جديد الموقع

888400

الجواب: 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لا زال الحديثُ موصولًا عمّا تضمنتهُ آيةُ النِّساء الموسومَةِ عند أهل العلم بآية الحُقوقِ العَشرةِ، وقد مضى حقَّان: 

حقُّ الله، وحقُّ الوالدين.

ونتحدَّثُ هذه الساعة عمَّا يسر الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في حقِّ ذوي القُربى.

قال تَعَالَى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ ﴾ [النساء:٣٦].

والمعنى: وأحسنوا إحسانًا بذوي القُرْبى، والسُّؤال هنا من هم أُوْلُواْ الْقُرْبَى أَو ذَووا الْقُرْبَى؟

ذَووا الْقُرْبَى: هم كلُّ من تربطه بكَ رابطة نَسَب، وسواءً كانت هذه الرابطة مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أو مِنْ جِهَةِ الْأُمَّ وما تفرَّعَ عن ذَلِكَ.

فَمِنْ جِهَةِ الْأَبِ هُم: الإخوة رِجَالًا أو نساءً، وبَنوهُم كذلك، والأعمام والعمَّات وبَنوهُم، الرَّابطةُ هنا رابطةُ النَّسَب مِنْ جِهَةِ الْأَبِ.

ومِنْ جِهَةِ الْأُم الأخوال والخالات وأبناءُ الأخوال والخالات، ويليهم الأخوال والخالات هم إخوةُ الْأُم وأخواتها ومن تفرَّعَ عنهم، وكذلك أعمامُ الأم وعمَّاتها.

كما أنه يكون من النَّسَب منك بمكان أعمام الأَبِ وإن علَوْ، والأجداد وإن علوْ سواءً كانوا من قِبَلِ الْأُم أو من قِبَلِ الْأَب، وقد يلتقي الْأَب و الْأُم في جد، وقد تتوسّعُ هذه القرابة فتتجاوز القبيلة، فقد يكون الرجل أبوه له قرابة من أخوالٍ وأعمام، أعمامٌ من جهة أبيه، وأعمام من جهة أمِّه التي هي جدتك.

وكذلك بالنسبة للأُم، فقد يكون الولد من قبيلة أبيه وهذا هو الأصل، لكن أُمُّهُ قد تَكُونُ خارجَ القَبيلة، فقد يكون أبُ الولد من بعض قبائل حرب وأُمُّهُ من بعض قبائل مُطير، وأُم أُمِّهِ من بعضِ قبائل شَمَّر، وهكذا.

والمقصود أَن كُلَ مَن تَربِطهُ بِكَ رَابِطةُ النَسب، سواءً كانت قَصيرة، ضيقة، أَو طَويلة موسّعة، فأَنتَ مَأَمورٌ بِوَصلِهم، ويُقدَّمُ مِن هؤُلاء الأَرحامُ ذَوو المَحرَم، الأَقربُ فالأَقرب، وقدَّ اتَفقَتَ نُصُوص الشَارِع الحَكيم، كِتابًا وسُنةً على أَنّ وَصلَ ذوي الأَرحامِ، مِن شُعَبِ الإِيمَان، ومِن خِصالِ البِر، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: (مَنْ أرادَ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) وقالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ( لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ ولَكِنّ الوَاصِلَ الّذِي إذَا انْقَطَعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها)، وهذا نصٌ على شيئين:

الأول: وجوب صِلةِ الرَحِم دون نظر إلى مُكافئة دُنيَوية.

الثاني: أَهل العَزيمة الصادِقة والنية الصالِحة، وهُم الذين يَصِلون أَرحامَهم إِذا قطَعُوهم.

والخُلاصةُ أَنَّ واصِلَ رَحِمهِ قِسمانِ مِن الناس:

· صِنفٌ مُكافِىء يُقابِلُ صِلة بِصلة، وإِذا قُطِعت الصِلة مِن جِهةِ أَرحامِه أَوقفَ مِن عِندِهِ هوَ، فهذا ليس بِواصِل على الحَقيقة، هَذا مُكافئ، مُبادِل.

· الثَاني: مَن نِيتُه صادِقة وصَالِحة، غَير نَاظر إِلى مُكَافئة، بَل حِينَما تُقاطِعهُ رَحِمه لا يُقابِلُ سَيئَهُم بِسَيّء، بَل يُقابِل سَيئَهُم بِحَسن، وَفي الحديثِ الصَحيحِ الآخر، أَن رَجُلًا قال: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي رحم أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي))- مُخفّف، الأصل ويقطعونني- ، ((وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ ، وَأَحْلُمُ عَليهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، قال: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ))، أَتعلمون ما (المَلّ)؟ هوَ الرَماد الحار وَقد يَكونُ فيهِ قَليل مِن الجمر، لكن هو رمادٌ حار، وهذا فيما تعارفت عليه القبائل،  حثه في الوجه، أشدّ نكايةً من الضرب، قال: ((لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ))، يعني كأنك تحثوا في وجوههم الرماد الحار، ((وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ)) فهذا إشارةٌ منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أن يعزم على الاستمرار في مقابلة أذاهم وسيّئهم بالحسن منه والصلة، فَيَحلُم حينَ يْجهَلونَ عَليهِ، وَيُحسِن إِليهم حين يُسِيئونَ إِليه، وَيَصِلَهُم حينما يَقْطَعونَ صِلَتهُم عنه، وكل هذا وذاك من شُعبَ الإيمان، يزيد بها إيمانه شُعْبَة، وتزداد حَسناته عند الله- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، لأنَّ كُل شُعبَة من شُعَبِ الإِيمان هي طاعة لله- عزَّ وَجَلّ- يزيد بها إيمان المرء كما قال- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ ، أَوْ : بِضْعٌ وَسَبْعُونَ ، شُعْبَةً ، أَعْلاهَا - وفي رواية أَعْظَمُها- شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ)).

وأما ما جاء من نصوص الشَارِع على أن قَطِيعَةُ الرَّحِمِ من كَبَائِرِ السَّيِّئَات، وعظائم الذنوب والآثام، قوله تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) ﴾ [ سورة محمد]، توّعد- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على قَطِيعَةُ الرَّحِمِ باللعنة، واللعّنُ هو الطرد والإبعاد من رحمة الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وأما من السُّنّة، فيكفي قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في الصحيح أن الله - عَزَّ وَجَلّ- لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْخَلْق؛ قَامتْ الرَّحِم فتعلقت بِالعَرْش فَقَالَتْ: أي رب؛ هَذَا مَقَام أو (مُقام) الْعَائِذ مِنْ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ : فَذَلِكَ لَكِ.

ولعلي أسلفت وأُأَكِد على الاختصار كُلّما تحدثنا عن حقَّ من هذه الحقوق العشرة، أمَّا استيفاءُ الحديث عن كُل حقٍّ فهذه تحتاج إلى محاضرات مُوسّعة.

وبهذا القدر أكتفي من الحديث وينقلنا أخونا وصاحبنا الشيخ عبدالواحد بن هادي المدخلي إلى ما تيسر من الأسئلة.

القارئ: أحسن الله إليكم شيخنا وبارك الله في عمركم وعلمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

الشيخ عبيد: الله المستعان، اللهم اغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرًا مما يظنون.

 

السؤال الأول:

في هذا اللقاء يقول السائل: ما ضابط قطع الرَّحِم؟ هل هو ألا يُوصل في كل شهر مرة؟ أو أكثر من ذلك أو أقل؟

الجواب:

أولًا: الصلّة كما قدَّمت، الأَقرَب فالأقرب كما أشرت الأقرب فالأقرب، وأَوْلى هؤلاء المحارم من ذوي الأرحام.

 وثانيًا:- الوصل حسب القُدْرَة والإِمْكَان، فإنّ قَدَر على المال، وصل من يستحق الصلّة بالمال، ولو على صدقة أو هدية، وإن لم يقدر أو شَحَّ عليه المال فيبدأ الأقرب فالأقرب من المحارم،  ثم بعد ذلك فإنه يكفيه مواصلتُهم، والهاتف الآن- ولله الحمد- قرّب البعيد، فلا يعجز امروءٌ أن يواصل قريبه بالاتصال في المشرق أو المغرب أو الشمال أو الجنوب، ولو في الشهر مرة وكلما توسَّعَت فهي أقوى في الصِلّة.

 

السؤال الثاني:

بارك الله فيكم شيخنا السؤال الثاني، يقول: هل يُجْزِىءُ الاتصال هاتفيًا بأولي الأرحام عن زيارتهم؟

الجواب:

الزيارة لا شك أنها أفضل وأوقع في النفس وأقوى في نشر المودة والرحمة لما يكون بين الزائر والمزور من ذوي الأرحام من الهشاشة والبشاشة والكلام الطيب الجميل، لكّن إذا بَعُدَتْ الشُّقة وكَثُرَتْ المشاغل الهاتف فيه خير - إن شاء الله تعالى-.

 

السؤال الثالث: 

بارك الله فيكم شيخنا السؤال الثالث، يقول: عَمّي في كندا ارتدَّ عن الإسلام، فكيف نتعامل معه؟ هل نهجره أو نصل الرَّحِم؟

الجواب:

مادام أنه عمُّك، والظاهر أنه أخُ أبيك لأنَّ هذا هو المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق وفق العربية، فتعاهده بالنُصح، نُصح المُحِب المشفق، مثل: يا عمي يا والد يا حبيبنا، واذكر له من النصوص ما تطمع أنه يُليِّن قلبه، وحذّره من الموت على كُفر، فإنّ كان يلين ويستجيب فواصِل معه، وإن قابل ذلك بالعناد والكبرياء والاستنكاف فلست منه وليس منك، ولا مانع أن تَبُلَّ رحمه بما تَيَسَّر مثل: زيارة مع النُّصح، هدية مع النُّصح وهكذا، فإذا أبى واستنكف بعد هذا، وصارَ يُظهِرُ العداوة والبغضاء لك ولدينك فاهجره ولا كرامة عين، ثم إن مات على هذا فلا تشهد له جنازة.

الشيخ عبد الله: شيخنا الله يحفظك.

الشيخ عبيد: تفضل.

الشيخ عبد الله: يعني –حبيبنا-، قد يفهم منه البعض يعني المحبة الشرعية طبعًا المراد بها المحبة الطبيعية أو الجِبّلية هكذا.

الشيخ عبيد: على كل حال نحن نخاطبه بما يُليّن قلبه، أحسنت يا شيخ عبد الله، ذكرتنا قوله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَلَا إِنَّ آلَ أبي فُلَانْ لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي، إِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونْ)، ولهم علي صلة رحِم (وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا)، فهذا من البِلاَلْ، ولا يجوز أن تقصد المحبّة الشرعية محبة طَبَعية.

 

السؤال الرابع:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الرابع، يقول السائل: هل أهل الزوجة من خال وعم وابن خال وابن عم يعتبر من ذوي القربى لي، وهل إذا كان واحدًا منهم مبتدع يُهجر؟

الجواب:

هؤلاء يُسمّون أَصْهَار، فإن كانوا من نفس العَصَبَة، من نفس الفَصِيلَة فهم أقارب، أما إن كانوا من فَصْيلَة أُخْرى، أو من قَبِيلَة أُخْرَى، فالرابِطة بينك وبينهم ليس النّسَب بِلْ الصِهْر، كَذلك يوصلون لكن أولو القَرابَة أولى منّهم بالصلّة وهذا شيء متعارف عليه، فإن الرجل دائمًا يَصِلُ أرْحَامَهُ، ويَصْحَب زوجهُ وَأَولادَهُ إلى زيارة أهل الزوجة من إخوة وأعمام وغير ذلك.

أما المُبتدع فهذا أول شيء يُناصح، مُناصحة مُحب ومُشفق، فإن أبى فيُنظر إذا كان الهجرُ العام تترتبُ عليه مَفْسَدة، حيث يكون من حوله معه ولم يفهموا هذا، وربما تكالبوا عليه وتألّبوا عليه، فالهجر الوقائي لا يزوره ولا يستزيره - لا يدعوه إلى زيارة نفسه ولا يزوره- هذا والله أعلم، وقد فصلتُ هذه المسألة، مَسْألة هَجر السُني للمُبتدع في رسائل لنا متعددة، والظاهر أن بعض الرسائل في المجموعة، وهذه المجموعة - الجزء الأول- طُبع منها وهو موجود في دار النصيحة، في مكتبة دار النصيحة، أو مكتبة النصيحة.

 

السؤال الخامس:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الخامس؛ يقول السائل: شخصٌ تُوفي والده وأعطاه مبلغ قدره أربعين ألفا ووجّه أن هذا المبلغ للمناسبات العائلية وعنده إخوته في ضيق وحاجة وقالوا له اقسم علينا هذا المال؛ فهل يعطي المال لإخوانه أم يتكفل بوصية والده ؟

الجواب:

إخوته أَوْلى ماداموا فقراء ومساكين أو من الغارمين فهم أَوْلى بهذا من المناسبات، لأنَّ المُناسبات مُجمَلَة، وكما يقولون مَطَّاطّة، قد تحوي خيرًا وشرًا ، وقد تحوي خيرًا محضًا وقد تحوي شرًّا مع بعض الخير، فحاجة إخوته أولى، أرى أن يقسم المال بين جميع الورثة.

 

السؤال السادس:

بارك الله فيكم، السؤال السادس؛ يقول: ما المراد بِالسَيئَة وَالحَسَنَة في قول النَبيّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا) هل السّيئَة هي الكَبَائِر؟ والحَسَنَة التّوبَة؟

الجواب:

هذا عام قد تكون السيئة كبيرة من الكبائر، فيُتبعها بالتوبة، وقد تكون السيئة صغيرة، فيُتبعها بالاستغفار والصدقة، ونحو ذلك من القُربات، والله أعلم.

 

السؤال السابع:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال السابع في هذا اللقاء؛ يقول السائل: رجل تارك للصلاة منذ خمسة وعشرين سنة، وإذا اشتد به الغَضب، سَبّ الله –تعالى- فهل تَصحّ ولايته على ابنته في النِّكاح أو لا؟ فإن كانت لا تصح فإلى من تنتقل الولاية؟

الجواب:

لا حول ولا قوة إلا بالله- نسأل الله العافية والسلامة-، إن لم يكن كَفَر فما أقَربهُ من الكُفر؛ لأنَّ تركه الصلاة يحتمل أنه جُحود، ويحتمل أنّهُ كَسَلًا، وهذا مَحلُّ خِلاف وتفصيل، والذي يترجّح عندي- وأرجع إليه عمّا مضى أن تارك الصلاة تهاونًا وكَسَلًا فاسِق، وسواءً كان ذا أو ذاك؛ فلابنته أن تفسخ ولايته من قِبَلْ الحاكم المسلم، وتنتقل ولايته إلى إخوتها فإن أبَوْا أخواتها فتنتقل إلى العمومة، والمقصود أن فسخ الولاية ونقلها منه من هذا الفاجر إلى أقرب الناس له وللبنت، هذا إلى الحاكم الشرعي.

القارئ: أما مسألة السب يا شيخ؟

الشيخ: سبّ الله هذا كُفر ، وَلهذا أنا قُلت إنّ لم يَكن كُفر، فما أَقْرَبه من الكُفر، أقول سَبّ الله كُفر هذا لا شكّ فيه، لكنّ تَعلمون أن أهل السُنّة عندهم قاعدة وهي (التفريقُ بينَ القَولِ وَالقَائِل، وَالفِعْلِ وَالفَاعِل) وهذا المسأله قد بسطناها كثيرًا، في مجالس في هذا المسجد وغيره فليراجعها من شاء.

