جديد الموقع

888304

السؤال: 

باركَ الله فيكم شَيخَنا السؤال السابِع عَشر، يَقول السائِل: ما هو الرَدّ على مَنْ يَستَدِل بِقِصَة بني قُريضة عَلى جوازِ الخِلافِ في الأُمة وَعَدم الرُدود في المَسائِل الفِقهية؟ وَجزاكم الله خيرا.

الجواب: 

السائِل أَخطأ، وَلا أَدري ما منشأُ هذا الخَطأ! هل هوَ سوءُ قَصدٍ أَو سوءُ فَهم، وَعلى كُلِّ حَال فَنَحنُ نُجيب بِالتَفصِيل.

فَنَقول: أَما بَنو قُريضَة فَإِنَهم نَقَضوا العَهد فَصَنعَ بِهم النَبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  قَتلَ المُقاتِلة وَسَبى الذُرية، النِّساءَ وَالذُرية وأَخَذَ الأَموال، وَهذا بِوحي الله، فَإِنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكمَّ سَعدَ بن مُعاذ -رضي الله عنه- فحكم فيهم هذا الحُكم وَقال:((وَاَلَّذي نَفْسي بيَده  أَنه لحكم الله مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ)) أَو كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

 وَأَما القِصَةُ الثانية، وَلَعَلَ السَائِل يُريدُها وهي كَعب ابَنَ أَشَّرَفَ اليَهودي، فَإِن هذا قال كَلِمات كُفر وأَقذَعَ في التَشبيب بِالنِساءِ المُسلِمات وَهجا، فَأَمر النَبيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتلِهِ، انتَدبَ إِليهِ محمدَ بن مَسلَمة، وَ أخرين كما هو حاصِل جميع الروايات في ذلِك، ومِن هذا يُؤخذ أَنه إِذا كان هُناكَ جاسوس، يَتَجسس على الدَولَةِ الإِسلامية، وَيُفشي أَسَرارها للأَعداء، فللإِمام أَن يَقتُلهُ، إِما صَبرًا وَإِما أَن يَبعث إِليه من يَقتُله، وَاللهُ أَعلم.

القارئ: شيخ، الله يحفظكم يا شيخنا، هل ترون أَنه ربما يَقصد صلاة العَصر، ((لَا يُصَلّيَن أَحَدُكُمْ الْعَصْرَ إلّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ)) وَكل منهم أَخذ مَأَخذ.

الشيخ:ماذا قال، القتل؟

القارئ : لا يا شيخ هو أَطلقَ، السائِل أَطلق ما حدد؟ قال يستدل بقصة بني قريضة على جواز الخلاف في الأُمة، فقط؟

الجواب: وهذهِ أَطم مما قَبلها، هذهِ يَستَدِلون بِها الأَقدمون مِثل عُبيد الله العَنبري، على قاعدة فاسِدة (كلُّ مُجتَهدٍ مُصيب) هذا ليسَ بِصحيح، وَ الأَن في هذا العَصر(نتَعاون فيما اتفقنا عليه وَيَعذُرُ بَعضُنا بَعضًا فيما اختَلفنا فيه)، وَهي تلكُم القاعِدةُ الفَاجِرةُ المَلعُونة، التي فَتحت البابَ على مِصراعيه لِمُمازَجةِ أَهلِ السُّنة، سواء كان النِحلة المَفتوح الباب أَمامَها مُنتَسِبة إِلى الإِسلام كَالرافِضة، أَو غير منتَسِبة للإِسلام كَاليَهودية، وهذه قاعدةُ المَنارِ أَولًا- يَعني بِهذا اللفظ- ثُمَ هي قاعِدةُ الإِخوان المُسلِمين وَقد تَكلمتُ عَنها كَثيرا.

فَهؤلاءَ الذينَ قال فيهم النَبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((لَا يُصَلّيَن أَحَدُكُمْ الْعَصْرَ إلّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ)) هذه الناس انقَسموا قِسمين، قِسمٌ رأَوا تَقديم الوَقت، صلاة العَصر في أَول وَقتِها وَفَهموا من الحديث أَن  المَقصود التَعجيل لِصلاة العصر.

وَ قِسمٌ مَضوا، حتى جاءَ في بَعضِ الروايات أَنهم لَم يَصِلوا قُريضة إِلا بعد العِشاء، فَصلَّوْا، فهؤلاء الآخرين الذين أَخذوا بِالنَص هُم المُصيبون والآخرون مُجتَهِدون، والمجتهد إِذا أَصَابَ فَله أَجران وإِذا أَخطأَ فَلهُ أَجر واحد وخَطَئهُ مَغفور، وليس مَعناه أَن كُل طائِفة من الاُمة إِخوانية أَو تَبلِيغية أَو أَهل سُنة أَو رافِضة أَو خوارج لَهُمَ ما يَشاؤون، لا هذا خَطأَ، هذا خِلاف ما أَجمعت عليه أَئمة العلم وَ الدين، فَإِنَهم مُجمِعونَ على وجوب العمل بِالسُّنة، قالَ الشَافِعي - رَحِمَهُ الله تَعالى-: (أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فليس لَهُ غيرها) أَو كما قال -رَحِمَهُ الله- يعني أَجمَع الأئِمة الأَربعة وَغَيرُهُم، مِن أَئِمة العِلمِ والإِيمان والدين، على أَنهُ يَجِبُ التَمسُكُ بِالسُّنة، وَرَدُّ كُلّ خِلافٍ إِلى الكِتابِ والسُّنة، أَخذوا هذا - رَحِمَهم اللهُ- من قَولِهِ تعالى: ((فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)) [النساء59] الآية، وَإِلى السُّنة المُتَواتِرة كَذلِك في هذا الباب، فَالخِلافُ لا يُردُّ إِلى مُجَرد الرأَي، لا، بَل يُرَدُ إِلى الكِتاب وَالسُّنة.

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري