جديد الموقع

8883562

السؤال: 

يقول السائل: هل السلف الصالح اختلفوا في مسائل العقيدة مثل الرؤية وغيرها؟ أفيدونا مأجورين.

الجواب: 

 لم يكن بين السَّلف - أعني الأئمة من الصَّحابةِ ومن بعدهم - اختلافٌ في أصولِ الدين, سواءً ما كانَ من قبيلِ العبادات العلمية وهي العقيدة أو العملية؛ أبداً، وإِنَّما كان الخلاف في مسائل, وأنا أضربُ أمثلة الآن مع اختصار الحديث مراعاة للوقت.

· المثالُ الأول: أجمعَ السَّلف من الصحابةِ ومن بعدهم علىٰ أَنَّ العرش والقلم أوَّلُ المخلوقات وأَنَّهما لم يسبقهما مخلوق, واختلفوا في أَيِّهما كانَ أولًا،

فطائفة قالت بأوليَّة العرش واحتجوا بقوله – صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:  ((كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَعَهُ - وفي رواية ((غَيْرُهُ)) - وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ))، وذهبت طائفة إلىٰ أَنَّ القلم أسبق واحتجُّوا بحديث: (( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ)) فهٰذه الزيادة صحَّحها الألباني – رحمه الله – أعني قوله: ((شيء))، لكن جمع أهل العلم قالوا أول شيء من المخلوقاتِ بعد العرش، هٰذا المثال الأَوَّل.

· الثاني: اتفق السلف على أن الإسراء والمعراج كليهما حق، كلاهما ثابت بالكتابِ والسُّنة، أجمعوا علىٰ ذٰلك، فما الذي اختلفوا فيه من ذلك؟ اختلفوا هل رأىٰ النبي – صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ربَّه ليلة الإسراء أو لا، حديثُ عائشة – رضِيَ اللهُ عنها – ينفي وهو في الصَّحيحين, أَنَّ مسروقًا – رحمه الله – قال لها: ((يَا أُمَّتَاهْ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ فَقَالَتْ لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ)) الحديث.

ومثله حديث أبي ذرّ, قال: ((يا رسول الله هل رأيتَ ربَّك - يعني ليلة الإسراء - قال: رأيتُ نورًا لَو ظَهَرَت سُبُحَاتُ وَجْهِه لأَحْرَقَ ما انتهىٰ إِليْهِ بَصرُه))، فهٰذانِ الحديثان نصٌّ في أَنَّ محمدًا – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لم يَرَ ربَّه تلكَ اللَّيلة - في ليلة الإسراء - مع اتِّفاقهم علىٰ أَنَّ الإسراء والمعراج ثابتان ولم يتنازعوا فيهما.

وجاء عن ابن عبَّاس – رضِيَ الله عنهما – قال: ((رَآهُ بِفُؤَادِهِ)) في رواية قال: ((رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ)), وفي رواية قال: ((رَآهُ)) فجَمَعَ أهلُ العِلم بين هٰذا وبين حديث عائشة وما في معناه – رضِيَ اللهُ عن الجميع – بحملِ النَّفي في حديث عائشة علىٰ الرؤية بالبصر، والإثبات في خبرِ ابن عبَّاس – رضِيَ الله عن الجميع – علىٰ الرؤية بالقلب، هٰذان مثالان, وبهما يَنسدُّ الطَّريق علىٰ من زعم أَنَّ السَّلف اختلفوا في العقيدة لكن من يأخذ عن القاسميّ - محمّد جمال الدِّين القاسميّ بن محمد سعيد الحلَّاق الشافعيّ مذهبًا الأشعريّ عقيدةً الخلوتيّ طريقةً يقول مثل هذا الكلام، وهٰذه الجمل القاسميّ نفسه صاحب التفسير المعروف وصاحب تاريخ المعتزلة الضَّال المضلّ حكىٰ هٰذه عن نفسِه في بعضِ كتبه، ولكن بعضُ المولَعينَ بهِ والمُتَربِّصينَ بأهلِ السُّنة الدَّوائِر ينقلون عنه. نعم.

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري