السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أهلًا ومرحبًا وسهلًا بكم حضرات المستمعين عبر موقع ميراث الأنبياء السلفي العامر.
وقبل أن أبدأ في استقبال الأسئلة الواردة إلى الموقع عن طريق أخينا وتلميذنا وصاحبنا أبي زياد خالد بن محمد بن عمر باقيس، أُنبه إلى شيء؛ في اللقاء الماضي سألني سائل وملخص سؤاله؛ أنه قاءَ متعمِّدًا في نهارِ رمضان فأدخل أصبعه في حلقه كي يخرج طعامًا فاسدًا، وحاصل ما أفتيته به أنه له حالتان:
الأولى: أن يكون عنده قوّة وصبر وتحمُّل فاستعجل فعليه الفطر, والثانية: أن لا يكون عنده قوة وصبر ولا تحمُّل وأنه مضطر إلى ذلك ولو لم يفعل هذا لتضرر فليس عليه شيء.
وبعد النظر تبيّن لي أنّ هذه الفتوى قاصرة فأعيد الفتوى ملخصة فأقول وبالله التوفيق:
له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون عنده من القدرة على التحمُّل والصَّبر ما يمكِّنه من تركِ الأمر حتى يزول أو يخرج الطعام يعني القيء من نفسه, أن يكون عنده قوة وقدرة وصبر وتحمُّل لكنه استعجل ولم يترك الأمر, فهذا عليه أربعة أمور:
الأول: التوبة والاستغفار. لأنه بصنيعه هذا قارف إثمًا, فأفطر متعمدًا, قاء متعمدًا فأفطر متعمدًا.
الثاني: فسادُ صيام ذلك اليوم.
الثالث: الإمساكُ بقية يومه.
الرابع: القضاء.
وأمَّا في الحالة الثانية: فإنَّه ليس عليه شيء، وإنَّما عليه القضاء فقط وبالله التَّوفيق.
والآن إلى ما وردكم يا أبا زياد, تفضَّل.
السؤال:
هذا السؤال الأوَّل شيخنا من المغرب,
تقول السائلة: بمناسبة هذا الشهر الكريم نرجو من فضيلتكم أن تقدِّموا نصيحة للنساء اللواتي يُكثِرنَ الدخول والخروج إلى المساجد، حيث أنَّ بعضهن أو جُلَّهن يتعطَّرنَ ويَخْرجنَ متبرِّجات؛ وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
هؤلاء النِّسوة - إن كنتِ صادقة في ما قلتي - فقد خلطنَ عملًا صالحا وآخَرَ سيِّئًا, فالواجب عليهنَّ؛
أولًا: التَّوبة إن كُنَّ يعلمنَ حُكمَ ذلك، والاستغفار.
والثَّاني: القَرَار في البيوت.
والثَّالث: لا مَانِعَ إذ أن تخرج إلى المسجد كَفِلة يعني ليست مُتزيِّنة، ولا متعطِّرة، فإنَّ هذا فيهِ إثمٌ عظيم.
فالواجبُ على المسلمة أن إذا خرجت أن تخرج؛
أوَّلًا: للعبادة، وثانيًا: أن تكون غير متبرِّجة، ولا مُتزيِّنة بعطر ولا غيره. نعم.
السؤال:
بارك الله فيكم, هذا السؤال الثانَّي؛
السَّائل من الجزائر يقول: أنا مقيمٌ في الغرب، وأعمل في محل كبير يبيع كثير من الأشياء الحلال، ولكن يبيع لحم الخنزير وبعض المحرَّمات, وأنا أعمل في التنظيف والترتيب ولا ألمس لحم الخنزير ولا المحرَّمات ولا أعمل فيها؛ ما حكم عملي هذا؟
الجواب:
الذي فهمته من سؤالك أنَّك لست بائعا، بل عملك أمر آخر, وقد يُفهم من سؤالك أنَّك تبيع غير المحرَّمات, فلا شيءَ عليك - إن شاء الله تعالى -, وإن وَجَدتَّ عملًا يعني في المُباحات محضًا فانتقل إليه أَوْلى.
السؤال:
بارك الله فيكم, هذا السؤال الثالث؛
يقول السَّائل - وهو من السعودية -: هل يجوز لي أن أُجِيب دعوة نصراني في مناسباته، وما حكم الأكل معه في مائدة واحدة؟
الجواب:
المناسبات تختلف, فإن كانت مناسبة مُحرَّمة مثل عيد الميلاد أو غير ذلك من المناسبات الموسميَّة؛ فهذي كُلُّها محرَّمة عندنا وعندهم, فلا يُجاب لا مسلم ولا نصراني.
الثاني: أن تكون المناسبة ليست موسمية، ولكن يُدَارُ فيها الخمر؛ فلا تُجِب.
الثالثة: أن تكون المناسبة عادية؛ كعُرس أو ضيف قريبٌ له، والمائدة نظيفة من المحرَّمات فلا مانع – إن شاء الله تعالى -، واغتنم هذا بدعوته إلى الإسلام، وبيِّن له أنه من محاسن الإسلام إجابة دعوة المسلم.
أختصر الحديث لأن الرجل ليس مسلما. نعم.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال الرابع من ليبيا؛
يقول السائل: عندنا في البلد عزوف كثير من الشباب عن الإمامة في الصلاة؛ بحجة أنه يريد طلب العلم وطلب الرزق، وأنَّ الإمامة تتعارض مع طلب العلم وطلب الرزق، فما توجيهكم حفظكم الله؟ وهل يُشترط أن يكون الإمام حافظًا للقرآن؟
الجواب:
نبدأ بالفقرة الأخيرة؛ لا يُشترط للإمام أن يكون حافظًا للقرآن، ولكن ينبغي للإمام أن يكون مُتقنًا، فيُعطي كلَّ حرفٍ حقَّه من أحكام تجويد بلا تكلُّف ولا نُقصان.
ثانيًا: الإمامة تحتاج إلى تفرُّغ، فإن أمكن للإمام أن يؤُمَّ قومه، ويكتسب بكسبِ يدِه أو في وظيفة حكومية أخرى، أو غير ذلك فيفعل ما استطاع، ويوصي إخوانه بإعانته على القيام مقامَهُ إِذَا تخلَّف عن بعض الفروض، أمَّا إذا لم يستطع؛ ولابُدَّ له من كسبِ العيش وطلب العلم؛ فهذا الأمر فيه واسع، إن استطعتم أنتم أن تأمِّنوا لهُ الرزق، أو الدخل الكافي له ولمن يعول، وكان في البلد قريبًا منه إخوة فضلاء يطلبُ العلم عليهم مثل: الشيخ محمد بن علي بن فركوس، والشيخ عبد الغني عوسات، والشيخ عبد المجيد بن جمعة، وغيرهم من الإخوة الذين لا تحضرني أسماؤهم الآن وإن كنت أعرفهم، فليفعل هذا. نعم.
السؤال:
بارك الله فيكم؛ وهذا السؤال الخامس من تونس شيخنا؛
تقول السائلة: أنها كانت على علاقة محرمة وغير شرعية مع ابن عمها، وتعرِف أنَّها كانت مخطئة، وهي الآن مخطوبة لرجلٍ آخر، فهل يجب عليها أن تخبره بما حَدَثَ أم لا؟
الجواب:
أولًا: يا بنتي التونسية أسأل الله الكريم ربَّ العرش العظيم أن يَمُنَّ عليكِ بالتوبة النصوح، ولعلَّكِ تبتي وهذا الذي يظهر من سؤالك، فإنَّ التوبة النصوح تَجُبُّ ما قبلها.
ثانيًا: أنا لا أدري هل كنتِ ذات زوج أو بِكرًا، فإن كنتِ ذات زوج ثُمَّ طلَّقكِ؛ فاستري، إن كنتِ ذات زوج نالَ منكِ ما ينالُ الرَّجل من امرأته ثُمَّ طلَّقكِ هذا الزوج أو تُوفِّي؛ فاستري نفسكِ ولا تخبريه بشيء، أمَّا إن كنتِ بِكرًا كما خلقكِ الله؛ فهُنا أوصيكِ بالتعريض فأخبريهِ أنَّه حَصَلَ منكِ عبث ولَعِب وزالت، تعرفين المقصود زالت، حتى يكون على بصيرة وبيِّنة، ولا تُخبريهِ بالمكروه.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا وهذا السؤال السادس من الجزائر،
يقول السائل: نمتُ في أول ليلة في رمضان ولم أُبيِّت النيَّة، مع العلم أَنِّي أعلم أنَّ غدًا رمضان؛ فهل يجبُ عليَّ القضاء؟
الجواب:
النيَّة محلُّها القلب، فإن كنتَ نِمتَ وأنتَ عازمٌ على الصوم؛ فهذهِ نيَّة، أمَّا إن كنتَ نمت وليس في خَلَدِكَ أن تصوم، النيَّة ذاهبة من قلبك؛ ففي هذه الحال إذا استيقظتَ قبل الفجر ونويت كَفَى، أمَّا إِذَا لم تستيقظ إلَّا بعد الفجر، أو حال الإمساك، فعليكَ القضاء؛ لقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن لَمْ يُجْمِعْ الصِّيامَ مِنَ اللَّيل فَلَا صَوْمَ لَه)) وفي رواية ((مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ))، وهذا خاص بالفرض وهو رمضان؛ وقضاؤه، والكفارة، والنذر. نعم.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال السابع سائل من أندونيسيا؛
يقول السائل: كيف نحسب مقدار زكاة التجارة إذا مضى على البيع ثلاث سنوات، وكنا قبل ذلك في جهل وغفلة؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب:
يا بُنَي الاندونيسي؛ الجهل من موانع التكاليف؛ الظاهر أنَّكم أخذتم بفتوى من لا يرى زكاةً على عروض التجارة، قال تعالى: ﴿فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾؛ فزكُّوا من حين عَلِمتم. نعم.
السؤال:
وهذا السؤال الثامن من الجزائر؛
يقول السائل: ما حكم صلاة التراويح خلف إمام يقرأ من المصحف؟
الجواب:
صلاته صحيحة، فلا يكون في نفوسِكم حَرَج ولا شك.
السؤال:
وهذا السائل من ايرلندا السؤال التاسع؛
يسأل من الدعاء الجماعي عقب صلاة التراويح.
الجواب:
هذا من البدع والمحدثات، فليدعُ كلُّ مسلمٍ في نَفْسِه، وإذا قَنَتَ الإمام فذكر جُمَل الدُّعاء؛ اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اغفر لنا، اللهم إنَّا نعوذُ بِرضاكَ مِن سَخَطِك، جُمل الدعاء؛ فأمِّنوا وإذا ذَكَرَ جُمَل التمجيد؛ فإنَّك تقضي ولا يُقضى عليك، أَنْت الحَيُّ لا إله إلا أنت، سبحانك لا شريكَ لك مثلًا؛ فسَبِّحوا أو اسكتوا.
السؤال:
هذا السؤال العاشر من كندا؛
يقول السائل: لَدَيَّ بيت وسيارة بالأقساط؛ هل تجب عليها الزكاة؟
الجواب:
ليس عليكَ زكاة، لأن هذهِ ليست من عروض التجارة، هذه من المنافع السيارة مركب، والبيت مسكن.
السؤال:
هذا السؤال الحادي عشر من تونس؛
يقول السائل: هل يجوزُ لي ترك الذهاب إلى مسجد وقع لي فيه بعض الأذى من التكفيريين؛ علما أنَّ المسجد كله من التكفيريين، وأيضًا لا يوجد في قريتنا إلَّا هذا المسجد؛ فما الحل؟ والله إني في حيرة، أجيبوني - يرحمكم الله -.
الجواب:
الأمر ميسور – إن شاء الله -، إن كنتَ تتأذى من هؤلاء أذًى لا تُطيق الصَّبرَ عليه، وتخشى على نفسِكَ من فتنتهم، فَصَلِّ في بيتك، ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، واكتفِ منهم بالحضور معهم يوم الجمعة، يوم الجمعة تجمعكم وغيرهم، وإن كان الأذى ممَّا يمكن الصَّبر عليه؛ فاعرض عنهم وصَلِّ مع المسلمين؛ الجمعة والجماعة.
السؤال:
وهذا السائل من السعودية السؤال الثاني العشر؛
يقول السائل: تكثر الآن المسابقات في شهر رمضان في الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي؛ فنرجو ذكر الضابط الشرعي في المسابقات.
