وهذا يقول نصيحة لبعض الاخوان السلفيين الذين تقع بينهم جفوة بسبب المشاكل بسبب ضعف النفوس.
ضعف النفوس يُداوى بكلام الله وكلامِ رسوله - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ولا ينبغي أن تكون الجفوة بين الاخوان علىٰ شيء من أمور الدُّنيا في حالٍ من الأحوال وإنَّما الواجب أن تُطرح الدُّنيا تحت الأقدام ولا الإنسان من ذٰلك إِلَّا أن يدعو ربّه – جلَّ وعلا – أن يعينه على نفسِه ولا أقول أنَّ هذا لا يحصل لابدَّ أن يحصل بين بني آدم ولكن الموفَّق مَن وفَّقهُ الله وزَمَّ نفسه بزِمام الدِّين فإنه يقرأ النصوص في كتابِ الله وسنةِ رسولِهِ - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فكيف يجوز لهَ أن يجفوَ أخاهُ ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ)) يعني لأمرِ الدُّنيا ((يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ))، أمَّا لأمرِ الدِّين هٰذا باب آخر، مخالفة للسُّنن؛ معاصي هٰذا باب آخر، فالمُخالف للسُّنة يُهجَر وقد حصَلَ هٰذا من أصحابِ رسول الله - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –.
أحدِّثُك عن رسول الله - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتقول والله لنمنعهُنَّ لله عليكَ لا أكلِّمكَ أبدا، يقوله ابن عمر لابنه وماتَ ولم يكلِّمه - رضيَ الله عنهما -، والثاني:((أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا ثُمَّ عُدْتَ تَخْذِفُ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا))نعم.
أمَّا أمور الدنيا فلا ينبغي أن تكون سببًا لهذا فإذا أقلعَ الإنسان عن المعصية الحمد لله ما أقلعَ عن المعصية أنت تنظر إن كان الهجر له يزيده شرًا أو يوقعه في معصية أكبر لا تهجره ما دام سنيًّا، أما المبتدع فهجره علىٰ التأبيد حتىٰ يتوب والهجر ننتفع نحن منه مع المبتدع إِذَا كان الهجرُ مؤثِّرًا، ويستفيد منه المهجور ننتفع منهُ ناحيتين:
§ نحنُ في أنفسِنا.
§ وعودة ذٰلكَ إلىٰ الحق.
وإِذَا كانَ هجرك لا يُؤثِّر فيه ننتفع أيضًا نحنُ بالسلامة من مخالطة هذا، والنبي - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد هجر الثلاثة أكثر من ثلاث ليال فلا يعترض بهٰذا علىٰ حديث: ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ)) علىٰ هذا الحديث فأئمة السُّنة كلُّهم كما ذكر ذٰلك عنهم البغوي وغيره مجمعون علىٰ أنَّ هِجران أهل البدع حتىٰ يتوبوا وليسوا كأهل الفسق من أهلِ السُّنة.
أهل السُّنة فيهم التفصيل:
إذا كان الهجران يؤدي الىٰ عودة نعم يؤدي إلىٰ الزيادة لا؛ لا تهجره هذا سني هٰؤلاء هم فُسَّاق أهل السُّنة أَمَّا أهل البدعة فقولا واحدًا، ومن الخطأ أن يُسوَّىٰ بين المبتدع والسُّني ويُجعل بابهما بابًا واحدًا فإن هذا في باب العمليات وذاك في باب العقائد فأهل الأهواء هجرهم حتىٰ يتوبوا علىٰ التأبيد حتىٰ يتوبوا بإجماع علماء السنة - رحمهم الله تعالىٰ -.
والآن نحن نرىٰ من يريد أن يجعل هُجران فُسَّاق أهل السُّنة كهجرانِ أهل البدع! وهذا غير صحيح لا يقوله إِلَّا من قلَّ فقهه وضعف علمه ومعرفته بما عليه أسلافنا الصالحون - رضيَ اللهُ تعالىٰ عنهم أجمعين - وكما قال الشوكاني: "هذا الفرس وذاك الميدان" يتفضل اللي ينكر هذا؛ هذه كتب أئمة السلف موجودة وللهِ الحمد مدوَّنة بالأسانيد والله لقد قامت حجة الله علينا في هذا العصر بالذات بطباعة أكثر كتب سنن العقائد، بما لم يكن عُشرها قبل أربعين سنة أو ثلاثين سنة، فبعد هذا كُله يقال لنا اتركوا، والمبتدع ما شاء الله يُطبطب علىٰ رأسهِ ويقال خلُّوه خلُّوه! هذا غير صحيح، الواجب دِعايتهُ إلىٰ الحق فإن أَبىٰ يُوقف منهُ الموقف الحق، هذا هو دين الله - جلَّ وعَلا - إِلَّا حال واحدة رَخَّص فيها أئمة السُّنة لأهلِ السُّنة بالمُداراة وهي إذا كانت الشوكة لأهلِ الأهواء والبدع في هٰذهِ البلدة وليسَ لكَ قُوَّة بهم، فحينئِذٍ نعم تُداري، قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالىٰ - لمَّا سُئِل عن الجهمية يهجرون؟ قال: إيه واللهِ، ثم أدركَ من السائل؛ قال: ولكنَّ اخواننا في خورسان لا يطيقون ذٰلك كانت الشوكة والغلبة للجهمية.
فمثلًا السلفي في هذا العصر إِذَا وُجِد في بلدة كلها اخوان مسلمين ماذا يعمل؟ يُداري.
مَن يدري دارى ومَن لم يدرِ سوفَ يُرىٰ عمَّا قريبًا نديمًا للنداماتِ
يندم فلابُد من أن يكونَ مداريًا، والمداراة بذل الدُّنيا لأجل الدِّين، والمداهنة بذلُ الدِّين لأجل الدنيا.
نسأل الله العافية والسَّلامة.
ولعلَّنا نقف عند هٰذا، وصلَّىٰ الله وسلَّم وبارك علىٰ عبدِه ورسولِه نبينا محمَّد وعلىٰ آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.