قَالَ السَّائِلُ: مَا هُوَ الْأَفْضَلُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَرْقِيَّ نَفْسَهُ, أَمْ أَنْ يَرْقِيَهُ غَيْرُهُ؟
اللهَّ - جَلَّ وَعَلاَ- يَقُولُ: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾[البقرة:185]، وَيَقُولُ أَيْضًا -جَلَّ وَعَزَّ-: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل:62]، الْأَصْلُ أَنَّ الْمـَرْءَ هُوَ يَرْقِي نَفْسَهُ هَذَا الْأَصْلُ, وَهَذَا الَّذِي عَلَّمَ رَسُولُ الَّلهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ، وَحَثَّ عَائِشْةَ-رَضِيَ اللَّهُ تَعَاَلى عَنْهُا- عَلَى فِعْلِهِ قَبْلَ النَّوْمِ، فِي حَدِيثِ الْمـُعَوَّذاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، هَذِهِ كُلُّهَا مِنَ الرُّقْيَةِ، وَمَا تَفْعَلُهُ أَنْتَ مِنْ أَذْكَارِ الصَّبَاحِ، وَأَذْكَارِ الْمـَسَاءِ هُوَ ضَرْبٌ مِنْ ضُروبِ الرُّقَيَةِ أَيْضًا, فَتَتَحَصَّنَ بِهَذِهِ الْأَذْكَارِ مِنْ وَسَاوُسِ الشَّيْطَانِ، وَخَطَرَاتِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ إِلَى آخِرِهِ-بَارَكَ الَّلُه فِيكَ-.
فَالْأَصْلُ أَنَّ الْمـَرْءَ يَرْقِي نَفْسَهُ، سُحِرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-, كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَمَا طَلَبَ أَنْ يَرْقِيَّهُ لَا الصِّدِّيقُ وَلَا الْفَارُوقُ عُمَرُ وَلَا غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا رَقَى نَفْسُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، لَكِنْ إِذَا كَانَ الْإنْسَانُ لَا يَسْتَطِيعُ لِمـَانِعٍ، لَا يَسْتَطيِعُ أَبَدًا أَنْ يَرْقِي نَفْسَهُ لَا حَرَجَ أَنْ يَرْقِيَهُ آخَرُ مِمَّنْ يَعْرِفُ الرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ الصَّحِيحَةِ، لَيْسَتْ هَذِهِ الدِّعَائِيَّةِ الْمـَوْجُودَةِ الَّتِي يَتَعَاطَاهَا كَثِيرٌ مِمَّنْ يَتَصَدَّرُ لِهَذَا الْأَمْرِ، وَيَقَعُونَ فِي الْمـُخَالَفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الْكَثِيرَةِ، بَلْ وَالْعَقَدِيَّةِ.
لَا أَتَكَلَّمُ عَنْ الْمـُخَالَفَاتِ السُّلُوكِيَّةِ الَّتِي يَقَعُونَ فِيهَا، وَالْمـُخَالَفَاتِ مِنْ لَمـْسِ النِّسَاءِ، وَالْكَلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكْ، وَاسْتِنْزَافِ جِيُوبِ النَّاسِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ، هَذَا بَابٌ وَاسِعٌ يَرَاهُ الْكَثِيرُ، إِنْ لَمْ يَكُنْ الْكُلُّ, هَذِهِ مُخَالَفَاتٌ شَدِيدَةٌ تَسْتَوْجِبُ الْابْتِعَادَ عَمَّنْ يَفْعَلُ هَذَا.
كَيْفَ إِذَا مَا كَانَ الَّذِي يَقْرَأ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَأْخُذُ مَالًا، لَكِنْ يَقَعُ فِي مُخَالَفَاتٍ عَقَدِيَّةٍ، هَذَا الْوَاجِبُ الْفِرَارَ مِنْهُ وَالتَّحْذِيرُ وَرَفْعُ أَمْرِهِ إِلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ لِمـَنْعِهِ وَإِقَامَةِ أَمْرِ الَّلِه -عَزَّ وَجَلَّ- فِيهِ، وَاضِحٌ؛ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ، لَا تَتَجَاوَزُ-خَلُّوا التَّجَارُبَ قَدْ تَكَلَّمْتُ فِي هَذَا الْبَابِ، هَذَا الْحَقْلُ لَيْسَ حَقْلُ تَجَارُبٍ، وَجَدْنَا هَذَا يَنْفَعُ وَهَذَا يَنْفَعُ، لَيْسَ هَذَا بَابُ التَّجْرِبَةِ, وَقَدْ بَيَّنَا هَذَا فِي هَذَا الْمـَسْجِدِ أَيْضًا وَفِي غَيْرِهِ-، لـِمَ؟ لِأَنَّنَا عَالَمٌ شَهَادَةٍ وَأُوْلَئِكَ عَالَمٌ غَيْبٍ, فَفِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ هُنَا الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، تَجِدُ الْكَرَّاتِ وَالْمـَرَّاتِ مِنَ التَّجَارُبِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا مرَاكِزَ عِلْمِيَّةٍ، وَتَجَارُبَ طِبِّيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ أَدْوِيَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَفْعَلُونَ، تَجَارُبَ كَبِيرَةٍ وَكَثِيرَةٍ وَسَنَواتٍ، ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَ حِيْنٍ أَنَّ هَذَا لَا يَنْفَعْ الدَّوَاء، يَقْطَعُونَهُ مِنَ الْأَسْوَاقِ, يَمْنَعُونَهُ؛ يُسَبِّبُ وَيَفْعَلُ, إَذَا كَانَ هَذَا فِي عَالَمِ الْمـُشَاهَدَةِ يَقَعُ مِثْلُ هَذَا، وَهُوَ كَثِيرٌ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُحْصَرُ، فَمَا بَالُكَ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ؟!, لَا تَقُلْ جَرَّبْتْ وَوَجَدْتْ!, لَا تَصِحُّ التَّجْرُبَةَ مِنْكَ، وَهَذَا مِنْ اسْتِدْرَاجِ الشَّيَاطِينِ وَالْجَانِ لِلْإِنْسِ، وَلَا يُمْكِنُ؛ لَا يُمْكِنُ أَبَدًا !
الْبَارِحَة سُئِلْتُ سُؤَالًا مِنْ إِحْدَى الدُّوَلِ, كَانَتْ لِي كَلِمَةٌ، أَوْ كُلَيْمَةٌ تَذْكِيرِيَّةٌ لِبَعْضِ الْأِخْوَةِ مِنْ أَخْوَانِكُمْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ, وَجَاءَ مِنْ ضِمْنِ السُّؤَالِ: الْاسْتِعَانَةُ بِالْجَانِّ فِي إِخْرَاجِ الْجِنِّ!, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: "هَلْ يَصِحُّ أَنْ نَقُولَ: أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِخْرَاجُ الْجَانَّ بِاسْتِخْدامِ الْجَانِّ, بِنَاءً عَلَى كَلَامٍ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةِ؟"، هَكَذَا السُّؤَالُ!.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ الْجَانَّ بِالْجَانِّ، كَمَا يَدَّعِي مِمَّا هُوَ قَدْ فَهِمَهُ هُوَ أَوْ بِمَنْ تَعَلَّقَ بِكَلَامٍ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِيِه!, هَلْ هَؤُلَاءِ سَارُوا عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَمَنْهَجِهِِ فِي اتَّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَعَدَمِ الْخُروجِ عَلَيْهُمَا, وَالْتِزَامِ كَلَامِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ, وَهَلْ هُمْ فِي مَقَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْانْتِصَارِ لِلْاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ وَالسُّنَّةِ الْمـُطَهَّرَةِ، وَلِأَهْلِهَا وَالذَّبِّ عَنْهَا, وَكِتَابَةِ الْكُتُبِ, لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ؛ جَاءُوا أَهْلَ شَهْوَاتٍ, تَعَلَّقُوا بِمَقَالَةٍ لِيَنْفُذوا بِهَا فِي أَبَاطِيلِهِمْ -نَسْأَلُ الَّلَه الْعَافِيَّةَ وَالسَّلَامَةَ- , فَتَسِيرُ وَتَنْتَشِرُ فِي النَّاسِ، مُتَذَرِّعِينَ بِشَيْخِ الْإِسْلَامِ!, هُمْ مُغَايِرونَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، مُخَالِفُونَ لَهُ، مُخْتَلِفُونَ مَعَهُ, كَيْفَ يَحْتَجُّونَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ، أَوْ هَذِهِ الْأَقْوالِ!, هَذَا أَمْر.
الْأَمْرُ الثَّانِي: شَيْخُ الْإِسْلَامِ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَعَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِهَا وَإِنْ غَصَّتْ حُلوقُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَِع وَالضَّلَالِ, بَلْ بَعْضُهُمْ جَرَّمَ شَيْخَ الْإِسْلَامِ, وَتَكَلَّمَ فِيهِ وَوَصَلَ بِهِ أَمْرُهُ إِلَى حَدِّ رَمْيِهِ-وَالْعِيَاذُ بِالَّلِه- بِالْمـُوبِقَاتِ الْمـُخْرِجَةِ مِنَ الْمـِلَّةِ، وَهُوَ بِهَا أَوْلَى، فَهُوَ إِمَامٌ عَلَمٌ، رَمْزٌ مِنْ رُمُوزِ أَهْلِ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ، وَيُعْتَبَرُ شَامَةً فِي جَبِينِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، شَامَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ, وَمَعَ هَذَا فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَعُلَمَائُهَا، يُصِيبُ وَيُخْطِأُ, فَإِنْ كَانَ فَهِمَ الْبَعْضُ مِنْهُ هَذَا الْفَهْمَ؛ أَنَّهُ يُجِيزُ الْاسْتِعَانَةَ فِي إِخْرَاجِ الْجِنِّ بِالْجِنِّ، عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ اسْتِعَانَةِ الْمـُسْلِمِ بِأَخِيهِ الْمـُسْلِمُ، هُوَلَا يُطْلَقُ الْقَوْلَ بِالجَوازِ الْاسْتِعَانَةِ بِالْجَانَ, إِنَّمَا الْجَانُ الْمـُسْلِمٌ؛ هَذَا قَوْلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَنَرَى عَدَمَ صَوَابِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ؛ لِمَ؟, لِأَنَّ الْاسْتِعَانَةَ بِالْجِنِّ هَذَا، -كَمَا تَكَلَّمْتُ فِي هَذَا أَيْضًا، كَمَا قُلْتُ فِي هَذَا الْمـَسْجِدِ-، هَذَا الْجِنِّي الْمـُتَلَبِّسُ بِالْإِنْسِيِّ، إِنَ كَانَ مُسْلِمًا، فَهُوَ بِتَلَبُّسِهِ بِالْمـُسْلِمِ صَارَ فَاسِقًا مُرْتَكِبًا لِكَبِيرَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ، مُؤْذِيًا لِمـُؤْمِنٍ, أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَبُو دَاوَد فِي "سُنَنِهِ" أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى الَّلُه عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «لَا يَحِلُ تَرْوِيعُ الْمـُؤْمِنِ», لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْتَ مُؤْمِنٌ مَعَ أَخِيكَ, يَحْصُلُ هَذَا؛ بَعْضُهُمْ مِثْلَمَا يَفْعَلُونَ أَفْعَال كَذَا مِنْ بَابِ التَّرْوِيعِ وَالْإِخَافَةِ، كَمَا يَقُولُونَ: "رَزْحَةٌ بِمَزْحَةٍ"، هَذَا لَا يَجُوزُ، كَيْفَ إِذَا كَانَ الْوُلُوجُ وَالدُّخُولُ، وَالتَّلَبُّسُ، مِمَّا قَدْ يَذْهَبُ بِهِ عَقْلُهُ – بَارَكَ الَّلُه فِيكَ-، فَإِنْ كَانَ إِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ مُسْلِم، عَلَى فَرْضِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، فَهُوَ بِهَذَا الدُّخُولِ صَارَ فَاسِقًا، وَالْآَيَةُ تَقُولُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [الحجرات: ٦]، كَيْفَ يُمْكِنُ لَكَ أَنْ تَتَبَّيَّنَ مِنْ هَذَا الْجِنِّيِ الْفَاسِقِ بِخَبَرٍ قَالَهُ، أَوْ بِفِعْلٍٍ فَعَلَهُ، تَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى صَوَابِ فِعْلِكَ أَوْ عَلَى خَطَئِهِ، أَوْ تَلَبُّس فُلَانٍ، وَإِلَا فِي كَذَا، كَيْفْ؟!, لَا يُمْكِنُكَ أَنْ تَسْتَطِيع أَنْ تَتَثَبَّتْ، مَا تَسْتَطِيعُ؛ لِأَنَّهُمْ عَالَمُ غَيْبٍ، وَنَحْنُ عَالَمُ شَهَادَةٍ, الْإِنْسِيُّ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَثَبَّتَ مِنْ خَبَرِهِ بِطُرُقِ التَّثَبُّتِ الَّتِي سَنَّهَا أَهْلُ السُّنَّةِ، صَحِيح؟, هَذَا كَيْفَ تَمْشِي, فِيْن تَرُوح تَسْأَلْ، كَيْفَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصِلَ, لَا يُمْكِنْ, تَسْأَلْ الْجَآنَ الْآَخَرِينَ؟!, كَيْفَ تَسْتَطِيع أَنْ تُثْبِتْ أَنَّ هَذَا الْجَآنَ الَّذِي سَأَلْتَهُ لَيْسَ الْجَآنَ الَّذِي فِي هَذَا؟! مَا تَسْتَطِيع، ﴿ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ﴾[الأعراف: ٢٧]،نَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَنَنْظُرُ فِي السُّنَّةِ يَعْنِي كَذَا بِمَعْزِلٍ!، لَا يَصِحُّ هَذَا– بَارَكَ الَّلُه فِيكَ-.فَإِذَا مَا قَرَأَ عَلَيْهِ شَخْصٌ, يَقْرَأُ بِالثَّابِتِ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ الَّلِه، وَآيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ كُلُّهُ شِفَاءٌ، بِمَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفَاتِحَةِ, وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَآخِرِ آيَتَيْنِ مِنْ سُوْرَةِ الْبَقَرَةِ، وَالْمـُعَوَّذَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَضَحْ؟.
قَدْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: "بِعْضُ الْعُلَمَاء وَبَعْضُ الْمـَشَايِخ يَقُولُ هَذِهِ الْآيَات تَنْفَعُ أَكْثَر"، هَذَا ضَرْبٌ مِنَ التَّجْرِبَةِ، وَقُلْتُ لَكَ أَنَّ هَذَا الْبَابَ التَّجْرِبَةُ فِيهِ مَاذَا؟ حَتَّى حَدِيثُ أَبِي دَاؤُودَ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمـَاءِ وَالنَّفْثِ فِي الْمـَاءِ، كَمَا هُمْ يَقْرَؤُونَ الْآنَ، هُوَ قَارِئٌ لَا يِكْتَفِي بِأَنْ يَكُونَ قَارِئًا مُخَالِفًا، عِنْدَهُ مُخَالَفَاتٌ أُخْرَى، مَا يَأْخُذُ مَالًا؛ لَكِنْ عِنْدَ الْبَابِ هُنَاكَ يُوْجَدُ بَيَّاعُ يَبِيعُ المْـَاءَ، وَيَبِيعُ الزَّيْتَ، وَيَبِيعُ الْعَسَلَ، وَيَبِيعُ... أَمَا هُوَ هَكَذَا؟. فَيَسْرِقُونَ النَّاسَ هُنَاكَ؛ هُوَ مَا أَخَذَ هُنَا, يَأْخُذُ هُنَاكَ، مَاءٌ مَقْرِي عَلَيْهِ، وَالْمـَاءُ زَمْزَمْ زَيَادَةٌ عَلَى هَذَا، وَأَحَدُهُمْ يَقُولُ: هَذَا الْجَالُونَ مَقْرُوءٌ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ كَامِلًا، هَذَا نِصْفُ الْقُرْآنِ، هَذَا ..، صَارَتْ مَهْزَلَة وَمَسْخَرَة –بَارَكَ الَّلُه فِيكَ-, وَاسْتِهْزَاءٌ وَاسْتِخْفَافٌ بِعُقُولِ النَّاسِ، وَتِجَارَةٌ يِتَأَكَّلُونَ بِالدِّينِ، فِرَّ مِنْ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ، حَتَّى حَدِيثُ أَبِي دَاؤُودٍ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمـَاءِ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ-بَارَكَ الَّلُه فِيكَ- فَانْتَبِه، الْأَمْرُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الزِّيَادَةِ ، هَلْ الْجَانَ جَاءَنَا الْآنَ وَإِلَّا مَوْجُودٌ مِنْ قَبْل؟ مَوْجُود، ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾[ الجن: 1]، لِمـَا لَمْ يُفْعَلُ هَذَا فِي عَهْدِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-, وَفِي عَهْدِ مَنْ بَعْدِهِ, هُنَاكَ قِصَصٌ وَحِكَايَاتٌ تُرْوَىَ عَنْ بَعْضِهِمْ, وَهَذَا بَابٌ الْخَيَالِ مَفْتُوحٌ فِيهِ، وَهَذِهِ الْقِصَصُ وَكَثِيرٌ مِنْهَا لَا خِطَامَ لَهَا وَلَا زِمَام-بَارَكَ الَّلُه فِيكَ-.
فَإِذَا مَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ مَا اسْتَطَاعَ هُوَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى نَفْسِهِ، لَكِنْ يَبْحَثُ عَنْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ الْمـَشْهُودِ لَهُ بِصَلَاحِهِ، وَاسْتِقَامَتِهِ، وَسَلَامَةَ مُعْتَقَدِهِ، وَطَرِيقَتِهِ، وَمَنْهَجِهِ، يَقْرَأُ بِالْآيَاتِ الَّذِي ذَكَرْنَا، لَا يُخَالِف، مَا فِي دَمْدَمَات، وَلَا غَمْغَمَات، وَلَا ضَرْب، وَلَا خَنْق، وَلَا رَكْل، يَقْرَأُ قَراءَةً وَيُعَوِّذُهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّابِتَةِ فِي السُّنَّةِ وَفِي الْقُرْآنِ.