جديد الموقع

8883500

السؤال: 

قالَ السَّائل: أنا شابٌّ سلفيّ ومَنَّ اللهُ عليَّ بطلبِ العِلم والحمد لله، ولكني أحيانًا إذا ما اختليت بنفسي عصيتُ رَبِّي، فهل هذا نِفاق؟

الجواب: 

 قَد ذَكرنا غيرَ مرَّة بأَنَّ المرءَ يجِبُ أَن يُحاسِبَ نَفسه، وأن يخوِّفَها بالله، وأنَّ الله - جلَّ وعلا - مُطلِّعٌ عليه، ﴿يعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾، ويقولُ – جلَّ وعلا -: ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾، ويقولُ – جلَّ وعلا -: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ - سبحانَهُ وتعالىٰ -، فيجبُ علىٰ الإنسان أن يستحضِرَ ذٰلك وأن يتذكَّر ذٰلك وأن يكون بين حبه لله مُحبًّا لهُ – جلَّ وعز – أَحبَّ إليهِ من نفسِه وولدِه والنَّاسِ أجمعين، وكذٰلك أن يرجوه ويُؤمِّلُ فيه – جلَّ وعز – مع الخوفِ من الله – جلَّ وعز – الخوف الذي يجعلُك تهرب إليه لا منهُ ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّـهِ﴾، من خافَ من شيءٍ هَرَبَ مِنه، إِلَّا أنَّ الله – جلَّ في عُلاه – إِذَا خِفته هربت إليه، وكما قلتُ: كلمَّا كنتُ من اللهِ أقرب كنتَ عن مساخطِه أبعد.

ومن عقيدةٍ أهلِ السُّنةِ والجماعة أنَّ الإيمان يزيدُ بالطَّاعة وينقصُ بالمعصيةِ، أليس كذٰلك؟ فهٰذا مسطَّر ليس عملية نظرية تكتبها فقط هيَ عملية أيضًا

        إِذَا ما خلَوْتَ الدَّهرَ يومًا فلا     تَقُل خلوْتُ ولٰكن قُلْ عليَّ رقيبٌ

      ورُبَّ قبيحةٍ ما حالَ بيني         وبين ركوبها إِلَّا الحياء

      فكانَ هو الدواء لها ولكن        إذا ذَهَبَ الحياء فلا دواء

يا أخي تذكَّر أنَّ الله – جلَّ وعلا – مُطَّلعٌ عليْك؛ هُنا المجاهدة الحقيقية في كبحِ جباحِ النَّفس وتطلُّعاتِها وشهواتِها، كبتُها بالحق، فهٰذا الأخُ السائل نقول لهُ يجبُ عليهِ أن يكون قريبًا من الله، وأن يُجدِّد التوبةَ والأوْبةَ إليهِ – سُبحانه -  وأَن يرجوه وأَن يقوم بين يديْهِ – جلَّ وعلا – في الثُّلث الأخير من اللَّيل؛ فهو القائل – جلَّ وعز - ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾، فيدعوهُ – جلَّ وعز – ويرجوه ويجاهدَ نفسه علىٰ أَن يُفارق هٰذه الأفعال التي قد يقعُ فيها، وسيَجِدُ – بإذن الله – إن صدَقَ مع الله سيجِدُ لِذَّةَ الابتعادِ عن هٰذه الآفات المهلكات، نسأل الله العافيةَ والسَّلامة، لا حول ولا قوة إِلَّا بالله.

 
الشيخ: 
 عبد الله بن عبد الرحيم البخاري