الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَصَّلى الْلَّهِ وَسَّلم عَلَىَ نَبينا مُحمد وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعين.
أما بَعْدُ..
وقف بِنَا الحَديث ونحنُ نتكلم في تفسير آية الحُقوق العَشَرةِ بما فتح الله به علينا ويسَّرَهُ لنا، ولا أدّعي أنِّي وَفَّيْتُ كل ما مضى حقَّه.
وحديثُ هذه الجلسّة يَتَضمَّنُ خاتمةَ الآيةِ - إنّ شاء الله تعالى-.
وقفنا عند قولهِ تعالى: ﴿وَالْمَسَاكِينِ ﴾، ﴿وَالْمَسَاكِينِ﴾ جمعُ مسكين، عَرَّفَهُ العلماء: بأنَّهُ الذي يجدُ قوتَ يومِهِ فقطْ، والصَّواب: أنَّهُ مَنْ كانَ لهُ مالٌ لكنَّهُ لا يُغْنيه، ولا يُوصِلُهُ إلى حَدِّ الغِنى.
ويدُلُّ لذلكم قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾[الكهف:٧٩]، سمَّاهم الله مَسَاكِين - أعني فيما قَصَّهُ علينا من خَبَرِ مُوسَى والخَضِرْ- عَلَيْهِما الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - - وأولئكم يملكون سفينة، ويمكن أن يُقال في زماننا من يملكُ دارًا على حدِّ سُكْناه وعياله وله مُرَتَّب يؤمنِ كفايته ويزيد عليها شيئًا، ومثلهُ من يملك دارًا ولديْهِ سيَّارة يُؤجِّرُها، أو سيارات قليلة يؤجِرُها، والمقصود أنَّ كلَّ من لم يصل ماله إلى الغِنى فهو مسكين، وله حقٌّ في الصَّدقة.
ثانيًا : في قوله تعالى: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [ النساء 36] ، الجار: كلُّ من جاوَرَ، كلُّ من يُطْلَق عليه اسم الجِوار، سواءً كان في السَّكَن، أو في الحِرَفْ مثل أصحاب المتاجر والمزارع والمصانع يُسَمَّوْنَ جيرانًا، وهو عُرفي، ليس له حدٌّ في الشَّرع، فكُلُّ ما يُطلق عليه اسم الجوار فصاحِبُهُ جار.
وقد تواترت السُّنّة الصحيحة عن النَبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الوصيَّة بالجار وتعظيمِ حقِّهِ، من ذلكم قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ)، وفي الحَديثِ الآخَر: (فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ)، وقد اتفقت الأحاديثُ كُلُّها على أنَّ المُعاملةَ الحَقة بين الجيران، تتضمنُ أُمورًا:
أَحدها: كَفُّ الأَذَى عنه، سواءً كان مِن نفسهِ، أَو مِن أهلِهِ، أَو من عِيالهِ.
الثاني: حِفظُ عِرضهِ، في حضورهِ وَ غيبته فلا يَتعدى لهُ على عِرض، بل عليهِ صيانتهُ.
الثالث: الهدية، التهادِي بينَ الجِيران، قال رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا أَن تُهدي لها وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ).
فالتهادي بين الجِيرانِ خاصة، والمُسلمين عامة يُقَوِّي رابطةَ المَحَبة، وَيُشيع الأُلفةَ وَ الأُنس بين المتهادين سواءً كانوا جيرانًا أو غَير جِيران، لكنّهُ بين الجيران آكد، وعن أَبي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النَبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ)،
وَ جاءَ في الأَخبار وَالآَثار الصَحيحة إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهى أَن يُؤذي الجَارُ جارَه بِقُتَارِ قِدْرِهِ، فلابد إِذا ظَهر قِتَارِ قِدْرِهِ ووصل إلى جِيرانِه أَن يُهدي لهم مِن طَبيخهِ.
ومنها احترامُ الجِوَار، فالجِوارُ مما اؤْتُمِنَ المسلمون عليهِ، جَعلهُ الله بينهم أَمانة، وَمن عظيم حُرمة الجَار أَن خِيانتهُ في أَهلِهِ من الكَبائِر، أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: (قلت: يا رَسول الله، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ) قَالَ:( أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ)، قَلَتُ: (إِنَّ ذَلِكَ لَعَظيم قُلْتُ ثُمَّ مَاذَا؟)، قَالَ:( أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ)، قَالَ: (قُلْتُ ثُمَّ مَاذَا؟)، قَالَ :(أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ)، فهذا الأَمر الجِوارِي الذي جَعلهُ النَبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من كَبائِر الذنوب وهي خيانةُ الجارِ في أَهلِ بيتِهِ، بأَن يهتك عِرضهُ، وَيغتنم غَفلتهُ أَو غَيبتهُ عن أَهلهِ، لماذا كان من أَكبر الكبائِر؟
و الجواب أَنه أَتى جارهُ وَ غَدرهُ من حيثُ كان يأَمنه، فالجارُ يغيبُ عن أهَلِهِ المُدةَ الطويلة،َ قد تصلُ في بعض الأَمكنّة وَالأَزمنة إِلى سنين، وهو يَقول: (هي بِجوارِ فُلان، أَهلي بِجوارِ فلان، فأَنعم بهِ وَأَكرم)، يرى فيهِ الأَمانة وَعفةَ النفس وَحِفظَ الجِوار، وَ إِذا بِهِ يَخونُهُ.
والجيران ثلاثة: جَارٌ قريبٌ مُسْلِمٌ، وجَارٌ مُسْلِمٌ وَليس بِقَريب، وجَارٌ لا مُسْلِمٌ وَلا قَريِب – كَافِر- ويُمكن أن ينظم رابع فيقال جَارٌ قريبٌ كَافِر، فكلٌ له حقوقه، فالأولُ وهو الجارُ المسلمُ القَريبُ لَهُ على جَارِه ولِجاره عَليهِ ثَلاثةُ حُقوق، حقَّ الإِسلام وحَقّ القَرابَة وحقّ الجِوار.
الثّاني: من هو جَارٌ مُسلِم لكنّه غيرُ قريب ليسَ بينهما صَهرٌ ولا نَسب وإنّما الأَخوةُ في الله؛ فَله حَقان حقّ الجِوار وحقّ الإِسلام.
والثالِث: الجار الكَافِر وليس قريبًا، فهذا لهُ حق الجِوار وإن كان كافرًا، فَتَحرُّم أذيته.
ومن هنا يُوصى المسلمون المجاورون للكُفار في بلدانهم أعني المسلمين عامّة، وأهل منهم السُّنّة خاصّة، المجاورين للكُفار في أوروبا، مثل بريطانيا، وأمريكا، مثل نيويورك وواشنطن وغيرها، وفي الهند فعليهم أن يُوفوا لجيرانِهم حقوقهم عليهم فلا يتعدّوا عليهم في عَرضٍ ولا نفسٍ ولا مَال، فإِن أخفروهم فقد عصوا الله ورسوله، وَرَكِبوا جُرمًا عظيمًا، لأنّ الكُفار حينما يجاورهم المُسلمون يَأنسون شيئًا، فإذا رأوا منهم خيانة شوّه السُّفهاء منهم سمعة المسلمون وما حدث ويحدث بين الفينة والفينة، وتَطالعنا به وسائل الإعلام من صُحف وانترنت من اعتداءِ بعض المسلمين على جيرانهم من الكُفّار؛ فهذا خيانةٌ للأمانةِ منهم، وقد جرَّ هذا في كثيرٍ من أقطارِ أوروبا مثل فرنسا وغيرها، أن بعض السُّفهاء من المنتسبين إلى الإسلام إلى الاعتداء على بعض الصَّحف والمَحلات، وهذا جرَّ بنفسه الانتقام فإنَّ السُفهاء من جيراننا من يهود ونَصارى لا يَتورعُون فينتقمون منِ المُسلمين بما قَدِروا عليهِ من إزهاق روح، أو هتك عرض، أو غير ذلك، فلو أنَّ المُسلمين المجاورينَ للكُفار في بُلدانهم وفّوا لهم بِحسن الجِوار، وصدّقوا معهم الحديث، وحَفِظوا لهم ما ائتمنوا عليه، وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ والوَعد، وأظهروا محاسِن الإسلام؛ لَدَخَلَ كثيرًا من الكُفار في دينِ الله أفواجًا، وهذا مُجرّب، فالذي خَبر تاريخ الدعوة الإسلامية من عصورها الأولى؛ أَسْلَمَ ما لا يُحصى من الكُفار لما رَأَوْا إظهار المسلمين محاسن دينِهِم، بل وكان منهم علماء فضلاء دعاة إلى الله على بصيرة.
الرابع: القريب الجار الكافر، فهذا ليس له حق الإسلام، لكن له حق الجوار وحق القرابة، ولعل هذا ما ذكره الله - سبحانه وتعالى- بقوله: ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾[النساء:36]، فالْجَارِ الْجُنُبِ: يعني الأجنبي، الذي لا يربطك به إسلام ولا قرابة ولا دين، هو أجنبي عليك. وقوله: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ﴾ [النساء:36] فسّره بعضُ أهل العلم: ((بِالزَّوْجَة))، ويمكن أن يُقال: (كُلُّ رجل وزوجه، كل واحد منهما تحت هذا صاحِب بِالْجَنبِ)، فيجب عليه أن يَتَّقِيَ الله فيه، ويحفظ حقوقه، ويعتقد كلاًّ من الزوجين أن زوجه أمانة في عنقه يوم القيامة يسأله الله – سبحانه وتعالى- عنه، ولعلَّ الله يُيَسِّرُ لنا لقاءً نَبْسُطُ هذه المسألة بسطًا يليق بها - إن شاء الله تعالى- وفسّرهُ بعضهم بأنّهُ: ((الرَّفِيقُ فِي السَّفَرْ))، وكِلَا القولين صحيح ولا يُنافي أحدهما الآخر، فالمرافق في السفر أمين، المسافران كل منهما له حقٌّ على رفيقه، وحقّهُ عليهِ أمانة بما يقتضيه الحال.
قال تعالى: ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾[النساء:36]، ﴿السَّبِيل﴾: هي الطريق لأنها توصل إلى المُراد من سلوكها، ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ هو المُسافِر، سُمِّيَ ابنًا لها لملازمته سلوكَها، حتى يصل إلى مُبْتَغَاه ومَقْصُودَه، ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ من عظيم شأنه أن الله –سبحانه وتعالى- جعل له حقًّا في الزكاة المفروضة، فإذا انقطع في بلدٍ ما، فإنه يجبُ على ذوي الأموال الزَّكَوِيَّة أن يجعلوا له سهمًا في أموالهم من زكاتها - أعني من زكاتها- وإن كان غنيًّا في بلده، فكم من إنسان يأتي لغرضٍ ما في بلد ما، فلا يتيسر له، ومن الأمثلة: أن يكون له مَدِينًا فلا يَجِدُه إما أن يكون مُسافرًا أو مات أو سافر، وليس معه من النفقة ما يُعيدُه إلى بلده، أو أنّه يأتي إلى بلدٍ ما لغرض التجارة فيها -بيع أو شراء- فيخسر، فلا يكون له نصيب في الكسب، فيُعانُ من زكاة المال بقدر المُكْنَة، وإن تيسر أن يُعانى بما يُبَلِّغُهُ العودة إلى أهله فَهُوَ الواجب.
وختم – سبحانه وتعالى- هذه الآية بالوعيد العظيم الدال على أن خاتمتها خَصْلَتَان عظيمتان من الكبائر، فقال جَلَّ وَعَلا : ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا﴾ [النساء:٣٦]، (المُخْتَال) هو المُتَكّبِر، و(الفَخُور) هو المُتّفاخِر بما رزقهُ الله، المُتعالي بهِ على الخلق من مالِ أو ولد أو جاه أو غير ذلك، والواجب على المُسلم التّواضع، قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ)، والكِبر عَرّفه النَبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ولا مَعدِلَ عن تعريف محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، قَالوا يا رسول الله: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ)، أقول ومن النّاس من يحب أن تكون سيارته جميله حَسنة جديدة، (الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ)، بَطر الحقّ دفعه وردّه بِشتى الحِيل، حَتى يُظهِر الباطِل ويُعليه، وغَمْط النّاس هو احتقارهم وازدراءُهم بنسبٍ أو حَسبٍ أو مالٍ أو جاهٍ أو منصبٍ أو غير ذلك.
انتهى ما فتح الله بهِ علينا من تفسير الحُقوق العَشَرة التي تَضمنتها هذه الآية من سورة النساء.
وأنُبه طُلاب العلِم، وطالباته إلى أنه بدءً من الجمعة القادمة سنشرح كتاب الصيام - إن شاء الله تعالى-، ويُطلب منهم جميعًا إحضار كتاب (عُمدة الأَحْكام) مِن الحَديث، للشيخ الحافظ عبد الغني المقدسي، ولعلّ الجميع تنبّهوا إلى ذلك، والآن تفضّل يا شيخ عبدالواحد، هات ما تَيَسَّر من الأسئلة.
أحسنتم نَسيت هذا الحقّ، قَوله ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾؛ هذا يعُمّ كل ما ملكه الإنسان من رقيق وحيوان فإنه مسؤول عنه يوم القيامة، فيجب عليه الرِّفق به، وصيانته، فإن كان رقيقًا أطعمه مما يطعم وكساه مما يكتسي ولا يكلّفه فوق طاقته، وإن كان حيوانًا، كَالْبِغَالِ، وَالْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ وَالْإِبِلِ فإنّهُ يجب عليه أن يُنفق عليها، ويُؤتيها حاجتها من طعام وعلف، ويجب عليه أن لا يُحمّل المركوب منها فوق طاقته.
والسؤال هنا: هل الخدم الذين يُستقدمون مَما مَلَكَتْ الأَيْمَان؟
الجواب: لا، هؤلاء عمال عندنا يجب علينا أن نوفيهم حقوقهم كاملة، فإن كان العقد يتضمن الكسوة والنفقة، يجب الوفاء به، وإن كان يتّضمن المُرتَّب الشَهري فقط، فكذلك يجب عليه الوفاء به، وأن يُؤَدِّي أُجرتهُ في حينها، فإن كانت المكافأةُ شهرية أدَّاها له في نهاية الشهر.
أحسنتم ذَكّرتمونا هذا الحق.
الشيخ عبيد: هات الأسئلة.
القارئ: جزاكم الله خيرًا شيخنا.
الشيخ عبيد: أنا قُلت بما فَتحه الله بِه علينا ويسّره لنا، وما وَعدتّكم بأني استوفي كل شيء لا، لو صنعت هذا معكم لاستقطب دروسًا كثيرة ومُكَثَّفة.
السؤال الأول:
بارك الله فيكم شيخنا ونفع بكم الإسلام والمسلمين، السؤال الأول في هذا اللقاء، يقول السائل: هل يجب الإحسان إلى الجار بدلالة هذا الأحاديث وهذه النصوص التي ذكرها فضيلتكم؟
الجواب:
وأين هذا عما قررناه، حقيقًا مثل هذا السؤال، يدل على الغَفْلَة عما قٌرِّر أو إضاعة الوقت، ولهذا فجوابنا له طيُّه.
السؤال الثاني:
بارك الله فيكم شيخنا السؤال الثاني، يقول السائل: أنا أخطأت في جاري كثيرًا عندما كنت صغيرًا وعاميًا، ولا أعرف المنهج السلفي، والآن قد تُبت، والحمد لله وجاري الآن يُسلِّم علي، هكذا في السؤال يا شيخ.
الجواب:
أولًا نحن لا نعلم إساءتك إلى جارك، لكنك ذكرت أنك صغير، ولعلك تعني أنك لم تبلغ مبلغ الرجال، وإن كان السائل إمرأة لعلها تعني أنها لم تبلغ مبلغ النساء، لكن الغالب أن هذا يصدر من الذكور، فالإناث عادةً لا يُؤذِينَ الرجال، يؤذين بنات جنسهن هذا نعم، هذا أولًا فلا شيء عليك، وأُذَكِّرك بقوله تعالى: ﴿ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ ﴾ [البقرة:275]، وهذا يشمل إذا كنت آذيته بعد بلوغك سن الرشد، لكن إذا كنت آذيته في مال - اختلست شيئًا من أمواله- فردّها إليه، مِثل إذا كان فقيرًا فلك أن تَبعث بها إلى أهل بيته، وتستعمل المَعارِيض، هذا حقّكُم علينا مثلًا، هذا واجبكم علينا، وإن كنت آذيته في نفسه فتحلل منه، والظاهر أن جارك رَحْبُ الصدر.
السؤال الثالث:
بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الثالث، يقول: جاري الذي يعيش معي في الغرفة في الجامعة ليس بسلفي، هل عليَّ أن أُكرمه مع أني أخشى أن يلقنني شُبهات؟
الجواب:
ما دمت بُليت به فسَدِّد وقارب معه، أَلْقِ- عليه السلام- وإذا سَلَّم عليك فرُدّه عليه، ثم اجعل مجلسك إلى إخوانك أهل السُّنّة، وإن رأيتَ منهُ رحابة صدر وانشراح فلا مانع أن تُذاكره وتناصحه، لكن إذا عرفت أنه صاحب شُبَه فلا تُمَكِّنه من سَمعِك، وقد ذكرت لكم مرارًا قول أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ - رحمه الله-: (قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ: يَا أَيُّوبُ احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعًا: لَا تَقُلْ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِكَ, وَإِيَّاكَ وَالْقَدَرَ، وَإِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَأمْسِك،وَلَا تُمَكِّنُ أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ مِنْ سَمْعِكَ , فَيَنْبُذُوا فِيهِ مَا شَاءُوا)، وأئمة أهل السنة مُجمعون على مفاصلة أهل الأهواء والبعد عنهم وعدم مجالستهم والاستماع إليهم.
السؤال الرابع:
بارك الله فيكم شيخنا السؤال الرابع، سائل يقول إذا كان الجار مُبتدعًا أو صاحب بدعه، كيف تكون المعاملة معه بارك الله فيكم؟
الجواب:
مضى فيما قبله.
القارئ: نعم يا شيخ.
الشيخ : بعده.
السؤال الخامس:
يقول السائل: رجل سلفي، وأقاربه كأبيه وأخيه أو خاله إخوانيون، يقول كيف المعاملة؟ وخاصة في الأكل معهم؟
الجواب:
أرى أن يُواصلهم ويجتهد في دعوتهم، وإذا كان عندهُ علِم وألقّوا شُبه يردّها بالدليل، وإذا لم يكّن عنده علِم، يعدهم بالاجابة ويتصل من يرى عنده من يكشف هذه الشبهة لأن هؤلاء مُبتلى بهم لا يستطيع مفاصلتهم في كثير من البُلدان لا يستطيع المرء مفاصلة أهله، ولا السّكنى بعيدًا عنهم، بخلاف بعض الأقطار يستطيع أن يسكن بعيدًا عنهم ويزورهم مَرَّات.
السؤال السادس:
بارك الله فيكم شيخنا السؤال السادس، يقول السائل: هل الحوثيون في اليمن كلهم رافضة، أم أن منهم زيدية لأني أسمع أن العلماء يقولون الحوثيون كُفّار فأشكل عليّ ذلك؟
الجواب:
سبحان الله! من شكَّ في كُفر الحوثيين وقد بلغه بالأدلة فهو كَافِر، مَنْ لَمْ يُكّفِر الكَافِر كَفَر، والمعنى أنه إذا عرَف أن هذا الانسان كَافِر؛ فَهِمَ ذلك ولم يُكفرِه فهو يلحق بهِ فَهو كَافِر ولا كَرامةَ عَين، والحوثيون معلومٌ كُفْرُهُم، يعلمه القاصي والداني، حتى العجائز من اليمنيين يَعْلمْنَ كفرهم فكيف العقلاء! كيف طلاب العلم؟! كيف العلماء؟! وقد بين هذا أهل العلم مرارًا كثيرة، ألم تعلم أنهم وإن كانت أجسامهم في اليمن، فهم قلوبهم في إيران! أقول ولا أجد غضاضة، الرافضي في المدينة جسمه عندنا مسكنًا وجوارًا وأما قلبه فهو في الرافضة مع الرافضة في إيران والعراق، أقولها ولا كرامة عين.
السؤال السابع:
بارك الله فيكم شيخنا، يقول: ما قولكم في شخص يقاله له دُكتور مُرتضى بن بَخش المُقيم في مدينة جدّة، المعروف بدعوته باللغة الأوردو وقد نُقل أنكم نصحتم بعض الأخوة بعدم الاستفادة من هذا الرجل، فهل هذا صحيح؟
الجواب:
ما كُنتُ أحبُ هذا ولكن لابُدّ، كما قال أبو حنيفة: (آن لأبي حنيفة أن يمدَّ رجليه)، أقول: الأخ الدكتور طبيب ملازمٌ لنا من قديم، في دورة الإمام محمد بن إبراهيم بجدة، من سنواتٍ طويلة، وعرفنا منه السَّلفية، ونُقلت لنا عنه ملحوظات، وكتبنا إليه بها، وكتب إلينا بالقَبول والتوبة، فهو- إن شاء الله- على ما كان عليه عندنا، ونسأل الله أن يثبِّتنا وإياكم وإياه وجميع أهل السُّنّة بالقولِ الثابِت في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرة على الإسلام والسُّنة.
السؤال الثامن:
بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الثامن في هذا اللقاء؛ يقول السائل: عمي شيعي، ولعله يكون رافضيًا، وهو يبث شُبه في أهل بيتنا؛ فهل أُعلن عداوته خاصةً يثقون بي أكثر منه؟
الجواب:
الحمد لله هذه فرصة، اهجرهُ واصدع بالحقِّ في وجهه، وبدِّعهُ ولا كرامة عين؛ مادام هذه حاله، لكنَّ إذا تمكّنت من نُصْحِهِ، واستطعت تليينه؛ فافعل، وإلا فكما ذكرنا آنفا.
تذكرتُ حديثًا قال – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ((أَلا إِنَّ آلَ أَبِي فُلانٍ لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ ، إِنَّمَا وَلِيِّي اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلاهَا(([المصدر:صحيح البخاري الجزء أو الصفحة:5990]، لكنَّ إذا زادَ في العداوة فلا تُواصله، اقطع علاقتك وَصِلَتَكَ بِهِ أبدًا.
السؤال التاسع:
السؤال التاسع في هذا اللقاء؛ يقول السائل: أنا مُرابطٌ في الحدِّ الجنوبي منذ خمسة أشهر، ولم أزر أهلي وأبنائي منذ ذلك الحين، وجاءتنا لجنة طبية فادَّعيتُ أني مريض، فأُذِنَ لي بإجازة قصيرة، وأنا الآن نادمٌ على ما فعلتُ أشدَّ الندم، فما توجيهكم – حفظكم الله – لي ولإخواني وجزاكم الله خيرا؟
الجواب:
هذا السؤال جوابه من وجهين:
الوجه الأول: بالنسبة لك ما دمتَ ندمت، فهذه توبةٌ منك إن شاء الله، ولا تَعُد.
وأما الوجه الثاني: فهو يتعلَّق بزملائك، يجب عليهم أن لا يصنعوا مثل هذا؛ لأنَّ هذا من الكَذِب، بل عليهم أن يصبروا ويحتسبوا عند الله الأجر، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (([سنن الترمذي ت شاكر (4/ 175) (1639) صحيح].
فعساكر خادم الحرمين، عساكر السُّنة، سواءً كانت على الحدود الشرقية أو الجنوبية أو الغربية، أو الشمالية، فهم مرابطون في سبيل الله، حُرَّاس الدِّين والبلد وأهل البلد، فهم جنودُ دولة التوحيد والسُّنة، فيجب عليهم الصَّبر والمُصابرة، واحتساب الأجر عند الله – عز وجل- فمن قُتل من هؤلاء -أعني عساكر دولة التوحيد والسُّنة- فهم في الجنة، كما صَحَّ بذلكم الخبر عن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومن عاد منهم سليمًا مُعافى عاد بما نال من أجرٍ وغنيمة، ومن قُتل من الأعداء سواءً من: الخوارج أو الرافضة الباطنية الحَوَثَة في اليمن؛ من قُتل من هؤلاء فالنار موعدهم، فطوبى لعساكر دولة التوحيد والسُّنّة، بما صَبَروا عليه واحتسبوا -إن شاء الله- وجَنَّدوا أنفسهم له من حراسة الدين، من حراسة التوحيد والسُّنة، من حراسة أهل التوحيد والسُّنة، طوبى لهم سواء قُتلوا فهم شهداء، أو عوفوا فهم كُرماء.
السؤال العاشر:
بارك الله فيكم شيخنا، السؤال العاشر، يقول: هل طلاب العلم تحق لهم الزكاة على أنهم يدخلون ضمن قوله: ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾[التوبة:60] ؟
الجواب:
القاعدة ما هي؟ القاعدة: إذا كانوا مساكين أو فقراء أو انقطعت نفقتهم، ونأى بهم الدار عن أهلهم لا يستطيعون العودة إلى أهلهم، ولا يمكن أن تَصِلهم نقود فلهم حق، ولا ينطبق عليهم أنهم أبناء سبيل، لا.
السؤال الحادي عشر:
كيف نجمعُ بين معاملة الجار الكافر بالجنب وبين الولاء والبراء معه؟
الجواب:
لا علاقة حتى تجمع بينهم، أظهر محاسن الإسلام له في نفسك كما قَدَّمنا، وهؤلاء الكفار قسمان:
قسمٌ مُكَشِّرٌ عن العداوة، فهذا نحن نعامله بالمثل لا نصادقه، لا نصاحبه.
وقسمٌ وادعٌ ساكنٌ، نعطيه حقّ الجِوَار، وندعوه إلى الإسلام بأقوالنا وأعمالنا، لعل الله يهديه، وقد ذكرت لكم في ثنايا الدرس نماذج فلا تفوتَنَّكم بارك الله فيكم.
السؤال الثاني عشر:
امرأة مطلقة ولديها طفلان وتريد أن تتزوج مرة أخرى، ولكن الإشكال؛ أُذُنها فيها انحراف شديد لجهة الأمام، هل يجوز لها إجراء عملية جراحية تجملية لأنَّ شكلها غير مرغوب، وكثير من الخطباء يُعرضون عنها؛ فهل يجوز لها أن تعمل عملية جراحية من أجل ذلك؟
الجواب:
لا مانع من ذلك يا بنتي إن شاء الله.
السؤال الثالث عشر:
امرأة منذ سنة تجد صعوبة في الوضوء قبل الصلاة، وفي الصلاة نفسها أشعر بخوف في ذلك ولا أدري لماذا؟ ولسبب ذلك قد لا أُصلي أحيانًا بعض الصلوات، ما هي نصيحتكم لي في ذلك؟ وهل يمكن أن يكون ذلك بسبب سحر؟
الجواب:
«أَسْأَل اللَّهَ الْكَرِيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ يا بنتي ، أَسْأَل اللَّهَ الْكَرِيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، أَسْأَل اللَّهَ الْكَرِيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، أَسْأَل اللَّهَ الْكَرِيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، أَسْأَل اللَّهَ الْكَرِيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ ، أَسْأَل اللَّهَ الْكَرِيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، أَسْأَل اللَّهَ الْكَرِيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ »؛ لا شكّ عندي أنَّ هذا من وَساوِس الشِيطان، فاستعيني بالله، واصبري واحتسبي عنده الأجر، ولا تتركي الصلاة، صَلِّي ما قدرتي ثم ارقي نفسك، أو اطلبي من يَرقيكَ لا مانع من هذا -إن شاء الله-، فإن تَيَسَّرت امرأة حاذقة قوية بصيرة في الرُقية عندها عَزم فهذا أفضل، فإن لم تجدي فرجلٌ أمين تذهبين إليه بصحبةِ زوجك أو وَلِيّك، واجتهدي في الدُّعاء في السجود، وبين الأذان والإقامَة، وحال نزول المطر، وبين التشهد والسلام، وفي جوف الليل، إن قدرت ففي سجودك في صلاتك، وإن لم تقدري على الصلاة فاستقبلي القبلة وتوضئي وضوءً يُنشطك واستقبلي القبلة، واقرئي ما تيّسر من القُرآن وادعي الله – عَزَّ وَجَلَّ- أن يشفيك واصبري واحتسبي وجِدِّي في ذلك.
السؤال الرابع عشر والأخير:
سائل من الكويت يقول: بعض حفلات الزواج للرجال يأتون بفرقة موسيقية أو كذا وتكون خارج صالة الأفراح؛ فهل يجوز حضور مثل هذه الأعراس؟
الجواب:
هذا غير مشروع للرِّجال، فاحضر العرس إذا دُعيت دعوة خاصة ثم انصرف، أَدِّ الواجب عليك من الدعاء وإعانة أهل الزواج إن كانوا يحتاجون إلى إعانتك، فإذا جاءت هذه فانصرف، فإنَّ هذا مِن البِدَع المُنكرة في الأَفراح.
القارئ: حتى لو كانت شيخ خارِج الصالة، بجانبها يعني؟
هم يريدون أن يُسمِعوا فإن كان الصوت يصل إليك فابتعد، وإن كان لا يصل إليك فلا بأس من الحضور ومجالسة الطيبين، ثم إن استطعت النصيحة فانصح، أما الفِرْقَة فلا تقربها، عليك بالفُرْقَة معها.
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَّبِيِّناَ محَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.