الجواب:
إذا كانت المسابقات علمية في أمور علمية، فهذه لا مانع منها - إن شاء الله -، أناس يضعون أسئلة، وتُجرى هذه الأسئلة وتستقبل الأجوبة ثم تُفرز فلا مانع منها.
الثاني: أن تكون مسابقات تجارية؛ وهذه لها حالتان:
· إحداهما: تجارية محضة؛ وهي أن يجعل التاجر أو الشركة مكافأة على كل كمية، فمثلًا لو قالت شركه المراعي، من اشترى ألف علبة من حليب فَلَهُ مثلًا مُسجِّل، أو له مائة علبة زائدة مجانية، وليس فيها سحب، إنَّما فيها تعرُّف على المجيبين؛ فهذه لا بأس بها - إن شاء الله تعالى -.
الثالثة: هذه ميسر؛ فمثلًا شركة من الشركات تُجري مسابقة على أمور، والجائزة ..، على سبيل المثال نذكر مثلًا شركة الصافي، أو المراعي أو غيرهما من الشركات، فتقول مثلًا: العلبة؛ معروف أنَّ العلبة بخمسة ريال أو ستة ريال، والذي يحصل على رمز معيَّن يفوز بهذه السيارة، فهذه مَيْسر، لأنَّ هذه الشركة أو المؤسسة جَمَعت قيمة السيارة من آخرين، فَخِسروا ورَبِحَ هذا بها وهو لم يدفع إلَّا قيمة علبة واحدة، أو عُلب قليلة، هذه من الميسر.
السؤال:
بارك الله فيكم السؤال الثالث عشر؛
يقول السائل: أحسن الله إليكم، في بلادنا يُمنع الجنود من الصيام والصلاة، فإذَا صَلَّى أو صام يُعاقب عقوبات عسكرية، وتصل العقوبات إلى حد التعذيب والقتل، لذلك لم يَصُم أحدهم عدة سنوات، قد تبلغ عشرة سنين، فبعض يُوفَّق للهجرة من هذه الدولة، فهل بعد هذه الهجرة يقضي الصيام أم ماذا يترتب عليهم؟
الجواب:
لا أظنُّ أنَّ هذه الدولة مسلمة.
الطالب: هي غير مسلمة يا شيخ.
ما دامت الدولة غير مسلمة أوروبية أو أمريكية، هذا في الحقيقة نادر، نقول أنه نادر، وسواءٌ كانَ شائعًا أو نادرًا، فليسَ لكم حقٌّ في طاعتهم، ومكسبُكم من المحرَّم، مكافأتكم من الكسب الحرام، ويجِبُ عليكم تركُ العمل مباشرة، لا تعمل، وأنا أعلم حتى دول في الغرب الكافرة أو الشرق الكافر لا يَمنعون من الصيام والصلاة، لكن قد لا يُمكِّنون المسلمين من الصلاة جماعة بِحُجَّة أنه يُؤخِّرهم عن العمل، هذا الأمر أخف، الأخير أخف، وعلى كلٍّ؛ عليكم القضاء والتوبة إلى الله - سبحانه وتعالى -، وعليكم الهجرة إن قدرتم أو ترك العمل، الدولة الشيوعية يا شيخ؟
الطالب: نعم شيخنا.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا وهذا السؤال الرابع عشر من مصر؛
يقول السائل: ما حكم إلقاء موعظة بين ركعات صلاة التراويح من غير مداومة عليها؟
الجواب:
ليس هذا من عمل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم –، ولا من عمل خلفائه، ولا من عمل الأئمة الذين تبعوهم بإحسان، فهو من المُحدثات. نعم.
السؤال:
وهذا السؤال الخامس عشر من المغرب؛
يقول: هل يجوز للأب إعطاء فدية صومه لابنه المريض المُقعد؟ وهل يجوز إخراجها نقدًا؟ علمًا أنَّ الابن محتاج لهذا المال لشراء ما يلزمه من حاجياته اليومية كالأدوية، والأب ليس ميسور الحال.
الجواب:
§ أولًا: هل هذا الأب ممَّن يسوغ له الفطر مع الإطعام أو لا، فإن كان الأب ممَّن يسوغ له الفِطرُ مع الإطعام بأن وَصَلَ إلى حدٍّ من السِّن يشقُّ عليه مَعَهُ الصيام، أو كان مريضًا مرضًا لا يُرجى شفاؤه هذا أولًا.
§ وثانيًا: هل الابن مستغنٍ عن هذا الأب؟ بحيث أنه لا يُنفُقُ عليه، عنده ما يسدُّ حاجته من دخلٍ أو دخل أبناءه؟ فإن كان عنده؛ هذا ليس بمسكين، وثانيًا: إذا كان هذا الابن الأب يُنفق عليه فلا يُعطيه الفدية - إطعام المساكين - لأنه يُنفق عليه، لكن إِذَا كان عنده ولد في حَوْزةِ هذا الأب الفقير؛ يعطيها الولد هذا، وهي يعطيها حفيده، وهي من الحفيدِ للابن تكون صدقة لا بأس بذلك - إن شاء الله تعالى -، وإِذَا لم يوجد؛ فليطلب مساكين يعطيهم الإطعام الذي هو بَدَل صيامه؛ على التفصيل السابق. نعم.
السؤال:
وهذا السؤال السادس عشر من ليبيا؛
يقول السائل: ما حكم صناعة مربَّعات خشبية على هيئة سُترة توضع داخل المساجد؟ سمعنا فتوى لبعض العلماء يقول إنها تكلُّف وعندنا طُلَّاب العلم يقولون إنَّها بدعة.
الجواب:
بل هي بدعة ما كان الصحابة يصنعون هذا في عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، وما عُرِفت في العقود السلفية المُفَضَّلة، القرون المفضلة أبدًا، هذه أُحدثت، فالسُّترة الذي تَرَجَّح لدينا أنَّها سُنَّة وليست واجبة، والمُصَلِّي لهُ مَوْضِع سجوده، فَهِي بدعةٌ وتكلُّف.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا وهذه السائلة من تونس؛
تقول: تغلِب علينا في مدينتنا عقيدة الأشاعرة والأحباش؛ فَقَلَّ أن تجد إمامًا من أهل السنة والجماعة؛ فهل تجوز الصلاة وراءَ هؤلاء؟ علمًا أن أغلب أئمة المساجد عقيدتهم فيها خلل.
الجواب:
يا بنتي؛ أنتِ في عافية، صَلِّي في بيتك، ولا تُعرِّضي نفسك لبعض الأمور؛ هذا أولًا.
وثانيًا: أنا لا أعرف عقيدة الأحباش الذي حقيقة يحذقها الشيخ ربيع - حفظه الله -، أمَّا أنا لستُ على علم بها، أسمع، لكني حتى الآن ما حقَّقت فيها، وما أظن أني أحقُّق فيها؛ لأني ليس عندي وقت، عندي في باكورة العمر في الشباب النظر فيها، والآن ليس عندي وقت يُمكنِّني من البحث فيها، لكن لعلي أَصِل إلى فِقْهِها بطريقةٍ مختصرة. أما الأشاعرة؛ فالأشاعرة الصلاة خلفهم صحيحة - إن شاء الله تعالى - إلَّا إذا عرفتم إمامًا منهم يقول بخلق القرآن هذا أمر آخر، لا تُصلُّوا خلفه.
لكن أنتِ يا بنتي لستِ مخاطبة بالجماعة، مخاطبتكِ بحضور الصلاة جماعةً - أعني المكتوبة - الشارع خاطبكن يا معشر النساء خطابًا إعلاميًا، وليس إلزاميًا، وأمَّا النوافل كالتراويح والتهجد؛ فالشارع كذلك خاطبكن خطابًا إعلاميًا يعني إذا كان لديكم إمامٌ صاحبُ عقيدةٍ سلفية وقدرتي إِلى الوصول إليه؛ فلَكِ الأجر، وإلَّا فَصلِّي في بيتك. نعم.
السؤال:
بارك الله فيكم شيخنا وهذا السؤال الثامن عشر من فرنسا؛
يقول: اشتريتُ منزلًا لأسكُن فيه في فرنسا، حيث أقيم فيه من ثمان سنوات بقرضٍ ربوي، وقد تبتُ والحمد لله؛ فهل يجب بيعه أو يمكن أن أعيش فيه حتى أرحل - إن شاء الله - من بلد الكفر؟
الجواب:
قال تعالى: ﴿فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ﴾، أنت جاءتك موعظة، وعَلِمت أنَّ هذا القرضَ محرَّم، اتَّعظت، والذي يظهر لي وأفهمه من سؤالك؛ أنَّ شراءَك لهذه الدَّار هي قبيل القرض الرِّبوي، فإن استطعت أن تبيعه وتأخذ دراهمه؛ فافعل، وإلَّا فابقى فيه حتى يهيئ الله لكَ الهجرة، مع أنَّ الهجرة بالنسبة لكم يا معشر المسلمين المقيمين في الدول الكافرة؛ سُنَّة في حال، وفريضة في حال:
فهي سنة بحق من يستطيع أن يؤدِّي شعائر الله الواجبة على الأعيان؛ كالصلوات الخمس، والجمعة، والجماعة، والعيد على الصَّحيح أنَّه فرض عين، وصيام رمضان، فهذه الهجرة سُنَّة في حَقِّكم.
ومتى تكون فريضة؟ إذا أوذيَ المسلم أذًى لا يُطيقُ الصَّبر عليهِ لا في دينِه ولا في عرضِه؛ فهو بين أمرين:
§ إِمَّا أن يُخِلَّ بدينه ويضيِّع واجبات.
§ أو أن يُفتَن في عرضِه، ويفعل محرَّمات، أو تُفعَل في عرضِه محرَّمات، فالهجرةُ في حقِّكم واجبة إلى بلدٍ مسلم إن استطعتم، أو بلدٍ كافر الأمر فيه أَخف، بلدٌ كافر لا يُؤذَى أهله؛ فافعلوا.
السؤال:
وهذا السؤال التاسع عشر من الجزائر؛
يقول السائل: هل استطيع أن أزيد من الصلاة بمفردي في المنزل بعد صلاة التراويح مع الجماعة؟
الجواب:
أقول: إذا كنت أَوْترت مع الإمام فلا تفعل، اكتفي بهذا، وإن كنتَ في بعض الأحيان تشفع، فصلِّ ركعتين أو أربع ولا تكن هذه عادةً لك، وأمَّا إذا لم توتر مع الإمام من أجل أن تُصلِّي ما تيسَّر لك؛ فأخِّر الوتر واختم به ما تصلِّيه في بيتك، ولا تشقّ على نفسِك، فإنَّ الاقتصاد في النوافل مطلوب. نعم.
السؤال:
وهذا السؤال العشرون من أثيوبيا؛
يقول: ماذا يُقال في الصِّفات التي لم تثبت لله في الكتاب ولا في السنة؟ مثلًا: هل نقول لله أُذُن أم نقتصر على أنَّه له سَمْع فقط؟
الجواب:
الواجبُ على المسلم ألَّا يُجاوِزَ الكتابَ والسُّنة في أسماءِ الرَّبِّ - جلَّ وعلا – وصفاته، فيُثْبِت ما أَثْبتَهُ الله له من صفةٍ في كتابه، وينفي ما نفاه الله عن نفسِه في كتابه، وكذلكَ يُثْبِتُ ما صحَّ به النقل عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أسماءِ الرَّب وصفاته، ويُنْفي كذلك ما لم يصح به النقل.
فالواجبُ على المسلم ألَّا يجاوز القرآن والحديث، كما قال الإمام أحمد - رحمه الله -، فإنَّ أسماء الرَّب وصفاته توقيفية، فإذا ثبت الاسم ثبتت الصفة تبعًا له؛ هذا عند أهل العلم.
السؤال:
شيخنا هذا السؤال الحادي والعشرون من العراق؛
يقول السائل: في جميع مساجدنا يصلُّون التراويح صلاة خفيفة إلى درجة أنهم يتمون إحدى عشر ركعة في ثلث ساعة أو أقل، وأنا يُعجبني أن أصلِّي قيام رمضان بخشوع فهل الأفضل أن أُصلِّيها معهم على ما فيها من ترك الخشوع عملا بالحديث؛ (مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ) أم أصليها في بيتي ومع أهلي؟
الجواب:
لو كنتُ مكانك ما صَلَّيتُ مع هؤلاء الأئمة؛ إذا كان الأمر كما تذكر، صلاة تراويح إحدى عشر ركعة في ثلث ساعة! هذه نقر وليست صلاة، فصلِّ في بيتك.
السؤال:
بارك الله فيك يا شيخ؛ وهذا السؤال الثاني والعشرون من الكويت؛
يقول: بعض الوظائف الحكومية تصرف الرَّاتب تراكميًا لثلاثة أشهر؛ فهل فيه زكاة؟
الجواب:
إِذَا حالَ الحولُ عندكَ على وَفُر؛ فزكِّي، اختر شهرًا تُوفِّر فيهِ وعليه تُزكِّي في كلِّ مائة دينار كويتي - بعملتكم - ديناران ونصف؛ وهكذا، أمَّا إذا لم يتوفَّر عندك شيء؛ فلا زكاةَ عليك.
وهذا المال أنت لم تَتَملَّكَه حتى يَصْرِفوهُ لك.
السؤال:
هذا السؤال الثالث والعشرون؛
تقول السائلة: هل يجوز للمرأة أن تصلي بقسم النساء في مسجد لا ترى فيه الإمام وتتابعه فقط عبر المكبرات؟
الجواب:
إذا كان بعض النسوة يَرَاه فلا بأس، هو لا يجب أن يُرى الإمام، بل إِذَا كانَ بعض النِّسوة يَرَيْنَ بعض الصُّفوف، ولو الصّف الأخير من خلالِ فتحة، يرى الصَّف المتقدم منكن آخر صف من الرجال، فالبقية منكن تبع لهذا.
الطالب: وإذا كُنَّ لا يَرَيْنَ شيء يا شيخ؟ غالب مساجدنا لا يرى الإمام.
الشيخ: تُصلِّي في بيتها.
السؤال:
بارك الله فيك شيخنا؛ وهذا السؤال الرابع والعشرون؛
يقول السائل: بالنسبة لإيجار الشِّقة الدفع يكون مقدَّمًا، فزكاةُ هذا المبلغ على من؟ هل هو المستأجر أم المُؤجِّر صاحب العقار؟ وما هو السبب؟
الجواب:
المستأجر لا شيءَ عليه لأنه لم يملك أصلًا، وإنَّما الأُجرة على المالك، مالك الشِّقة، فإِذَا حَالَ الحَوْل يُزكِّي المالك، المهم أنت يا مستأجر لا دخل لك، أنت خالي العُهدة، الأجرة على المالك، والمستأجر ذمته بريئة.
السؤال:
جزاك الله خير يا شيخنا؛ وهذا السؤال السادس والعشرون من ليبيا؛
يقول: شخص لا يكفيهِ راتبُهُ، وينتهي منه عند منتصف الشهر، وعليه ديون، وتأتيه أموال زكاة ليعطيها لمن يستحقها، فهل له أن يأخذ منها؟ وهل له أن يقول لمن يعطيه المال: فلان محتاج وعليه ديون، وهو يقصد نفسه؛ وهو حقيقةً محتاجُ إليها؟
الجواب:
يستأذن من المالك - أهل الأموال -، وقد يقول له: أنتَ لكَ التَّصرف، اقسِمها حيث تَرَى، فإِذَا أطلقوا له؛ يكون له هو - إن شاء الله - نصيب، يعُدُّ نفسه من الغارمين، المهم لا يُجحف على غيره. نعم.
السؤال:
وهذا السؤال السابع والعشرون من الجزائر؛
تسأل عن حكم جهاز للأطفال يعلِّمهم قِصَار السور؛ صوتيًا مع الكتابة؟
الجواب:
لا بأس بهذا - إن شاء الله تعالى - مادامَ أنَّه يجمع لهم بين الصوت، تسجيل صوتي وكتابة، لا بأسَ بذلك - إن شاء الله -، المحذور أن تكون فيه صورة ذات روح؛ يركع ويسجد مثلًا، أو يشير بيده، هذا هو المحذور، أمَّا إذا كان الأمر مقصورًا على ما ذكرتِ؛ لا بأس بذلك - إن شاء الله تعالى -.
وبهذا القدر نكتفي؛ ونحيلكم – إن شاء الله – على أخينا؛ صاحبنا الشيخ عبد القادر الجنيد.
حياكم الله جميعًا، وطابت مواقيتكم وطاب ممشاكم؛ وشَكَرَ الله لأخينا أبي زياد إتاحة الفرصة لنتحدث معكم بما يسَّر الله – سبحانه وتعالى – لنا ويفتحُ به علينا.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.