إليه.
السؤال:
بارك الله فيك يا شيخنا، هذا السؤال السابع من الجزائر؛
تقول السائلة: هل يجوز لي أخذ المال من زوجي دون علمه لأنه مبذِّر؟
الجواب:
هاهنا سؤالان يا بنتي:
الأول: ما تأخذيه من ماله، هل لمصلحتك؟ أو لمصلحته هو؟ فإن كان لمصلحته، يعني تقصدين التوفير حتى لا يتلف ماله بالتبذير كما ذكرتِ أنت والعُهدة عليك؛ فهذا لا بأس به، مصلحة له هو، ومصلحة للبيت - إن شاء الله تعالى -.
أمَّا الثاني: وهو أنك تأخذين من ماله بغير علمه لمصلحتك أنت، والأولاد إن كان لكن أولاد؛ فهذا فيه تفصيل:
· وهو إن كان هذا الرجل زوجكِ مقصرًا عليكم ولا يسد حاجاتكم بالنفقة؛ فلا مانع أن تأخذي منه بقدر ما تحتاجين فقط، الحاجات المعتمدة المتعارف عليها في النفقة والكسوة، لما في الصحيح ((أَنَّ هِنْدًا أُمَّ مُعَاوِيَةَ امْرَأَةَ أَبِي سُفْيَانَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ)).
· وأمَّا إن كان الرجل يُوفِّيكم حقكم، ولا تحتاجون إلى أن تأخذي من ماله من حيث لا يعلم؛ فهذا لا يحلُّ لك إلَّا لِمَا قَدَّمنا إن كنت تأخذين من ماله لتخزنيه عند الحاجة، فتدفعينه إليه هذا لمصلحته وقد قدمناه قبل قليل، فارْعِيْ أنتِ وجميع المستمعين من المسلمين والمسلمات هذا التفصيل.
السؤال:
جزاكم الله خيرًا شيخنا، وهذا السؤال الثامن؛
يقول السائل من تونس: ابن عمي لامَنِي لعدم زيارتي إيَّاه، وأنا لم أزره لأن زوجته لا تلتزم بالحجاب الشرعي، وهكذا أغلب أقاربي، وأنا أريد أن أقدم صورة حَسَنَة للمنهج السلفي، لأن هذا المنهج جديدٌ عليهم في بلدي؛ فهل أذهب لزيارته؟
الجواب:
هذا يا ولدي من تونس فيه تفصيل؛ وبيانه: أنَّ هذه زوجة قريبك أصلحها الله وردَّها إلى الصواب والحقِّ ردًّا جميلًا؛ لها أحوال:
- الحالة الأولى: أنها لا تحتجب، يعني لا تلتزم بالحجاب الشرعي، وهذا يختلف هل يعني لا تلتزم؛ يعني لا تتوَّرع من مخالطة الرجال الأجانب، وتجلس إليهم، وتحادثهم خاضعةً بالقول، سافرة؛ نعم لك أن تفاتحه وتقول أنا حقيقة لا أستطيع أن آتي إليك وزوجتك هذه حالها أنا لا أستطيع، هذه حالة.
- الثانية: أنها لا تلتزم بالحجاب يعني إذا خرجت، ومثلًا وهي لا تخالط الزوَّار والضيوف إلَّا أنها تمر بأشياء يطلبها زوجها فتقدّمها فهذه غض من بصرك يكفيك أن تغض من البصر، قال تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾، وقال في الآية الثانية بعدها: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ مع أنَّا ننصحك ألَّا تُكثر الزيارة، تكون الزيارات قليلة، لأن كثرة الزيارات مُجحفة ومُجهدة، والله أعلم.
بقِيَت حالة وهي أنه في حال وجودك أنت - لو كانت تخالط غيرك من الرجال - لكن في حالة وجودك تستحي، ولا تبرز أمامك، فهذا لا يمنع من زيارتك ابن عمك. نعم.
السؤال:
شيخنا هذا السؤال التاسع؛
يقول السائل من المغرب: أنا رجلٌ متزوِّج وأعمل في شركة اتصالات، وأقوم بصيانة الانترنت بحيث أنتقل إلى منازل الزبائن وفي مرَّاتٍ قليلة قد أكون أنا وصاحبة المنزل وحدنا في البيت، لكنها تكون في غرفةٍ أخرى، علمًا أنني ألتزم بالضوابط الشرعية أثناء عملي؛ فما حكم هذا العمل؟ وهل أتركه في الحال أم أنتظر حتى أجد عملًا آخر؟ علمًا أنه في بلدنا نجد صعوبة في إيجاد العمل.
