جديد الموقع

8882795

السؤال: 

هذا يقول: هناك من يهوِّن من شأن الخروج على ولي الأمر والاحتجاج عليه علنًا ويقول قد اعترض سلمان الفارسي على أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- فما هو الرد على مثل هذا؟

الجواب: 

في إيش اعترض سلمان؟ هات نسأله هذا الأخ السائل، هذا لا يصح وولاة الأمور الله – سبحانه وتعالى - قد جعل لهم مكانة في شرعه، ومما جعله لهم تعظيمهم وهيْبتهم والسعي في الإبقاء على هيبتهم، فإن إبقاء هيبتهم في نفوس الناس يتولد عنها انضباط أمور الحياة، والمعاش ممَّا لا يمكن أن يتأتَّى إلا بتعظيمهم في نفوس الرعية كما ذكر ذلك أهل العلم، فيجب على المسلم أن يبتعد عن مثل هذه الأعمال الغوغائية التي نراها اليوم مما يسمُّونه الربيع العربي، وهو كلام باطل، وقد تركوا بالربيع العربي كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - للأسف،

بل الذين بالأمس كانوا يفعلونه لمَّا فُعل اليوم معهم عادوا تذكروا اليوم حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ)) طيب أنتم أمس فعلتموه والآن تذوقونه جزاءً وفاقا، تمامًا.

وكانت دوائي وهي دائي بعيْنِهِ   ***   كما يتداوى شارب الخمرِ بالخمرِ

أمس فعلتموه والآن تأخذونه جزاءً وفاقا، الشاهد على كلِّ حال؛ حتى لو عصى العبد الله في هذا الباب، وفعل ما فعلتم ثم استقرَّ له الأمر وإن اجتمع الناس عليه، وسُلِّمت إليه المقاليد وللأمور والسلطة، فإنَّنا والله لا نجازيه بفعله، لأننا لا ننطلق من هوى أنفسنا، ولكن نجازيه بقول رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، فإذا عصى، أنتم اسمعوا كلام العلماء يقولون: "فلو تغلب إنسان وأخذ الملك بالقوة -يعني قام على الذي قبله وأخذ الملك بالقوة - واستقر له الأمر وأصبح الناس يدعونه بالسطان فإنه سلطانٌ تجب طاعته ولا يحلُّ منازعته والخروج عليه" وهذا نقوله مع الإخوان المسلمين اليوم، إذا ولي منهم وغلب لو كانت الطريقة غير مرضية في فعله هو، لكن لو استَتبَّ لهُ الأمر نقول لا يجوز منازعته، فيعلمون - إن شاء الله - أننا ننطلق مع أنفسنا من قول رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، لا من فعلهم، فما عندنا ردود أفعال، ما عندنا ردود أفعال لكل فعل ردة فعل مضادة له بالقوة ومعاكسة له في الاتجاه، القانون المعروف، لا؛ نقول إذا ولِيَ الأمر واستَتبَّ له الأمر وسُلِّمت له المقاليد، وإن كنَّا بالأمس نُنكر عليه، لكن نقول الآن: لا يجوز وخطؤه لا يُطاع فيه.

قال لي بعضهم: أنتم تتكلمون في الحكام وأنتم تنكرون ذلك،

قلت له: كيف يا أخي! وضِّح لي،

قال: أنتم الآن تتكلمون في الإخوان المسلمين وهم حكام، وأنتم تقولون ما يجوز الكلام في ولاة الأمر،

قلت له: تعال! الكلام الذي مثل كلام هؤلاء الغوغاء لا يجوز، الذي يراد به استثارة الناس على الحاكم إذا استقرَّ لهُ الحكم واجتمع الناس عليه هذا لا يجوز،

لكن الكلام على بدعة الحاكم؛ يجب بيان البدعة والرد عليها، وعندي دواء ذلك، أعطيك دليلًا ناجعًا - إن شاء الله - ينفعك، الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - كان يُعارض الخروج على المأمون، صح ولا لا؟ والمأمون يقول بخلق القرآن، ويدعو الناس إليه ويمتحن العلماء به وفيه، وضُرب من ضُرِب وحُبس من حُبِس ومِمَّن ضُرِب أحمد - رحمه الله -،

ومع ذلك يقول لا تخرجوا، "كفُّوا دماء المسلمين"، "الله الله في دماء المسلمين"، "هذا خلاف الآثار"، "إنَّا نجد في الآثار ما صلَّوْا فلا"، وأنا أسألُكَ بالله من الذي قاوم المأمون في بدعة القول بخلق القرآن، ومن قاوم ابن دُؤاد وعلماء المعتزلة المقرَّبين عند المأمون، وصنَّف الكتب في الرد عليهم، أحمد، هذا هو الطريق الصحيح الذي نسلكه نحن إن شاء الله -تبارك وتعالى-، فسكت.

فنحن نقول هذا الذي يجيب علينا الإنكار على الأمير على السلطان، على الرئيس، على الملك، على الحاكم، رئيس الجمهورية، أيًّا كان من أسماء الولاة، علنًا على الناس لا يجوز، باطل لأنه سبب في الفوضى وأنتم ترون ما تعيشه مصر الشقيقة وبلدان المسلمين العربية الأخرى، هذا شر باب شر إذا فُتح وَوُجد من يتحدث في هذا الجانب بهذا النحو بالعواطف العواصف التي يزمُّها خطامٌ ولا زمام، يتولد أعظم وأعظم من الشر الذي نرى، فلا يجوز ذلك، ونسأل الله تعالى أن يلطف بالمسلمين.

لكن هل الإخوان المسلمون يعاملون السلفيين وأهل السنة بهذا الميزان؟ لا أعلم ذلك منهم لا قديما ولا حديثا، وأسأل الله أن يهديهم لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، نعم.

الشيخ: 
محمد بن هادي المدخلي