جديد الموقع

8881905

الجواب: 

السؤال:

بارك الله فيكم شيخنا وأحسن الله إليكم، نبدأ هذا اللقاء بالسؤال الأول:

يقول السائل من ليبيا: هل كلُّ من نَطَقَ بلا إله إلا الله في آخر حياته دليلٌ على فلاحه ولو كان من أهل التصوف والشرك والبدع؟

 

الجواب:

نعم؛ من نطق بلا إله إلا الله في آخر حياته فإنها نافعةٌ له يوم القيامة، ويؤيِّد هذا حديث سعيد بن المسيّب عن أبيه مُخرَّجٌ في الصحيحين أنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم- لمَّا حضر أبا طالبٍ الوفاة عادَهُ، فقال له: ((أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ)) وكان عنده أبو جهل وعبد الله ابن أمية المخزومِيَّان، فالأول مات على الكفر، والثاني أَسْلَم، فكانا يقولان له: ((أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟(( فكُلَّما أعادَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعادَ عليه، قال: ((آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ..)) الحديث، فالحديث دليلٌ على أنَّ الكافر حين يقول لا إله الله ويموت على ذلك؛ تنفعه هذه الكلمة، لكن المرتد الذي كُفْرُه ردة، كان مسلمًا فَرَكِبَ مكفِّرًا عالمًا، عامدًا، مجتمعةً فيه الشروط، ومنتفية عنه الموانع فهذا لابُد أن يَتَبَرَّأ مما أَوْجَبَ رِدَّتَه. نعم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا وهذا السؤال الثاني من الجزائر؛

يقول السائل: ما حكم قول هذه العبارة: (كم نحتاجك يا رسول الله في هذا الزمان)؟

 

الجواب:

هذه الكلمة شركية، لأنهم يستغيثوا بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -، ويُعلِّق به حاجته، وتفريج كربته، وهذا من خصائص الله - عز وجل -، كذلك هي من الاستغاثة بالأموات، والاستغاثة بالميت شرك، فلو كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حيًّا وبلغه ما أقرَّها، والمقصود أنَّ هذا من دعاء غير الله، وهو من الشرك الأكبر فيجب على قائل هذه أن يتوب إلى الله - عزَّ وجل - من هذه العبارة الشركية وغيرها، ويُراجع التوحيد ويعلم أنَّ الشرك مُحْبِطٌ للعمل، ومن مات عليه دون توبة فإنَّ الله لا يغفره له، قال تعالى في الأول: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، وقال في الثاني: ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾، فمهما عَمِلَ المرء من الذنوب دون الشرك والكفر، ولقِيَ الله عليها فإنه تحت المشيئة، إن شاء عَذَّبه وإن شاء أدخله الجنة برحمته، وإن عذَّبه لن يخلده في النار، وقد بُسِطَ الكلام في أمثال هذه المسألة في غير هذا الموضع، فليُراجعه من شاء، والمقصود أنَّه يجب على هذا أن يتوب إلى الله - عزَّ وجل - قبل أن تأتِيَهُ المَنِيَّة وهو على هذا الشِّرك.

 

السؤال:

جزاك الله خيرا شيخنا وهذا السؤال الثالث سائلة من الجزائر؛

تسأل عن حكم لبس الذهب المُحَلَّق للنساء؟

 

الجواب:

الذي أعرفه في هذه المسألة أنَّه يجوز للمرأة أن تلبس الذهب المُحَلَّق من قلائد وخواتم وأساور وغير ذلك، ممَّا جَرَت عادة النساء بلبسِهِ، هذا المحلق، ومن الأدلة على ذلك ((أنه جاءت إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - امرأة وفي يد ابنتها سواران، قال: هل تؤدِّين زكاتهما؟ قالت:لا قال:فهل تحبين أن يسورك الله - أو يسوِّر ابنتك - بهما سوارين من نار يوم القيامة؟ فألقتهما في حجر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقالت: هما لله ولرسوله)) والأدلة على هذا كثيرة، والفتوى أنه يحرم على المرأة لبس الذهب المُحَلَّق هذه فتوى شاذَّة، مخالفة للمشهور من السنة - الصحيح المشهور- وما عليه جماهير العلماء من أهل الإسلام .نعم.

 

السؤال:

جزاك الله خير شيخنا وهذا السؤال الرابع من الجزائر؛

يقول السائل: قرأت لابنُ القيم في زاد المعاد في قنوت الفجر أنَّه فيه خلافٌ بين السلف؛ فما الحقُّ في ذلك؟

 

الجواب:

الذي تَرَجَّح عندنا أنَّ المداومة عليه بدعة، والأَوْلى أن لا يَقْنت إلَّا في النزول، فالنازل التي تنزل بالأمة يَأْمُر به الإمام في أنحاء ولايته، وما نزل بالفرد خاصَّة؛ هذا يقنت فيه لنفسه إذا صَلَّى وحده أو دعا الله - عز وجل - بتفريج هذه الكربة والنازلة التي نزلت به في السجود وفي المواطن الفاضلة؛ مثل: بين التشهد والسَّلام، وآخر ساعة من ساعات عصر الجمعة، وحال نزول المطر، وبين الأذان والإقامة.

 

السؤال:

جزاك الله خير شيخنا، وهذا السؤال الخامس أيضًا من الجزائر؛

يقول السائل: لقد كثرت في بلدي الطوائف الدينية، وكلُّهم يزعم أنه هو من الفرقة الناجية فأرجو من فضيلتكم توجيهي لما هو أحسن، وجزاكم الله خيرا .

 

الجواب:

أولًا :عليكَ بمن هو على التوحيد والسُّنة، فهؤلاء أين ما وُجِدوا هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة بنص رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي الجماعة؛ يعني جماعة الحق، ومن عدا هذه الفرقة مِنْ المنتسبين للإسلام مثل الإخوان المسلمين، جماعة التبليغ، والأشاعرة وغيرهم هؤلاء فرق إسلامية، لكن ليست على سُنَّة، وأنصحكَ يا بني أن تحرص على الالتقاء بمشايخ أذكرهم لك، وهم يدلُّونك على أمثالهم، فمن أولئك المشايخ الذين نحسبهم على سُنَّة والله حسيبهم، الشيخ محمد بن علي فركوس، الشيخ عبد المجيد بن جمعة، والشيخ عبد الغني عويسات، والشيخ الأزهر سنيقرة، والشيخ عز الدين رمضاني، وغيرهم كثير، فهؤلاء الأخوة أوصيك بأن تَلْتَقِيَ بهم، ومنهم الموجود في العاصمة، ولا يحضرني الآن، وستفيد منهم كل من يذكرونه لك - إن شاء الله تعالى-، وحينئذٍ يتميَّز لك من هو على السُّنة والتوحيد، ومن هو على البدعة.

 

السؤال:

جزاك الله خيرًا شيخنا، وهذا هو السؤال السادس من ليبيا؛

يقول السائل: ماذا أفعل عندما أنسى ذكر الله، مثال: في لبس الثوب، أو في دخول البيت، أو الوضوء؟ هل أقوله عندما أتذكره؟ وماذا أفعل إن كنت في بيت الخلاء، هل أستطيع أن أرد على الأذان في سِرِّي؟

 

الجواب:

هذا السؤال يتألف من شِقّيْن، ولا بد فيه من التفصيل:

فالشق الأول: الجواب عن نسيانه الذِّكر وقد ذكر أمثله، فكل ما ذكره من الذكر الذي مثَّل به لِمَا ينساه حسب علمي سُنَّة، ما عدا التسمية في الوضوء، فإنها واجبه على الصحيح لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ)) حسَّنه الإمام الألباني - رحمه الله -، ومن عَرَفْت من أهل العلم يفتون بأنه لا يذكر اسم الله - عزَّ وجل - حال الخلاء.

السؤال الثاني: في متابعة المؤذِّن وهو يسأل هل يتابع المؤذن وهو في الخلاء - محل قضاء الحاجة -؟

فنقول: إذا كان جهرًا فلا، لما تقدَّم آنفًا أن أهل العلم يَنْهَوْن عن هذا احترامًا لذكر الله وتنزيهًا له، وأمَّا في سِرِّه فأرجو أنه لا بأس في ذلك - إن شاء الله تعالى -، مع أنَّ هذا سُنَّة فلو تَرَكَهُ حتَّى يخرج أرى أنَّه أَوْلَى، والله أعلم.

 

السؤال:

جزاك الله خير شيخنا، وهذا السؤال السابع؛

تقول السائلة من مصر: ما حكم إجابة المؤذِّن الذي يَلْحَن في أذانه أو يُلحِّنه؟

 

الجواب:

هذا كثير وابتلى به كثير من المؤذِّنين، يَلحنون لحنًا يُحيل المعنى، ومن أمثلة ذلك قولهم: (الله آكبر) فهذا استفهام، ويُلَحِّن يعني يُمطِّط في الأذان، يَتَغَنَّى به، وكِلَا الأمرَيْن خطأ، بَقِيَت متابعة هذا المؤذِّن؛ لا أرى مانعًا من ذلك - إن شاء الله تعالى -، لاسيما إن كان هو المسجد الذي حولك، ولا يمكنك أن تتابعي غيره، أمَّا إذا أَمْكَنكِ متابعة غيره كأن يكون دارك بين مسجديْن أحدهما أذانه على السُّنة والآخر أذانه مُلحَّن ومَلْحون فيه، فتابعي صاحب السُّنة إن قدرتِ على ذلك، والله أعلم.

 

السؤال:

جزاكم الله خير شيخنا، وهذا السؤال الثامن أيضًا من مصر؛

يقول السائل: من أين يتحصل متفرغ لتحصيل العلم وتأصيله على الرِّزق والمعيشة؟ وكيف يمكنه الجمع بينهما؟

 

الجواب:

يُسَدِّد ويُقارب، يبذل ما وَسِعَه من السَّعي في الكسب الحلال له ولمن يعول، ولا يجوز له تضييعهم، ويجتهد في توفير وقتٍ يَجْلِس فيه إلى من حوله من أهل العلم.

 ومن الأمثال التي يجب أن تُحْتَذَى من قِبَلِ أَهْل الحِرَف؛ ما كانَ مِن عمر - رضي الله عنه – فكان هو وجارٌ له يتناوبون النزول إلى رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فكان عمر ينزل يومًا ويأتي بأخبار النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -  إلى جاره ثم ينزل جاره في اليوم الثاني ويأتي عمر بأخبار النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – رَضِيَ الله عن عمر وعن جاره.

فإذا أمكنك ذلك فَجِد، وإذا لم يكن فَبِقدر ما يَتَوَفَّر لك ولو ساعة في الأسبوع، أو ساعتين قَدْر المتيسِّر، سدِّد وقارب واسعى في أن توفر لنفسك ولمن تعول ما يُغْنِيهم من القوت عن الناس.

 

السؤال:

بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال التاسع من الجزائر؛

يقول السائل: هل عبارة لا أعرفه ولا أنصح به تُعَدُّ جرحًا في الرجل؟ وهل ورد عند السلف من علماء الجرح والتعديل؟

 

الجواب:

كلمة لا أعرفه هذه من ألفاظ الجهالة، يعني تَدُل على أنَّ الرجل المسئول عنه مجهول عند المسئول، ولهذا قال لا أنصح به يعني لأنه لا يعرفه، فلا ينصح العالم إذا سُئِلَ هل يُؤْخَذ العلم عن رجل وهو لا يعرفه لا يجوز له أن ينصح به لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ)) في الحديث فيه ((لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)).

حديثٌ آخر ((حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ)) قال: ((وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ))فالسائل مستنصح والمسئول ناصح، فيجب عليه بَذْلُ النصيحة، ومن النصيحة أن لا يوصي بأَخْذِ العلم عن مجهولٍ عنده.

 

السؤال:

جزاك الله خيرًا شيخنا، وهذا السؤال العاشر من مصر؛

يقول السائل: أنا أدرس بمرحلة الماجستير قسم التاريخ، فرع التاريخ القديم اليوناني والروماني، بعض الأخوة يُنْكِر عَلَيّ دراسة هذا الفرع من التاريخ، ويقولون لا فائدة من دراسته، فما رأي فضيلتكم؟

 

الجواب:

الإنكار له حالتان؛ إنكار إخوتك في الله والذي لا أراهم إلَّا أنَّهم ناصحين لك، له حالتان:

  •       إحداهما: أن يكون إنكارهم عليك من بابِ أنَّكَ تَرَكْتَ الأَوْلى، دون تعنيف، ودون توبيخ، ودون جرح مشاعر، وإنَّما يقول لك مثلًا هذا التاريخ لا ينفعك، ونحن لا نُحبّه لك، فهم مُحِقُّون في هذا، لأنَّ ما ذكرته من التواريخ، العلم به لا ينفع والجهل به لا يضر.
  •       الحالُ الثانية: أن يكون النَّكير شديدًا، مِثْلُ نكيرهم على أهل البدع والإحداث في الدين، فهذا ما أظنهم يسلكونَهُ معك، وإن سلكوه معك فهو خطأ، بَلِّغهم سلامي.

وأنا في الحقيقة أرى لو أنَّك تركت هذا واتَّجهت إلى علمٍ إلى تاريخ المسلمين، علمٍ آخر يفيد أهل الإسلام، لاسيما المشتغلون بعلم الشرع؛ فهو أفضل، فإن كنت في بداية الطريق، فالذي أنصحك به ترك هذا العلم، وإن كنت قد قطعت شوطًا يشقُّ عليك معه ترك هذا العلم، فلا بأس في ذلك - إن شاء الله -، لكني أنصحك أيضًا ألا تترك أخذ العلم الشرعي عن أهله الذين هم أهله في قُطرك، جِدَّ في ذلك واسعى قَدْر مُكْنَتِك.

 

حفِظ الله الجميع، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري