بارك الله فيكم، السؤال الخامس عشر من الجزائر؛
يقول السائل: كيف نوفِّق بين قول النبي – صلَّى الله عليهِ وعلى آله وسلَّم –: ((لَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ)) وما جاء في كتاب التوحيد بوجوب قول الله ثم كذا؟
أولًا: النبي صلَّى الله عليهِ وسلَّم أَخْبَرَ بالوحي قال تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿٣﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ﴾، وأمَّا نحن حينما نقول لولا فلان، لولا الملاَّح، لولا سائق السيارة؛ لحصل كذا، لولا المَلَّاح لغرقت السفينة، لولا سائق السيارة لانقلبت، فنحن غير معصومين ويمكن يتطَرَّق الشك إلينا.
الأمر الثاني: أنَّ هذه الكلمة (لولا) يعني هذه الجمل وأمثالها تحتمل معنييْن، تحتمل الاستقلال – استقلال الملَّاح أو سائق السيارة - بالقوة والقدرة، فتنسب السلامة إليه، وهذا شركٌ في الألفاظ،
والمعنى الثاني معنى صحيح، ولكن القاعدة الشرعية للمعنى الثاني أنه حصل هذا لأن صاحب السيارة تصرَّف كذا، أو الملَّاح تصرَّف كذا، لكن القاعدة الشرعية أنَّ ما احتمل معنييْن من الألفاظ وَجَبَ تركه، قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾؛ نهى الله - سبحانه وتعالى - الصحابة - رضي الله عنهم - لأنهم أخذوا هذا المعنى من اليهود، فاليهود كانوا يقولون يا أبأ القاسم يا محمد راعِنا، ويريدون المعنى أنك أَرْعَن أهوج أحمق، والصحابة أخذوها بمعنى أمهلنا، فوجهَّهم الله إلى الكلمة التي لا تحتمل مَعْنًا فاسدًا؛ وهي انظُرنا، بمعنى أنظِرنا.
فنحن إذًا يجب علينا أن نقول لولا الله ثُمَّ سائق السيارة لانقلبت، أو لولا فضل الله - عز وجل - على صاحب السيارة لانقلبت، وهكذا في الملاح وغيره.