جديد الموقع

8881916

السؤال: 

جزاكم الله خير شيخنا وهذا السؤال الرابع عشر؛

يقول السائل من فرنسا: أنا من أصلٍ تونسي، جئت من تونس لأجل الدراسة منذ أربع سنوات، وفي هذه المدة اضطررت إلى العمل في التجارة لتمويل الدراسة، ومؤخرًا اشتريْتُ بضاعة للتقسيط ولا أستطيع تسديدها إضافةً إلى بعض الديون الأخرى، ولا يمكن لي السداد لأني لم أجد عملًا، وتجارتي متوقِّفة؛ فهل أستطيع الرجوع إلى بلدي دونَ سداد هذا الدَيْن، مع العلم أنه يصعب عليَّ الرجوع بعدها إلى فرنسا لتسديد هذا المبلغ؟

الجواب: 

فرَّج الله عنك، فرَّج الله عنك، وأنا انصح كل مسلم ومسلمة أن لا يَتَّخِذ الدين مهنةً للاستغناء، لأنَّ بعض الناس يلجأ إلى الديون فتتكاثر عليه ويثقل عليه سدادها ويُعجزه، بحجة أنه يريد أن يستغني وكما يقولون يُكَوِّن نفسه من هذا الدّين، هذا خطأ يا عباد الله، فنفس المرء معلقة بدَيْنه، بل الجهاد لا يُكَفِّر الدَّيْن، فنفس المؤمن معلقةٌ بدَيْنه، وصَحَّ عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه جيء له برجل – يعني جنازة رجل - فسأل عنه هل عليه دين؟ قالوا عليه: ديناران يا رسول الله، قال: صَلُّوا على صاحبكم، قال أحد الحاضرين يا رسول الله هُما علي، قال: الآن بردت جلدته، فَصَّلى عليه - صلَّى الله عليه وسلَّم -، فانظروا! امتنع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أولًا أن يُصلِّي على المدين لأجل دينارين! فكيف بمن يتحمل الملايين أو مئات الألوف؛ إذا تنازلنا شيئًا، فإياكم إياكم والدَّيْن، وصَحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في دعائِه بعد التَّشهد((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب جهنم، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من المَغْرَمِ والمَأْثَم، قالت: الصديقة - رضي الله عنها -: ما هذه الكلمات التي أحدثتها يا رسول الله؟ قال: إنَّ الرجل إذا غَرِمَ وَعَدَ وكَذَب))، أيْ: إذا حدَّث كَذَبَ، وإذا وعد أخلف أو كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -، فالمقصود أن من يتهافتون على الديون، وليسوا قادرين على السَّداد، يُلجؤهم الأمر إلى الكذب في الحديث، والخُلفِ في الوعد، فأقول لك: لا مانع - إن شاء الله- أن ترجع إلى بلدك، على أن تعزم على سداد الديون، هذي حقوق العباد مبنية على الضمان والمُقاصة، فإذا رجعت إلى بلدك ووجدتَّ عملًا سارِعْ في تسديد ما استدنته في البلد الذي أنت فيه الآن، وقد وجدت عملًا في بلدك الذي هو منشؤك، سارِعْ في تسديد هذه الديون ولو بالتقسيط عن طريق موثوقين يوصِلون أقساطك إلى الدائنين في البلد الذي رجعْتَ منه إلى بلدك، والله أعلم.

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري