جديد الموقع

888399

الجواب: 

الحمدلله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

 

أما بعد..

فقد وقف الحديث بِنَا ونحن نشرحُ بما يَفْتَحُ الله به علينا آية الحقوقِ العشرةِ عند قوله تعالى: ﴿وَالْيَتَامَى﴾، والمعنى: وباليتامى إحسانًا، أو وأحسِنوا إلى اليتامى إحسانًا.

والأيتام جمعُ يتيم: وهو من بني الإنسان من فَقَدَ أباه قبل بلوغِهِ الحُلُمِ.

والإحسانُ إلى اليتيم يُخْطِئُ فيه كثيرٌ من النَّاس، ويُصيبُ فيه بَعْضُهُمْ، فالنَّاسُ فيه قسمان، وإن شئتم فقولوا ثلاثة أقسام:

- قسمٌ هَمُّهُ التَّرْفيه، ترفيه اليتيم، فيُغْدِقُ عليه مِن صُنوفِ النِّعم من طعامٍ وكِساءٍ وغير ذلك.

- والصِّنْفُ الثاني: من لا يعْبَأُ باليتيم، فيُقَتِّرُ عليه، ويُؤذيه ولا يُصْلِح من حاله.

- والقسم الثالث: وهم أهل الحقِّ، وأولئكم يَجْمَعون لليتيم بين عِدَّةِ أمور:

أحدها: الإنفاق عليه مما رزقهم الله، فيُكْرِمونه.

الثاني: تنْشِئتُهُ التَّنْشِأة الصَّالِحة حتى يكونَ عبدًا ا لله صالحًا، برًّا تقيًّا يحفَظُ حدود الله - عَزّ وَجَلّ-، ويؤدي ما فَرَضَهُ الله عليه، فينشأُ ناشِئُ الأيتام عند هؤلاء على ما ينصَحونَ به لأبنائهم الذين هم من أصلابهم، فينشأُ عبدًا لله- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على الإسلام والسُّنة.

هؤلاء هم كُفلاء الأيتام، وهذا الصنف الأخير أدّى ما ائمنهُ الله عليه في يتيمه، فرعاهُ حقَّ رعايَتِهِ، فَبانَ بِهذا :

أنَّ من يهتَمّ ليتيمه بالرَّفاهية من صُنوفِ الطّعام والشراب ومن الكساء ما لذَّ وطاب، ولا يعْبَأُ بحُسْنِ التَّنْشأة ولا حُسْنِ التَّربية وهؤلاءِ ما أَكْثَرهم.

ومن هنا نقول: من أراد أن يَكْفَلَ يتيمًا على مَا يُحِبُهُ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَ يَرضاهُ لَه، فليَقم على رِعايَتِهِ بِنفسِه، وتَحت نَظرِه، فيَرقُبُه مِن حيث أَداء ما فَرضَهُ الله عَليهِ كَما يَرقُبُ أَبناءهُ لِصُلبِه، وَقد ظَهرَ في سَنواتٍ غَيرِ بَعيدة، مَا يُسَمى كَفالةَ الأَيتام، مِن قِبَلِ بَعضِ الجِهات، بَعضِ الجَماعات، مُقابِل مَا يَأَخُذونَهُ مِن مُحبي الخَير، مِن رُسومٍ شَهرية، مِئَة ريال مَثلًا، فَعلى هَذَا أَنْ يَنظُرَ في هذِهِ الجَماعةِ، أَو هذِهِ الجَمعية، هل هي جَمعيةٌ مَوثُقة على الإِسلامِ وَ السُّنةِ؟ ترعى اليَتيمَ رِعايةً تبرأُ بِها الذِمّة حتى يَنشأَ نَاشئُ الأَيتام عبدًا للهِ صالِحا؟ أَم أَنّها تَأخُذ الأَموالَ مِن النّاس ولا يَهُمُّها كَيف يَنشأُ اليَتِيم.

وَعليه فإِنّ الجَماعات التي تَحضُنُ الأَيتام مُقابِل رُسوم يأَخُذُونها مِن كُفَلائِهِم، قِسمان:

قِسمٌ: من يسعون في تَبرِئَةِ ذِمَمِهم، وَيُؤدونَ ما أَتمنهم اللهُ عليهِ من كفالةِ اليَتيم وَرِعايَتِهِ، حِسًّا وَمَعنى، فهذِهِ الجماعة فلا بأَس مِن إِعطائِهم أَموالًا مُقابِلَ كَفالَتِهم، وَهذا قَليل؛ أَعني الجَماعات التي تُحسِنُ رِعايةَ اليَتيم وَكَفالتَهُ قَليلَةٌ جِدًّا.

فيجِبُ عَليكَ يا من تُحِب أَن تُسهِمَ في كَفالةِ الأَيتام مِن قِبلِ الجماعات أَن تتحرى أَشدَّ التَحري، وَ تجتَهد وَتستَفرغ وسعك في ذلك حتى يَقعَ إِسهامُك في كَفالةِ هذا الأَيتام موقِعهُ، وَالريعُ لكَ، لك الأَجرُ وَلا تتساهل وَتُعطي من أَحسن الدِّعايةِ وكثَّفها في سبيلِ استِجلابِ النّاس، للإسهامِ معهم في كَفالةِ الأَيتام، فَكُلُّ أُولئِك ليسوا على سَواء، فكَفالةُ اليَتيم أَمانة، وَالْمَرْءِ مَسْؤُول عَمَّنِ ائْتَمَنَهُ اللهُ عَليهِ، وَيوم القِيامةِ سيسألُ العبدَ ربُهُ، أَعني هذا الذي كَفل يَتِيمًا أَو أَسهمَ في كَفالتِهِ يَتيم هل سَعى لِهذا اليَتيمِ في النُّصحِ بِحيث يَتعاهَدهُ بالرِعايةِ حتى ينشأَ هذا اليَتيمَ مُسلِمًا، وَعلى السُّنة وبرًّا تَقيًّا أَو لا.

هذا ما يجب بالنسبة لكفالة اليتيم الكفالة العامة، واعلموا - رحمنا الله وإياكم وهدانا الرشد في الأقوال والأعمال- أنَّ اليتيم على ضربين:

أحدِهما: من هو فقير مُعْدَم تركهُ مُورِّثُه ولا مال له، فهذا كفالتهُ إن كان من ذوي القَرابة كابن الأخ وابن الأخت وابن الابن فإن نفقته عليه واجبة مِن ما وَسَّع اللهُ عليه وأقْدَرهُ عليه كما ينفق على أهله وعياله.

الثاني: من كان له مال تركه له مُورّثُه؛ فهذا يجب على ولِيّه أن يحفظ ماله، حتى يصل اليتيم حدٍ يصلحُ لتسليمه ماله عنده، وهذا بشروط واستمعوا؛ قال الحقُّ - جلَّ ثناؤه وتقَدَّست صفاته وأسماؤهِ: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء6 ].

  كم شرطًا إلى هنا:

الأول: اختبار اليتيم هل يصلح إلى أن يُسَلَّمَ له ماله أو لا، قال أهل العلم: فلذكور اختبار وللإناث اختبار، فيختبر الولي ذكور أيتامه هل يكِل إليهم مهام أو مهمات فينظر هل يحسنون أداءها ويفهمون كيف يتصرفون فيها أو لا، بما يناسب الذكور.

وتُختبر البنت بما هو مِن أمور النساء في التصرف، التصرف الخاص بالنساء؛ هذا الشرط الأول.

الشرط الثاني: أمَدُ هذا الاختبار ما هو، هو بُلوغهم النكاح، وبلوغ النكاح له علاماتٌ مُشتركة، وعلاماتٌ خاصة، فالعلامات المشتركة إنبات شعر العانة والشارب بالنسبة للذكور؛ إنبات شعر العانة والاحتلام وبلوغ خمس عشرة سنة، وتختص الأنثى بالحيض، فإذا حاضت بلغت وإن زُوِّجت قبل ذلك فبالحمل، لم تنبت شعر العانة ولم تستحض ولكنها حملت فهذا بلوغ؛ هذه علامة خاصة بالنساء وهي وجود الحيض أو الحمل؛ هذا الشرط الثاني لدفع أموال الأيتام إليهم.

الثالث: إيناس الرشد - يعني ظهور الرشد- بعد الامتحان والاختبار وهو حُسْنْ التصرف، فيجتمع إلى هنا البلوغ وحُسْن التصرف مع العقل –العقل لابد منه- فإن لم تتوفر هذه الشروط، فلا يُسَلَّمُ اليتيم مالَه حتى ولو بلغ سبعين سنة؛ سفيه، لا يُبالي، لا يُحسن التصرف، مُبَذِّر، لَعَّاب في ماله فإذًا لا يُترك على حاله، يبقى في الوِلاية.

بَقِيَ أمران:

أحدهما: ما يعود إلى كافل اليتيم حَافِظِ مَالَه، فماذا أمر – سُبْحَانَهُ وَتَعالى- حِيَالْ أُولَئِكُمْ؟ ماذا قال؟

قال: ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ﴾ [النساء:6]، لا تغتنم فرصة ضعف اليتيم فتُبَادِر إلى أكل مالِه والعبث فيه بما يُفْسِدُهُ عليه خشية أن يكبر، لأنَّ بعض النّاس من الشَّرِهين أهل – يعني العادِمِي المروءة- المُبْتَلِين بأكل المال من أيِّ وجه، غير ناظرين إلى حِلِّهِ وحُرْمَتِهْ، يغتنمون ضعف اليتيم فيأكلون أموالَه قبل أن يكبر، لماذا؟

لأنه إذا كَبِرَ طالبهم، حتى إذا كَبِر لم يجد اليتيم شيئًا، ويتعلَّلون بالعلل الواهية، مثل: اشترينا لك فيه كذا لكِن تَلِف، أنفقنا عليك وأنت لا تدري، إلى غير ذلك من الحُجَج الفاسدة؛ هذا أولا.

وثانيًا: ماذا قال – جَلَّ وَعَلا-: ﴿وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء:6]، إذًا حُفَّاظُ الأيتام، الكفلاء عليهم والأولياء عليهم وعلى أموالهم؛ هم قِسمان:

- قِسْمٌ غَنِي؛ وَسَّعَ الله عليه، فهذا مأمورٌ بالاستعفاف، لأنّه لا حاجة له أن يُنفق على نفسه وعلى أهل بيته من مال هذا اليتيم، ليس في حاجة، نعم إذا كان مال اليتيم في سَعَةٍ تحبِس وليّه عليه بحيث لا يستطيع أن يجمع بينه وبين مالِه هو، فَيَكِل إلى مالِه من يَحْفَظُه من أولاده من إخوته من أُجَرَاء، ويتفرَّغ هو لمال اليتيم، فماذا عليه ماذا؟ قالوا: له أُجْرَةُ المِثِلْ، أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وهذا يُقَدِّره الحاكم الشرعي بعد استشارة أهل النظر والخبرة.

- الثاني: الفقير المُعْدَم الذي لا يجد شيئًا، فهذا قال الله – عَزَّ وَجّل-: ﴿فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء:6]، ﴿وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء:6]، قال أهل العلم: ((يُعْطَى الْأَقَلْ مِنْ أُجْرَتِهِ وَكِفَايَتَهْ))، وكيف ذلك؟ وهذا يُوَضِّحُهُ المثال: فإن كانت أُجْرَته على العمل مائة وكفايته ثمانون، فكم يُعطى؟ أجيبوا؟ يُعطى الثمانين، وهكذا يعطى الأقل من أجرته أو كفايته.

وإذا كانت كفايته عكسيه مئة، كفايته مئة وأجرته خمسون، يعطى كم؟ الأقل؛ خمسين، هكذا قالوا.

والذي يترجح أنه ليس لذلك حد محدود، وإنما عليه أن يَتَّقي الله – عزَّ وجل – ويُسدِّد ويُقارب، فيأكل من مال يتيمه بالمعروف، وأما أهله فيجتهد لتحصيل نفقتهم، نعم إذا كان لا يستطيع أن يترك مال اليتيم فيرى مِمَّا حوله أنه يجب عليه التفرغ له وإلا ضاع مال هذا اليتيم، فيأكل هو وأهله بالمعروف. نعم.

الشرط الرابع: الإشهاد؛ هذا خاتمة ما في هذه الآية ﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ﴾ [ النساء 6] والمقصود أنه عندما يريد المرء أن يدفع إلى يتيمه ماله بعد توفّر الشروط الثلاثة السابقة، فإنه يحضر من ذوي قرابته ويدفع إليه ماله ويقول الكلام الحَسَن (يا ابني) وإن كانت امرأة (يا بنتي) وإن كانوا ذكور واناث فيقول يا (أبنائي بارك الله لكم هذا هو مالكم حفظته لكم وأنتم الآن أكفاء فيما رأيت هذا هو مالكم بارك الله لكم فيه) ويُسَلِّمه أمام شاهدين من ذوي قرابتهم.

بقِيَ أمر آخر؛ وهو في ذمِّ التّعدي على مال اليتيم، قال - سبحانه وتعالى-: ﴿وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً﴾ [النساء 2]، سَمَّاه هنا (خَبِيثَ) وَشَبّه من يأكل مال يتيمهِ بآكل الخبيث ﴿وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ تَركَ مالهُ الذي أحلّه الله له وعمد إلى مال يتيمه، فهو جعل الخبيث الذي هو مال اليتيم سُمِّي خبيثًا من حيث تَعْدِّيه عليه بأكلهِ، أو التّصرف بما يُتْلِفه، وسيأتي لهذا مزيد لاحقًا إن شاء الله، وسَمَّى حاله بمن يترك الطيب الذي أحلّه الله له ويعمد إلى الخبيث، ترك ما أحلَّ الله لهُ وَعَمِدَ إلى ما حَرَّمه الله عليه وهو أكل مال يتيمه، وهذا كما هو مُقرر في الأصول (صيغة نَهي فَرعيه) في الأصول ذمُّ الفعل (صيغة نهي فرعية)، والنهي للتحريم ولم يصرفه صارف هنا، وسَمَّاه في آخر الآية، توعَّد، سمى أكل مال اليتيم ﴿حُوباً كَبِيراً﴾ يعني جرمًا عظيما إثمًا، والوعيد على الفعل كما هو مقررٌ في الأصول (صِيغةُ نَهيٍ فَرْعيّة)، وَبعد آيات قال – جَلَّ وَعَلاَ- تأكيدًا لهذا:﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾[النساء:10].

انظروا أولًا: في المحترز؛ قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال َالْيَتَامَىٰ ظُلْمًا﴾ يعني يتعدّون عليها بالأكل، ويجعلون أكلهم منها بدلًا مما أحلّ الله لهم، هذا سَمَّاهُ ﴿ظُلْمًا﴾، وبهذا القيد يخرج ما تقدّم من كون الفقير يأكلُ بالمعروف؛ لا يُسمى ظلمًا هذا.

وثانيًا: الوعيد؛ سَمَّى آكل مال اليتيم هذا، الوعيد؛ توعَّده بماذا؟ بأنّه أولًا: هذا الأكل في بطنه نَارًا يوم القيامة، والصواب أنه على ظاهره، يأكل في بطنه نارا، يكون نارًا في بطنه يلقمه ويتحدّر من حلقومه إلى بطنه نار.

الثاني: عقوبة أخري؛ وهى: ﴿وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ .

فالوعيد يتضمن عقوبتين، والوعيد على الفعل من صيغ النهي الفرعية، وعَدَّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكل مال اليتم - يعني بغير الحق- عَدَّهُ في كبائر الذنوب؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو مخرجٌ في الصحيحين، عَنْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ»، يعني المُهلكات، وسُمِّيت موبقات هذا لِعِظَم شأنها ولأنها تُوبق صاحبها في النار، «قَالُوا يَا رَسُول اللَّه وَمَا هُنَّ؟ قَال َالشِّرْكُ بِاللَّهِ»، فذكر الحديث وقال: «وَأَكْلُ مَال الْيَتِيمِ»، [صحيح البخاري/الحدود/ 6465، مسلم/الإيمان/89] .

هذا ما يَسَّر الله – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في جلسة هذه الليلة، ولعلنا إن شاء الله نختم تفسير ما بَقِي من تفسير هذه الآية؛ آية الحقوق العشرة في الجلسة القادمة - إن شاء الله-، وإلى ما تَيَسَّر من الأسئلة.

 

السؤال الأول:

بارك الله فيكم شيخنا، ونفع بكم الإسلام والمسلمين، يقول السائل: هل يعتبر الأولاد الذين فوق سن البلوغ ولا يستطيعون تحصيل رزقهم بأنفسهم يتامى؟

الجواب:

ما أدري أين ذهب السائل - أصلحه الله- من تحديد اليتيم! اليتيم من بني البشر، الجن لا شأَن لنا بهم، أقول من بني البشر؛ من فقد أباه قبل سنّ البلوغ، أو قبل بلوغ الحُلم، فهؤلاء ليسوا بيتامى مُورِّثُهم موجود، كما فهمت من السؤال.

 

السؤال الثاني:

يقول: بعض الأيتام الذين نكفلهم خارج الدولة، الجمعية تُدَرِّسهم في مدارس مختلطة، وبعض اليتيمات لا يلتزمن بالحجاب الشرعي والآخر قد لا يُصَلِّي، فهل تصحّ كفالتهم؟

الجواب:

وهذه غفلة منك ثانية، أنا ذكرت هذا وفصلّت فيه تفصيلًا بما يُغني عن إعادته جوابًا على سؤالك، فراجع الشريط.

القارئ: لعل السائِل سؤالهُ مُتقدّم والحجّة علينا.

 

السؤال الثالث:

يقول السائل أخي الصغير يستلم من جمعية حزبية وهو يتيم وأصحاب الجمعية لا يُلزمونه بشيء من ناحية حضور الدروس وغير ذلك، وإنما يعطونه مبلغ من المال فقط؛ فهل له أن يأخذه؟

الجواب:

ضُمَّ أخاك إليك، وأحسن كفالته، ومن ذلك أن تُدَرِّسه في مدارس تعتني به، وإن عجزت عن كفالته فسلمه لجمعية موثوقه وعليك أنت دفع الرسوم.

 

السؤال الرابع:

بارك الله فيكم شيخنا السؤال الرابع، يقول: هل قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا ﴾ [النساء:٦] خاصٌ بمن كفل اليتيم؟ أم حتى بالنسبة للوالد لابنه فلو جاء شخص وأعطى الأب مبلغ من المال وقال له هذه هدية لابنك؛ فهل يجوز في هذهِ الحالة أن يستخدم هذا المال في حاجته؟

الجواب:

أولاً: هذه الآية لا تنطبق على من ذكرت، هي خاصة بالأيتام، فلماذا تُوسّعها بارك الله فيك أيها السائل؟

ثانياً: ما ذكرته قليل جداً نادر، لكن لو حدث فالأب يأخذ هذه الهدّية فإنّ كان ولده بالغًا رشيدًا يُسَلِّمها إليه من باب أداء الأمانة، وإن كان صغيرًا تحت الولاية، فهو يأخذها يضمّها إلى ماله، ويستخدمها فيما يعود على هذا الولد من منفعة، إلا إن كانت مثلاً كتاب أو ساعة يعني هذه أشياء خصوصيات وهي مستهلكات.

 

السؤال الخامس:

بارك الله فيكم، يقول السائل: إذا كان اليتيم ذو مال فهل يُنفق عليه من ماله - يعني من مال اليتيم- أو من مال الكفيل؟

الجواب: 

الأصل أنه يُنْفق عليه من ماله، وولي اليتيم يتصرف هذا المال ويُنَمِّيه، يجتهد في تنميته.

 

السؤال السادس :

بارك الله فيكم- السؤال السادس- يقول السائل: بعض العائلات يكفلون أولاد الزنا؛ فما حكم ذلك في الشرع؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

يعني اللُّقطاء، أَفضل قول اللُقطاء هذا أفضل، لا بأس بذلك، لكن هذا يتسَلَّمونه من قِبل الجِهة المختصة في الدولة، وتُصرَفُ له إعانات وهو يستعمل الإعانة حسب توجيه الجهة المختصة النائبة عن ولي الأمر.

لكن ننّبه إلى أن هذا اللقيط المكفول في الأصل ليس محرمًا لزوجه ولا لبناته، إلا إذا أرضعته زَوْجُه فهذا الرجل يكون أبًا له من الرضاعة والمرأة أمٌّ له من الرضاعة، و هذا المكفول إن كان ذكرًا هو محرمًا لبناتهم، وإن كانت أنثى فهي محرمًا للذكور من أبنائهم بموجب الرضاعة، أما إن كان لايولد لهما فهم يُحسنون تربيته ويجتهدون في ذلك، ثم لا مانع أن ترضعه من هي من الزوج بمكان، كأخته، ويكون ابن أخته، أو من الزوجة بمكان مثل أختها، فإذا أرضعته أختها كانت هذه الزوجة خالة له من الرضاعة ويكون محرمًا وإذا أرضعته أخت الأب، فإن كان ذكراً لا يكون محرماً للزوجة، وإن كانت بنتاً كانت محرماً للزوج نفسه.

 

السؤال السابع:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال السابع: يقول السائل: هل يجوز لكافل اليتيم أن يُشغِّل مالهُ بحيثُ ينمو ويزداد، والربحُ والزيادة في ذلك هل للكافل عنده فيها نصيب أو ترجع لمال اليتيم؟

الجواب:

هذا قَدَّمناه في أول الكلام، وأنه له حالتان:

* إحداهما: أن يكون فقيرًا مُعدمًا، فهذا يأكل بالمعروف وفصَّلناه.

* وإن كان غنيًا، فعليه الاستعفاف.

لكن إذا حبس نفسَهُ على مال اليتيم لقصد الاجتهاد فيه، فإنه لهُ أُجرة المثل، والزكاة في مال هذا اليتيم.

 

السؤال الثامن:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الثامن، يقول السائل: ذكرتم – حفظكم الله- أنَّ اليتيم على قسمين:

فقيرٌ مُعدم، فإذا كان من ذوي القربى، فالنفقة تكون عليه واجبة، فإذا لم يكن اليتيم من ذوي القربى؛ فما حكم نفقته؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

تكون نفقة صدقة، يتصدَّق عليه، مادام كفله يتصدَّق عليه، إذا كانت نفقته لا تجب على هذا الولي، على وليِّه، وإنما كفلهُ تبرُّعًا، فهو يحتسب عند الله – عزَّ وجل- .

 

السؤال التاسع:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال التاسع يقول: أُعطي لي صدقة كي أوزعها على المحتاجين، وأنا عندي ديون؛ فهل آخذها بدون إخبارهم؟

الجواب:

هذه لها حالتان:

*إحداهما: أن يُطلق له التصرف، ويقول: أنفقها على من هو محتاج.

*والثانية: أن يُحدِّد له - فُلان، وفُلان، والعائلة الفُلانية وكذا- ففي هذه الحالة ليس له منها شيء، هذا لأنها مُقيَّدة، وإنما له شيءٌ في الحالة الأولى، وهي الحالة المُطْلَقَة، والله أعلم.

 

السؤال العاشر:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال العاشر، يقول السائل: توفي أخي وله أولاد وبنات، وهم مع أهل زوجته، ولكن وازعهم الديني ضعيف، فما واجبنا نحوهم؟ وما واجبنا نحو المال الذي تركه لهم؟ هل نزكِّيه؟

الجواب:

هذا السؤال يتألف من شِقّيْن:

*أحدهما: يتعلَّق بالأيتام أنفسهم، فهو يخشى عليهم من أهل زوجته، يقول: والوازع فيهم ضعيف، يعني الوازع الديني في هؤلاء.

*والثاني: يتعلَّق بالمال.

أما المال: فحفظهُ إليك أنت، والاجتهاد فيه إليك أنت أيها السائل؛ لأنك وليُّه، وهؤلاء غير أولياء.

وأما بالنسبة لضمِّ الأيتام إليك؛ فهذا راجعٌ إلى نظر الحاكم الشرعي.

 

السؤال الحادي عشر:

السؤال الحادي عشر، يقول السائل: امرأة مطلَّقة تُعطيها الدولة نفقة لتربية أبنائها؛ فهل تجب نفقة هؤلاء الأولاد على والدهم؟

الجواب:

هي مطلَّقة، والدولة تعطيها شيء، مكافأة؟

القارئ: ضمان يقولون.

الشيخ: الأصل هي لها الحضانة، والنفقة على الأب، ما دامت أمُّهم مُطلَّقة، وهم صغار، النفقة عليه هو، هي لا تجبُ عليها النفقة بحال، والله أعلم.

 

السؤال الثاني عشر:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الثاني عشر، يقول السائل: ما هو سنّ الطفل الذي تحتجب منه المرأة، هل هو التمييز أم البلوغ؟

الجواب:

الذي يظهرُ لي التمييز، لأن المُميِّز يظهر على عورات النساء، لا تخفى عليه منهن خافية، إلا إن كان متخلِّفًا عقليًا؛ هذا أمره آخر.

القارئ: يقول يا شيخ: وما علامة التمييز شيخنا؟

الشيخ: بلوغ سبع سنوات، استنبطها العلماء من قوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ)) [المحدث:الألباني المصدر:إرواء الغليل الجزء أو الصفحة:247 حكم المحدث:صحيح ]، الحديث.

 

القارئ: بارك الله فيكم شيخنا، ونفع بكم الإسلام والمسلمين، لعل الوقت أزف شيخنا.

الشيخ : انتهت الأسئلة؟

القارئ: نعم شيخنا، جزاك الله خير.

الشيخ: وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري