جديد الموقع

8884001

السؤال: 

قد جنَّدت جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات النساء للقيام بالإثارة والتشغيب فقامت الدولة بالتحقيق معهن فاتهموها أي الدولة بالإساءة إلى النساء؛ فهل تُعَدُّ هذه إساءة لهن؟

الجواب: 

هُنَّ أَسَأْنَ لأنفسهن وجنينَ على أنفسهن فلو كُنَّ عاقلات لَزِمْنَ البيوت وتفرغن لعبادة الله - سبحانه وتعالى - ثُمَّ الإصلاح ليس بالتَّجمع ولا بالتَّشغيب، من أراد أن يُصلح فعليه مناصحة الحاكم، ومناصحة الحاكم لم تكن مطلقة وليس فيها مجال للاجتهاد حَسَمَها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبَيَّن طريقها بما يَقْبَله كلُّ عاقل مُنْصِف وإن كان عنده شيء من الخلل في منهجه الإصلاحي، المُنصف يقبل ويراجع الحق، فهؤلاء النسوة سفيهات فما يعاقبهن به ولي الأمر بعد التحقيق معهن وثبوت تورطِهن في هذه الجريمة النكرى؛ له ذلك، ولو أدَّى إلى قتلها، هي عرَّضت نفسها لهذا العقاب فهي خارجية من الخوارج القَعَدية، ونصيحة الحاكم التي ذكرتها مجملة أنفًا؛ أذكر الآن النص والحديث أخرجه أحمد  وابن أبي عاصم في السنة وهو صحيح بمجموع طرقه قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطان فَلَا يُبْدِه عَلانِيَة ولَيْخَلو بِهِ، وليأخُذ بِيَدِه، فَإِن قَبِلَها قَبِلَها، وإن ردَّها كَانَ قَدْ أدَّى مَا عَلَيْه)) هذا الحديث من يعقل وكان ناصحًا للأمة عوامِّها وخواصِّها يُدرِك منه هذه الفوائد:

الأولى: السرية التامة في مناصحة الحاكم حتى عن أقرب الناس إليه إن أمكن.

بهذا يعلم؛ أنَّ ما يُشهَّر بِهِ في الخُطَب، وفي المنتديات، وفي الندوات، والمحاضرات من عيوب الحُكَّام، وأخطائهم، أو عيوب نوابِّهم، والجهات المختصة مثل؛ وزارة الشؤون الدينية، ووزارة الداخلية، أو غيرها، هذا ليس من عمل أهل السنة، هذا من عمل الخوارج القعدية.

الفائدة الثانية: براءة الذمة بنصح الحاكم على هذا الوجه الذي تضمنه الحديث.

الفائدة الثالثة: أنه لا سبيل آخر غير ما تضمنه الحديث من سبيل نصح الحاكم سرًّا، فلو كان ثمَّة سبيلٌ آخر لبيّنه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومن القواعد المقرَّرة في علم الأصول أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وإذ لم يذكر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -  وجب المصير حتمًا إلى ما تضمنه هذا الحديث من طريق نصح الحاكم، وأنه هو الأَمْثل، لأنه مما قضى به الله - سُبْحانه وتعالى - على لِسَان رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: قال - جلَّ وعلا -: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ الآية، فيَجِبُ على دعاة الإصلاح أن يسلكوا هذا الطريق، وإلَّا كانوا ضالين مُضلِّين مهما اختلفت وسائلهم من مظاهرات، واعتصامات، وعقد ندوات بدعوى نصح الحاكم ومناصحته، فالكلُّ ضَلالة ومُحدثة وبدعة، وكل ضلالةٍ في النار، عافانا الله وإياكم.

الفائدة الأخيرة: أنَّا لم نكلف بغير نصح الحاكم سرًا  كما تضمنه الحديث، وبهذا يُعلم أن الثورات ليست بسبيل إصلاح، فالذين يثورون على الحُكَّام ويُشنون عليهم الحرب هم ضَالُّون مُضلِّون وإن زعموا أنهم مصلحون، فالواقع يُثْبِت أنه لم تأتي ثورة بخير، بل هي طريق الوصول للحكم، فما عرفنا ثائرًا أقصى الحاكم الظالم - فيما يزعم - إلَّا وخلفه بمثله أو أشد، فشعارات هؤلاء الثُّوار ديمقراطية، مدنية، حرية رأي العامة، شعارات جبيرية،

بل المسلم عليه أن يكره الظلم من الحاكم والمحكوم، ويبغضه، ولكن الحاكم كما قرَّر أئمتنا هو ظِلُّ الله في الأرض، ((السُّلْطَانُ ظِلُّ اللهِ فِي الأَرْضِ)) وكانوا يَنْهَون عن إذلال السُّلطان وإهانته، إنْ قَدِرت على نُصْح حاكمك فافعل، هو فرضُ عينٍ عليك إذا لم يقُم به غيرك، وإن لم تقدر عذرك الله - سبحانه وتعالى -، فلم يكلِّفك بغير ذلك.

جزاكم الله خيرًا وبارك في علمكم وعَصَمَنا وإيَّاكم بالسُّنة. نعم. 

الشيخ: 
عبيد بن عبد الله الجابري