السؤال:
يقول قائل: شيخنا -أحسن الله إليكم- لو قال قائل: إن صوم السبت مباح على أقل أحواله بناء على أدلة منها: قول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صَوْمُ السَّبْتِ لا لَكَ وَلا عَلَيْكَ)) وكذلك ما جاء عند النسائي أنه كان يصوم هذا اليوم يوم السبت، والأحد يقول إنهما يوما عيد، وهذا قد يدل على استحبابه، وكذلك ما جاء في صيام داوود - عليه السلام - والأيام.
الجواب:
إيش الإشكال في هذا، أنحن ما تكلمنا على هذه المسألة، تكلمنا على أنه يحرم صومه عند من قال: إنه يصح حديث: (( لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ))أنا أسألكم إخواني وأبنائي، يقول هذا الحديث: (( لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ )) هذا دلالة المنطوق، دلالة المفهوم، أنه إيش؟ يحرم صومه نفلا، صح ولا لأ؟ وسواء في النفل صمته منفردا أو صمته مع جمع، نفل ولا لأ؟ الحديث يقول: ((إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ )) والنفل الذي تصومه يومين، ثلاثة، هذا مجموع، هو نفل ولا فرض؟ يبقى نفل، فهو مضاد لمنطوق هذا الحديث، فنحن ما تكلمنا يا أخي، أيها السائل في الإباحة، نحن نتكلم على ما هو أشد من هذا، أما الإباحة، نحن ما نتكلم فيها، نحن نتكلم على من يقول إنه يحرم صومه نفلا، فنحن نقول: يباح صومه نفلا، فما بيننا وبينك خلاف، الخلاف بينك وبين من يقول: يحرم صومه نفلا، فنحن نقول: على إن هذا الحديث فيه ما فيه، لكن لو سلمنا، لو سلمنا، فبعض العلماء يحمله على إيش؟ على أنه يُحمل على كراهية السبت كما هو المذهب مفردا، ولا لأ؟ مفردا، لكن نص الحديث هذا يضاده ((إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ )) سواء صمته نفلا بمفرده، وإلا صمته نفلا مع يوم، وإلا صمته نفلا مع عشرة أيام، كله ما دام نفلا نص الحديث يمنعه،((إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ )) والنفل ليس فرضا هنا، فما في إشكال بيننا وبينك يا أيها الأخ السائل، أما شيخ الإسلام فهو يقول: لا يكره كما سمعتم الآن التصحيح، لا يكره مطلقا لأنه يقول: شاذ، ما يصح، ومال شيخنا - رحمه الله- ذكرت هذا لكم بالأمس، أنه حديث شاذ، ضعيف، شاذ، نعم.
وهو في الحقيقة مختلف في تصحيحه، كما سمعتم، وأيضا في الوقت نفسه في متنه نكارة، في متنه نكارة، والنكارة في مقابل ما هو أقوى منه، وأصح منه في الصحيحين وفي أحدهما، وما هو صحيح على شرط غيرهما، حديث أم سلمة عند ابن خزيمة، والنسائي ابن خزيمة، فعلى كل حال الأمر فيه هذا الذي توصلنا إليه، والشيخ ناصر -رحمه الله تعالى- مأجور على اجتهاده، وحمله على ذلك حب متابعة سنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- وهذا ما نعلمه عنه -رحمة الله عليه ورضوانه-، ولكن كم من مجتهد لا يوفق للإصابة، فنحن نرى أنه ما وفق - رحمه الله- للإصابة، وهو يرى أيضا أن من خالفه لم يوفق للإصابة، لكن أدلتنا إن شاء الله أقوى من دليله من حيث الحكم على الحديث، على متنه بالنكارة، حينما قال لجويرية: ((أَصِمْتِ أَمْسِ))، لما رآها صائمة يوم الجمعة نفلا، قالت: ((لا))، قال:((تَصومينَ غَدًا))، قالت: ((لا))، قال:((فَأَفْطِري إذًا))، فالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمرها بالإفطار يوم الجمعة وأجاز لها لو ضمت إليه السبت.
وهو نفل، والحديث هذا يقول: ((إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ))معناه مخالف، وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في صيام السبت والأحد و(( إِنَّهُمَا يَوْمًا عِيد لِلْمُشْرِكِينَ , فَأَنَا أُحِبّ أَنْ أُخَالِفهُمْ)). فهذا يدل على جوازه تطوعًا، والحديث هذا يقول:((إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ))هذا أقل الأحاديث يعني مرتبة في الصحة؛ لأنه صحيح على شرط غير الشيخين النسائي وابن خزيمة، وهو يصادفه فكيف بما كان في الصحيحين من حديث جويرية، ومن حديث أيضًا أبي هريرة.
الشيخ:
محمد بن هادي المدخلي