بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، يسرنا أن نلتقي بكم في هذا اللقاء مع فضيلة شيخنا عبيد بن عبد الله الجابري ضمن لقائه الأسبوعي عبر موقع ميراث الأنبياء وهذا هو اللقاء الرابع والثلاثون.
ونبدأ – حفظكم الله – بهذا السؤال:
السؤال:
السؤال الأول: يشيع بعض المتصدرين للدعوة؛ عنكم القول بعدم تكفير الكفار مطلقًا، وكذلك قولهم أنكم وبقية المشايخ كالشيخ ربيع – حفظه الله تعالى- تقولون أنَّ الإيمان عبارتين وهذا مخالف لمنهج السلف وإرجاء، وعلى ذلك يسير جميع طلبة العلم المتابعين لكم، فما رأيكم في ذلك – حفظكم الله -؟
الجواب :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد:
فإنه ما فتئ وما زال أعداء الدعوة السلفية يختلقون الأكاذيب ويُشيعونها بين المُغَفَّلين من الناس الذين لم يفقهوا واقع الساحة الدعوية، ولم تكن لهم صِلَة بأهل المنهج السلفي، وليس هذه الفِرى والأكاذيب وليدة هذا العصر، بل هي قديمة قِدَم دعوة أهل السُّنة، وهذا السؤال يتضمن فِرْيتين:
- الفرية الأولى: الإشاعة بأنَّا لا نُكَفِّر الكفار.. إلى آخر ما ورد.
فأقول أولًا: نحن على مسلك أهل السلف، على مسلك السلف الصالح, ومشايخ السُّنة؛ من تكفير الكافر, وأنَّ من لم يكفِّره كَفَر أو شكَّ في كُفْرِه، وسواء كان الكفر أصليًا ككفر اليهود والنصارى والمجوس والوثنيين غير المجوس, عُبَّاد الأصنام, أو كان كُفْره عارضًا وهو كفر الردّة, بقولٍ أو فعلٍ أوجب ردّته، فمن صَدَرَ منه هذا الموجب لردَّته عالمًا عامدًا مختارًا .. إلى آخر الشروط وانتفت في حقه الموانع كُفِّر ولا كرامة.
وثانيًا: من جالسنا واستمع إلينا يعلم هذا عنَّا علم اليقين، ويعلم أنَّ هذه فرية لا حقيقة لها، واقعنا هو ما ورثناه عن أئمتنا وعلمائنا بدءً من أصحاب النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – الذين ورثوا عن محمد – صلَّى الله عليه وسلَّم – الشَّرع، وما يستوجب به المرء الوصف بالإيمان وما يعرِّيه من ذلك, وما فُصِّل في هذه المسألة ضمن دواوين أهل الإسلام في شتَّى العصور.
وعلى سبيل المثال: كيف لا أُكفِّر الكافر وأنا ألعن بشَّار بن حافظ الأسد؟! وكيف لا أكفِّر كافرًا وأنا أكفّر صداّم بن حسين البعثي الملحد؟ ومعمّر القذافي الهالك, حاكم ليبيا الذي أهلكه الله.
والأمثلة على هذا كثيرة لا أستطيع إحصاءها الآن، والمشايخ لم يباينوا هذا المسلك هم على ما نحن عليه، وأنا على ما هم عليه، وأئمتنا وعلماؤنا على ذلك.
- الفرية الثانية: قوله - أنا والمشايخ - أنَّ الإيمان عبارتان وهذا خطأٌ فاحش وتحريف للكَلِمِ عن مواضعه، بل نحن نقرِّر ما قرَّره علماؤنا وأئمتنا من أنَّ أهل السُّنة لهم في حدِّ الإيمان شرعًا عبارتان:
- إحداهما: قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالقلب، وعملٌ بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
- والأخرى: أنَّ الإيمانَ قولٌ وعمل، ويعنون بالقول؛ قول القلب وقول اللسان، وبالعمل؛ عمل القلب وعمل الجوارح.
وراجع أيُّها السامع للتأكد من كلامنا؛ على سبيل المثال: أصول السُّنة للإمام أحمد، فَلِي ولله الحمد فيها شرحٌ متواضع سمَّيته (التقرير الأحمد بشرح أصول السُّنة للإمام أحمد)، وراجع كذلك شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو الإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء – حفظه الله – وراجع ما شئت من دواوين أهل السُّنة التي دُوِّنت في هذا الباب؛ فلن تجِدهم يباينون هذا القول، وأنَّ الإيمان له معنيان، أو أنَّ أهل السُّنة لهم عبارتان، والمسألة مُفَصَّلة فيما ذكرت وفي غيره، من دواوين أهل السُّنة المؤلفة في هذا الباب.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال الثاني؛
تقول السائلة من اليمن: كيف أتعامل مع أهلي وقرابتي في العزاء عندما يطلبوا مني أن ألقي درسًا فيه، ويحتجُّون بالاستفادة من الوقت، وإذا قلت لهم أنها ليست من السُّنة، قالوا إذًا افعلي الدرس عن العزاء والسنة في العزاء ليستفيد الناس من الوقت، فماذا أفعل؟ وبماذا أرد عليهم حفظك الله؟ وهل من نصيحة لهم؟
الجواب:
يا بنتي ما ستسمعينه من الجواب - إن شاء الله تعالى - هو نصيحة لمن أحبَّ النصيحة وقدَّم السُّنة في الأقوال والأعمال على غيرها، وجعل السُّنة حاكمة على أقوال الناس وأعمالهم.
فأقول أولًا: لِتَعْلَمي أنتِ وكلُّ مُحبٍّ للسُّنة من أبنائنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا؛ أنَّ العمل لا يكونُ صالحًا مقبولًا عند الله - عزَّ وجل - حتى يستجمع شرطين:
- أحدهما: تجريد الإخلاص لله وحده.
- وثانيهما: تجريد المتابعة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -.
قال علماؤنا: "العمل إِنْ فقد الإخلاص لله كان شركًا أو رياءً، وإن فقد المتابعة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان بدعة، ومتى جَمَعَ العمل الإخلاص لله كان عمل أهل السنة"، وسئل الفضيل بن العياض - رحمه الله - عن قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ قال: ((أَخْلَصه وأَصْوَبه، قالوا: يا أبا علي ما أَخْلصه وأَصْوبه؟ قال: أن يكون خالصًا لله صوابًا على سُنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم –((.
وأئمة أهل السُّنة أئمة العلم والإيمان مُجمِعون على هذا، ومن خالفهم في ذلك فهو إمَّا جاهل من همج الناس الرِّعاع أتباع كل ناعق، أو مبتدع ضالٌّ صاحب هوى.
وثانيًا: لا تعملي هذا ولا تُجيبيهم إلى طلبهم، فإنه لا يُتابَع الناس على ما يَهوَوْن، ولهذا كان أهل السُّنة يَزِنِون ما يَفِد عليهم ويَرِد إليهم من أقوال الناس وأعمالهم بميزانيْن، أتدرين ما ذانكم الميزانان يا بنتي؟ إنهما النص والإجماع، فما وافق نصًّا أو إجماعًا قُبِل، وما خالف نصًّا أو إجماعًا رُدَّ على من جاء به، وإن كان هذا الذي جاء من أهل الإمامة في زمانه.
وأقول ثالثًا وأخيرًا: لمَّا رأى القوم أنكِ اعتذرتِ لأن هذا ليس من السُّنة لجئوا إلى حيله وهي قضاء الوقت بالكلمة، فهم فرُّوا - كما يُقال - أنا أعيده مثلًا (فَرَّ من قَطْرٍ فوقع في بحر) أرادوا أن يتحيَّلوا منكِ على البدعة بهذه الحُجَّة فلا تجيبيهم، وبلِّغيهم هذه النصيحة، ولو بقيتي وحدكِ أنتِ في الميدان، لا يَضرك مخالفة هؤلاء، تحضرين وتَدْعين تؤدِّين ما يحتاجونه من عونٍ ومساعدة ثُمَّ تنصرفين. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خيرًا شيخنا وهذا السؤال الثالث؛
تقول السائلة: أنا على وشك الولادة وأقيم في بلاد الكفار، وهناك لا يستطيعون توفير طبيبة عند الولادة ولكن حسب الموجود في حال الولادة، وزوجي يرفض هذا وبشدة، ولا أدري، ما نصيحتكم له - حفظكم الله -؟
الجواب:
يا بُنَيَّتي بلغني زوجكِ منكِ السَّلام، وأنه مما هو محفوظٌ ومعلومٌ من القواعد المقرَّرة في دواوين أهل الإسلام الفقهية أنَّ الضرورات تُبيح المحظورات، ولابُدَّ من قيد وتقدر بقدرها، وما ذكرته أنتِ هو من باب الضرورة فقد تضَمَّن حكايتكِ قصتكِ أو حالكِ أمرين:
- الأمر الأول: أنَّ المستشفيات أو العيادات لا يسمحون بتوصيل الطبيبات إلى المنازل، ومع هذا إذا قدرتم على هذا فافعلوا.
- الثاني: أنهم لا يوفرون طبيبة لا يلتزمون في المَصَح والعيادة بتوفير طبيبة ولادة، وإنما يقدِّمون الموجود وقد يكون الموجود رجلًا، فهذا ضرورة، وأنا أدعو زوجكِ إلى أن يستجيب حينما تقعين في مثل هذا وأن يفقه هذه المسألة فإن أبى وأصر، فلولِّيكِ الحق - إن كان لكِ ولي مسلم أن يُلزمه - ويأخذكِ قهرًا عليه إلى المستشفى لتلدي هناك وإن كان الطبيب الموجود لهذا الأمر رجلًا. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خيرًا شيخنا، وهذا السؤال الرابع؛
يقول السائل من الجزائر: كيف يتعامل المسلم المُوحِّد الذي يعيش في وسطٍ مليءٍ بمظاهر الشرك؛ كالأضرحة والأعياد الشركية والموالد؟ كيف يتعامل مع أسرته وعائلته التي تأثرت بهذه المظاهر وتحبُّها وكذلك عائلة الزوجة؟
الجواب:
الأمر لا يخلو يا بُنَيَّ من الجزائر من حاليْن:
- الحالُ الأولى: أن تكونَ الأُسَر التي ذكرتها منجرفة يعبدون الأصنام ويقرِّبون لها القرابين، يعبدون الأصنام بأنواع من العبادة مثل: الدعاء، والاستغاثة بالمقبورين أو الآلهة والنذر لهم والذبح لهم؛ فادعهم إلى التوحيد بنفسكَ إن كنت قادرًا على ذلك، وعندك من أدلة الكتابِ والسُّنة ما تُقيمُ به الحجة عليهم، أو بجلب أشرطة المشايخ الفُضلاء؛ وعندكم في الجزائر مشايخ منهم: الشيخ محمد بن علي فركوس، الشيخ عبد الغني عَوْسات، الشيخ عز الدين رمضاني، الشيخ عبد المجيد بن جمعة، وغيرهم كثيرون، فلو جلبت لهم من أشرطة هؤلاء المشايخ أو دعوتهم لإلقاء محاضرة في مسجدٍ قريب، ودعوْتَ من قدِرْت عليهم من أهلك لحضور هذه المحاضرة في التوحيد فحسن؛ تقوم الحُجَّة بذلك عليهم، فإذا لم ينفع ذلك ولا ذاك، فاهجرهم وهاجر عنهم ودعْهُم،
بَقِيَ الأبوان فصاحبهما في الدُّنيا معروفا، كما قال اللهُ تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾.
- الحالُ الثانية: أن تجِدَ من أهلك ميلًا فقط، وهم لا يعبدون الأصنام ولا يقرِّبون لها قرابين ولا يحضرون هذه الأعياد، فهؤلاء تعهادهم بالنُّصح وبما تقدر عليه من إقامة الدروس، وسيُبغِضونها - إن شاء الله تعالى- .
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الخامس من الإمارات؛
يقول السائل: لدينا خادمة أسلمت مُنذُ سنة، ولكنَّا اكتشفنا حديثًا أنها أسلمت من أجل أن نُشفِق عليها وتُقوِّي علاقتها بنا، وهي الآن لا تُصلي ولا تصوم، بل تقوم بأفعالها قبل الإسلام، فهل نحن مُحاسبون على هذا؟ وما نصيحتكم لنا؟
الجواب:
يا بُني من الإمارات لو فصَّلتُ القول في هذه المسألة لطال الوقت عليَّ وعليك وعلى السامعين، لكن نصيحتي لكم باختصار أن تُسفِّروها، أن تُعيدوها إلى بلدها، فمثل هذه ماكِرة ولا يبعد أن تمكُرَ بِكَ وبِأهل بيتك، بفعل السحر مثلًا، أو السرقة، أو غير ذلك من أفعال السوء.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السادس؛
يقول السائل من الجزائر: أنا شابٌّ أبلغ من العمر ثلاثين سنة، تحصَّلت مُؤخرًا على عمل كمندوب مبيعات، أبيع للزبون السلعة ولكن أضع الفاتورة باسم شخص آخر بحكم أن الزبون صاحب السلعة لا يُريد أخذ فاتورة حتى يتهرب من الضرائب، فما حكم عملي هذا؟ أفتوني مأجورين.
الجواب:
أولًا: يا بُني من الجزائر أنا لا أدري عن حال الضرائب في بلدكم، هل هي ممّا يُسوِّغه الشارع وذلك أن يلجأ الحُكَّام بقطركم إلى هذه الضرائب ضرورة؟ أو هي من باب العبث والتحكم؟ أنا لا أدري عن هذا، لكنِّي أقول لك قولًا يَخُصُّك ويُناسب حالك، لا تُطِعْه في كتابة هذه الفاتورة، أكتبها بِاسْمِه ثم دَعْه يتصرف كما شاء، تبرأُ ذمتك وتَسْلَمُ عُهْدتك من شرِّه.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال السابع من الأردن؛
يقول السائل: ما حكم تسمية القوس الذي يظهر عند هطول المطر بِقوس قُزَح؟
الجواب:
يا بُني أنتَ سمَّيتَه، تسأل عن تسميتك له والظاهر أنه مُتداول عندكم، أعني هذا الاسم، وهو عندنا كذلك، منذ وَعَيْتُ الكلام وأهل بلدنا يُسَمُّونه قوس قُزح، والله أعلم.
السؤال:
وهذا السؤال الثامن شيخنا من ليبيا؛
يقول السائل: هناك رجلٌ كبير في العمر يتعامل مع ساحر، وتخصُّص هذا الرجل هو أخذ الناس المُراد علاجهم إلى هذا الساحر؛ فهل هذا الرجل حكمه حكم الساحر- أي ضربةٌ بالسيف -؟ وهل أقوم بتبليغ لجنة القبض على السحرة؟ علمًا بأنَّ هذه اللجنة غير موثَّقة رسميًا لدى الدولة.
الجواب:
أقول أولًا: يا بني لا تضربه بسيفك، وهذا ليس لي ولا إليك، هذا للحاكم، هو الذي ينظر في حاله ويضربه بالسيف حتى يموت.
وأقول لك ثانيًا: هذا هو شريك الساحر، مادام أنه يجلب الناس إليه ويذهب بهم إليه ليعالجهم فهو شريكه.
والأمر الثالث: وهو ما سألت عنه، نعم بَلِّغ عنه السلطات الأمنية المختصة في الدولة، فهي المُكَلَّفة بعقوبته.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا وهذا السؤال التاسع،
تقول السائلة من الإمارات: مَرَّ والدي بظروف صحية حَرِجة قبل وفاته، وزادت مصاريف علاجه فقام جماعة من الناس بالتَّكفل بمصاريف العلاج عن طريق إرسالها إلى حساب البنك، وكان هناك مبلغ زائد عن العشرين الألف لم يستخدم ضمن التكاليف، فما حكم المال الزائد؟ مع العلم أنَّنا لا نعرف من هم الأشخاص الذين تبرعوا حتى نعيد إليهم الأموال، وهل يجوز لأهل المتوفى استخدام هذا المال؟
الجواب:
أقول: إن كنتم أغنياء فتصدَّقوا به، اجتمعوا أنتم معشر الورثة وتصدَّقوا به، لأنكم لا تعرفون هؤلاء المتصَدِّقين، في الحديث ((مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ)).
وإن كنتم في حاجة فلا مانع أن تستخدموه، لأنه صار مالًا للمتوفى، هو بُذِل له، فما زاد عن حاجته يخصُّه، أنتِ قلتِ أنه مُتَوفى؛ فيعود هذا إلى الورَثَة، ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال العاشر؛
تقول السائلة من الكويت: تسأل عن المراد بقول النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -:((إن كان الشؤم في شيء ففي المرأة والدابة والدَّار)).
الجواب:
أنتِ تشيرين إلى حديث ((الشؤم في ثلاث: المرأة السوء، والدَّابة السوء، والدَّار السوء)) أو كما قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -، فالشؤم له معنيان:
- أحدهما: التطيِّر بمريءٍ أو مسموعٍ في زمان أو مكان وهذا لا حقيقة له، لكنه قَدْح في الأذهان من عادات الجاهلية، وهو شِرْك بحسب ما قام بقلب الفاعل واسْتَقَرَّ به وقد يكون شركًا أكبر أو أصغر.
- الثاني: معناه التشاؤم يعني القلق وعدم الارتياح، والتأذِّي من أمور محقَّقة، وليست مجرَّد انفتاح في الذِّهن.
فالمعنى إذًا:
أقول أولًا: أنَّ هذه الثلاث المقصود من ضَمِّ الرجل إياها إلى نفسه الراحة النفسية، والاستقرار، وطيبة النفس، والهدوء، وسعة البال، ولهذا فإنَّ الرجل مأمورٌ أن يطلب ذات الدِّين والخلوق، لأنها تكون عونًا له على ما يعرض له من ضَرَّاء أو سَرَّاء، وفي الكتاب الكريم ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾، فإذا كانت المرأة دائمًا متبرِّمَة من زوجها، ودائمًا مُتَسَلِّطة، تُؤْذيه بلسانها في نفسه وماله وفي أهله، وتسيءُ معاملته، فإنه يتشائم أي: يقلق.
والرجل لا يشتري دابة إلَّا ليرتاح في ركوبها واستعمالها، سواءً كانت الدابة بغلًا، أو حصانًا، أو بعيرًا أو حمارًا، فإذا كانت الدابة شرسة، مؤذية تعض، وترفس، وتشرد؛ آذته وضاق بها ذرعا، ومثل الدواب المذكورة: السيارات، فكم من رجل يُقبل على شراء سيارة، قد تكون سيارة مستعملة، وفيما يبدو له أنها مناسبة يرتاح باستخدامها، وإذا بها عيوبٌ كثيرة، وتستنزف عليه من التكاليف ما الله بهِ عليم، فهو دائمًا في صيانتها، وشراء قطع الغيار لها، وغير ذلك ممَّا تحتاجه، فهو يقول ليتني لم اشترها.
وما يشتري الرجل دارا إلا ليستطيب من سكناها، ويحب أن يرتاح فيها، فقد يجد في هذه الدار مُكَدِّرات، منها: ما يُخالف ظاهرها من سوء البناء، وسوء المُعَدَّات وتلفها؛ فيتكَلَّف، وقد يظنها واسعة حسب الظاهر أو الوصف، فيجدها ضيِّقة، غرفها ضيِّقة، ومرافقها ضيِّقة، وقد يظن أنها في حيٍّ ممَّا يرى من أهله أنهم أهل صلاح، وكَرَم أخلاق، وإذا هو يُبتلى بجيران سوء، لا يَرْعون له حرمة في نفسه ولا ماله، ويُؤْذونه بصنوف مختلفة من الأذى، هذا هو معنى الحديث فيما يبدو لي، والله أعلم. نعم.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الحادي عشر؛
يقول السائل من الجزائر: أنا شابٌّ أقيم مع أمي في بيتها، ومُتَزوِّج ولي طفلتان، وزوجتي تلقى ظلمًا من أمي، وأنا لا أُحَرِّك ساكنًا خوفًا من العقوق، مع العلم أني وحيد أمي، فما نصيحتكم لي؟ وأرجو لكم أن تدعو لي يا شيخ بالثبات.
الجواب:
ثبَّتنا الله وإياك والسامعين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة على الإسلام والسُّنة.
أقول لك يا بني أولًا: لأمِّك عليك حق من جميل البر، وكَرَم الخُلق، ومن ذلك خدمتها حسب استطاعتك، والإنفاق عليها إن كانت محتاجة، وإن لم تكن محتاجة فهدية أهدِ إليها، وينبغي لزوجك أن تعينك على ذلك، وتعفو وتصبر على ما قد يحصل من قسوة وجفاء، تصبر قدر المُكْنة، فإذا وصل الأمر أنَّ زوجك لا تطيق ظلم والدتك، عَجَزَت عن الصبر، هكذا حال كثير من الأمهات؛ تظنُّ أنَّ زوجة ابنها خادمة لها، تأمرها، وتنهاها، وتمنعها من أشياء، وتأذن لها في أشياء، ولا تَدَعُها تستقر في بيتها، فلا يُكلِّف الله نفسًا إلَّا وسعها، ولزوجك عليك حق، فمن أعظم حقوقها البيت الشرعي الخاص بها الذي مفتاحه بيدك ويدها، ولا يدخله إلَّا زوّاركم.
فأقول لك: سدِّد وقارب، أُأكِّد عليك هذا، فإذا عجزت فافصل بينهما، إن كانت الدار واسعة فاقسمها واجعل لكلٍّ منهما بابًا خاصًّا تدخل منه وتخرج منه، وإن كانت الدَّار ضيقة ولا تستطيع أن تقسمها فاجعل دورين؛ أحدهما لزوجك والآخر لأمك، وإن لم يمكن هذا ولا هذا، فالواجب عليك تأمين البيت الشرعي الخاص بها كما أسلفنا .
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا وهذا السؤال الثاني عشر؛
يقول السائل من بريطانيا: يقول أنَّه أَسْلَم ويعمل الآن حارسًا في متجر يبيع الخمر؛ فهل يجوز له هذا؟
الجواب:
يجب التفريق بين حالتين أعرضهما عليك:
الحالُ الأولى: أن يكون كلُّ ما في المتجر هو الخمر، وليس فيه غيره أو غيره من المُسْكرات فَدَعْ هذا العمل، وثِقْ بوعد الله - عزَّ وجل- ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ والأثر، الخبر الذي هو بمعناه، صحيح ((من ترك شيئا لله عَوَّضه الله خيرًا منه)).
الحالُ الثانية: أن يكون هذا المتجر خليطًا فيه خمر وفيه أمور أخرى مُباحة، فالمال مختلط هنا؛ فأنتَ بين أمرين:
- إن كنت مُعْدمًا لا تملك قوتك، أو تملك شيئًا لا يكفيك؛ فلا مانع فيما أرى من الاستمرار حتى تَجِدَ غِنَى أو عملًا خيرًا منه، وابحث .
- الحالة الثانية: أن تكون في غِنَى ويمكنك الاستغناء، عندك مال يُغْنيك عن ما في أيدي الناس حتى تَجِد عملًا خيرًا من هذا فدَعْهُ أفضل، والله أعلم.
السؤال:
جزاكم الله خيرا شيخنا وهذا السؤال الثالث عشر؛
يقول السائل من المغرب: أنا أستاذٌ أتقاضى راتبًا شهريًا من الدولة، في السنة الماضية أخرجت زكاة مالي، وهذه السنة لم يبلغ النصاب بعد مرور سنة عن الزكاة الماضية، ماذا عليَّ أن أفعل؟
الجواب:
ليسَ عليكَ شيء، مادام المتوفر عندك بعد مرور الحول لا يبلغ النصاب فليست عليك زكاة - أعني واجبة-.
السؤال:
وهذا سائل من فرنسا، السؤال الرابع عشر شيخنا،
يقول: أسلمت ولله الحمد وعندي كلب مريض جدًّا وكبيرٌ في السن، هل يجوز لي قتله؟
الجواب:
أنا لا أدري عن الحال عندكم، لكن اطرد هذا الكلب وتَخَلَّص منه، وما عليكَ من مرضه وكِبر سِنّه، سيَجِد من يؤويه من كلاب بني آدم الكفار أو المتشبهين بهم - الكلابيين الذين ولِعوا بتربية الكلاب -.
السؤال:
وهذا السؤال الخامس عشر؛
تقول السائلة: نحنُ في زمن الفتنة وبحاجة ماسَّة إلى نصائحكم الرَّجاء إجابتي على سؤالي؛
هل يجوز خلع النقاب للظروف الأمنية التي نعيشها في (وذكرت اسم بلد عربي) للظروف الأمنية التي نعيشها في هذا البلد خوفًا من رَدَّة فعل الشارع والأمن؟ بارك الله فيكم.
الجواب:
أقول يا بنتي: المسلمة مأمورة بالاستقرار في البيت، وأن لا تغادره إلَّا لِمَا لابُدَّ لها منه فَقرِّي في بيتك، وبلِّغي أخواتك منِّي السلام وهذه النصيحة، فإذا احتاجت إحداكن إلى الخروج لشراء ما لابُدَّ لها منه، ووصل الأمر إلى أنَّ الأمن يؤذيها ويعتدي عليها فاخلعي النقاب؛ فهذه ضرورة.
أمَّا ردة فعل الشارع - انتقاد الناس- فما عليكِ منه، لأنَّ كثير من بلدان المسلمين يستغربون حجاب المسلمة؛ لأنهم لم ينشئوا بين من يعلِّمونهم الحلال والحرام من دواوين الإسلام، وإنَّما نشئوا على ما تهواهُ عقولُ العامة فهم مع العامة، حتى كثير من المنتسبين للعلم مع العامة؛ يُحَكِّمون العقل وأهواء العامة.
السؤال:
جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال السادس عشر؛
يقول السائل من أمريكا: ما حكم أخذ الزوجة اسم عائلة الزوج؟
الجواب:
الأصل أنَّ المرأة تنتسب إلى نسب أمّها وأبيها، تتلقَّب بهذا اللقب، لكن إذا كان هذا على سبيل الإلزام وأنَّ من بَقِيَت على نسبها الأصلي تُعاقب ويأتيها ما يأتيها من الأذى الذي لا تحتمله؛ فلا مانع.
وبَقِيَت حالة وهي أنَّها إذا أُلزمت بإضافة لقب زوجها إلى جوازها فأصبحت رسميًا تنتسب إليه، فليبقى هذا في الأوراق الرسمية لكن فيما بينها وبين الناس تنتسب إلى نسبِ عائلتها.
السؤال:
وهذا السؤال السابع عشر شيخنا،
تقول السائلة من الجزائر: طَلَبَت منِّي إحدى الأخوات أن أنضم لتفريغ دروس بعض المشايخ السلفيين، لكن لمَّا سألت أخبرني من أثق به أنَّ بعض التفريغات تُباع من غير إذنِ أهلها؛ فهل أن أنضم محتسبةً الأجر أم أتَوَرَّع عن فعل هذا؟
الجواب:
هاهُنا حالتان يا بنتي:
- الحالُ الأولى: أن تعرفي من يصنَعون هذه السرقة، فيفرِّغون الدروس والفتاوى ويطبعونها ويبيعونها؛ فلا تنضمي إليهم.
- الحالُ الثانية: أن لا تعلمي وإنما سمعتي من ثقة أنَّ بعض الناس يصنع كذا، فتَبْقَيْن على الأصل؛ وهو أنَّهم يفرِّغونها ويودعونها في ما يودعونها فيه من المواقع السلفية للانتفاع بها؛ فلا مانع من ذلك. نعم.
وبهذا القدر نكتفي، ونقول للمستمعين: حياكم الله، طبتم وطابَ ممشاكم، أسأل الله الكريم ربَّ العرش العظيم أن يرزقنا وإياكم علمًا نافعًا يرفعُ به درجاتنا في الدنيا والآخرة ويجعله حجةً لنا لا علينا، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.