بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، حياكم الله جميعًا في هذا اللقاء الأسبوعي مع فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري – حفظه الله تعالى- ضمن اللقاءات المفتوحة مع فضيلته عبر موقع ميراث الأنبياء، وهذا هو اللقاء السادس والثلاثون.
وقبل البدء يود الشيخ – حفظه الله التعقيب على أمر يتعلق باللقاء الماضي، تفضل شيخنا.
الشيخ:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
فحياكم الله أيها المستمعون من المسلمين والمسلمات، وأشكر لكم حضوركم وقضاء الوقت معنا لنتذاكر في كلِّ لقاء مسألة علمية من المسائل التي لا بد من معرفتها وفهمها، واعلموا - بارك الله فيكم- أنَّ السعادة التامة العامة التي ينالها العبد في دنياه وأخراه لها سبيلٌ واحد وهو الفقه في الدين، قال – صلَّى الله عليه وسلَّم- : ((مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)) فما من داعيةٍ إلى الله على بصيرة يَهُمّه حال المسلمين وفرغ نفسه لتعليمهم الحلال والحرام - يعني كيف يعرفون الحلال من الحرام- إلا وهو يسير على النهج العلمي قال الله وقال رسوله، ويحرص جاهدًا على أن يقتفيَ آثار السَّابقين، السَّلف الصَّالح الخيِّرين، وهم كلُّ من مضى بعد رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – على أثَره من أصحابه – رضيَ الله عنهم والتَّابعين لهم بإحسان على مرِّ العصور من أئمَّة العلم والدِّين، فكُلَّما شَرَحَ كتابًا علميًّا انتقل بأصحابه وطلابه إلى كتابٍ علميٍّ آخر، فعلى مرِّ السنين يتخرَّج المئات من طلاب العلم وطالباته وقد فَقِهوا التَّوحيد والسُّنَّة وفقه العبادات العمليّة والتَّعامل فيما بين النَّاس، أصبحوا دعاة.
أمَّا شقشقة العبارات والهجوميَّات والتصدُّر للجرح والتَّعديل دونما أهليَّة ودونما رويّة، هذا ليس من الفقه في الدِّين، هذا من التعمية على النَّاس، ونحن أيُّها الإخوة والأخوات مُخَاطَبون من العليِّ الأعلى – سبحانه وتعالى – بالدَّعوة إلى الله، ولكن ليست مُطلقة، بل هي مُقَيَّدة، وما أراكم يخفى عليكم قوله تعالى:﴿ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، فما كلُّ قضيَّة يُرَدُّ عليها، بل بعض القضايا التي تُثار في السَّاحة هي أشبَه بالثَّرثرة والهَذَيان، فالحاذق البصير المُلِم بأصول الجرح والتَّعديل والردِّ العلمي لا ينقد كل عبارة، بل ينقد من العبارات ما هو تأصيلي، يؤصَّل ويُلقى على الناس على أنه من الله وليس كذلك.
هذه العجالة أردت بها التنبيه فعليكم معشر المسلمات أن تعمدوا إلى من يجلس لكم ويُعلمّكم دين الله من دواوين الإسلام.
أمَّا التنبيه؛ فإني قد أجبت على سؤالٍ وَرَدَ إليَّ من الموقع من الجزائر، وهذا الجزائري شكَّ في عدد الركعات – الصلاة – فألغى الشك وزاد ركعة - يعني أتى ركعة بدل الركعة المشكوك فيها -، فلمَّا سلَّم نسِيَ سجود السهو، وكنت أفْتَيته فيما يتعلَّق بسجود السهو بأن الأحوط أن يُعيد الصلاة، وبعد النظر والبحث تبيَّن لي أنَّ إفتائي إيَّاهُ بإعادة الصلاة خطأ، والصواب أنَّه ليس عليه ولا على أمثاله إعادة الصلاة أو قضاء الصلاة، وإنَّما من نسي سجود السهو فليسجد متى تذكَّرها طال الوقت أو قصُر، وسواءً كان في المسجد أو خارجه كالبيت وبالله التوفيق، والآن وعلى بركة الله يعرض علينا أبو زياد القائم على الموقع – وفقه الله- ما يتيسَّر من أسئلتكم الواردة إليه.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا وبارك الله في علمكم، هذا السؤال الأول فيه مجموعة أسئلة – حفظكم الله – تسأل عن الاحتفال بما يُسمى بالكريسماس أو رأس السنة سواء في البلاد الإسلامية أو غيرها.
الجواب:
خلاصة القول:
أولًا: أنَّ كلَّ عيدٍ سوى عيد الأضحى وعيد الفطر بدعةٌ منكرة، سواءً كان العيدُ نصرانيًا أو كُفريًا مثل: عيد الكريسماس أو حتى كان العيد من أعياد المسلمين المبتدعة كعيد المولد وغيرها من الأعياد، أو عيد الميلاد أو غير ذلك، فهذه بدعٌ مُنكرة، لا عهد لأهل الإسلام في القرون المفضلة بها أبدًا.
وثانيًا: من كان في وسط هؤلاء فلا يُشاركهم الاحتفالات، ولا الفرحة، يَدَعَهُم وشأنهم، فإذا عَطَّلوا الدوائر الحكومية، أو الأهلية، أو عَطَّلوا المدارس يُعطِّل لأنه لا يمكن أن يدرس وحده. نعم.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال الثاني؛
يقول السائل من السعودية: ما تعليقكم - حفظكم الله- على من يقرِّر ويُؤصِّل أنَّ قواعد الجرح والتعديل إنَّما هي خاصَّةٌ برواة الحديث؟
الجواب:
أقول بادئ ذي بدء: سمعنا هذا كثيرًا مِمَّن ينتسب إلى العلم، فقد يكون تخصُّصه شرعيًّا أو غير شرعي، فمن كان تخصّصه غير شرعي فهذا جاهل ولا يُستغرب منه، إذا أمكننا أو أمكن غيرنا من ذوي الاختصاص الشرعي أن يعلِّموه فبها ونعمت، فإن قَبِلَ وإلَّا فهو سفيه.
أمَّا ذوو التخصص الشرعي فالذي يبدو لي أنهم فَصَلوا تخصُّصاتهم عن فهم السلف ومنهج السلف في هذا الباب، ومن هنا صارت عندهم استقلالية في أمور كثيرة أصَّلوا لها وقعَّدوا لها دونما حُجَّةٍ ولا برهان، هذا أَوَّل ما أقول، وهي نصيحة لكلِّ من انتسب إلى العلم الشرعي سواءً كان من الدعاة، أو من المعلِّمين، أو من المُفْتين - ولسْتُ خيرًا منهم - ألَّا يُفرِّطوا في منهج السلف، وأن يجعلوه عمدتهم، وأن يجانبوا بُنيَّات الطريق فإنها تشُلُّ بهم وتَندُّ بهم ذات اليمين وذات الشمال.
وثانيًا: أهل الحديث - وهو أشرف العلوم لأنه ملتقى لأصول الإسلام وفروعه - لهم قواعد دَوَّنوها في دواوين معروفة وجرحوا من هو أهلٌ للجرح، وعدَّلوا خلال دواوينهم من هو أهلٌ للتعديل – وهذا ما يتعلَّقُ بالرواة -، فما على من أراد أن يصحِّح أو يضعِّف إلَّا أن يسلك هذا المسلك، قد كُفِي.
الثالث - ولعلكم أدركتموه-: أنَّ أهل الحديث لم يقتصروا في الجرح بالبدعة على الرواة فقط، بل بدَّعوا وتَكَلَّموا في رجالٍ ليسوا رواة وليسوا من أهل الحديث، ومرادهم في هذا وذاك النُّصح؛ لقول رسول الله – صلَّى الله عليه وسلم -: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)).
وأذكُرُ هنا مثاليْن أو ثلاثة حتى لا أطيل على السامعين:
- المجروح الأول: الجهم بن صفوان؛ الضال المُضِل المبتدع بل الكافر؛ جرحه أهل العلم، وبَيَّنوا حاله للناس، قال الذهبي – رحمه الله – في الميزان قال: "وما علمته روى شيئًا ولكنه فتح شرًّا عظيمًا" والجهم بن صفوان مُجْمَعٌ على كفره، والجهمية كُفَّار.
- الثاني: الجاحظ عمرو بن بحر بن محبوب؛ جَرَحَهُ العلماء وبعضهم كَفَّرَهُ أو يكاد.
- والثالث: الآمدي علي بن أبي علي، قال الذهبي في ترجمته: "نُفِيَ من دمشق لسوء اعتقاده"، وصَحَّ عنه أنه كان لا يصلي. نعم.
هذه أمثلة، وأكرِّر الوصية لمن كان يحبُّ النصيحة أن لا يشِذُّ عن مسلك السلف في جميع أبواب الدين، والجرح والتعديل من أصول هذا الدين، ولكن كما قدَّمت أنه ليس متاحًا لكلِّ شخص بل هو لأصحاب الأهلية، أصحاب الخبرة.
وهناك أمر - لعله الرابع في هذه المسألة - أنَّ الناس مضطرُّون إلى جرح من يستحق الجرح ولذلك صور منها:
· أنَّ القاضي يواجه طلب البيِّنة إلى المُدَّعي ويأتي المُدَّعي بشهوده على ما ادَّعاه فإنه يطلب منه تعديله.
· ثانيًا: من أراد أن يزوِّج موليته؛ لأنه تقدم إليها رجل خطبها منه، فإنه إن كان ناصحًا لها حريصًا عليها لا يزوِّج هذا الرجل إلا بعد السؤال عن حاله من حيث دينه وخلقه إلى غير ذلك من الأمور، هذا من واقع حياة الناس. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، هذا السؤال الثالث؛
يقول السائل من ليبيا: تعلمون - حفظكم الله - ما يجري في شرق ليبيا من اغتيالات وقتل مُنَظَّم يقوم به التكفيريون، وقد راح ضحيته بعض أخواننا الخطباء مِمَّن حَذَّر من منهج هؤلاء؛ فما نصيحتكم لأبنائكم عمومًا والدعاة والخطباء خصوصًا؟ وكيف يكون التحذير من هؤلاء؟ نرجو البيان.
الجواب:
يبدو أنَّ الأمن هناك ضعيف وليس عنده القدرة على الحماية التامة لمن ينصح الناس من هؤلاء الخوارج، فإذا كان الأمر كذلك فدَعُوا التحذير من هؤلاء ولا تتكلموا فيهم، وإنَّما علِّموا الناس التوحيد والسُّنة، علِّموهم الأحكام العملية، كيف يعبدون الله – سبحانه وتعالى -، وكيف يتعاملون مع الناس في البيع والشراء وغير ذلك، وأنا أقول هذا ومن الأدلة على ما قررته في هذه المسألة قول الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، وقال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)).
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الرابع؛
تقول السائلة من تونس: اكتشفت منذ سنتين أن أمي تخون أبي مع رجال آخرين عبر الفيس بوك، وعندما قرأت رسائلها صُدِمت وأصبحت أكرهها بشدة ولا أريد حتى النظر إليها، وإذا حاولت عناقي وتقبيلي سرعان ما أنفلت منها لأني لا أشعر نحوها سوى الحقد، حاولت جاهدة نزع هذا الشعور ولم أقدر بعد قراءتي لتلك الرسائل وإذا أمرتني بشيء أحاول دائمًا رفضه والتأفف والنقد السلبي لها؛ فبماذا تنصحوني؟ علمًا أنها ما زالت تقوم بالخيانة لأبي وقد تحدثت معها منذ فترة أن تكفُّ عن ذلك وأن لها أبناء سوف يتأثرون بسلوكها وأن هذا يعتبر من الزنا.
الجواب:
أقول يا بنتي: أمامك شيئان بل ثلاثة:
· الأول: الصبر عليها ودعاء الله لها بالهداية، سلي الله لها الهداية وأن يصرف عنها مكايد الشيطان فإن صدق ما قلتي فإنها تحت تأثير شيطان إنسي وجني.
· الثاني: لا تعيني عليها الشيطان بسلوكك هذا، بل تودِّدي إليها وخوِّفيها بالله كلما وجدت فرصة لعلَّ الله يهديها، واقرئي عليها من الكتب إن كنت قارئة لكتب العلماء الناصحين، وبَيِّني لها حق الزوج على امرأته أن تحفظه في حضوره وغيابه، تحفظه في عرضه، في نفسها، في كل ما أوجبه الله عليها.
· والأمر الثالث: إذا أَعْيتك السبل وأَصَرَّت فانظري احكم أخوالك، أخوتها، الحكيم منهم، الشجاع وبيِّني له ولا تبيني له كل شيء، بل على سبيل التعريض؛ مثلًا تقول له الوالدة تؤذينا بكثرة محادثة الرجال الأجانب فإن هذا الأخ الحكيم الواعي القوي يستطيع أن يردعها، وبالله التوفيق.
ونسأل الله أن يردها إليه ردًا جميلًا ويصرف عنها كيد الشياطين من الجنِّ والإنس.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال الخامس من الجزائر؛
يقول السائل: هناك شابٌّ ينكر على الأخوة إذا وجد عندهم أي شيء فيه تقاطع كعلامة الزائد مثلًا، ويقول كلُّ تقاطع فهو صليب، وبعد البحث وجدت فتاوى مختلفة، فبعضهم يقول ليس كل تقاطع صليب، والآخر يقول العكس، فما هو الضابط في هذه المسألة؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب:
أولًا: الظاهر أن صاحبكم لا يعرف الصليب، وإنما يسمع فقط، ولعلّه وقع تحت تأثير شخص مثله أو أجهل منه.
وثانيًا: يظهر والله أعلم أنكم أنتم أحسنتم نصيحته، فالمُفترِض أن تُبيّنوا له صورة الصليب كيف هي، الصليب صورة إنسان مصلوب على عمود.
والأمر الثالث: أقول ليس كل تقاطع صليب، واحتَكِموا إلى رجلٍ حاذِق واعي يعرف هذه الأمور ويُبيّن لهُ بالدليل.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السادس من تونس؛
يقول السائل: كثيرا ما تأتيني وسوسةٌ كُفرية تُحدّثُني بها نفسي، ووالله إني أستحي أن أذكر منها أمثلة، فهل يُعدُّ هذا من النفاق والكفر؟
الجواب:
يا بُنيّ التونسي، صَحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال ((إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ)) فما دُمتَ أنك لم تُحرِّك بها شَفَتَيْك، ولا لِسانك فلن تَضُرَّك، وأوصيك بكثرة العبادة، بكثرة النوافل، ومُجالسة الطيِّبين، واجعل لك وِردًا من القرآن تقرأه يوميًا، واستكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، نسأل الله أن يُعينك ويُذهبها عنك.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السابع من فرنسا؛
يقول السائل: ما حكم وضع شيءٍ فوق المصحف؟ وما صحة قول المصحف يعلو ولا يُعلى عليه؟
الجواب:
المصحف فيه كتاب الله يعلو، ومن أدركتم من أهل العلم يكرهون أن يُوضعَ فوق المصحف شيء إجلالًا لما فيه من التنزيل الكريم، والله أعلم. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خيرًا شيخنا، وهذا السؤال الثامن من ليبيا؛
يقول السائل: أمي حاضنةٌ لطفلين، والذين هم أبناء أختي بعد أن تُوفي أبوهم، وكذلك توفيت أمهم ولكنها قبل وفاتها وافقت بإعطاء الوصية الشرعية لعمهم ليدير شئونهم المالية؛ لأنه كان شريكًا لأبيهم في حياته، ونحن لا ندري عن تركته إلَّا شيئًا يسيرًا، وعندما توفيت أمهم -والتي هي أختي- قمت بإجراءات الحضانة لأمي - والتي هي جدة الطفلين-، وسؤالي: هل يجب علينا معرفة ما يملك الطفلين من مال - والذي هو بحوزة عمهم -؛ لضمان حقهم؟ لأنه - أي عمهم- لا يريد إخبارنا بميراث الطفلين بحجة أنه قد أعطى ورقة لابن عمه فيها أملاك الطفلين.
الجواب:
يا بُنَي جزاكم الله خيرًا أنتم وأمكم - والظاهر أنكم مسلمون- على حضانة هؤلاء اليتامى، الذين تُوفي أبوهم وأمهم، فاقتصروا على هذا، ولا تسألوا عن تركتهم مادامت أمهم لم تسلِّمكم شيئًا منها، وإنَّما سلمتها وليّهم فذمتكم بريئة. نعم.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال التاسع من المغرب؛
يقول السائل: ما حكم إلقاء السلام على شخص حالَ ارتكابه المعصية؟
الجواب:
الذي فهمته من كلام أهل العلم، وأنا في الحقيقية لم أحرِّره من كتاب في هذا، أنَّ من كان على المعصية يمارسها لا يُسَلَّم عليه، لا يُسَلَّم عليه زجرًا له، والله أعلم، وليس العاصي، هم يقصدون الذي يُمارس المعصية، حالة ممارسته للمعصية، يُشاهد على المعصية نفسها، لا يُسَلَّم عليه. نعم.
السؤال:
جزاك الله خيرًا شيخنا، وهذا السؤال العاشر من فرنسا؛
يقول السائل: أنا شابٌّ أقيم في فرنسا عند والدَيّ، وأريد أن أهاجر إلى بلدي الأصلي الجزائر؛ لكي أطلب العلم الشرعي وأقيم هناك، ولكن والِدَيَّ رفضا وغضبا علي؛ فماذا أعمل معهما؟ وما نصيحتكم لي؟
الجواب:
يا ولدي إذا كنتَ على صلة بالأخوة المعروفين في فرنسا؛ مثل: الأخ عمر الجزائري وغيره – نسيت أسماءهم الآن- فأنت على خير، تجد إن شاء الله عندهم ما يقوِّيك على إقامة دينك الذي هو فرضُ عينٍ عليك، فأوصيك أن لا تعصِيَ والدِيْك وأن تبقى معهما، وقد يكون هذا واجبًا عليك، أنا لا أدري عن أحوالكم، لكن يمكنك أن تجمع بين حُسْنَيَيْن وهي برُّ الوالدين، ثم إذا تيسَّر لك حج أو عمرة تلتقي بإخوانك في السعودية وتأخذ منهم ما تيسَّر لك من العلم ثم تعودُ - إن شاء الله - إلى والديْك، نعم إن استطعت أن تُقنِعَ أبويْك بالهجرة من البلاد الكافرة إلى بلدك الجزائر فهذا أمر طيِّب، لكن أيضًا أمامكم شيء وهو المعيشة، فإن كثيرًا من مهاجري الغرب والشرق سبب هجرتهم المعيشة، فلا تُشدِّد على والدَيْك.
السؤال:
جزاك الله خير شيخنا، وهذا السؤال الحادي عشر؛
تقول السائلة من السعودية: نسمع على ألسن كثير من الكُتَّاب بحرية الاعتقاد كما أنَّه موجود في بعض المناهج الجامعية؛ فما توجيهكم في ذلك– حفظكم الله -؟
الجواب:
حرية الاعتقاد معناهُ أنَّه للإنسان أن يدينَ بما شاء؛ إن شاء يهوديًا، أو نصرانيًا، أو مسلمًا، وله أن يترك الإسلام وينتقل إلى ديانةٍ أخرى، فهذا كُفر، وإن وُجِدَ في المناهج الدراسية، وأظنُّ أنَّ الجهات التعليمية لو بُيِّن لها هذا من ناصحٍ يُحْسِنُ الخطاب لا يُقرِّونه. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثاني عشر؛
يقول السائل من المغرب: زوجتي تنشغل كثيرًا بالفيس بوك والمحادثة والدردشة مع صديقاتها بالدروس وحلقات القرآن عبر الشبكة على حساب بعض الأشغال المنزلية، وعلى حساب نظافة البيت، ممَّا يجعلني أغضب من ذلك وأوجه لها اللَّوْم، فتقابل ذلك بالمجادلة والغضب وقد تأوي إلى البكاء، فما نصيحتكم لها – سلَّمكم الله-؟ وكيف التعامل معها والحالة هذه؟
الجواب:
حفظنا عن علمائنا أنَّ الحكم على الشيء فرعٌ عن تَصَوُّره، وأنا لا أتصوَّر حالك وحالها، ولا يجب عليَّ أن أُحقِّق معك ومعها، ولكنِّي أنصحكما وأوصيكما بالتسديد والمقاربة، فأنت شَجِّعها على طلب العلم بالقراءة في كتب أهل العلم الموثوقين الذين هم على السُّنة، وإن أمكن أن تحضر حلقات علمية في مسجد فشّجِّعها على ذلك قَدْر الإمكان، وهي يجب عليها أن لا تُفَرِّط في حقوقك ولا في حقوق أولادها ولا حقوق بيتها، بل إذا تعارضت شئون بيتها وخدمة زوجها وشئون أولادها مع درس؛ فهذه الشئون أولى، وبالله التوفيق.
السؤال:
جزاكم الله خيرا شيخنا، وهذا السؤال الثالث عشر من الجزائر؛
يقول: هل يجوز الحكم على الكافر المُعَيَّن بالنَّار؟
الجواب:
الذي أعرفه شيئان:
· أحدهما: من التنزيل الكريم، وذلكم قولُ الله - جلَّ وعلا-: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾، وسبب نزول هذه الآية أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- عادَ عمَّه أبا طالب في مرضِ موته، فَعَرَضَ عليه الشهادة وصَدَّهُ عنها أبو جهل ورجل آخر مخزوبي، والرجل الآخر أسلم - رضي الله عنه-، وأبو جهل - كما تعلمون - قُتِل كافرًا ببدر، فوعده النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأن يستغفر الله له، فنزلت هذه الآية؛ نهي.
· الثاني: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من مر على قبرِ مُشْرِكٍ يَعْرِفُه، فليقل: يا فلان بن فلان إني أبشِّرك أنَّك من أهل النار))، فإذا مَرَرت بقبرِ الخُمَيْني الهالك فقل له: يا خُمَيْني يا مُسَمَّى روح الله، أبشرك أنك من أهل النار لأنه مات على الكُفر، وإذا مررت بقبر مانديلا زعيم مكافحة التمييز العنصري - كما يقولون - فقل له كذلك؛ يعني اسم مانديلا ابن فلان أبشرك أنك من أهل النار، وهكذا، وإن كان هذا الذي مات على الكفر يهودي، أو نصراني، أو وثني، أو كان مسلما فارتدَّ، وإياكم وبُنَيَّات الطريق (فعل، ما فعل، كان يفعل كذا، له أعمال صالحة) هذا لا يتقبَّلها الله منه أبدًا، قال تعالى في الكُفَّار: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا﴾.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الرابع عشر؛
تقول السائلة من تونس: لي صديقة تُخالط من هم على منهج الخوارج، حاولت أن أنصحها مِرارًا وأحذرها من منهجهم خوفًا عليها لكنها ترفض الخوض في هذا الموضوع حسب قولها لأنها لا تستطيع أن تفرِّق بين الحق والباطل، حتى عَلِمت أنَّها رضِيَت بزوج منهم فأرسلت لها رسالة فيها من النُّصح والفتاوى وكنت شديدة وقاسية في كلامي معها لعلَّها تتفطَّن ولكن الأمر زادَ سوءً وظنَّت أني بذلك أرفض صداقتها وأرغب بهجرها وساءت علاقتنا، إني أتألَّم وأخاف أن يعذَّبني ربي؛ فهل أنا آثمة بذلك؟ وهل أعتذر منها؟ وما نصيحتكم لي تجاهها؟ علمًا بأنها لا تسمح أبدًا لأيِّ شخص بنصحها في هذا الأمر؟
الجواب:
هذه هالكة يا بنتي فلا تشغلي نفسَكِ بها، والذي يظهر لي من سؤالك أنَّك أعطيْتِها حقها من النُّصح لصداقتها لكِ، فذمَّتك منها بريئة - إن شاء الله -، فدَعيها وشَأْنها. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الخامس عشر من تونس؛
يقول السائل: ما حكم نشر أدعية طيِّبة ولكن غير مأثورة في مواقع التواصل الاجتماعي؟
الجواب:
الدُّعاء - معشر المسلمين والمسلمات – عبادة، والأصل في العبادة كما قرَّره أئمتنا الحظر يعني المنع إلَّا بنص، فلا يحلُّ لمسلمٍ ولا مسلمة أن يدعُوَ بدعاء من تلقاء نفسه؛ صناعي، بل لا يجوز دعاء إلَّا إذا كان من القرآن أو من السُّنة؛ فمن القرآن مثلًا؛ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾، وما قصَّه الله عن عبده ورسوله يونس - عليه الصلاة والسلام - وأنه قال:﴿فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، ومثل كذلك؛ ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ لأنَّ هذا قصَّه وأخبر به فيما أخبر من صفات عباد الرحمن، الأبرار، الأتقياء، أو جاءت به السُّنة الصحيحة مثل: ((اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ))، وهذا علَّمه النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – أبو بكر –رضي الله عنه – لمَّا قال: ((يا رَسول الله عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي)) فعلَّمه هذا الدعاء، ومن الأدعية؛ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)) هذا أخرجه البخاري عن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما – وأظنه في المتفق عليه، وقال: كان رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – إذا أصابه كَرْب دعا بهذا الدعاء. نعم.
جزاكم الله خير شيخنا، هذا السؤال الخامس عشر الله يحفظكم.
الشيخ: حياكم الله أيُّها المستمعون من المسلمين والمسلمات، ونسأل الله أن نلقاكم والكلُّ على خير في الجلسة القادمة في مثل هذا الموعد – إن شاء الله – وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.