الشيخ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّد، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
لقاء هذه الليلة وجلسة هذه الليلة - إن شاء الله- تتِمَّة لتعليقنا على حديث(إِنَّ رجلًا قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا)، ذكرنا في درس ذلك الحديث أنَّ من فوائد هذا الحديث: التَّوْبَةَ، أو قُبول التَّوْبَة.
والتَّوْبَة في اللغة: من التَّوْبِ، وهو الرجوع، فيُقال تَابَ يَتُوبُ عن الشيء إذا رجع عنه.
والله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - سمَّى نفسه توَّابًا، وسمَّى العبد توّابًا؛ فتسميته نفسه- جَلَّ وَعَلاَ - تَوَّابًا في مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ } [الحجرات 12].
وأما تسميتُهُ- جَلَّ وَعَلاَ - العبد تَوَّابًا، ففي مثل قَوْلِهِ -تَعَالىَ-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة:٢٢٢]، - فسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- من أسمائه التَوَّاب، وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَدِهِ، وَيَمحو بها سيِّئَاتِه ويبدِّلها له إلى حسنات، وأما كون العبد تَوَّابًا فمن حيث رجوعه إلى سيِّدهِ ومولاه اعترافًا بذنبه، أو تقصيره فيما أُمِرَ به، وحاصلُ ما جاءت به النصوص من آيِ التنزيل الكريم، ومتواتر سنة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنّ التَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا، فيُصْبح التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كأن لَا ذَنْبَ لَهُ، وها هنا مسألتان أو ثلاث:
- المسألة الأولى: في حُكْمِ التَّوْبَة، التَّوْبَة واجبة على العبد وجوبًا عينيًّا على كُلِّ مُكَلَّف؛ وهُوَ البَالغُ العَاقِلُ من جميع الذُّنوب، ويدلُّ لهذا مِن الْكِتَابِ الْعَزِيزِ قَوْلُهُ تَعَالى-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:٣١]، أمرَ عِبَادَهُ المؤمنين وهم الَّذِينَ اسْتَجَابُوا له ولرسوله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وانقادوا قولًا باللسان، وعملًا بالجوارح واعتقادًا بالقلب، خصَّهُم بهذا الخطاب لأنهم هم أهل الانتفاع بأوامره - جَلَّ وَعَلا- بالفعل، كما أنهم ينتفِعون بنواهيه باجتناب ما نهى عنه، وكذلك يصدِّقون أخباره، كانت في الكِتَابِ الْكَرِيْمِ، أوَ فِي صَحيحِ سُنَةِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، اعتقاد أنَّ ذلك كله حقٌّ على حقيقته، يَجِبُ أن يُصان عن الظنون الكاذبة والخيالات الباطلة، ثم رتَّب على هذا الفلاح {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛ أي لتفلِحوا، فالتَّوْبَة منكم تنالون بها من الله -عَزَّ وَجّل- تفضُّلًا عليكم الفلاح وهو السعادة في الدنيا والآخرة، وقال بعضهم: (هو الفوزُ بالمرغوب والنَّجاة من المرهوب)، (فلعل) هنا ليست للتَّرجّي بل هي للتعليل.
- المسألة الثانية: في من كانت عليه ذنوب فتاب من بعضها دون بعضها؛ تاب من البعض دون البعض، قُبِلَتْ توبَتُهُ مما تاب منه، وبقي عليه مالم يَتُبْ منه.
واعتقاد أهل السنة والجماعة أن قبول التَّوْبَة من الله هو تفضُّلٌ وإحسانٌ، لأنه- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لا يَجِبُ عليه شيء، لكنه- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أوجبَ على نفسه هو تَفَضّل وإحْسَان، لأنّه - جَلَّ وَعلَا- لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ.
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة في هذا الباب أنَّ العبد المُذْنب إذا تاب من ذنبه أو ذنوبه لا يُعَيَّرُ بسالف أمره، لا يُعَيَّرُ بما رَكِبَهُ من الذنوب قبل التَّوْبَة، خلافًا للمعتزلة فإن عندهم ومن عقائدهم الفاسدة تعيير المرء بذنبه الذي تابَ منه، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة في هذا الباب أن الفاسق المِلِّي إذا لقيَ الله مُصِرًّا على كبيرة ولم يَتُبْ منها فهو تحت مشيئة الله؛ إن شاء الله غَفَرَ له ورحمه وأدخله الجنة، وإن شاء عَذَّبَهُ، وإن عَذَّبَهُ لا يُخَلِّدُهُ في النار، وقد بُسِطَ هذا الموضوع في مواطِن كثيرة من دروسِنا في هذا المسجد وغيره، وكذلك في لقاءاتنا بما نرى أنه يُغني عن إعادته هنا.
- المسألة الثالثة: ما حقيقة التَّوْبَة شرعًا؟ وقد أمر الله بها، وحظَّ عليها ومن ذلك قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم:٨].
حقيقتُها: هي أن يتواطأ القلب واللسان وتنقاد الجوارح لفعل المأمورات واجتناب المحذورات، فالتَّوْبَة تكون أحيانًا من العبد جرّاء تركه مأمورا كالذي يتركُ صلوات يتركُ زكوات، يتركُ صيامًا من رمضان بلا عذر، وهكذا، وأحيانًا بركوب منهي كالزِّنى والسرقة وشرب الخمر؛ وغير ذلك من المُفَسِّقات.
وقد ذكر أهل العلم شروطًا ثلاثة- وهذه المسألة الرابعة-:
أحدها: العزم على عدم العودة إلى الذنب.
الثاني: الندم على الخطيئة.
الأول: العزم على عدم العودة.
الثاني: الندم على ما فرط في جنب الله.
وهناك شروط أخرى ونحن نذكر هذه الشروط وغيرها مما ثبت لدينا بالاستقراء، فنقول - وبالله التوفيق-:
الشرط الأول: الإسلام، فلا بد للتوبة من الإسلام، َلأَنَّ الإِسْلامَ يَجّبُ مَا قَبْلَهُ، فلَو أن كافرًا تاب من شرب الخمر أو الزنى أو السرقة أو قطيعة رحم ما تُقُبِّلَ ذلك منه أبدًا، لأنه لم يُسْلِمْ، والكُفر محبطٌ جميع الأعمال، فالكافر لو عمل أي عمل فعمله مردود.
الثاني: الإِخْلاصِ لِلَّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مع الاحتساب، فليست التَّوْبَة كلمة تتحرك بها الشفاة والألسن، بل هو عهدٌ يقطعه العبد لرَبِّه على نفسه أنَّه راجعٌ إليه نادمٌ على ما فرَّط، عازمًا على عدم العودة، مُقْلِع عمّا هو عليه وإلا لم تنفعه التَّوْبَة.
الثالث - وقد قلت لكم نذكر هذه الشروط وغيرها-.
الثالث: العزم على عدم العودة.
والرابع: الندم على ما فرط.
والخامس: الإقلاع عن الذنب، ومن ذلكم أن يهجر كل ما يوصل إلى الذنب ويُرْكِسه فيه، ومن هذه الأسباب خُلَطاءُ السوء، وَجُلساء السَّوْءِ؛ فإن جليس السوء له أثرٌ، أقول فإن الجليس له أثرٌ على جليسه، فإن كان صالحًا أعانه على كل طيبٍ من قولٍ وعملٍ، وإن كان سيئًا ثبَّطَهُ وخَذَّلَه وشجَّعه على كُلِّ سيّء من قولٍ وعملٍ.
الشرط السادس: أن تكون قبل حلول الأجل، فليعلم كل مسلمٍ ومسلمة أنَّ ثمّة أجل إذا حان لا تنفعُ توْبَةُ تائب، وهذا الأجل أجلان:
أحدهما خاص في حقِّ كل عبدٍ في خُوَيْصَةِ نفسه؛ وهو أن تكون توبته قبل غَرْغَرَةُ الرُّوحِ فِي الْحَلقوم، فعن ابنِ عُمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عن النَبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ)، فإِذا حَشرَجت الروحُ في الحُلقُوم؛ عاينَ العَبدُ مَقعدهُ، إِن كان مِن أَهلِ الصَلاحِ وَ البِرِ وَالتُقى وَالإِيمان؛ رأَى مَقعدَهُ مِن الجَنة، وَإِن كان من أَهل الرَيب أَو النِّفاق رأى مَقعدَهُ مِن النار، فلا تَنفَع توبةُ تائِب حِينَها.
الثَاني: أجلٌ عام وهو يَجري على الأُمةِ كُلِها، أتدرون ما ذلِكم الأجل؟ واسمعوا! قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغرِبِها)، هذا هو الأَجل الذي يُغلَقُ عِندهُ بَابُ التَوبة وتُطْوَى الصُّحُفُ، لكن من كان لَهُ عَملٌ صالِحٌ قبل ذلِك جرى له، والنصوصُ في هذا من الكِتابِ والسُّنة كَثيرةٌ آثرتُ الإِيجاز والإِختِصار، لأَني تَحدثتُ عن التوبة حديثًا عامًّا في مواطِن أُخرى فليُراجِعها من شاء وَمِنها "تَبشيرُ أَهل الحَوبة بِثِمارِ التوبة" في اللقاءاتِ القَطرية وَبُث مِن موقِع سَحاب الأَثري، فليُراجِعها من شاء.
قُلنا هذا الشَرط السادس.
الشَرطُ السابِع: وهذا فيما بين المخلوقِ وَالمخلوق.
فالماضية في التوبة من حقوقِ اللَّه- عَزَّ وَجَلَّ - وهذا الشَرط السابِع، هو فيما بين المخلوقين من مَظالِم، فالواجِبُ على العَبْدِ التَحَلَّلْ مِنْ أَخِيهِ الذي ظَلمهُ في نَفسِهِ أَو مالِهِ، أَو عِرضِهِ قبل الْقِصَاص، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إِلَى أهْلِهَا يَومَ القِيَامَةِ، قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ) وأَخبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنهُ: (يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاة الْقَرْنَاءِ)، (فالْقَرْنَاءِ) ذات القُرون، و( الْجَلْحَاءِ) هي الجَمّاء، كما هو أَيضًا معروف في لُغة العامّة والخاصة، فهما تتناطحانِ في الدُّنيا والْقَرْنَاءِ تَغلب الْجَمَّاءِ ، فيَوْمَ الْقِيَامَةِ توقَفُ هذِهِ وَهذِهِ فيأَمر الله -سُبحانهُ وَتعالى- (الْجَلْحَاءِ) أَن تَنطحَ القَرناء كما نطحتها، وَقد حذَرَ النَبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن الظُلم قال-عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -:(إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ) وقرأ ( وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)[هود102].
هذا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وغيره من حديث أَبِي مُوسَى- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وأَخْرَجَ الإمام مُسْلِمٌ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنهما-عن النَبِيّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (اتَّقُوا الظُّلْمَ ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
هذا ما يَسَّر الله - سُبحانهُ وتعالى- والفرصةُ معروضة للأَسئِلة وَالتذكير - بارك الله فيكم- بما نسينا سواء من المستمعين أَو المُستمِعات.
القارئ: بارك الله فيكم شيخنا وَنفع بكم الإِسلام والمسلمين.
الشيخ: اللهم آمين، اللَّهمّ اغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ، وَلا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ اجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ.
السؤال الأَول:
يقول السائِل: إِنا نُحبكم في الله...
الشيخ: أحبك الذي أحببتنا فيه.
ويقول: أَنا طالب في الجامعة وأَرغبُ في الزواج، ولكن تَعسّر علي ذلِك؛ فما نصيحتُكم وَتوجيهُكم لي بارك الله فيكم؟
الجواب:
أَسأل الله العظيم رب العرش العظيم أَن يُنفسَ كربك، ويجلب عليك امرأةً تُعينك على مَحَابِ الله ومَراضيه وتُعينُها أَنت كذلِك.
وَثانيًا: أُذكِرك يا بُني بما أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ابْنِ مَسْعُودٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) يعنييَكسُر شَهوته، فصوم الإِثنين والخميس، وما تيسر لك من كُلِ شهر ثلاثة أيام والجأ إِلى الله- سُبحانهُ وتعالى- بالدُعاء أَن يهيئ لك المرأَة الصالحة التي تُعينُها وَتعينك على يُصلِح شَأَنكما في الدّين والدُّنيا.
السؤال الثاني:
بارك الله فيكم شيخنا - السؤال الثاني لهذا اللقاء، يقول أَحد الإِخوة: تخرج لَه شَعرة طويلة على حاجِبه فيقوم بقصها؛ فيقول: فهل يدخل في النهي؟
الجواب:
لا مانع من ذلك- إِن شاء الله-، لأنَّ هذا الشَعر الطويل الذي يشذّ عن سَمْتِ شعر الحاجب يُؤذي، ويصل إِلى العينين إِذا طال فيُؤثر على النظر، أو يؤذي العينين على الأَقل.
السؤال الثالث:
بارك الله فيكم شيخنا- السؤال الثالث، يقول: شخص مسافر أدركه الإِفطار وهو في الطائِرة، حسب البلد الذي الطائرة فيه، ولكن الشمس لا تزال قائِمة؛ فهل يُفطر أَم ينتظر حتى تغرب الشمس أَمام عينه؟
الجواب:
لابد من غروب الشمس، هذا هو أَمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما دام يرى والظاهر أن الطائِرة أَقلعت فانتقلت من حَيِّز إِلى حيز، من حَيِّز بلدهِ إِلى بلدٍ آخر فينتظر، وما دام مُسافِرًا لو أخذ بالرُخصة وأَفطر حين ركب الطائِرة ما كان عليه من بأس.
السؤال الرابع:
بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الرابع يقول: رجلٌ يريدُ أَن يعتمر في شهر رمضان وليس عِندهُ مال ويريد أَن يَستدين ليعتمر، لكن أُمهُ منعتهُ من أَخذ الدّين؛ فهل يستدين رغم منع أُمه؟
الجواب:
سؤاله يجرّ إلى سؤال أو سؤالين فيُقال:
أَولًا: هل هذِهِ عمرةُ فريضة أَو نافِلة؟
فإِن كانت عُمْرَةَ نافلة فأجب أُمك ولا تتكلف الدين، فأمك رحيمة بك، أما إن كانت عُمْرَةَ فريضة فأَنتَ لست مُستطيعًا وبالتالي لا تجبُ عليك، لكن ثَمة حالتان:
هل أَنت قادرٌ على السدادِ بعد أو لا؟
· فإِن كنت قادِرًا على السَّداد وإِنما في الوقت الراهن ليس عندك شيء فاستّلف واعتمر ولو منعتك أُمك، لأَن أَرجح القولين وجوب الحجّ والعمرة - أعني الفريضة- على الفور في أول زمن الإمكان.
· وإِن لم يكن عندك سداد – وهي الحالة الثانية- وإِنما تريد أَن تتكلف فأُمك قد أصابت في منعك، فأطعها.
السؤال الخامس:
بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الخامس في هذا اللقاء، هذا سائل من الجزائر يقول: عندما يتغيّب الإِمام يؤم المصلين رجلٌ معروف باعتِقادِه في أَصحاب الأَضرحة، ويذكر هذا علنًا، بل يمضي أَوقاتًا عديدة عند صاحب ضريح مدفون عندنا، والسؤال: هل نُصلي خلفه، وهل نُعيد الصلاة إِذا صَلَّينا خلفهُ، وهناك من الأُخوة من يُنكر على من يُصلي خلفهُ؛ فما هو الصواب؟
الجواب:
لا تُصلوا خلفه ولو صليتم في بيوتكم، لا تُصلوا خلف هذا الصِنف مِن الناس فإِنهم مُشرِكون، أو على الأقل إِن كان يدعو الضَريح ويتقربُ إِليه، فهو مشرك، كافر - أَعني إِذا قامت عليهِ الحُجة- وَإِنما إِن كان يعكف فقط عكوف ويأَكل ويشرب ويدعو الله، ويتقرب بعبادة الله عند القبور زعمًا منه أن عِبادة الله عند الضريح لها فضل؛ فهذا مُبتدع بدعة كبيرة، وهي من وسائِل الشرك الأَكبر، وعلى كل فلا تصلوا معه، لكن إن أَمكن نُصحُه، فناصِحوه فإِن استجاب فبها ونِعمت، وهو منكم وأَنتم منه، وإِن لم يستجب فلا تُصَلُّوا خلفه، سواءً كان من الصنف الأول الذي هو أَهل الشِرك أَو الصِنف الثاني الذي هو البدعة الكبيرة هذهِ إثم كبير عظيم، وهو من وسائل الشرك الأكبر، وَيُعدّها بعضهم أنها من الشرك الأَصغر، و الخُلاصة لا تُصَلُّوا خلفه.
السؤال السادس:
بارك الله فيكم - يقول السائل: في بلادنا أغلب المساجد بيد الأَحناف وبعضُها بيد التكفيرين الخوارج، فأَما الأَحناف فهم يُصلون التراويح أَربعًا أَربعًا بتسليمةٍ واحدة ويسرعون سرعة لا تكاد أَن تُدرك شيئا من الأركان؛ فهل الأفضل أن يجتمع السلفيون في المراكز لأداء صلاة التراويح أَم يُصَلُّون في البيوت؟
الجواب : صلاةُ التراويح في البيتِ أَفضل، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( صَلاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلا الْمَكْتُوبَةَ).
السؤال السابع:
بارك الله فيكم شيخنا - السؤال السابع: إِلقاءُ موعظة قبل صلاة التهجد بنصف ساعة سواء كانت كل ليلة من ليالي رمضان أَو تُفعل في بَعضِ الليالي؟
الجواب:
لم أَعلم حتى الساعة له أَصلًا من كِتابٍ ولا سُنَّة ولا قول إِمامٍ صاحب سُنة، فتركهُ هو الذي نستحبه ونُحَرِّضُ عليه.
السؤال الثامن:
بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الثامن، يقول: فضيلةُ الشيخ أنا لاعب في فريق أوروبي، هو مُسلِم في فريق أوروبي في دولة كافرة، ويُريد أن ينتقل في فريق في بلاد شبه الجزيرة، ينوي بذلك أن تكون هجرة أيضًا، لكن يقول الأبوين منعوه من ذلك وطردوه من المنزل وقطعوا مواصلته؛ فيقول: ما هو الواجب عليّ تجاه الوالدين؟ وكيف أتعامل معهما؟
الجواب:
اترك الفريق وصلّ مع المسلمين ولو في بلدك، لماذا تنتقل إلى فريق في الجزيرة العربية، مالفائدة؟ أنت ستلعب هنا أو هنا، وهذا اللعب سيُلهيك عن فضائِل الأعمال في هذا الشهر وربما اضطررت إلى الإفطار، فاكسب الأمرين؛ خذ إجازة أو اترك اللعب وبر والديك واجلس مع المسلمين تعبّد مع المسلمين، ما من بلاد - ولله الحمد-إلا فيها مسلمون أصحاب سُنة اعبد الله معهم، وإن ألحَّ الوالدان عليك باللعب فلا تُطعهما.
القارئ: لكن يا شيخ يحاول الهجرة، يحرص على الهجرة؟
الشيخ: لا، الهجرة هذه فصلّناها، هل هو يستطيع أن يُقيم شعائِر الله؛ هذه فصلناها في الحديث السابق أيضًا، في درس الإثنين الماضي، أو درس السبت الماضي هو؟ قصة الرجل الذي قتلَ تسع وتسعين نفسًا؟
القارئ: يوم الاثنين الماضي.
السؤال التاسع:
يقول: إذا تابَ العبدُ من الذنب واستغفر، فهل يُعرض لهُ هذا الذنب يوم القيامة من باب تذكيرهِ برحمة الله عليه؟ يعني يُذَكّر به كأنه؟
الجواب:
أنا لا أعلمُ لهذا دليلًا، بل ما علمتهُ أخبرتكم به في أول مسألة من مسائِل هذه الجلسَة.
القارئ: شيخ في الحديث الذي يقول (حَتى ظَنَّ إِنَّهُ هَلَكَ) ؟
الشيخ: لا ، لا هذه المُناقشة، لا لا هذا في مسألة الحِساب فلعلها تأتي - إن شاء الله تعالى-، لعلنا نُفرد لها لقاءً إن شاء الله.
هذا الظاهر أنه لم يُتب أتعرف كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتذكر ذنب كذا؟ هذا هو، هذا العرض.
السؤال العاشر:
بارك الله فيكم السؤال العاشر، يقول: صَلَّيْتُ مع الإمام صلاة العشاء، ولكنّ في التشهد الأخير سلّمت قبل الإمام سهوا ثُمَّ رجعتُ مع الإمام؛ فهل علي شيء؟
الجواب:
صلاتك صحيحة - إن شاء الله- ولا شيء عليك.
السؤال الحادي عشر:
يقول السائل: قد ابتليتُ بالسحر، نرجو منكم الدعاء لي بارك الله فيكم.
الجواب:
أَسْأَلُ اللَّهَ الْكريم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، عليك بقراءة القرآن عامة، وسورة البقرة خاصة، ولا مانع أن تطلب راقيًا في هذه الحال، إذا وصل الأمر بك إلى أنك تَثقُل في عبادة الله وتفتّر ويُذهِلُك في هذه الحال لا مانِع أن تطلب رجلًا صالِحًا يرقيك.
السؤال الثاني عشر:
بارك الله فيكم شيخنا، يقول: نحن في فرنسا عندنا مُصلى للنساء بعيد عن المسجد، بينهم منازل الكفار، هل يجوز صلاة النساء بمكبرات الصوت والتلفاز؟
الجواب:
لا ، لا، ليُصَلِّين في مُصلاهّن تأمّهن واحدِة.
أولًا: ليس مُصلاهن هذا مُتّصلًا بالمسجد، ليس منه.
وثانيًا: التلفاز فيهِ ما فيه من المشغلة والفتنة، وصلاتهّن في بيوتهن أفضل في هذه الحال، بل قدّمتُ لكم أن صلاة الرجل في بيتهِ أفضل والمرأة كذلك من بابِ أولى، فأنا أرى أن يُصلِّين في بيوتهن، وإن كُنَّ أحببنا أن يجتمعنّ ويُصلينَّ في مُصلى مُعيّن يجمعهنَّ، أرجو أنه لا بأس لكن الأَوْلى الصلاة في البيوت، فلا أعلمُ من عادة السلف أنَّ النساء يخرجنّ من البيوت ليُصلين مع فُلان أو فلانة - أعني صلاة التراويح-.
السؤال الثالث عشر:
بارك الله فيكم شيخنا، يقول السائل: هل يجوز تأجير عين مؤجرة لأجلٍ محدد، يتفق عليه الطرفان؛ المُؤَجِّر والمستأجر، ويعرض المؤجر المستأجر أنه يعدهُ بتمليك العَين المؤجَّرة بعد مُضي ثلاث سنوات إذا استمر في استئجارها والتَزَم السَّداد مع التِزام المُؤَجِّر لصيانة العين المؤجَرة وضماناتها في فترة التأجير، ويحق للمُستأجِر فسخ عقد التأجير متى ما أراد ذلك، ولا شيء عليه؛ هل يجوز هذا الأمر شيخنا؟
الجواب:
الإجارة مثل البيع، والبيع لا يُفسخ إلا بعَيب؛ هذا الشرط خطأ، نعم، يتفقان على مدة معينة بإيجار معيَّن، فإذا انتَهَت المدّة إن شاء جدّد العقد، وإن شاء لأحدهما فسخه مادامت المدة انتَهَت، أما لي الفسخ متى شئت، هذا ليس بصحيح.
السؤال الرابع عشر:
شيخنا السؤال الرابع عشر، بعض الإخوة في فرنسا، يعني يشتكون، يقول: العوام يخلِطون بين أفعال الخَوارِج التي حدَّثوها هناك، لا يُفرقون بين السلفيّين وبين الخوارِج الذين فعلوا تلك الأعمال الإرهابيّة في فرنسا؛ فلعل منكم كلمة، توضح هذا الأمر، بارك الله فيكم.
الجواب:
راجعوا الفتوى التي نُشرت عنّا، نشرها مجموعة من الإخوة وبَيَّنوا، وعلى أئمة المساجِد أن يُعَرِّفوا النّاس السُّنة ويُبَيِّنوها للخاصّة والعامّة.
السؤال الخامس عشر:
بارك الله فيكم، يقول: هل نقرأ دعاء الاستفتاح وسورة الفاتحة في كُلِّ ركعةٍ من صلاة التراويح؟
الجواب:
يعني يقصد في كل ركعتين، في كل تسليمة كما يقولون؛ أما الفاتحة فهي ركن على الإمام والمأموم إذا سكت الإمام، هذا أرجحّ الأقوال وأعدلها، وأما دعاء الاستفتاح فهو سُنَّة ولعلهُ يكفي بعد تكبيرة الإحرام في أول تسليمة كما يُسَمُّونها، التسليمة تتألف من ركعتين.
وبهذا القدر نكتفي، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.