جديد الموقع

8882665

السؤال: 

وهذا السؤال السادس والثلاثون؛

يقول: هل عمل اللسان يدخل في عمل الجوارح، أم في قول اللسان عند من عرَّف من أهل السنة الإيمان؛ أنه: قول القلب واللسان، وعمل الجوارح؟
وهل إذا أتى رجل بقول القلب وعمله، ونطق بالشهادتين، ولم يعمل خيرًا قط بعدها؛ فهل نحكم له بأصل الإيمان؟ ولما؟
وهل إذا أتى بقول وعمل القلب وقول اللسان، وأخذ يذكر الله كثيرًا بلسانه فقط، ولم يعمل غير ذلك, ثم مكث دهرًا لا يعمل عملًا قط؛ نحكم بإيمانه - بارك الله فيكم -؟ لأن هذا الأمر مهم لي؛ لأن هذا يُدَرَّس في بلدتنا في صعيد مصر، ونحن في خلاف فيه، ولا نريد أن نقع في الإرجاء؛ فردَدْنا الأمر إلى علمائنا - بارك الله فيهم -.

الجواب: 
أولًا: أقوال اللسان أساسها النطق بالشهادتين؛ فإنه لا يدخل غير المسلمين من يهود ونصارى وغيرهما من الكفار في الإسلام؛ حتى ينطق الشهادتين، ومن كان مولودًا في الإسلام؛ فهو على النطق بالشهادتين؛ لأنه وُلِدَ في الإسلام، وأخذها عن آبائه وأجداده ومن حوله من المسلمين, فهو ينطق بهما, أقل الأمر في متابعة مؤذِّن، وإنَّ ما ينضاف إلى هذا التسبيح، والتهليل، والتكبير، والتحميد، وقراءة القرآن، والدعاء, هذه من أقوال اللسان، ويُقال أعمال اللسان, واللسان من الجوارح.
لكن إذا أُطلِقت أعمال الجوارح؛ فإنها تنصرف إلى الصلاة، والصيام، والحج، والسعي إلى صلاة الجمعة، والجماعة، وعيادة المريض، وصدقة، هكذا.
فمن كان على عمل الجوارح، وقول اللسان، وعمل القلب وقول القلب؛ فهذا مؤمن؛ لأن أهل السنة لهم تعريفان في الإيمان:
أحدهما: مبسوط، وهو هكذا؛ الإيمان: قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية. 
والتعريف الآخر هكذا؛ الإيمان: قولٌ وعمل.
فالقول؛ قول القلب، وقول اللسان، والعمل؛ عمل القلب وعمل الجوارح, هذا التعريف المختصر.
فيريدون بقول اللسان ما تقدَّم.
وبقول القلب؛ اعتقاده فيما جاء عن الله وعن رسوله، وفي أمر الله وأمر رسوله، وتصديق خبر الله، وخبر رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -. 
وعمله؛ حركته وعزمه على فعل ما يؤمر به، وترك ما يُنهى عنه، وعمل الجوارح؛ تقدَّم. 
ثانيًا: لعلك تشير من حيث تشعر أو لا تشعر إلى حديث؛ ((فيُخرِجُ أقوامًا لم يعملوا خيرًا قط، بعدما امتحشوا، وصاروا فحمًا))، قال أهل العلم:"أي من عمل الجوارح"؛ وهم تحصَّل عندهم القول والاعتقاد، وإنَّما لم يعملوا من عمل الجوارح؛ فإذًا دخلوا الجنة بالإيمان الصادق.
وثالثًا: خلاصة القول؛ أنَّ .. لا إيمان إلا بعمل؛ فمن نطق الشهادتين واعتقد بالقلب لكن لم يعمل أي شيء؛ لا صلاة، لا صيام، لا حج، لم يعمل أي شيء؛ فهذا أقل ما يُقال فيه إيمانه ناقص, وهو عند النظر؛ إذا كان تاركًا للصلاة جاحدًا لها؛ فهو كافر, وإن كان تاركًا للصلاة متهاونًا بها مع إقراره بوجوبها؛ فالجمهور على أنه فاسق, وهو إحدى الروايتين عن أحمد، والقول الآخر بأنَّه كافر؛ ثم اتفق أهل العلم على أنه لا يَكفُرُ من ترك الزكاة، وصوم رمضان، وفريضة الحج، متكاسلًا عنها، تركه إياها فسق، ولا يَكفرُ إلَّا جاحدها. 
أنا كنت مضطرًا لتفصيل هذا التفصيل لك، ولا أدري أدركته أم لا، لكن لعلك تدركه، ولابد من هذا التفصيل؛ لأني أعرف أنه يوجد عندكم وعندنا وخارج بلديْنا من يتصيَّد، ويتلَّقط، ويحمّل الألفاظ ما لا تحتمل.
فالعمل يا بُنَي من حقيقة الإيمان ومسمَّاه؛ لكن عند التفصيل يختلف؛ فمن الأعمال ما تركه كفر، منافي للإيمان بالكلية؛ وهو ترك الشهادتين، وترك الصلاة جاحدًا، وتهاون مع خلاف.
ومنها: ما تركه فسق ينافي الكمال الواجب؛ وهذا في الزكاة، وصيام رمضان. 
وكل فريضة عُلِمَ وجوبها من الدين بالضرورة؛ فمن تركها كسلًا يكون فاسقًا. 
ومن الأعمال ما تَرْكُه منافٍ للكمال المستحب؛ ويُقال: تفويت فضيلة، هذا في المندوبات؛ كترك السنن الراتبة مداومًا، أو صلاة الوتر مداومًا على ذلك؛ فهذا ينافي الكمال المستحب؛ فقد فوَّت على نفسه فضيلة هذه الأعمال. نعم.
الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري