الشيخ: الحمد لله الذي أرسلَ رسولَهُ بالهدى ودينِ الحقِّ لِيُظهِرهُ على الدين كلّه وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدا، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وَسَلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد ..
فإنّ صاحبنا وتلميذنا وأخانا إمامنا الشيخ عبد الواحد بن هادي قد وُفِّقَ - ولله الحمد- فيما أتحفنا به من التنبيه إلى أمرِ الخوارج والحذرِ منه ومنهم، وَإِنَّما عندي من زيادة هي تنبيه:
أولًا: إلى العلِم الذي ذَكَر الله فَضْلَهُ وَفَضْل أهله في كتابه، وجاءت به الأحاديث المُتواترة من سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم-.
وثانيًا: أمرٌ أو هو سبب من أسباب الوقوع في ضلال الخوارج وشِراكِهم.
فالأمر الأول: نذكرُ فيه آيةً وحديثًا، أما الآية فهي قوله -جلَّ وعلا-: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [آل عمران:١٨]، أتدرون ما هذا المقام الذي كان الشُّهود المذكورون في هذه الآية عليه ثلاثة؟
إنَّه مقام الوحدانية، إخلاص الدين لله وحده، وأنه لا شِرْكَةَ له في عبادته، لا لِمَلَكٍ مُقَرَّبٍ ولا لنبيٍّ مُرسَل، ولا لعبدٍ صالحٍ من الجِنِّ والإنسِ، وهذا هو أصل الدين وأساسه، وهو زُبدَةُ الرِّسالات وعليه اتفقت النُّبوّات من لَدُن نبوَّةِ نوحٍ أولهم إلى مُحَمَّدٍ خاتمهم - صلى الله وسلم على الجميع-.
وَمِمَّا جاء في الكتاب الكريم دليلًا على هذا المقام العظيم الذي هو أصلُ الدين وأساسه قوله - جلَّ وعلا-: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:٢٥]، هذا هو تفسير لا إله إلا الله، خلاصتُهُ: أنه لا معبود بحقٍّ إلا الله، ومن فسَّرَ غير هذا التفسير فهو إما جاهل وإما ضالٌّ مُضِل، وقد أفضنا في ذلك وبسطناه في غير هذا المقام، فليُراجِعه من شاء.
فالثلاثة الشهود على هذا المقام العظيم مقام الوحدانية لله:
أولهم: الحقُّ - جلَّ جلاله-؛ فإنه أَعْلَمُ بِنفسِه وبغيره من خَلْقِه.
والثاني: أقربُ المُكلَّفينَ إليه، الملائكة - عليهم الصلاة والسلام-.
والثالث: أهل العلم، وسيأتي حدُّ العلمِ قريبًا- إن شاء الله تعالى-.
وأما الحديث فهو حديث أبي الدرداء أخرجه أبو دَاوُدَ وغيره، هو حديث صحيح.
ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم-: ((وإِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَلاَ دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ))
والسُّؤال هاهنا؛ عرفنا ما دلَّت عليه الآية، وهذا الحديث من الحضِّ على طلب العلم والتنويه به وبأهله، فما هذا العلم الذي ذُكِرَ في هذه الآية وما هو في معناها وهو كثير، وفي هذا الحديث وما في معناه من صحيح خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كثير؟
أقول جوابًا على هذا: إنَّه العلم الشرعي، لا سائر العلوم، لا كيمياء لا فيزياء لا طب لا رياضيات لا لغة عربية ولا غيره ولا غيرها.
وحدُّ العلم الشرعي هو فقه الكتاب الكريم، وفقه سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم-، واستعمالُ هذين على وفْقِ السلف الصالح، هذا هو حدُّ العلم الشرعي، ثلاثة أمور:
- الأول: فقه آيات الكتاب الكريم وما تضمنته من أمرٍ أو نهيٍ أو وعدٍ أو وعيد أو خبر أو حكم أو غير ذلك.
- والثاني: فقه سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّ السنة أولًا معاشر المسلمين والمسلمات هي ثاني الوحيين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
وثانيًا: فإنها تُفَسِّرُ القرآن ببيانِ مُجْمَلِه وتخصيص عمومه وتقييد مُطلَقِه إلى غير ذلكم من أنواع البيان.
وثالثًا: أنها تُعَبِّرُ عما يُعَبِّر عنه القرآن؛ فهي تدلّ على ما يدلُّ عليه القرآن، ولهذا فإنّ المُحقِّقين من أهل العلم عامة، ومن أهل السنة خاصة يَقبلونَ صحيح الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- سواءً كان هذا الحديث الذي صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم- جاء بِمِثْل ما جاء به القرآن أعني موافقًا لما جاء به القرآن أو جاء بأمرٍ زائد على ما في هذا القرآن، فإنهم يقبلون هذا وهذا، ولا يُفرِّقونَ بينهما، فالكل عندهم وحيُ الله إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى(3)إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:٣-٤]، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:٣١]، وقال تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧]، وقال- صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)).
بَقِيَ أمر جاء في حدِّ العلم الشرعي وهو قولُنا: "واستعمال النصوص على وفق فهم السلف الصالح"، هذا هو الأمر الثالث، من حد العلم الشرعي الذي استشهد الله أهله على وحدانيته، وشرَّفهم في عدة مقاماتٍ من كتابه.
والسؤال هنا: من هم السَّلَف الصَّالِح؟
هم كلُّ من مضى بعد رسول الله – صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أثره بفقهٍ وبصيرةٍ وأساس أولئكم الماضين على أثر مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هم الصحابة -رضي الله عنهم-، فما أجمعوا عليه حُجَّةٌ، ولا يخالفهم إلا من كان ذَا هوى أو كان ذَا جهل وكلاهما ضالٌّ مُضِل، ثم من بعدهم أئمة التابعين مثل القاسم بن محمد بن أبي بكر، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعروة بن الزبير ثم من بعدهم مثل مالك بن أنس الأصبحي إمام دار الهجرة، والشافعي وأحمد، والليث بن سعد والأوزاعي والبخاري ومسلم وأهل السنن الأربعة والدارقطني وغيرهم، هؤلاء هم الذين يجب استعمال النصوص على فهمهم، لأن سيرتهم تطبيقٌ صحيح لفهم الكتاب والسُّنة، فمن كان على فهمهم لا يحيد عنه يمنة ولا يسرة قيد أُنْمُلة فهو سلفي سنِّي صاحب سُّنة، ومن كان على غير فهمهم فإن كان عنده علم فهو مبتدعٌ ضال وإن انتسب إلى السلفية وإن انتسب إلى السنة، وإن لم يكن عنده علم فهو جاهل، وسواءً كان ذَا أو ذاك فيجب الحذر منه، لكن الجاهِل يُناصَح فإن أبا وعاند فهو في المبتدعة ولا كرامة عين.
الأمر الثاني: ما سبب الوقوع في شِراكِ الخوارج خاصَّة وأهل البدع عامة؟
- سبب هذا أشار إليه الشيخ عبد الواحد، ولعلّي أزيدُ أمرًا أو أمرين.
الأمر الأول: الزُّهد في علماء الأمة الرّاسخين في العلِم، الذين عُرِفوا بالسداد والاستقامة في الأقوال والأعمال ظاهرًا – نحسبهم كذلك والله حسيبهم-، وقبول الوقيعة فيهم، وهذا ظهر يوم حرب الخليج الثانية حينما ظهر أساطيل الخوارج القعدية أرباب فقه الواقع، فكم طعنةً وجَّهوها إلى أهل العلم الذين أفتوا خادم الحرمين الملك فهد - رحمه الله وأصلح من بعده- حين استفتاهم في الاستعانة على صدِّ عدوانِ البعثي الكافر الملحد اللعين صدام بن حسين التكريتي من محافظة صلاح الدين فجَهَّز ما جهَّز من قُواهُ الغاشمة، فأسرع الملك - رحمه الله- الملك فهد - رحمه الله- إلى استفتاء أهل العلم وعلى رأسهم سماحة الإمام المجتهد الأثري الفقيه الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله- وسماحة الشيخ الإمام المُحقّق الفقيه المجتهد الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله- وأمثالهم من أهل العلم والفضل وإن لم نذكر أسماءهم، وقد ذكر الشيخ عبد الواحد بعض هؤلاء، فرفع هؤلاء عقيرتهم بذمِّ علمائنا وتزهيد الأمة فيهم بألفاظٍ قبيحةٍ نتنةٍ عفنةٍ مثل فقهاء حيضٍ ونفاس، لا يفقهون الواقع، يُضغَطُ عليهم، ومنهم من صرَّح فقال هيئة كبار العملاء، ونحن نعرف هؤلاء، وفي المقابل يُثنون على التُرابي الكافر المُلحد حسن بن عبد الله السوداني الملعون، يُثنون عليه وهو كافر مُلحد كُفْرٌ صُراح، يثنون عليه ويقولون عليه مآخذ، نرضى بمجتهد عليه مآخذ مثل الترابي، أما علماؤنا الفقهاء الفضلاء الراسخون في العلم الناصحون للأمة شبابًا وكُهولًا وشيوخًا -رحم الله من مضى وحفظنا الله وإياكم ومن بقي بالإسلام والسنة- يُزَهِّدون فيهم هذه التزهيدات وأمور أخرى، هذا الأول.
الثاني: الخلايا التي تُلَقِّنُ الشباب خاصة ومن جَنح إليهم من غيرهم عامة أفكار سيِّد قُطب، والرجل مَنْ خَبَرَ كتابه (معالم في الطريق) عَلِمَ علْمَ اليقين أنّ الرجل حامل لواء التكفير في هذا العصر، وبقية كتبه مليئةٌ بالضلال مثل وحدة الوجود، وتعطيل الصِّفات، وغير ذلك، وهؤلاء من جماعة الإخوان المسلمين وهي مصريَّة المنشأ ثم كان لها فروع فيما بعد، وأني لأعرف أسطولًا من أساطيلهم سُئِل في مجلة كانت تُصْدِرُها جامعة الإمام، كانت تُسمَّى مرآة الجامعة، سُئلَ: ماذا يصنعُ الشباب؟
فقال: (يصبرون حتى يهيئ الله لهم دولةً إسلامية أو دولةً مسلمة).
هذه تكفير، فمعنى هذه المقولة لمن كان من ألقى السمع وكان ذَا قلبٍ وهو شهيد يعلم تمام العلم أنها تكفير، وأن جميع الدول الإسلامية القائمة ليست دول إسلامية، ومنها دولة الحرمين دولة التوحيد والسنة ليست دولة مسلمة بناءً على هذا.
وكما تُلقِّن تلك الخلايا كتب حسن البنّا، وكتب القرضاوي الضّال المُضل بريد الكفر- أقولها ولا كرامة عين- بريد الكفر في هذا الزمن، وهو إن لم يكن مُنَظِّر حركة الأخوان المسلمين في هذا العصر فهو إن لم يكن هو المنَظِّر الوحيد هو من أكبر مُنَظِّريها، هذه جماعة ضالة مُضِلَّة زائغة.
قال أمين سرِّها علي عشماوي: إنه لم تخرج جماعة إلا من تحت عباءة جماعة المسلمين.
أنا قلت قال الرجل في مجلة جامعة الإمام وأنا أُبَرِّئ هذه الجامعة من تلك المجلة وما احتواها ومن احتواها ومن كتب فيها كتابة ضالة مُضلة.
فالواجب على علماء الإسلام أن يحذروا من الكتب الفكرية، وعلى رأسها كما ذكرت كتب سيد قطب وكتب البنا وكتب القرضاوي، وإن كان في بعضها شيء من الحق، لكن الرجل ضال مضل يُنكِر الرَّجم ، ويُصحِّح مذهب النصارى، يُثني على البابا يوحنا ما أدري يوحنا السادس ما أدري بولس- نسيت اسمه الآن- ويترحم عليه، ويقول (أنه كان مُخْلص)! ويُقرِّر أن أهل الكتاب مؤمنون! ونحن مؤمنون عجيب!
كَفرَّهم الله ورسوله وأجمع المسلمون على ذلك، وهو يُصحِّح مذهبهم، وقد نقل الشيخ محمد بن عبدالوهاب- رحمه الله- في نواقض الإسلام الإجماع على كُفر من صحَّح مذهب الكفار، والرجل عالم، ليس بجاهل، الرجل عالم، لكنه ممن أضلَّه الله على علم هذا القرضاوي، كما أنه يجب عليهم أن يتتلمذوا من خلال من عرفوا دينه وأمانته وسَيْره على السنة المحضَّة، أن يتتلمذوا عليه بدراسة دواوين علماء السُّنة، فمثلا في البدء بكتب العقيدة كتاب الأصول الثلاثة، كتاب التوحيد، ثم بعده كشف الشبهات، ثم العقيدة الواسطية وأسهل ما وقفت عليه من شروحها، شرح الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله-، ثم تدرج ثم بعد هذه الإبانة الكبرى لإبن بطة العكبري، والتوحيد لإبن خزيمة، والتوحيد والإيمان لابن مندة، وهكذا، وفي كتب الفقه عمدة الفقه لابن قدامة، والمقصود أن الطالب يتدرج مع شيخه فيما يرسم له من خطة من خطة تعليم، ومن كتب الحديث البدء بالأربعين النووية أو خمسين، لأنه زاد بعضهم عليها عشرة، ثم بعده عمدة الأحكام،، ثم بلوغ المرام ثم هكذا يتدرج الصحيحين، فسنن أبي داوود، فسنن الترمذي، فسنن النسائي، فسنن ابن ماجه ثم سنن الدارقطني، ومستدرك الحاكم، هذي كلها دواوين علماء، دواوين علماء عُرِفوا بالسير على السُّنة.
فحذاري حذاري يامعشر الشباب خاصة، ويا معشر المسلمين والمسلمات عامة، حذاري حذاري الحذر الحذر من الكتب الفكرية، فإن ما فيها من حقّ وهو نزرٌ يسير مغمور بأضعاف مضاعفة بالباطل.
هذا ما يَسَّر الله في هذا اللقاء والوقت الضيق وأحب أن أحدثكم أحاديث مبسوطة في هذا المقام لكن ضيق الوقت منعني ولعل الشيخ عبدالواحد يعرض علينا بعض الأسئلة منكم أو ما يرد عبر الشبكة.
القارئ: بارك الله فيكم شيخنا وأحسن إليكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الشيخ: آمين آمين وإياكم، اللَّهمّ اغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ، وَلا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، و اجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ.
السؤال الأول:
في هذا اللقاء يقول- أحسن الله إليكم- لي قريب كبير السن ولكنه كثير النميمة والفتنة بين الناس، وكذلك يتهم بعض أقاربه بفاحشة الزنا- والعياذ بالله- أمام الملأ وناصحته أنا وغيري كثيرا ولكنه لا يستجيب؛ فهل لي هجره وتركه؟ وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
أضف إلى نُصحك له أقوال أهل العلم الذين يحبهم، وتتضمن هذه الأقوال التحذير تحذيره مما هو فيه، وخوّفوه بالله وليجتمع عليه عدد من الفضلاء يحسنون خطابه، فإن انتصح فهذا هو المطلوب، وإن لم ينتصح فلكم هجره، لأن هذا كذّاب مُفتري فتَّان، يُوقع بين الناس العَداوة والبَغضاء، ولمن اتهمهم بفاحشة الزنا أن يرفعوا أمره إلى الحاكم ليقيم عليه حدّ القذف، أو يعاقبه مما يردعه ويزجر أمثاله.
السؤال الثاني:
بارك الله فيكم في هذا اللقاء يقول شخص أقرض شخصا مبلغا من المال وقد مضى الآن على هذا الدين خمس سنوات وإلى الآن لم يستلمه، فهل عليه إخراج الزكاة على هذه الخمس سنوات؟
الجواب:
هذا لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يكون مدينه موسرًا قادرًا وأنت قادر على الوصول إليه بطلبه، إمَّا شخصيًا وإما هاتفيًا أو كتابه وتركته ولم تطالبه فعليك زكاته لأنك أنت السبب.
الحال الثانية: أن يكون مُعسرًا غير قادر، فهذا ليس عليك ولا عليه شيء، وإذا قبضته فزكّه مع مالك لسنةٍ واحدة.
وهناك حالة ثالثة: وهي حالة جحوده أو اغتصابه من الدين، أو المُماطلة فهذا إذا قبضته فزكّه لمرة واحدة، والله أعلم.
السؤال الثالث:
بارك الله فيكم شيخنا السؤال الثالث يقول: أحد الأخوة السلفيين يدرس في الخارج دراسة دنيوية على حساب دولته ولكن من سبعة أشهر لم ينزل له شيء في حسابه وبقي له خمسة أشهر حتى تنتهي دراسته، هل يُعطى من مال الزكاة لأنه الآن ُمحتاج؟ وجزاكم الله خيرا .
الجواب:
أنت قلت محتاج وهذه تحتمل وجهين: إما أنك غارم –استدنت-.
والثانية: أنك فقير تضطر للاستدانة، فكلا الحالين لك حقٌّ في الزكاة.
السؤال الرابع:
بارك الله فيك شيخنا السؤال الرابع في هذا اللقاء، يقول السائل: ما هو ترجيح فضيلتكم في مسألة الحجامة للصائم، هل يفطر من احتجم أم لا؟ وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
أرجح القولين عندي أن الحجامة لا تفطر الصائم، وقد شرحت هذا كثيرًا، ومن الأدلة حديث ابن عَبَّاسٍ وهو في الصحيح ((احْتَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ صَائِمٌ))، ((وَاحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ))هاتان حالتان:
((احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ))، يعني والحال أنه صائم، ((وَاحْتَجَمَ وَهُوَمُحْرِمٌ)) أي حالة أخرى، والحال أنه مُحْرِم.
لكن إذا كان الشخص يخشى من شدة ضعفه أن تفطره الحجامة يحصل له إغماء أو دوخة، أو تقيؤ أو ضعف فلا يتحمل مواصلة الصوم، فهذا يُنهى عنها للكراهة تُكره في حَقِّه، ومثلها عندنا سحب الدم للإسعاف، فسحب الدم مثل الحجامة عندنا لا يفطر الصائم، لكن حقنه فيمن كان صائمًا يفطر به لأنه كالتغذية له، والله أعلم.
السؤال الخامس:
أحسن الله إليكم شيخنا السؤال الخامس في هذا اللقاء، يقول السائل: شخص حلف على شيء معين وآخر أجبره أن يحنث في يمينه ففعل فهل عليه شيء وهل على الذي أجبره شيء؟ وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
قولك ( أجبره) هذا تحتمل أوجها عدة:
أحدها: أنه ضربه ضربًا وما تركه حتى يحنث في دينه.
الثانية: أنه قهره بالسيف أو بالقتل حتى حنث في دينه، فهذا ليس عليه شيء، لأنه في هذه الحالة غير مختار مُكره.
الحالة الثانية: أن يكون أجبره يعني استحيا منه، ألحَّ عليه فهذه لا تُخلصه من الكفارة، الكفارة عليه هو أعني على الحانث.
السؤال السادس:
بارك الله فيكم شيخنا السؤال السادس، يقول السائل: بعد الطلاق الأولاد مع أمهم، ومعروف أن الأب ينفق عليهم، لكن يقول إلى أي عمر وهو ينفق عليهم؟
الجواب:
ما داموا باقين عند أمهم وهو راضي ينفق عليهم حتى يبلغوا الرشد ويستقلوا بأنفسهم.
السؤال السابع:
بارك الله فيكم شيخنا، السؤال السابع في هذا اللقاء يقول: هل أُسَمِّي عند الوضوء وأنا في دورة المياه وإذا عطست هل أحمد الله؟
الجواب:
التسمية يعني الشخص له حالان في التسمية:
الحالة الأولى: أن يكون خارج دورة المياه فهذا يُسَمّي يقول بسم الله أول ما يبدأ الوضوء، وبدء الوضوء بغسل الكفين ، وإذا نسي سَمَّى ولو أثناء الوضوء.
الحال الثانية: أن يكون مكان الوضوء في دورة المياه، وهذا يختلف أحيانا تكون دورة المياه كبيرة جدا بين المقعد مقعد قضاء الحاجة وبين المغسلة التي يتوضأ منها مسافة كبيرة مسافة غرفة أو أكبر فيسمي عند المغسلة وأرجو أن لا بأس عليه، الحالة الأخرى أن تكون المغسلة والمقعد قريبة من بعضها بمقدار ما يتحرك أو يزيد قليلا فهذا يُسمي في قلبه ويكفيه - إن شاء الله تعالى- وحتى لو عطس مع أني لم أجد حديثًا في هذا وإنما استفدناه من أقوال الفقهاء، والله أعلم.
السؤال الثامن:
في هذا اللقاء وإن كان ربما جوابه قد يكون طويل لكن لعلكم تختصرون وأن ما ذكرته لأهميته شيخنا، يقول: نحن في أحد المحافظات يقول في سوريا وقد افتتن كثير من الشباب في المحافظة ممن كانوا في بادئ الأمر على منهج السلف اغتروا بمنهج الدواعش، فمنهم من انضم إليهم ومنهم من صار مؤيّدا لهم أو راضيًا بأفعالهم، فما نصيحتكم لمثل هؤلاء؟
وأرجو أن تبين لنا شيئا من فقه الجهاد الشرعي حتى يعلم الجهاد الشرعي من البدعي؟
شيخ وكذلك بعض الناس يسأل يقول: أنا أريد التوبة، والرجوع مثلا إلى بلدي لكن أخشى من السجن أو كذا أو كذا نحو هذا الكلام يعني.
الجواب:
نبدأ بالأخير من تاب الذي أعرف من نهج دولتنا - وفقها الله- أن من سلَّم نفسه تائبًا من فعل الخوارج ونهج الخوارج، أنهم لا يضرونه بشيء أبدًا، بل شاهد الناس في بعض القنوات أن هؤلاء يعني تُؤخذ منهم فكرة، ويسألون كيف كان الحال، ولم يتعرضوا لشيء أبدًا، أما الدول الأخرى فلا أدري هذا أول ما أبدأ به.
وأما قومك الذين انضموا إلى الخوارج الداعشية، أو رضوا بما هم عليه فهؤلاء لا يسمعون كلامنا ولا يقبلونه، لكن ننصحك أنت وإخوانك الذين هم معك أن تنحازوا إلى السنة وتتركوا هؤلاء وهؤلاء، ولا تنشغلوا بهم ولا تتكلموا فيهم، لأن يُخشى منهم عليكم يخشى من هؤلاء أن يكونوا جواسيسًا عليكم، فيُهَيِّجوا عليكم هذه الجماعة الضالة المضلّة، فأقل عقوبة الحبس والضرب والإهانة، وقد تُقتلون.
هذه نصيحتي مختصرة على سؤالك- بارك الله فيك- جوابًا على سؤالك .
القارئ: شيخ حتى لو سجن أولى من بقائه مع الخوارج
الشيخ: أنا ما قلت يبقى نصيحتي لهذا السائل.
القارئ: لا يا شيخ أنا للفائدة للتأكيد يا شيخنا، الأول الذي يريد التوبة نقول حتى لو أنه تعب أولى من بقائه.
الشيخ: هذا لابأس لكن أنا أفتيت فيما أعرفه في المسألة، واقتصرت عليه أعرف أنه لم يتعرض لشيء.
القارئ: صحيح يا شيخ.
الشيخ: أناس جاءوا عن طريق تركيا أو غيرها سلموا أنفسهم للسفارة ولم يصابوا بأي أذى.
القارئ: جزاك الله خير يا شيخنا، شيخ لعله للفائدة إذا أذنت لنا ياشيخ.
الشيخ: تفضل.
القارئ: في هذه الأيام قبل أيام أحدهم يسأل الشيخ ربيع يقول لي صديق يريد الرجوع ولكن يخشى من التعب أو السجن أو كذ،ا فقال له الشيخ أنا أعرف أن التائب وضعه يختلف عمن يُقدر عليه أو كذا وقال له: حتى لو سجنت، وأنت لا تُسجَن، أولى من بقائك مع الخوارج سفاكين الدماء.
الشيخ: هذا لاشك فيه هذا كلام ما فيه خلاف.
القارئ: تأكيد لكلامكم يا شيخ.
الشيخ: لكن أقول أن حسب علمنا لم يحصل على أحدٍ شيء ممن سلم نفسه .
القارئ: أي شيخ لأن بعضهم يخشى من التعب في طريقه مثلا يقول في الأردن.
الشيخ: التعب هذا ليس بحجة يفر بدينه حتى لو قتل في الطريق يجب عليه الفرار من هؤلاء.
القارئ: هو يخشى من مروره في الطريق مثلا يقول في الأردن أو تركيا أو كذا يقول أخشى من أن أُسْجن أو كذا، أما في بلده هنا يقول- إن شاء الله- ما يحصل شيء.
الشيخ: لكن حتى لو في تركيا لو حبس ما يصل إلى ما يتخوفه يعني أي بلد يدخله داخل بغير طريقة شرعية كما يقولون لاشك أنه يُسجن هذا من باب الاحتياط الأمني، ثم إذا تعرفوا عليه وأنه ليس عنده شيء يُطلقونه.
القارئ: جزاكم الله خيرا شيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
السؤال التاسِع:
هذا السؤال التاسع، يقول السائل: أحد الإخوة خرج اسمه مع أمه في قرعة الحج في هذا العام، يقول: فهل يجوز له التنازل لوالده عن هذه الحجة؟ مع العلم أنه لم يحج من قبل هذه المرة.
الشيخ: يعني خرج حاجًّا في هذه الأشهر؟
القارئ: لا يا شيخ، يعني خرجت القرعة له بالإذن يا شيخ.
الجواب:
لا بأس مادام أنه لم يحرم بالحج ما عليه شيء، مجرد خروج القرعة وأنه له أن يحج بالطريقة الرسمية من دولته فتركه الحج لاشيء عليه، إلا في حال واحدة يعني إذا كان تركه الحج لعدم قدرة إما مالية أو صحية فهذا لا بأس عليه، أما إن ترك الحج وهو قادر مستطيع وجب عليه الحج، وأرجح القولين لأهل العلم أن الحج واجب على الفور والمقصود بالفور زمن الإمكان، والله أعلم.
القارئ: بارك الله فيكم شيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الشيخ: هذا العاشر؟
القارئ: نعم يا شيخ.
الشيخ: حياكم الله، أستودعكم الله وأنبهكم أن القاعدة لم يطرأ عليها لا نسخ ولا تخصيص، على ما هي على عمومها فلا تحرجونا ولا تتعبونا وتتعبوا أنفسكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.