جديد الموقع

8883221

السؤال: 

يسأل الإخوان عن قضية قول القائل: لا يلزمني، تبين له ويقول: لا يلزمني.

الجواب: 

إذا كان تُبين له الحق بدليله ويقول: لا يلزمني، فما الذي يلزمه؟ ما الذي يلزمه؟ الله -جل وعلا- يقول: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَ‌سُولُهُ أَمْرً‌ا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَ‌ةُ مِنْ أَمْرِ‌هِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ ويقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّ‌سُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾، ويقول:   ﴿وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاسْمَعُوا﴾ ، وأطيعوا، واتقوا الله، ويقول -سبحانه وتعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّ‌سُولَ﴾ إلى غير ذلك من الآيات،

ويقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ)) فإذا بينت للمرء المسألة بدليلها من الكتاب والسنة دلالة عليها دلالة صريحة واضحة لا لبس فيها ولا غموض ولا خفاء ثم لا يعارضك بشيء إلا بقوله لا يلزمني فاعلم أنه صاحب هوى،

أما لو أتى بدليل قائم من كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعليك ألا تعجل عليه، انظر في دليله فقد يكون الدليل صحيحا لكن الفهم غير صحيح فبين له فإن أبى بعد البيان له المدعم بكلام الله من آيات أخرى فإن خير ما شرح القرآن القرآن، ثم بعد ذلك الحديث، وخير ما فسر السنة السنة، فبعد ذلك كلام الصحابة، ثم في الجميع لغة العرب، ويطلب هذا من كلام العرب ومن أشعارهم فإن الشعر ديوان العرب كما قال عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- فإذا بينت له بعد ذلك بكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلام أصحابه -رضي الله تعالى عنهم- وأبى فلا حيلة فيه، لا حيلة فيه، وهذا الآن أصبح يعني مركبا يركبه كل من أراد أن يركب رأسه ويخالف ويفارق أهل السنة، لا يلزمني هذه مسألة أبو الحسن نحن ما سمعناها إلا معه، تبين له بالحق والأدلة والدلائل المتتابعة يقول لك لا يلزمني، إذًا ما الذي يلزمك؟ تريد وحيا في قصتك هذه بعينها باسمك هذا لا يمكن أن يكون، كتاب الله يتلوه كل تالي، وسنة رسول الله– صلى الله عليه وسلم- يتلوها كل تالي، بين أيدينا فنحن نحتكم إليها، فإما أن تكون دلالة منطوق فهي أعلى الدلالات، وإما أن تكون دلالة مفهوم فهي التي تليها، ثم كلام أهل العلم نستعرضه من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل هو على فهمك أنت وإلا على فهمي أنا، فعلى أي الفهمين كان وجب على الثاني الرجوع له، في أكثر من هذا إنصافا معشر الإخوة؟! إن كان يدل كلام السلف في تفسيرهم لكلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما ذهبتَ إليه فأنا معك، وإن كان يدل على ما أنا عليه وأدعوك إليه فيجب عليك أن تتقي الله وتترك هذه العبارة لا يلزمني، الحق يلزمك ويجب عليك قبوله:﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَ‌سُولُهُ أَمْرً‌ا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَ‌ةُ مِنْ أَمْرِ‌هِمْ﴾ وبهذه المناسبة هناك مقالة تَنجَّر عن هذه، بعضهم يقول: كلام السلف يستأنس به -ما شاء الله- وكلامك أنت يجب أن يأخذ به! كلام السلف يقول: يستأنس به فَهْم السلف فَهْم السلف يستأنس به! وفهمك أنت فهمنا نحن ملزم! وفهم السلف لا، يستأنس به! مع أن فهم السلف هذا قد ألزمنا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- قال: ((مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي)) فالذي عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فهو الدين، وبعده ما كان عليه أصحابه مع الخلفاء الراشدين هو الدين، وبعدهم ما كان عليه بقية أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الدين، وبعده ما كان عليه أئمة التابعين وخيار التابعين وكبار تلاميذ أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الدين، وبعده ما كان عليه أئمة الأثر كمالك، والسفيانين، والحمادين، والأوزاعي، وشعبة، وأحمد، والشافعي، ونحوهم هذا هو الدين، فما لم يكن هؤلاء عليه فليس دينا فنحن لا نعرفه ولا يمكن أن نقبله من صاحبه، إذا خالف ما عليه هؤلاء الأخيار إلى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

فقول لا يلزمني هو من باب الضرب في صدر الناصح والرد عليه بغير ما حجة ولا دليل نسأل الله -جل وعلا- أن يرزقنا وإياكم حسن الاستماع والانتفاع والاتباع إنه ولي ذلك والقادر عليه،

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.

الشيخ: 
محمد بن هادي المدخلي