وهذا يقول من ليبيا : كيف نجمع بين أن الله – جلّ وعلا- لا يرضى لنبيه إلا الأفضل وبين أن النبي – صلى الله عليه و سلم - تأسف على كونه لم يحج متمتعاً لسوقه الهدى ، وهل يحتمل أنه إنما قال لولا أن أسوق لأحللتُ معكم تطيباً لنفوس الصحابة الذين آبوا أن يتحللوا لكون النبي لم يتحلل فأرادوا موافقته؟
لا ، النبي أخبر – عليه الصلاة والسلام – بالمانع له ، أخبرهم أن الأفضل هذا أنهم يحلون بعمرة ، فأحلوا وبين – عليه الصلاة والسلام – المانع له ، وفي الوقت نفسه كما قلنا قبل قليل ، القران يُسمى تمتع من جهة ، وهي أنه جمع بين النُسكين فى سفراً واحد ، فإذا قيل بأنه تمتع من هذه الناحية فحصل التمتع لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – والنبي – عليه الصلاة والسلام – هو الذي قال لولا أني سقت الهدي لأحللت ، هذا كلام في غاية الوضوح والصراحة ، دل على أن المانع له أنما هو سوق الهدي ، فقال ذلك بيان لأصحابه أن المانع له هو هذا ، وإلا كان فعل مثل ما فعلوا ، فالعلماء كلهم فهموا من ذلك تأسفه – عليه الصلاة والسلام – على فوات هذا النُسك فدل على أنه هو الأفضل والله – سبحانه وتعالى – قد سمى التمتع بالعمرة إلى الحج فى سفرةً واحدة سماه تمتعاً فقال { َفمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } [البقرة : 196] فالعمرةُ مع الحج فى سفرة سواء حصل فيها التمتع الكامل ، فهو التمتع، أوحصل فيها التمتع الجزئى وهو تمتعه بنسكين فى سفرةً واحدة فهذا يسمى تمتع ، والله أعلم
وصلى الله و سلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد .