أحسن الله اليكم السؤال التاسع عشر من تونس يقول السائل:
شيخنا بارك الله فيك أردت أن أسالك عن مسأله أقوم بها ونصحني بعض الأخوة الكرام بالرجوع إلى أهل العلم بقصد التوجيه ، شيخنا الكريم أنا أقوم بتسجيل الذنوب وتدوينها على كراسة واحتفظ بهذه الكراسة في مكان لا يتمكن أحد من الوصول إليه في حياتي أو مماتي ، والمقصد من هذا الفعل أن أتذكر بعد مدة قبيح ذنوبي وجميل ستر ربي علي وتكون هذه الذنوب بعد كثرتها حائلاً بيني وبين غيرها فما الحكم الشرعي لهذا الصنيع ؟
يابني أقول لك:
أولا: من سبقك إلى هذا من الصالحين فإياك إياك فهذا من نزغ الشيطان ألقاه في قلبك فأخشى أن يستجرك إلى الإفراط في الذنوب يلقي في قلبك أن هذا قليل ولا يضرك فتتمادى معه في الإفراط في الذنوب والمعاصي.
ثانياً: اعلم أن التوبة تجب ما قبلها فاترك الأمر لصاحب الأمر قال تعالى: ﴿وإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه : 82]
فليس هذا الأمر الذي جعلته خطة لنفسك من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من هدي الصحابة ولا من هدي الأئمة بعدهم.
فأخشى أن يكون هذا دب إليك وسواس من الشيطان قد يكون شيطان أنسي وقد يكون شيطان جني فتب إلى الله - عز وجل - وأقبل عليه - سبحانه وتعالى - واجمع بين الخوف والرجاء أوصيك أن تكون خوَّافاً رجَّاءً فالرجاء يطمعك في رحمة الله إذا أذنبت ذنبا والخوف يردعك عن مغاضب الله وتذكر دائما هذه الآية ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف : 201]
وتذكر هذه الآية ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر : 53]
أخرج البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن ناساً من أهل الجاهلية وفي رواية من أهل الشرك زنوا فأكثروا وقتلوا فأكثروا فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يامحمد إنما تدعو إليه لحسن لو تجد لما عملنا كفارة فأنزل الله - عز وجل - ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ﴾[الفرقان : 68] الآيات وأنزل أية الزمر السابقة ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ﴾ الآية.
هذه وصيتى لك بارك الله فيك ، الآن أحرق هذا الكراس واطمسه طمساً تاماً وأنت قلت لا يعلم أحد أنت أعلمت بصنيعك هذا بعض الناس ، نعم فاستر مدام ربك ساتراً عليك استر نفسك واستغفر واستكثر من الاستغفار تأسياً بنبيك – صلى الله عليه وسلم – قال ((يَأَيُّهَا النَّاسُ اسْتِغْفِرُوا رَبَّكُمْ وَتُوبُوا إِلَيْهِ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ وفي رواية أكثر من سبعين مرة)).