 

السؤال الثامن:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الثامن في هذا اللقاء؛ يقول: امرأة طَلَّقها زوجها الأول ولها منه ولد عمره سنة واحدة، وهي الآن ستتزوج من رجلٍ آخر، فلمن تكون حضانة هذا الطفل بعد زواجها؟ للأب أم للأم؟

الجواب:

هذه مردُّها يا بنتي إلى الحاكم الشرعي هو الذي ينقل الحضانة، إلا إذا رَضِي زوجك الثاني وقَبِل يبقى معك.

إذن، أولًا: حال المصافاة والملاطفة واللين، فلابُدّ أولًا من موافقة أبيه وهو زوجك الأول، فإن وافق لابُدَّ من موافقة الزوج الثاني فهل يستطيع أو لا يستطيع، يقبل أو لا يقبل.

أما حال المُشاحّة، فالأمر إلى الحاكم الشرعي، هو الذي يفصل في الموضوع.

 

السؤال التاسع:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال التاسع، يقول السائل: لي أخٌ في الله مُحِبّ للدّين وَصَاحب عَاطِفَة جيّاشة، لما يَمر بهِ الإسلام والمسلمين من الفِتن، وأنا أُ ناصِحه دائمًا إلى الرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسبيل المؤمنين ابتداءً من التوحيد، وهو يقول: إلى متى نبقى ندعو إلى التوحيد؟ يقول: لابُد أن نبحث ونعمل لإقامة نظامٍ إسلامي، ثُمَّ الدعوة إلى التوحيد يأتي تِباعا، فما هي نصيحتكم لنا وله؟ جزاكم الله خيرا.

الجواب:

أقول: هذا مدخول؛ وليس صادقًا فيما يدَّعيه من محبة الإسلام والمسلمين، ويدلُّ على أنه مدخول ومفتون بل أقول: وأعوج وأهوج قوله: "إلى متى ندعو إلى التوحيد"؟ فنصيحتي لك أن تتركه، فإن كان فيه خير فسيهديه الله، وإن لم يَكُن فيهِ خير نسألُ الله أن يكفينا ويكفيكم شرّه.

الظّاهر أنّهُ إخْوَاني ينطلق مِن قَاعدة المَعْذِرة والتعاون (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه) نظام إسلامي! ما النّظام الإسلامي الذي يَدعو إليه هذا؟ الظاهر إنه يريد تَسليس الدعوة! وإنه لاتُردُّ بدعة ولا يُنْكِر من البِدع إلا الكَبَائِر، وما أظنه إلا إنه مستعِدًّا إلى أن يتآخى مع الرافضة وغيرهم من الفرق الضآلة، نظام إسلامي!

هذا كقول القائل نريدها مَدَنِيّة، نريدها حضانة، وما أشبه قوله بقول القرضاوي الضآل المُضِل، المفتون، المقيم في قطر، طهّر الله قطر منه ومن أمثاله من أئمة الضلال، يقول: "إنه يُؤثر الحرية على مُجرد تطبيق الشريعة"، أقول: فوالله وبالله وتالله: لن يجتمع المسلمون اجتماعًا ينضمون بهِ تحت لواءِ التوحيد والسُّنة حُكّامهم ومحكموهم إلا بتطبيق الشريعة، التي أنزلها الله في كتابه على نبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخَتَم برسالته الرسالات والنبوات.

والكلام يحتاج إلى مزيد بسط، ولعلَّ الله يُيَسِّر لقاءً تُبسط فيه هذه المسألة، وإن كنت قد قدَّمت في مجالس ما تَيَسَّر لنا، فَصاحِبُك هذا من دُعاة السوء فاحذره.

 

السؤال العاشر:

بارك الله فيكم شيخنا؛ يقول السائل: أمي أخرجتني من البيت ولا تريد أن تتكلم معي لأجل استقامتي، فكيف أتعامل معها؟

الجواب:

يا بني هذا لا يخلو من حالين:

إما أنك أنت كنت تشد وتخاطبها خطاب العاصية الضآلة، فإن كان هذا فأصلِح نفسك، وألِن لها الحديث، وحاول كسب مودّتها ومحبّتها.

الحال الثاني: أن تكون أمك جاهِلة، معاندة مُلجلِجة في المعصية، وتريد منك الانفلات أو التفلت؛ فهذه لا طاعة لها، لأنه من القواعد المقررة نصًّا (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ )، وسيهيِّئ الله لك المَخْرج، ابحث عن سكن وكن على صِلّة بها، لعل الله يُليّن قلبها لك.

 

السؤال الحادي عشر:

بارك الله فيكم شيخنا؛ يقول السائل: هل تجبُ التّوبة على من قال كلمة الكُفر وهومُكرَهٌ عليها؟ وهل أيضًا تدخل في الرخصة من سجد لغير الله مكرهًا مع كراهيته لذلك؟

الجواب:

لابُدّ في هذا وذاك، من اطمئنانة القلب بالإيمان، فالذي أُكره على معصية؛ الشرك فما دونه، ومن الشرك السجود للصنم، لابُدَّ فيه:

أولًا :من الإِكْرَاه الذي لا يُمكنِه التّخلص منه، وقع هذا المُكره تحت قوة قاهرة غالبة عليه، مثلًا أن يكون السيفُ على رأسه، فيُدعى إلى شُرب الخمر، يُدعى للسجود إلى غير الله، يُدعى إلى سبِّ الله، قلنا: الشِّرك ونزيد والكفر وما دونهما من المعاصي، هذا الشرط الأول.

الثاني: أن يَكون قلبهُ مطمئنًّا بالله، فإذا فَعل ما أُريد منه، مع طمأنينة قلبه بالله وإبغاض هذا الأمر؛ فإنّه لا توبة عليه، التّوبة على المُريد، الذي يُريد المعصية؛ تَجِبُ عليه التوبة، حتى لو لم يفعلها، إذا كان عازمًا عليها، ومنعه مانع، وحال بينه وبينها حائل، يجبُ عليه الاستغفار والتوبة؛ لأنه أخطأ، أخطأ في عَزْمِه على المعصية لو أمكنه الوصول إليها، بل هو أشدّ، من فعل السيئة تجبُ عليه التوبة.

 

السؤال الثاني عشر:

بارك الله فيكم شيخنا، السؤال الثاني عشر والأخير؛ يقول السائل: أُمٌّ عندها ابنان، ولم تعقّ عنهما، وتسأل: هل لها ذبح(بعيرٍ) واحدٍ بدل أن تذبح لكل واحدٍ شاتان؟

الجواب:

إن كان الأب موجودًا فهو المُخاطب بالعقيقة، هو الذي يعقّ في الأصل، فإذا بلغ البنون والبنات الحُلُم، وكانوا قادرين، عقّوا عن أنفسهم، أمّا الأُم فليست هي في الأصل مُخاطبة بالعقيقة، لكن لو تَبرَّعت لسببٍ من الأسباب، إما أنَّ أولادها أيتام، وإذا بلغوا، فليس لديهم مال يُمكِّنهم من العقيقة، أو أرادت أن تُعاون الأب مع وجوده، فتتحمل العقائق كلها تبرعًا، أو تتحمل بعضها، فلا بأَس بذلك، وأنا لا أدري كم أبناؤها؟ لكن يكفي الثَنِيُّ من الإبل عن سبعة، والثَنِيّ هو ما أتمَّ خمس سنين، ودخل في السادسة.

 

القارئ: بارك الله فيكم شيخنا، ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

الشيخ: حياكم الله جميعًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 
 

 

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري