يسأل عن الأناشيد الإسلامية.
هذه الأناشيد الإسلامية يسمُّونها الإسلامية، وإنَّما أحدثها في الحقيقة الصوفية، وأمَّا أهل الإسلام لا يعرفونها، حتى جاء المتصوِّفة فأحدثوها وسمّوها بالسماع، ويسمُّونها أيضًا السماع الديني، وقد ناقشهم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله تعالى عليه - أحسن مناقشة، في كتابه العظيم [الاستقامة] فمن أراد أن يرجع إلى ذلك فليرجع.
والحاصل أنَّ هذا لا يُعرف في دين الإسلام، وإنَّما أحدثه هؤلاء، وقد كان أول حدوثه في زمن الشافعي - رضي الله عنه -، حينما خرج من بغداد؛ قال: "خرجتُ من بغداد وقد تركتُ فيها شيئًا يسمُّونه بالتغبير؛ أحدثته الزنادقة"، التغبير ما هو؟ الضرب بالقضيب، ونغمات على هذا الضرب، وهذا في الحقيقة يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: هؤلاء لمَّا عجزوا عن فهم الكتاب والسنة، ومعرفتهما وما فيهما، ضعفوا عن ذلك، فكيف يدعون الناس؟ يدعونهم إلى دين الله ويُتوّبونهم من المعاصي؟ أحدثوا لهم هذا الشيء الذي يزعمون بأنهم يهدون به الناس، وهو الذي الآن بين أيدينا، يقول لك: بدل ما يستمع للأغاني أعطيه الأناشيد الإسلامية، الله - سبحانه وتعالى -، قد يحرّم الشيء ويأتي ببدل مثله أو خير منه، وقد يحرّم الشيء ولا يأتي ببدل، ينسخه ولا يأتي ببدل، البدل؛ ما هو؟ الاستجابة لأمر الله ورسوله، والإيمان الذي تجده في قلبك بسبب السمع والطاعة، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ الآية، فالواجب على المؤمن أن لا يطالب بهذا، البدل: هو الإيمان الذي تجده في قلبك بسبب امتثالك، فهذه الأناشيد - أيُّها الأخ السائل - ليست من الإسلام في شيء، وإنَّما مصدرها الصوفية، ولو كان خيرًا لوُجدت في خير القرون، والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ))، يقول الراوي لا أدري قالها مرتين أو ثلاثة، فهل وُجد هذا في خير القرون؟ ما وُجد في خير القرون، وإنَّما وُجد في من كان بعدهم.
ولعلَّنا نكتفي بهذا القدر، والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.