سائل يسأل؛ أنا أعمل في شركة في جدة وبسبب ظروفي أعمل مسافرًا دائما؛ أعني بأنني أسافر كثيرًا إلى جميع أنحاء المملكة ,وأسافر أيضًا في رمضان ولا أريد أن أفطر لأني أتحمل ذلك ,فهل بعدم أخذي برخصة الإفطار سأتحمل وزرًا - يرحمكم الله -؟
يجوز لك ولله الحمد الصِّيام، فإنَّه قد جاء في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- في الصَّحيح عن أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - سافر وهو صائم، وسافر وهو مفطر, وكل ذلك فعله - صلى الله عليه وسلم- فمن شاء صام ومن شاء أفطر، وكانوا يسافرون مع النَّبي - صلى الله عليه وسلم- وفيهم الصائم وفيهم المفطر، فلا يعيب الصَّائم على المفطر، ولا المفطر على الصَّائم, فمن شاء صام، ومن شاء أفطر.
وأنت بالذَّات شبيهٌ بحمزة بن عمرو الأسلمي –رضي الله عنه-فإنه قد سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-مثل هذا السُّؤال, فقال: (( يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ أُعَالِجُهُ ، أُسَافِرُ عَلَيْهِ وَأُكْرِيهِ - مثل التَّكاسي اليوم، ومثل سيارات النَّقل اليوم التي تكري تؤجر، الكرى هو الإجارة - يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ أُعَالِجُهُ ، أُسَافِرُ عَلَيْهِ وَأَكْرِيهِ، وَإِنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَنِي هَذَا الشَّهْرُ يَعْنِي رَمَضَانَ، وَأَنَا أَجِدُ الْقُوَّةَ، وَأَنَا شَابٌّ، وَأَجِدُ بِأَنْ أَصُومَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أُؤَخِّرَهُ فَيَكُونُ دَيْنًا، أَفَأَصُومُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْظَمُ لِأَجْرِي؟ أَوْ أُفْطِرُ؟ قَالَ: أَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ يَا حَمْزَة )).
فأجاز له النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذا وهذا, فهي رخصةٌ من الله، جاء في مسند الإمام أحمد زيادةٌ على هذا الحديث: ((فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ)), فإذا أخذت بالرخصة وأفطرت فالحمد لله, الأمر فيه سعة، وإن كنت تستطيع الصيام وصمت، فالنبي - صلى الله عليه وسلم-قد أذن لحمزة بن عمرو الأسلمي, وأداؤك للصيام في سفرك، وأنت لا يلحقك مشقَّة، أبرأ لذمتك، وأسرع لإبراء الذِّمة، وأهون عليك من أن يكون دينًا عليك، فإذا شئت فصم، ولله الحمد لا شيءَ عليك.