الجواب:
ثبَّتنا الله وإياك والسامعين على الحق والهدى وبالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، أنا لا أظن أنَّ الدولة أو الجهات المختصة تُلزمك بالدخول والحالة هذه، فإذا دُعِيتَ إلى منزل فاطلب صاحب المنزل يكون معك، أو أحد أولاده البالغين العُقلاء، وأن يكون مثلًا المكان الذي تُصلح فيه الانترنت؛ مكان منعزل عن النساء؛ يعني لا يمكن أن تراها، بينك وبينها حائل، فهذا لا بأس به - إن شاء الله تعالى -.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا وهذا السؤال العاشر؛
تقول السائلة من الكويت: ما حكم استعمال قشرة الأسنان؟ وهي طبقة خفيفة تُغلَّف بها الأسنان بشكل دائم والغرض منها جعل لون الأسنان أكثر بياضًا.
الجواب:
يا بنتي من الكويت؛ نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - المتفلِّجات للحُسن المغيِّرات خلق الله وهذا في حديث النامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة، فلا تَعْمَدي إلى هذا، فالبعد عن هذا ... إلى ما هو أشد منه، ثُمَّ بلغني أنَّ العمليات مُكَلِّفة تكلِّف نحو عشرين ألف ريال سعودي، فتوفيرُ هذا المبلغ مطلب للشخص أو له ولأهل بيته، فإذا كان ولابد بأن كانت الأسنان في حكم التالفة، أو عليها جير يُكَلِّف الإنسان بالذهاب إلى الطبيب لتنظيفها، وهذا قد يؤدي إلى تلفها أو ضعفها؛ فليستخدم ما هو أخف من هذا، كأن يجعل عليها مثلًا شيء من الذهب بحيث أنه يقيها الوسخ، أمَّا عمل هذه للتَّجَمُّل فلا تُنصح المسلمة به.
السؤال:
جزاكم الله خيرًا شيخنا، وهذا السؤال الحادي عشر من الجزائر؛
تقول السائلة: قبل وفاة أمي قَسَّمَت ما تمتلك من مجوهرات ذهبية علينا نحن الثلاث من البنات، ولكننا رفضنا واقترحنا عليها احتفاظ أختي بجزء وبَيْع الباقي، والتصدق بالمال لبناء المساجد ووافقت، لكنها تُوفيت قبل أن تبيع وتتصدق؛ هل تعتبر هذه المجوهرات من الإرث؟ ويجب إعطاء أخي الوحيد حقه؟ أم نفعل ما اتفقنا عليه في حياتها؟
الجواب:
أحسنتِ يا بنتي أنتِ وأخواتك؛ إذ دفعتن عن والدتكن - رحمها الله -شرًّا عظيمًا وهو ظلم أخيكِ، وأحسنتن إذ لفتن نظرها إلى التَّصدق بهذا المال، وهذا وإن كان حَسَنًا لكنه كما سيأتي هناك ما هو أولى منه.
الآن ما ذكرتِه من المال هو تَرِكَة، والوالدة لم تُوصي، فاجتمعي أنتِ وأخواتكِ مع أخيكُنَّ واتّفِقْنَ على شيء، ولو تنازلتم جميعًا عن المال كله، لكن من رفض يُعطى حقُّه، فإذًا نقول: إذا اتفقتم جميعكم أنتن وأخوكن على أن يكون المال صدقةً عنها في بناء مساجد فلكم ذلك، أو اتفقتم على بعضه فلكم ذلك، أو أنَّ بعضكم وافق وبعضكم طلب حقَّه، فالذي طَلَبَ حقّه يُعطى حقّه؛ ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثاني عشر؛
تقول السائلة من البحرين: أُريد أن أعرف صحة ما نفعله؛ نحن مجموعة من النساء على الشبكة، نقوم بمُدارسة سورة معيَّنة نقرأ لتفسير للشيخ العثيمين - رحمه الله -، وكذلك تفسير الشيخ السعدي - رحمه الله -، ونحاول تدبُّر الآيات واستخراج العمل المُمكن فِعلَه، مع العلم أننا لم ندرس على مشايخ.
الجواب:
يا بنتي؛ هذا العمل حسن، وأنا لا أدري عن مُؤهِلاتكن العلمية، هل درستن علوم شرعية في معاهد أو جامعات أو كليات تهتم بالعلم الشرعي أو لا، ولا أستطيع في الحقيقة أن أمنعكن، فإن كُنتنَّ جميعكن دارسات علم شرعي في معهد يهتم بالعلم الشرعي، أو في مؤسسة علمية لديكم في القُطر أو في غيره، مؤسسة علمية تهتم بالعلم الشرعي، فهذا حسن، جيد، تمام، ومع هذا أوصيكن بواحد من أمرين:
· الأمر الأول: أن تَختَرْنَ أوسَعكُنَّ باعًا، وأكثركُنَّ إطَّلاعًا في العلم الشرعي، حتى تضبط المجموعة، ولكن لا يجوز أن يكون هناك ولاء ولا براء أبدًا، من حضرت أخذت نصيبها من هذه المُدارسة، ومن غابت فلا تُلام، ولكن قد تُسأَل سؤال من باب الأخُوَّة، لا من باب شدَّة العِتاب والتَّثْريب لا.· الثاني: إذا لم يكن هذا، فأنصحكُنَّ أن تجمعن المواطن المُشْكِلة فيما تدرسنه لِهذين العالِميْن أو غيرهما لعرضها على أهل العلم المُتخصِّصين بالعلم الشرعي، المعروفين بالاستقامة على السُّنة، وفقكُنَّ الله وسدَّدكُنَّ في الأقوال والأعمال.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثالث عشر؛
تقول السائلة من الإمارات: سمعت فتوى للشيخ العثيمين - رحمه الله - يقول فيه - كما فهمت - إنه يجب أن ندعو الرافضة بالرِّفق، ولا نُهاجم ما هم عليه من الشركيات، وأنا أُريد من فضيلتكم أن تشرحوا لنا ضوابط الرفق واللِّين عند التعامل معهم، ومتى نرفق بهم؟ ومتى نستخدم الشدة؟ ومتى نهجرهم كُليًّا؟ إذ إنني أتعامل معهم بشكل يومي في الجامعة.
الجواب:
ما ذكرتِه أظنّه ليس مقصورًا على قُطرِكم، بل الرافضة منتشرون في كل مكان، وشرُّهم الآن أخطر لِقوَّةِ إيران فهي دولة الرَّفض، ومروِّجة الرَّفض، والداعية إلى الرَّفض، ولهذا يخطئ من يسمِّيها دولة إسلامية، بل هي دولة رافضيةٌ كافرة، هذا أولًا.
ثانيًا: نحن مأمورون بما أمر الله به رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، وذلك في قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، ونحن ندين الله بأنهم كفار، بل الآن من خلال ما يبلغني عنهم من أحوال ثَبَتت عنهم أنَّ عوامّهم أشد مجادلة من من هم علماء عوامهم أشد، وعندهم قوة وجلد العلماء منهم لاسيما الكبار يستحون، أمَّا العوام فلا يستحون، ولهذا من قال إنهم كفار علماءهم وعوامهم له حظٌّ من النظر فيما أراه.
فإذًا ما دام الأمر كما ذكرتي وأنتِ مبتلاه بوجودكم مع هؤلاء الرافضيات في تلك المؤسسة، فإذا وجدتِ فرصة لدعوتهِنَّ نعم اعرضي عليهن السُّنة، وأنتِ في قلبك تمقتينهن لكن من أجل دعوة هؤلاء النسوة فاعرضي عليهن السُّنة، إن كنتِ قادرة، إن رأيتِ منهن إقبالًا فاجتهدي واستمري وداومي على ذلك، وإذا رأيتِ منهن صدودًا فدعيهن، واجعلي علاقتك بهن علاقة عمل فقط، فإذا كانت هناك جلسة فيها سُنِّيات ورافضيات فانحازي إلى صاحبات السنة، هذا إذا كنتِ قادرة ومؤهَّلة على مخاطبتهن، أمَّا إذا كنتِ ضعيفة ومحصولك من المحصول الشرعي قليل فابتعدي عنهن أَسْلَمُ لدينك، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا وهذا السؤال الرابع عشر؛
تقول السائلة من فرنسا: أنا وزوجي لم يتيَسَّر لنا الإنجاب الطبيعي فلجأنا للإنجاب الصناعي أو ما يسمُّونه بطفل الأنابيب، وقد اتَّصلنا بطالب علم بالمدينة النبوية وقال: لا بأس إن كانت العملية تتم من خلال خلايا خاصة بي أنا وزوجي، ولكن بعد ما أنجبنا ثلاثة أطفال سمعت محاضرة للشيخ العثيمين - رحمه الله - أنه لا يفتي في هذا الأمر، أرشدونا - حفظكم الله - ما حكم الشرع فيما قمنا به؟
الجواب:
· أولًا: لا بأس عليكم؛ أولادكم من التلقيح الصناعي وهو ما يُسَمَّى بطفل الأنابيب إذا تَمَّ بشروطه، والأخ الذي سألتموه ذَكَرَ لكم هذا باختصار، فأولادكم شَرْعِيُّون ولله الحمد.
· ثانيًا: قول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - أنه لا يفتي؛ هذا توقُّف، فهو لا يجزم بتحليله ولا بتحريمه.
· الأمر الثالث: أُرشدك أنت وزوجك إلى الاتصال برئاسة البحوث العلمية في المملكة العربية السعودية، فعندهم بحوث في هذه المسألة تزوِّدكم تلك الجهة بما تقِرُّ به - إن شاء الله - أعينكم وترتاحون إليه في هذه المسألة. نعم.
السؤال:
جزاكم الله شيخنا وهذا السؤال الخامس عشر؛
يقول السائل من هولندا: زوجتهُ تبَنَّتها عائلة كافرة، وأسلمت ولله الحمد، ولكن تَجِد منهم أذًا شديدًا وبُغضًا للإسلام، ومن عادتها أن تزورهم في عيدهم النصارى آخر السنة الميلادي، ويسأل هل تجوز الزيارة؟ مع العلم أنها إن لم تفعل سيغضبون عليها ويهجرونها؟
الجواب:
فهمت أولًا: أنَّ زوجتك ليست بنتًا لهؤلاء الكفار، والحمد لله الذي منَّ عليها بالإسلام وأسال الله الكريم رب العرش العظيم أن يؤدِم بينكم على الإسلام والسُّنة، ويثبِّتنا وإياكم ومن حضرنا من المسلمين عبر هذا الموقع على الإسلام والسُّنة بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
ثانيًا: مادامت أنها ليست بنتًا لهم من النسب، وهذا الذي فهمته لأنك قلت تبنتها عائلة، فليس لهم عليها حقُّ الزيارة أبدًا، لاسيما أنهم أظهروا العداوة للإسلام، فتكون الزيارة مُحَرَّمة في هذه الحالة، فهم حشف وسُفِيلة ليسوا منها بنسب، وأعداء، ويؤذونها.
الأمر الثالث: عيد رأس السنة، وهو ما يسمونه بالكريسمس، عيد الميلاد المسيح، عيد المسيح – صلَّى الله عليه وسلَّم - كما يزعمون، هذا عيدٌ بدعي، وكذلك وُجِدت أعياد بين المسلمين بدعية مثل: العيد الوطني، عيد الشجرة، عيد الحب، عيد الأم، رأس السَّنة الزوجية، هذه كلُّها أعياد بدعية، وما يُفعل فيها كُلُّه محرم، والطعام الذي يُقَدَّم فيها هو مُحَرَّم.
فبلِّغ زوجتك منِّي السَّلام، وأن لا تزور هذه العائلة الكافرة العَدُوَّة للإسلام. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السادس عشر؛
يقول السائل من المغرب: نَذَرْتُ لله في يوم من الأيام بقولي: لله عليَّ أن أصلي الوتر في هذه الليلة، فذهبت للنوم وجاء الاستيقاظ قبل آذان الفجر، ولكن غلبني النوم فلم أدرك ذلك؛ فهل عليَّ كفارة؟
الجواب:
يا بُنَي؛ لماذا هذا؟! لماذا تنذر هذا النذر؟! الوتر سُنَّة وهذا أصح الأقوال أهل العلم، وقد صحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – أنه ((مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ؛ مِنْ أَوَّلِهِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرِهِ، وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ))، وكان الأَرْفق بك والأَلْيق أن تَعْزِم، فإن تمكَّنت من الوتر قبل طلوع الفجر فبها ونعمت، وإلَّا كانت لكَ نيتك الصالحة، لكن مادامت نَذَرت؛ فالأمرُ عندي له حالان في هذه المسألة:
· الأول: أن تكون أنت تعمَّدت السهر، وسهرت فيما لا مصلحة لك فيه، ولست مضطرًا إليه، حتى غلبك النوم، فأرى أنَّ عليك الكفارة.
· الثاني: أن يكون غلبك النوم، بما لا دخل لك فيه، لم تتسبب فيه، فأرجو أنَّه لا بأس عليك في ذلك، وأرى أن تقضي بدله شفعًا، حين تطلع الشمس وترتفع نحو رمح أو رمحين، يعني في حدود مترين تقريبًا، تصلي شفعًا فإن كنت توتر ثلاث تجعلها أربعًا أو ستًّا وهكذا، والله أعلم.
طبعًا في الحالة الأولى أنا قُلت كَفَّارة، ويجب أنْ تعلم أنَّك مُخَيَّر بين ثلاثةِ أشياء: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، فإذا لم تستطعْ على واحدة منْ هذه؛ فعليك صيام ثلاثة أيام سواءً كانت متتابعة أو متفرِّقة، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خيرًا شيخنا، وهذا السؤال السابع عشر؛
تقول السائلة من ليبيا: ما حكم الذهاب إلى مناسبات التي يوجد بها نساء يرتدين ألبسة عارية أو شبه عارية؟
الجواب:
أقول: هاهُنا حالتان يجبُ التَّفريق بينهما يا بنْتي، وهاتان الحالتان حَسْب الرابط والعلاقة بينكِ وبين الدَّاعين إلى هذه المناسبة التي فيها ما ذكرتي:
· فإن كان هؤلاء منكِ بمكان، ولا تستطيعين أنْ تغيبي عن الفرح، أو وليمة أخرى كالعقيقة، فهذا إن استطعت الأمر والنهي والقدرة على ذلك فامضِ، لعلَّ الله ينفع بك ويهدي بك؛ لأن هؤلاء النسوة التي ذكرتي عنهن ما ذكرتي الكثير منهنَّ جاهلات، وتظنُّ أنَّه لا مانع من التَّعَرِّي كما ذكرتي بين النِّسوة الأخريات، فإذا سمعت منك مثل قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم- ((أيُّمَا امْرَأَةٍ خَلَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْالسِّتْرَ الَّذيِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الله))، أخرجه أحمد وغيره، وللحديث قصة عن عائشة رضي الله عنها.
وإنْ لَمْ تجدي استجابة بعد تجربة ونظرْ، شفتي الإعراض والصدود وعدم القبول فاحضري واعتزلي مجلس هؤلاء النِّسوة، وانحازي إلى أخوات مثلك ولنْ تعدمِيهن - إن شاء الله تعالى -، وتكرهين بقلبك، فإذا استطعتِ تقديم ما يجبُ عليك لأهل هذا الحفل ثُمَّ الخروج بعد ذلك فافعلي، وإلَّا فكما ذكرت لكِ انحازي إلى الفاضلات السّتيرات العاقلات.
· الحالة الثانية: أنْ يكون هؤلاء النِّسوة لا تربطك بهن رابطة، يعني لا رابطة نسب، ولا مصاهرة، وإنَّما مجرَّد زميلات في العمل أو في الدَّراسة، فلا تذهبي لأنَّ هذا لا يلزمك أبدًا.
إذا كان الدَّاعية لك – وإن كانت بعيدة - من النِّساء الفاضلات العاقلات فاحضري فإنه يشتَدُّ أَزْرُها بك وأَزَر منْ حضرنَ وهنَّ منكرات لهؤلاء الصَّنيع، ونَبِّهي الدَّاعيات إلى أنَّهن لا يَدْعون هؤلاء النسوة العاريات كما ذكرتي، وإنْ قالت لكِ أنَّها لا تستطيع لِمَا بينها وبينهن منْ رابطة القرابة، وأنَّها لو لمْ تدعهُنَّ لترتَّبت مفسدة راجحة كقطيعة، فهي معذورة - إن شاء الله تعالى - لأنه لا يكلف الله نفسًا إلَّا وسعها. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خيرا شيخنا وهذا السؤال الثامن عشر؛
يقول السائل من المغرب: هل من السُّنة جمع الاستجمار مع الاستنجاء؟ أو الاكتفاء بواحدٍ منهما؟
الجواب:
هذا الأمر فيه سعة، والاستنجاء وهو: إزالة الخارج من السَّبيلين بالماء الطَّهور؛ كافي، وإن اكتفيت بالاستجمار وهو: إزالة الخارج من السَّبيلين بالحِجارة أو ما يقوم مقامها مثل المناديل الورق؛ فلا مانع - إن شاء الله تعالى-.
إذًا ثلاثة أحوال: لكَ أن تجمع فتستجمر بالحجارة ثم تُتْبعها الماء، ولكَ أن تكتفي بالماء وهو أفضل، ولكَ أن تكتفي بالاستجمار بالحجارة، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خيرا شيخنا، وهذا السؤال التاسع عشر من المغرب؛
يقول السائل: عندنا أخ أَخَذَ سِبَح موقوفة في المسجد خِلْسَة، فلَمَّا أنكرنا عليه صنيعه قال: هذا من باب إنكار المنكر؛ فما نصيحتكم شيخنا لنا وله؟
الجواب:
المساجد لها راعي؛ وهي وزارة الشئون الدينية، فإن كانت تابعة للشئون الدينية فلا يحِلُّ لهذا ما صَنَع، يكفيه إنكار هذا المنكر بقلبه وألَّا يُسَبِّح بها؛ لأن السّبحة نفسها من البدع، هذا أرجح الأقوال فيها.
وإن كانت غير تابعة لوزارة الشئون الدينية وإنَّما هي أهلية؛ فالأمر إلى النَّاظر على هذا المسجد والرَّاعي له، فإن أمكن مناصحته والبيان له فبها ونعمت، فإن قَبِل النصيحة فالحمد لله هذا هو المطلوب، وإن لم يَقْبَل تُترك هذه، والمقصود أنه لا يجوز مثل هذا الصنيع أبدًا لا من هذا الرَّجل ولا من غيره.
السؤال:
جزاكم الله خيرا شيخنا، وهذه رسالة من الكويت؛
تقول: الأخت أطلب من سماحة الشيخ عبيد الجابري - حفظه الله- أن يدعو لي بالشفاء من السِّحر، وأن يعافيني الله من جميع الأسقام ويثبّتني على الدِّين.
الجواب:
أولًا يا بنتي: أوصيك بالصبر قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعبد الله بن عباس - رضي الله عنه -: ((واعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا))رواه أحمد وغيره وللحديث قصة، وأَبْلَغُ من هذا قول الحَقِّ - جلَّ وعلا -: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ فإنَّ تقوى الله، ومراقبته في الغيب والشهادة والسِّر والعلانية من أسباب تفريج الكُربات، والتوسعة حال الضائقات.
ثانيًا: لا مانع يا بنتي أن ترقي نفسك إذا قدرتي، فإن لم تقدري فاطلبي راقية معروفة بالصَّلاح والتُّقى في الظاهر من بنات جنسك، وإن لم توجد فعن طريق وليّك اطلبي رجلًا من الأخيار والأتقياء يعني في الظاهر لم يُجرَّب عليه فِسْق، ولم يُعْرَف بخلاف سُنَّة.
الأمر الثالث: ما دمت طلبت مني؛ فأقول: اللهم اشفها، اللهم اشفها، اللهم اشفها، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك.
ولست أنا دائمًا باذِلًا نفسي لهذا الأمر، لكن مادمت طلبتي فأحبَبْت أن لا أرد طلبك، وأوصيك يا بنتي أن تدعي الله - عزَّ وجل- أنتِ لنفسك؛ في الأوقات الفاضلة مثل: بين التشهد الأخير والسَّلام، وبين الأذان والإقامة؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ))، وفي جوف الليل، إذا كنتِ على طهارة ففي أثناء صلاتك وفي السجود خاصة، وإن كنتِ على غير طهارة فتوضَّئِي وضوءَ تنشيط واستقبلي القبلة واقرئي ما تيسَّر وادعي حتى يطلع الفجر، وحال نزول المطر.
ثبتك الله، ثبتك الله، ثبتك الله وإيَّانا والسامعين بالقول الثابث في الحياة الدُّنيا وفي الآخرة على الإسلام والسُّنة.
وبهذا القدر نكتفي، ونستودعكم الله جميعًا الذي لا تضيع ودائعه، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.