بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال العاشر؛
تقول السائلة من الكويت: تسأل عن المراد بقول النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن كان الشؤم في شيء ففي المرأة والدابة والدَّار)).
أنتِ تشيرين إلى حديث ((الشؤم في ثلاث: المرأة السوء، والدَّابة السوء، والدَّار السوء)) أو كما قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -، فالشؤم له معنيان:
· أحدهما: التطيِّر بمريءٍ أو مسموعٍ في زمان أو مكان وهذا لا حقيقة له، لكنه قَدْح في الأذهان من عادات الجاهلية، وهو شِرْك بحسب ما قام بقلب الفاعل واسْتَقَرَّ به وقد يكون شركًا أكبر أو أصغر.
· الثاني: معناه التشاؤم يعني القلق وعدم الارتياح، والتأذِّي من أمور محقَّقة، وليست مجرَّد انفتاح في الذِّهن.
فالمعنى إذًا:
أقول أولًا: أنَّ هذه الثلاث المقصود من ضَمِّ الرجل إياها إلى نفسه الراحة النفسية، والاستقرار، وطيبة النفس، والهدوء، وسعة البال، ولهذا فإنَّ الرجل مأمورٌ أن يطلب ذات الدِّين والخلوق، لأنها تكون عونًا له على ما يعرض له من ضَرَّاء أو سَرَّاء، وفي الكتاب الكريم ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾، فإذا كانت المرأة دائمًا متبرِّمَة من زوجها، ودائمًا مُتَسَلِّطة، تُؤْذيه بلسانها في نفسه وماله وفي أهله، وتسيءُ معاملته، فإنه يتشائم أي: يقلق.
والرجل لا يشتري دابة إلَّا ليرتاح في ركوبها واستعمالها، سواءً كانت الدابة بغلًا، أو حصانًا، أو بعيرًا أو حمارًا، فإذا كانت الدابة شرسة، مؤذية تعض، وترفس، وتشرد؛ آذته وضاق بها ذرعا، ومثل الدواب المذكورة: السيارات، فكم من رجل يُقبل على شراء سيارة، قد تكون سيارة مستعملة، وفيما يبدو له أنها مناسبة يرتاح باستخدامها، وإذا بها عيوبٌ كثيرة، وتستنزف عليه من التكاليف ما الله بهِ عليم، فهو دائمًا في صيانتها، وشراء قطع الغيار لها، وغير ذلك ممَّا تحتاجه، فهو يقول ليتني لم اشترها.
وما يشتري الرجل دارا إلا ليستطيب من سكناها، ويحب أن يرتاح فيها، فقد يجد في هذه الدار مُكَدِّرات، منها: ما يُخالف ظاهرها من سوء البناء، وسوء المُعَدَّات وتلفها؛ فيتكَلَّف، وقد يظنها واسعة حسب الظاهر أو الوصف، فيجدها ضيِّقة، غرفها ضيِّقة، ومرافقها ضيِّقة، وقد يظن أنها في حيٍّ ممَّا يرى من أهله أنهم أهل صلاح، وكَرَم أخلاق، وإذا هو يُبتلى بجيران سوء، لا يَرْعون له حرمة في نفسه ولا ماله، ويُؤْذونه بصنوف مختلفة من الأذى، هذا هو معنى الحديث فيما يبدو لي، والله أعلم. نعم.