أحسن الله إليكم وبارك فيكم هذا سائلٌ يقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, شيخنا الفاضل؛ أسأل الله تعالى أن يبارك فيك وأن ينفع بك.
قامت في بلدي مظاهراتٌ شعبية للمنتسبين للسُّنة بعدما لاقوْا ما لاقوْه من ظلمٍ وعدوان في مختلف الجهات من قبل الروافض حكومةً ومِلشيَات, فنرجو التكرم بالإجابة على هذه الأسئلة التي أشغلت بعض الشباب هناك.
السؤال الأول:
هناك من لا يرى إظهار المخالفة والإنكارِ على المظاهرات؛ لِما يتأمل فيها من خيرٍ لأهل السنة، والبعض الآخر يرى ضرورة البيان وتحذير الناس من الخوض في هذه الفتنة بالحِكمة؛ لِما يترتب عليها من دماءٍ وغير ذلك, فما قولكم - حفظكم الله -؟
نسأل الله لنا ولكم العافية في الدِّينِ والدُّنيا والآخرة,
أولًا: يظهر لي من خلالِ ما وصفت - والعُهدة عليك أيُّها الكاتب - أنَّ السلطان ذا القدرة على سياسة القُطر بالقوَّتين الحُكمية والحِكمية معدوم, وإنَّما كان ذلك بيَدِ غيره, فهو لا يَعْدُ أن يكون ظلًّا فقط, فوصيتي لكم؛
أولًا: باعتزال هذه الفتنة كما قال - صلَّى الله عليهِ وسلَّم - حين قال له حذيفة - رضي الله عنه -: ((فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ)).
ومن هُنا أقول: غير مُستغرب أن يعاني أهل القُطر ممَّن ذكرت ما يعانون من الاضطهاد، وسفك الدماء، والسَّلب، والنَّهب، والعسف، لأنَّ البلد فوضى, هذا لا يُستغرب، ولكنَّه ليس مبرِّرًا للمظاهرات, فالمظاهرات ليست من هدي أهل السُّنة أبدًا, وراجع محاضرة لنا بعنوان: [التقريرات بكشفِ حقيقة المظاهرات] تجدها في موقع سحاب السَّلفي, سلكتُ ما سلكه فيه الأئمة من بيان الحق، وخَلَصْتُ إلى أنَّ المظاهرات مُحدثة على أهلِ السُّنة.
وبهذا تعلم أنَّ الذين انطلى عليهم أمرُ المظاهرات، إذا أحسَنَّا بهم الظن؛ قلنا هم أهل سُنَّة جهلة، ليس عندهم فقه، لو كان عندهم فقه ما تظاهروا, ولكن أنا أعلم أنَّه لا يلجأ للمظاهرات صاحبُ سُنَّة, بل هي من شعارات الجماعات الضَّالة المُضِلة, الجماعات الدعوية الحديثة التي كلُّها ضالة مُضِلَّة بلا استثناء, وقد بسطتُ القول في كُبرى هذه الجماعات, أو بعض كُبرياتها، فليُراجعها من شاء.
فإذا تقرَّر هذا فإنَّ بَيَان مُخالفة المُظاهرات للسُّنَّة من الخُطَبَاء والدُّعاة إلى اللهِ بحِكمة هو الأصل؛ التَّحذير منها وبيان أنَّها مُخالِفة للسُّنَّة, لكن إِذَا مَنَعَكُم من هذا مَانِع, خشِيتم من سَطْوة هؤلاء عليكم في بيُوتكم وفي مَساجِدِكم, فَدَعُوها ولا تتكلَّموا فِيها, نعم؛ يعني التَّحذير منها هو الأصل. نعم.