جديد الموقع

8883506

السؤال: 

قال: ما نصيحتكم الذي يرمون الشِّرك الأكبر علىٰ عُلمائنا الذين أجازوا الاستعانة بالجن المسلم؟

الجواب: 

 يعني هل هُناك ناس يقولون أن هؤلاءِ مشرِكون؟ من قالَ بهذا؟

على كُلِّ حال مسألة الاستعانة بالجِن وإِن قال بها بعض أهلِ العلم إِلَّا أنَّ الصحيح أنه لا تجوز الاستعانة بهِ، لأَنَّ هذا الجان كيف لك أن تُصدِّقَهُ؟ كيف تستعينُ بِهِ؟

أَمَّا أَنْ تقول أنا أُخرجه من المريض فيُسلِم على يديَّ فأستعين بهِ؛ فهذا أمرٌ قد أجبنا عنهُ وبَيَّنا بُطلانه في أكثر من مرة في دروسِنا وقلتُ إنَّه لا يجوزُ تصديقُه، وأقلُّ أحوالِ هذا الجان المُتلبِّسِ بالإنسِ أنَّه مرتكبٌ لكبيرةٍ إن كانَ مسلمًا، وهُوَ فاسقٌ بهذا الفِعل والله – جلَّ وعلا – يقولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾، فكيف لكَ أن تتبيَّن صِدقَ هٰذا الجان من عدمِه؟ لا تستطيع لأنَّهم عالم غيبٍ ونحنُ عالمُ شهادة والأمرُ لا يقومُ على التَّجارب – يقولوا جرَّبنا فوجدنا -، لا يمكن التجارب في هٰذا الباب مرفوضة، كما قلت اختلاف العالميْن ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾، وإذا ما كانَ فاسِقًا قُلتُ فلا يجوزُ تصديقُ هٰذا تنزُّلًا أن يكون المتلبِّسُ بالإنسِ مِنَ الجِنِّ المسلمين، وهُم – أعني هٰؤلاء هذا العالم عالم الجِن – يتلذَّذون ويستلِذُّون بمخاطبةِ الإنسِ لهم؛ كما أنَّك تتشوقُ لسماعِ قصصِ الجان، وأحاديثِ الجان فيقول البعض: أنا قلتُ له وقال لي وأجبته وأجابني وكان معه في هذا الإنسان أخوه وأمُّه وأخته وجدُّه وجدتُه وقبيلتُه؛ كلُّ هٰؤلاء القوم في إنسانٍ واحد كيفَ صدَّقته، السؤال كيف صدَّقته؟! هو أعطاكَ خبرًا هٰذا الجان أعطاكَ خبرًا أنَّه كذا هُوَ وفُلان وفُلان وفُلان كيفَ صدَّقت؟! خبر يحتملُ الصِّدق ويحتملُ الكذب؛ أليس في القاعدة أَنَّه لا تُقبلُ أخبار المجاهيل؟ كيفَ بهٰذا؟ أنتَ لا تراه ولا تعرِفُ كُنهًا.

زِدْ على هذا ما يترتب وراءَ هٰذا من الأشياء والأخطاء، إِذْ أنَّه قد يقولُ له تلبَّسته بسببِ أنَّه فعلَ كذا أو سحرَهُ فُلان, أو أعانَه فُلان - مِن العين -, أو أصابَهُ فلانٌ بكذا، فتُبْنَى على هٰذهِ الأَقوال الأحكام, ويَتْرُك الناس الصواب والسُنَّة في هٰذا الباب ويُصدِّقونَ الجانْ في أقوالِهِ وهذيانِه.

الجن؛ السؤال: هل تَلَبَّس بالإنس الآن أو من سابق موجود؟ موجود من سابق؟ أَمَا كانَ في عهدِ النِّبوة, كانوا موجودين؟ ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴿١﴾يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ﴾ الآيات، فالجنُّ موجود منذ ذٰلك العصر ومن قبل, والمرأة التي كانت تُصرَع طلبت من النَّبيِّ - عليهِ الصَّلاة والسَّلام - قالَ: ((إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ أَصْبِرُ فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا)) فصارت لا تتكشَّف إذا ما أصابها شيء من ذٰلك.

فَيَا اخوتاه الاسترسالُ في هذا الباب بَتْرُهُ هُوَ الصَّواب, قراءةُ القرآن؛ الأدعيةُ الصحيحة الثابتة؛ والعلاجاتُ الثابتةُ الصحيحةُ في السُّنة فقط, حتى القراءَة علىٰ الماء, حديث القراءة علىٰ الماء والنَّفث فيه لا يَصِح, حديثُ أبي داود, وتوسَّعت الناس في فَهمِ حديث: ((كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ))، فصارَ إِذَا ما جِئتَ إلىٰ هٰذا القارِئ؛ التاجِر؛ المُتَاجِر في هٰذهِ المهنة يقولُ لكَ: هذا زيت مَقْرِي عليه ومع الزيت لابد لعقة عسل إلَّا قارورة عسل, هٰذا بكذا, وهٰذا بكذا, تجارة صحيح؟, ثمَّ يقول: أنا ما آخذ, هو ما يأخذ لكن أنت تشتري, أحدهما اختلفا؛ يقال العامِّية: يقال الحقن صَبْ  أو حَقَن, أحدهم قال: صُبَّه ,الثاني قال: احْقُنُه, هو كلَّه المرد واحد, هو ما أخذ لكنه باعَكَ, لَف عليك وأخذ ما في الجيب, فانتبه! ولا ينبغي الاسترسال وتَصْدِيقُ الجان, تستعين به ثمَّ يقول لك: هذا بِهِ مَس, هذا فيه سحر, هذا فيه عين, هذا فيهِ كذا, وتصدِّقه؟ يُصدَّق ولا ما يُصدَّق؟ يُصدَّق!, فانتبه أيُّها المُحِب في الاسترسال, ومن قالَ – وأنا أعرفُ من قال هذا - من أهلِ العلمِ سواءَ مِمَّن سبقَ ومن المعاصرين إِلَّا أَنَّه قولٌ مرجوحٌ ضعيف اجتهد صاحبُه فلم يُصِب.

هُم قاسوا أنَّ الاستعانةَ بالجِن المسلم كالاستعانةِ بالإنسِ المسلم هي لو كانت الصورة كذٰلك لقُلنا بالجواز لكنَّ الفرقَ بيِّن هُم عالمُ غيب وأنتم عالمُ شهادة، ولذا افترقَ اللهُ – جلَّ وعلا – يقول: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾، ﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ﴾. نعم.

 
الشيخ: 
 عبد الله بن عبد الرحيم البخاري