أحسن الله إليكم يقول السائل:
إذا كانت القدريةُ الغلاة الذين أنكروا مرتبة العلم والكتابة كُفَّارًا؛ فلماذا لم يكفِّر العلماء من أنكر مرتبة المشيئة والخلق، مع أنَّ أدلة انفراد الله بالخلق ظاهرة؟
-
أقول: أنا حتى الساعة لم أعثر على أنَّ رجلًا أنكر المشيئة العامة أو الخلق العام، هذا لم أقف عليه حتى الساعة، لكن بعض العلماء عندهم شيء في الخلق والمشيئة من حيث أنَّ الله أراد كذا ما أراد كذا، لكن الإرادة العامة التي هي المشيئة ومرتبة الخلق لم أعلم أحدًا من أهل الإسلام ينكرهما أو ينكر واحدة منها، فمن أنكر؛ أنَّ الله لم يخلق شيئًا أنكر هذا، أنكر خلق الله للأشياء، وإنما تكون طبيعة؛ هذا كافر، وكذلك من أنكر أنَّ الله لم يرد شيئًا؛ هذا كافر، ولم أعلم عالمًا، وإن كان مبتدعًا قال بهذا، أعلم أن بعضهم عندهم في المشيئة والخلق شيئًا، ومع هذا يؤخذُ الحديث عنهم، لكنهم لم ينشروها، في نفوسهم.
ومن هنا يُعلم التفريق بين المبتدع الداعية، والمبتدع غير الداعية،
* فالمبتدع الداعية هو الخطر على الأمة.
* أمَّا غير الداعية، فهذا ليس فيه خطر على الأمة، خطره على نفسه، ومع هذا يجب الحذر منه، يعني أنَّه إذا أظهر، يُنكر عليه في الحال، وإذا عُلم منه، يُناصح ويُبيَّن له.
وكما أسلفت آنفًا، بعض المحدِّثين عنده شيء في الخلق والمشيئة، ومع هذا قَبِل الأئمة رواياتهم في الحديث، لأنَّ ليس فيها ما يقوِّي بدعتهم، مع أنَّ المعروف أنَّ الذي يقصد تقوية بدعته هو المبتدع الداعية.