أيضًا يقولُ: ـ هذا سائلٌ ـ يسأل عَنْ كتب التَّفسير:
ما هي كتب التَّفسير الَّتي يجب أنْ يُبدأ بها طالب العلم؟ وكيف تكون القراءةُ فيها؟ وهل لا بدَّ من دراستها على أيدي المشايخ؟
الأصلُ في تلقِّي العلم أنْ يُؤخذ من أفواهِ أهله، هذا هو الأصل، والنَّبيُّ - عليه الصَّلاة والسَّلام - كان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، كما في "الصَّحيحين" وكان يقرأ جبريل - عليه الصَّلاة والسَّلام – ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستمعُ إليه، وكان في أوَّل الأمرِ يردّد ما يقول جبريل معه، فأنزلَ الله - جلَّ وعلا - عليه قوله سُبْحَانَهُ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَه فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾.
وهكذا الصَّحابة - رِضْوانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ - أخذوا القرآن مِنْ فِيِّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -، كما هو معلومٌ مِنْ قول عبد الله بن مسعودٍ – رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -، ومِنْ قول أُبيّ بن كعبٍ - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ –، وغيرهما، وتلقّوْا العلم من فم رسُول اللهِ - عليه الصَّلاة والسَّلام -، ونقله الصَّحابة إلى من جاء بعدهم، من التَّابعين، تحمَّله التَّابعون عن الصَّحابة، وتحمَّله عن التَّابعين تابعي التَّابعين، وهكذا، ولهذا قالَ الوليد بن مسلم- رَحِمَهُ اللهُ -: "لا يؤخذ العلم مِنَ الصُّحفيين، ولا يُقرأ القرآن إلاَّ من أفواه الرجال". فلا بدَّ أن يُؤخذ العلم من أفواه أهله هذا هو الأصل.
ولذلك ليتحرَّز؛ هذا لهُ أسبابٌ عظيمة:
• أوَّلًا: يطبِّق الطَّريقة الشَّرعيَّة .
• الأمر الثَّاني: يَسْلم من الزَّلل، فيما لو انْفرد بالقراءة، أو النَّظر .
وأمَّا ما يتعلَّق إذا كُنَّا في بلدٍ لا يوجد فيه العلماء؛ ولا يوجد طُلَّاب علمٍ يُعلِّمون، فأقلُّ الأحوال أنَّ الله يسَّر هذه الطَّرائق: طرائق التَّواصل عن طريق الإنترنت، وغيرها، فيدخل هذا الطَّالب الَّذي يرغب في التَّعلُّم، وإلى المواقع المأمونة الَّتي فيها شروحات العُلماء الموثوقة، فالحمد لله، هناكَ صوتيات، وهناكَ كتاباتهم، وانْتبهوا! من المواقع المشبوهة؛ أو مواقع المتعالمين، فإنَّها تُفسد ولا تصلح.
فيستمع إلى تلك الشَّروحات، ويستمع إلى تلك الأمور، ويكون معه كنَّاشة يُسجِّل فيها ما أشكل عليه من هذه المسائل، ويُعيد الكرَّة مرَّة، ويتنبَّه أنْ لا ينفرد بفهمٍ لم يُسبق إليه، ولا بقولٍ لم يقل به أحدٌ مِن أهل العلم .
فأقولُ: ـ بارك اللهُ فيكم ـ مسألة كتب التَّفسير كتبٌ كثيرةٌ، لكن! بدايةً لطالب العلم ينبغي أنْ يعرف أصول هذا العلم ـ التَّفسير ـ، وهناكَ كتبٌ كتبت، منها: كتاب شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللهُ - في "أصول التَّفسير"، ولشيخنا الشَّيخ مُحمَّد بن العثيمين شرحٌ عليها، وغيره من أهل العلم من أهل السُّنَّة .
مِنْ الكتب المهمَّة في بدء هذا المقام: كتاب شيخ مشايخنا؛ الشَّيخ: عبد الرَّحمـٰن بن ناصر السّعديّ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -، فهو كتابٌ نفيسٌ على وجازته، لكن! يحتاج إلى انتباه في القراءة وتأمُّل، هذا بداية لطالب العلم يبتدئ بمثل هذا، وهناك كتبٌ أخرىٰ ليست في هذه المرحلة. نعم.