جديد الموقع

8882113

السؤال: 

هل من كلمةٍ توجيهيةٍ لطُلَّاب العلم والدعاة في دولة الإمارات - حرسها الله - تحثُّونهم فيها على ارتباطهم بولاة أمرهم؟

الجواب: 

بسم الله والحمد لله وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بعد..

فبادئ ذي بدء أشكر الله – سبحانه وتعالى – أن منَّ عليَّ بنعمه الظاهرة والباطنة ومن هذه النعم أني لستُ غريبًا على طُلَّاب العلم والدعاة إلى الله على بصيرة في هذه الدولة دولة الإمارات العربية المتحدة - حرسها الله وسائر بلاد الإسلام من كل سوء ومكروه -، وقد زرتها مرات، وأسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يُطيل في العمر ويَمُن علينا بحُسن العمل، فقد لقيت من طُلَّاب العلم خاصَّة ومن عموم الأهالي ما يشرح الصدر، ويُثلِج الخاطر، ويُطَمْئِن النفس على تكرار الزيارة، هذا يدل على أنَّ أهل هذا البلد عوامّهم وخواصِّهم يحبون السُّنة وأهلها، ويؤيِّدون من يدعو إليها وهذا من فضل الله الواسع ومن نعمه الغزيرة الكثيرة، ولهذا فإجابة على سؤالكم، أقول:

أولًا: طلاب العلم في هذه الدولة والدعاة فيها إلى الله على بصيرة لا فرق بينهم وبين إخوانهم في المملكة العربية السعودية، بل دعاة أهل السُّنة وهم دعاة الفقه والبصيرة بأمور الدين والدنيا مجتمعون وإن باعدت بينهم الشُّقة, قد تتباعد الأجسام بتباعد الأقطار لكن القلوب مجتمعة على الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى – بالحكمة والموعظة الحسنة, وعلى تبصير الناس دين الله – سبحانه وتعالى – من الكتاب والسنة, وعلى فهم السلف الصالح، وولاة الأمور عندنا وعندكم مسلمون, ولا ندَّعي الكمال في أحد, بل حتى على أنفسنا بل حتى في علمائنا, لا ندَّعي الكمال، ولكن نحن – ولله الحمد – عوامُّنا وخواصُّنا ومن خواصِّنا العلماء والأحكام مجتمعون على أنَّ دين الله الحق هو الإسلام, وأنَّ دعوة الحق هي الدعوة إلى الإسلام الخالص الذي يجمع خالص التديِّن لله وتجريد المتابعة لرسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم –.

وهنا يأتي الأمر الثاني: وهو أنه يجب على طلاب العلم ودعاة الحق والبصيرة أن يكونوا مع ولاة أمرهم فيما يجمع الكلمة، ويدرَأُ عن البلاد والعباد الفساد, سواءٌ كان منشأ الفساد من الداخل أو من الخارج, وأُنَبِّه ها هنا أنَّ ما حصل من الفُرقة وسعة الهُوَّة بين الدعاة وبين العلماء من جهة وبين ولاة الأمور من جهة فهو وافد، وليس من طبعهم ولا من سَمْتِهم, جاءت به الوافدات من أقطار أخرى, قَدِموا في الأصل من أجل كسب لقمة العيش, ولكنَّهم – كما يقول المثل – "تَمَسْكَنَ حتى تَمَكَّن" فلمَّا تمكَّن هؤلاء أصبحوا ينفثون سمومهم, ويروِّجون أفكارهم الفاسدة المنحرفة، فَقَبِلَها من قَبِلَها ممَّن ينتسب إلى العلم ومن عوام الناس، لكن هؤلاء ولله الحمد قلِّة، فإذا تعاون دعاة الحق والبصيرة من أهل العلم والفضل والصلاح مع ولاةِ الأمر، واجتمعت كلمتهم على المحبَّة في ذاتِ الله، وعلى السَّمع والطاعة لولي الأمر ومن حوله بالمعروف وفي غير معصية الله، الفساد إن لم يذهب بالكلية وقد عشعش عقودًا فإنه ينشمر ويضعف أهله حتى لا تقوم لهم قائمة، وهذا هو واقع الحال على مرِّ العصور، فكُلَّما قويت الصِلة بين الحاكم المسلم وبين أبنائه وإخوانه من أهل العلم والدعوة إلى الله على بصيرة، فكانوا معه عونًا له على ما يصلح به العباد والبلاد، وعلى الوقوف في أوجه الفساد والاستنارة كذلك بولي الأمر ومن معه من أهل العلم والفتوى والقضاء، سادَ الأمن وشاع العدل والْتحمت الصفوف واجتمعت الكلمة على وِفْقِ ما أمر الله به ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلى فهم السَّلف الصالح، لكن حين ما يبتعد الدعاة إلى الله على بصيرة، والعلماء الراسخون عن ولاة أمرهم، يبقى في عُزْلة، وتُشَوَّه صورتهم عنده، وتتسَّع الفجوة بينهم، فنصيحتي إلى أن يرتبط أهل الدعوة سواءً كانت دعوتهم في أفراد، أو في مؤسَّسات؛ بولي الأمر وبالجهات النائبة عنه، حتى يكون وليّ الأمر على علم بما يجري في ولايته من طُرق الإصلاح وسُبل الصَّلاح، وقطع دابر الفساد، وطَمر البدع، وانشمار أهلها، ورفع لواء السُّنة.

فالخلاصة أنَّ اجتماع دعاة الحق والبصيرة والعلماء الراسخين والتفافهم حول ولي أمرهم الحاكم المسلم تحصل فيه من النِّعم في الدِّين والدُّنيا مالا يُحصى، وبالله التوفيق.

 

جزاكم الله خيرا وبارك في علمكم.

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري