وما هو القول الراجح - يا شيخ - في الحجامة وهو صائم؟
أقولُ له: تَوَقَّ الحجامة، والحجامة فيها خلاف طويل عريض، ومذهب الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - على أنَّ الحجامة تُفطِّر الصَّائم،
قُلْ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ *** بِذَا أَتَى النَّص عَدَاكَ اللَّوْمُ
يقوله المقدسي في نظم مفردات الإمام أحمد، وانفرد أحمد -رحمه الله تعالى- من بين الأئمة الثَّلاثة، مالك والشافعي وأبي حنيفة، فإنهم لا يرون الفِطر بالحجامة، وأحمد يرى ذلك لحديث شدَّاد بن أوس - رضي الله تعالى عنه - ولحديث ثوبان - رضي الله تعالى عنه - أنَّ النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مرَّ برجل يحتجم وهو صائم، فقال : ((أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ)) وتابع أحمد أكثر أئمة الحديث، على القول بإفطار الصَّائم بالحجامة, والخلاف فيها قوي، ولكن أنا أقول تَوَقَّ الحجامة في النَّهار، واحتجم في اللَّيل، واخرج من الخلاف واستبرئ لدينك.
وأما عامَّة مشايخنا كشيخ الإسلام في هذه الأزمان، شيخنا العلامة المحدث الفقيه الشَّيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - وعموم مشايخنا، كلهم يقولون بأن الحجامة تفطر الصَّائم، وبعض العلماء يقول: لا.
وَفِي الْحِجَامَةِ اِخْتِلاَفٌ والأصح *** جَوَازُهَا إلّا لِذِي ضِعْفٍ وَضَح
إِذْ صح أَنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ *** تَرْخِيصُهُ فِيهَا بِدونِ مَيْنِ
هذا اختيار الشَّيخ حافظ وطائفة من أهل العلم، ولكن أقول لك، أيُّها الأخ السَّائل احتط لنفسك، ولا تحتجم, واخرج من الخلاف، ونسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يوفقنا وإيَّاكم جميعًا.